تصفية وخطف من الخارج.. هؤلاء المعارضون أطاحت بهم إيران خلال عام

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

منذ نحو عام، تشن إيران حملات أمنية متواصلة أطاحت بعدد غير مسبوق من الشخصيات المعارضة وقادة الحركات المناهضة للنظام، عبر عمليات أمنية نفذتها في الخارج أسفرت عن مقتل بعضهم واعتقال آخرين.

أغلب هذه الشخصيات، تصنفهم طهران جميعا على لوائح الإرهاب، وتتهمهم بالتآمر على النظام مع دول غربية وعربية تصفها بـ"المعادية"، إضافة إلى أنها تحملهم مسؤولية معظم الهجمات ضد القوات الأمنية.

وعلى النقيض مما تقوله إيران، فإن تنظيمات معارضة تتهم طهران بالتهميش والإقصاء والقمع على أسس قومية وطائفية وسياسية، واتباع سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية، أو الاختطاف والاعتقال لإقصائهم عن دورهم في ميادين العمل السياسي والإعلامي.

عمر البلوشي

في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أعلنت إيران، اغتيال زعيم تنظيم "جيش العدل" البلوشي المعارض، عمر شاهوزهي، الملقب بالملا عمر البلوشي، وفقا للأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني الأدميرال، علي شمخاني.

وأكد شمخاني في تغريدة عبر "تويتر"، أن عناصر أمنية إيرانية، نفذت عملية الاغتيال. وأضاف: "لا يوجد ملاذ آمن غير قابل لاختراق المجرمين والمسيئين للشعب الإيراني. اليد القوية للمدافعين عن أمن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستضغط عاجلا أم آجلا على رقاب أي معتد ومجرم، التاريخ البعيد والقريب، هو شاهد حقيقي على هذا الأمر".

لكن التلفزيون الإيراني أعلن في اليوم ذاته، نقلا عن وسائل إعلام باكستانية، أن قوات حرس الحدود الباكستانية قتلت شاهوزهي، مع نجليه، في عملية أمنية في منطقة "تربت" التابعة لبلدة "ماهوارة" الحدودية المحاذية لإيران، في ولاية بلوشيستان غرب باكستان.

ويأتي مقتل زعيم "جيش العدل" بعد أسبوع من زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى باكستان، التقى خلالها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، ووزير خارجيته محمود شاه قريشي، وقائد الجيش الباكستاني الجنرال قمر جاويد.

وينفذ تنظيم "جيش العدل" كفاحا مسلحا ضد إيران، حيث أعلن مسؤوليته عن هجوم انتحاري استهدف حافلة تقل 40 عنصرا من الحرس الثوري الإيراني في 13 فبراير/شباط 2019 جنوب شرقي إيران، وأسفر عن مقتلهم جميعا.

ويؤكد التنظيم منذ تأسيسه عام 2012 أنه يقاتل النظام الإيراني "بهدف الدفاع عن أبناء القومية البلوشية الذين ينتمون للطائفة السنية ويواجهون تمييزا ممنهجا كما تعاني مدنهم من الإهمال الحكومي وتتزايد معدلات البطالة والفقر في صفوف سكان هذه المناطق".

حبيب الكعبي

مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أعلن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية البرلمانية الإيرانية مجتبى ذو النوري، اعتقال حبيب فرج الله كعب، المعروف باسم حبيب أسيود الكعبي الرئيس السابق لـ"حركة النضال العربي لتحرير الأحواز".

وقال ذو النوري في تصريحاته: إن "حبيب أسيود هو مخطط الهجوم الإرهابي على الاستعراض العسكري للحرس الثوري في الأحواز عام 2018 (أسفر عن مقتل 11 عنصرا وإصابة العشرات)".

وعد رئيس لجنة الأمن القومي البرلمانية "اعتقال ونقل متزعم مجموعة الأحوازية إلى طهران نجاحا آخر حققته الأجهزة الاستخبارية والأمنية في البلاد"، لافتا إلى أنه "سيمثل أمام محكمة عادلة عقب انتهاء التحقيق وإكمال الملف الخاص به".

وبخصوص عملية الاعتقال، أعلنت "حركة النضال العربي لتحرير الأحواز" في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أن الرئيس السابق للحركة حبيب فرج الله، اعتقلته المخابرات الإيرانية على الأراضي التركية بعد عملية استدراج.

وأكدت الحركة أن "إيران اتبعت سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية، أو الاختطاف والاعتقال لإقصاء أعضاء الحركة عن دورهم في ميادين العمل السياسي والإعلامي".

وحمّلت "النضال العربي" طهران المسؤولية الكاملة عن حياة، حبيب أسيود، الذي يحمل الجنسية السويدية، ودعت السلطات الأمنية في دولتي السويد وتركيا إلى التعاون البناء من أجل الكشف عن ملابسات هذا الاختطاف".

وعقب اعتقال، حبيب أسيود، بثت وسائل الإعلام الإيرانية، مقابلة مع الرئيس السابق لـ"حركة النضال العربي"، يدلي فيها باعترافات تتعلق بالهجوم على الاستعراض العسكري في الأحواز، ومسؤوليته عن التخطيط له.

وسبق للحركة الأحوازية أن اتهمت طهران باغتيال أحمد مولى نيسي، مؤسس "حركة النضال العربي لتحرير الأحواز" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017.

واتهمت قناة "العالم"، حبيب أسيود، بتلقي الدعم من "أجهزة الثلاثي الأميركي الإسرائيلي السعودي، إلا أن اعتقاله لم يكن النجاح الأول ولن يكون الأخير، فسجل أجهزة الأمن الإيرانية مليء بنجاحات أصابت "أجهزة الثلاثي المشؤوم بصداع مزمن"، وفق القناة الإيرانية.

محمد أمين

في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، قالت وسائل إعلام إيرانية معارضة: إن الناشط والمعارض للنظام الإيراني مهدي أمين، جرى اغتياله في منزله بمدينة ماركام شمال مقاطعة تورونتو الكندية.

وذكر موقع "بريشن ميرور" الإيراني الذي ينشط في كندا، أنه "عثر على جثة مهدي أمين، وهو مواطن إيراني كندي وناشط سياسي معارض للنظام، بعد ظهر الأربعاء 21 أكتوبر/تشرين الأول 2020، بمنزله في ماركام شمال تورنتو".

ويبلغ مهدي أمين من العمر 50 عاما، وهو موظف في شركة إنشاءات بمدينة تورنتو، وناشط سياسي معروف معارض للنظام الإيراني، وكان قبل العام 2015، عضوا في مجلس إدارة الكونجرس الإيراني الكندي لأكثر من عام.

ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية المعارضة، أنه "بحسب المعلومات الواردة، لم يذهب مهدي أمين إلى عمله، يوم الأربعاء، كالمعتاد، ولم يتمكن زملاؤه من الاتصال به عبر الهاتف".

وأضافت: أن "أحد زملاء مهدي أمين ذهب إلى منزله وعندما لم يجده، قام بإبلاغ الشرطة، وعندما وصل محققون من قسم الشرطة إلى مبنى تم تشييده حديثا في شارع فيني، جرى العثور على جثته في منزله، ولم تفصح الشرطة بعد عن تفاصيل الجريمة".

كما أبلغ مسؤولون في شرطة تورنتو عن سرقة سيارة مهدي أمين، وعند إعلان رقم السيارة في وسائل الإعلام، طلبوا من الناس وخاصة سكان المنطقة التي يسكن فيها مهدي أمين، تزويد الشرطة بمعلومات عنه.

من جانبه، كتب حامد إسماعيلون، المتحدث باسم رابطة عائلات ضحايا الطائرة الأوكرانية التي أسقطتها إيران في يناير/ كانون الثاني 2020، على صفحته على "فيسبوك" قائلا: "للأسف، قتل مهدي أمين، الناشط السياسي المقيم في تورنتو في مقر إقامته، وما زالت الشرطة لا تعرف ملابسات مقتله"، متهما "عملاء النظام الإيراني بقتله".

جمشيد شارمهد

مطلع أغسطس/آب 2020، أعلنت وزارة الأمن الإيرانية، توقيف جمشيد شارمهد (65 عاما)، الذي تزعم مجموعة "توندار (الرعد)"، ومقرها الولايات المتحدة الأميركية، في عملية أمنية وصفتها طهران بأنها "معقدة" جرت في الأراضي الإيرانية.

وتقول الجماعة التي تأسست عام 2004 في كاليفورنيا: إنها "تسعى لاستعادة الملكية الإيرانية التي أطيح بها في "الثورة الإسلامية" عام 1979، فيما أعلنت عبر مواقع التواصل بعد نبأ اختطاف شارمهد، أنها "ستواصل النضال حتى في غياب القائد".

كما ذكرت وسائل إعلام أميركية، تعرض شارمهد لمحاولة اغتيال على يد المخابرات الإيرانية، عام 2010، في لوس أنجلوس، فيما اختفى عميل للحكومة الإيرانية حاول الاستعانة بقاتل لاغتيال شارمهد في عام 2010، قبل أن يمثل أمام المحكمة في كاليفورنيا، وعلى الأرجح أنه عاد إلى إيران.

تولى شارمهد قيادة "توندار" عقب اختفاء مؤسس الجماعة، فتح الله منوجهري المعروف باسم "فرود فولادوند" في ظروف غامضة عام 2006، لكن وسائل إعلام إيرانية معارضة نقلت عن ابنه أنه اختطف في ولاية هكاري التركية ونُقل بعد ذلك إلى إيران.

وتتبع مجموعة "توندار" الجمعية الإيرانية الملكية، وتدير قناة "Your TV" المعارضة لنشر أفكار ومواقف الجمعية الملكية، كما أنها تدير محطات إذاعية وتلفزيونية أخرى في الخارج معارضة للنظام الإيراني.

وعن طريقة الاعتقال وملابساتها، أعلن وزير الأمن الإيراني سید محمود علوي أول أغسطس/آب 2020، أن الأمن الإيراني اعتقل زعيم "توندار" داخل الأراضي الإيرانية عبر خطة محكمة، رغم أن "جمشيد شارمهد خضع لحماية ومراقبة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية".

وتتهم طهران زعيم مجموعة "توندار" بالتخطيط لهجوم وقع قبل 12 عاما استهدف مجلسا دينيا شيعيا بيوم عاشوراء في إحدى حسينيات مدينة شيراز، ما أسفر عن مقتل 14 وإصابة 215 آخرين بجروح.

وتنسب إليه أيضا "الوقوف وراء العديد من القنوات الافتراضية لتوجيه التعليمات لمؤيديها خلال أعمال الشغب في البلاد، وكانت هذه السلسلة من التعليمات تبث باسم "فتح طهران" لتضليل الأفراد في الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وحرفهم عن مطالبهم المهنية نحو الإجراءات الأمنية".

مسعود مولوي

اغتيل في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، بعد تلقيه 11 طلقة نارية عندما كان يسير في حي "شيشلي" بمدينة إسطنبول، وأعلنت الشرطة التركية وقتها أنها اعتقلت 5 من المشتبه فيهم، 4 منهم مقربون من الضحية، وأقروا بعدها أنهم تصرفوا بأوامر ضابطي مخابرات في القنصلية الإيرانية.

شبهت الصحافة التركية مقتل مولوي، باغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، حيث تولت صحيفة "صباح" التي تصدرت بسبق نشر تسريبات مقتل خاشقجي، مهمة تسليط الضوء على تفاصيل مقتل المعارض الإيراني.

وقالت "صباح" التركية خلال تقرير نشرته في 31 مارس/ آذار 2020: "الأحداث تظهر جوانب مماثلة لاغتيال خاشقجي، فقد تبين أن مولوي، أقام علاقة صداقة مع علي إسفنجاني الإيراني المقيم في إسطنبول، لكنه لم يكن يعلم أن الأخير، ينقل معلوماته للاستخبارات الإيرانية، بواسطة رجلي الأعمال الإيرانيين "أمين ب." و"مسعود أ.م".

مولوي (32 عاما) كان خبيرا بالأمن السيبراني في وزارة الدفاع الإيرانية حسبما أظهر تقرير للشرطة التركية، واستقر بمدينة إسطنبول في يونيو/حزيران 2018، بعدما فر من إيران بسبب التحقيقات التي أجريت ضده في بلده.

تحول مولوي إلى منتقد قوي لطهران، وفي أغسطس/ آب 2019، أي قبل 3 أشهر من اغتياله، نشر منشورات معارضة على مواقع التواصل الاجتماعي تتهم الحرس الثوري بالفساد، وكان ذلك سببا في اغتياله، حسب تقرير نشرته وكالة "رويترز" في 29 مارس/آذار 2020.

وقالت الرسالة: "سوف أجتث قادة المافيا الفاسدين. أدعو الله ألا يقتلونني قبل أن أفعل ذلك"، حسبما ذكرت "رويترز".

كان مولوي يدير قناة على تليجرام تحمل اسم "الصندوق الأسود". ونشر معلومات تتعلق بالقيادة الإيرانية بمن فيهم الرئيس حسن روحاني. ومنذ مقتله في  14 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، توقفت القناة عن تقديم الأخبار، حسبما ذكرت شبكة "بي بي سي".

ونقلت "رويترز" عن مصدرين أمنيين إيرانيين: "مولوي تحدى تحذيرا من الحرس الثوري بعدم التعاون مع شركات تركية في مشروعات متعلقة بالطائرات المسيرة، دون مزيد من التفاصيل. وقالا: "إنه اتصل أيضا بالولايات المتحدة ودول أوروبية للعمل معها".

روح الله زم

في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2020، توجه المعارض الإيراني روح الله زم (46 عاما) إلى السفارة العراقية بباريس مع صديقه مزيار، حيث استقبلهما أحد الدبلوماسيين في السفارة، وأصدر له تأشيرة السفر إلى بغداد في غضون نصف ساعة فقط، في الوقت الذي يستغرق ذلك أسابيع في الأحوال العادية.

الأشخاص الذين كانوا يتواصلون معه على أنهم من مكتب المرجع الديني الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني، أرسلوا له تذكرة السفر عن طريق البريد الإلكتروني. وبالفعل، سافر زم في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2019، إلى العراق رغم اعتراض زوجته وابنته اللتين كانتا قلقتين على سلامته.

تقول زوجته: إن آخر اتصال بينهما كان أثناء توقف الطائرة في مطار عمان بالعاصمة الأردنية، حيث أرسل لها صورته من هناك، لكنه لم يرد على اتصالاتها لاحقا بعد وصول الطائرة إلى مطار بغداد.

وبعد يومين من الرحلة، نشر جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني في 17 نوفمبر/ تشرين الأول 2020، نبأ إلقاء القبض على المعارض الإيراني المطلوب.

ينحدر، روح الله زم، من عائلة متدينة شديدة الولاء لزعيم الثورة الإيرانية الراحل آية الله خميني. وأطلق والده اسم روح الله عليه، تيمنا بالخميني الذي حمل لقب روح الله.

وخلال الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، شارك زم في حملة المرشح الإصلاحي مهدي كروبي. وسُجن قرابة 3 أشهر أثناء احتجاجات "الموجة الخضراء" الإصلاحية.

غادر زم، إيران في عام 2011، وبعد فترة قصيرة من إقامته في ماليزيا ثم تركيا، لجأ إلى فرنسا وحصل على اللجوء السياسي.

يقول زملاء زم: إن أشخاصا  تواصلوا معه (قدمتهم إليه زميلته شيرين نجفي) وقالوا له: إن آية الله السيستاني على استعداد لمقابلته ومساعدته في جمع 30 مليون دولار، لإنشاء محطة تلفزيونية. لكن شيرين نجفي قالت وقتذاك: إنه لم يكن للسيستاني دور في ذلك بل من وصفتهم بالمقربين منه.