موقع أميركي: السيسي يستغل أيام ترامب الأخيرة لقمع الحقوقيين

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع "فورين بوليسي" الأميركي أن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي يستغل الأيام الأخيرة لحليفه في البيت الأبيض، دونالد ترامب؛ لتشديد حملته القمعية التي تستهدف الناشطين والمعارضين.

وأشار الموقع إلى أن "ترامب صرخ في اجتماع (مجموعة السبع) عام 2019 في فرنسا، بصوت عال بما يكفي ليسمعه الكثيرون، (أين ديكتاتوري المفضل؟) وكان حينها يبحث عن السيسي الذي قاد في يوليو/تموز 2013 انقلابا عسكريا ضد (محمد مرسي) الرئيس المنتخب ديمقراطيا".

واعتبر أن "تعليق ترامب المرتجل يكشف أسس العلاقة طويلة الأمد بين الولايات المتحدة وحكام مصر الاستبداديين، وأيضا العلاقة الخاصة بين ترامب والسيسي".

واستدرك قائلا: "لكن مع خروج ترامب من البيت الأبيض (في 20 يناير/كانون الثاني 2021)، بعد خسارته في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الأول 2020، بطريقة مدوية أمام منافسه جو بايدن، استغل السيسي أيام إدارة حليفه الأخيرة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في الداخل".

اعتقالات متواصلة

في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، اعتقلت الأجهزة الأمنية المصرية 3 من موظفي منظمة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" بشكل تعسفي، وذلك بعد أيام قليلة من استضافة المنظمة لسفراء ودبلوماسيين غربيين في مكتبها بالقاهرة.

وأعلنت "المبادرة"، في اليوم ذاته، توقيف مديرها التنفيذي جاسر عبد الرازق، واقتياده إلى جهة غير معلومة، بالإضافة إلى مديرها الإداري محمد بشير، ومدير وحدة العدالة الجنائية كريم عمارة، وأعقب التوقيف موجة غضب من قبل حكومات دول غربية، ومنظمات مجتمع مدني.

وقالت السفارة السويسرية: إن "الاجتماع كان بمثابة إيجاز عن عمل المجتمع المدني في مصر"، فيما وصفت منظمة العفو الدولية الحملة على المبادرة بأنها "تشهير" مؤكدة أن التهم الموجهة لمسؤوليها "لا أساس لها".

ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان: إن الولايات المتحدة ودولا غربية أخرى تغاضت لفترة طويلة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الحكام المستبدون في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وأكدوا أن "هذا الاتجاه اشتد فقط في عهد ترامب، والذي أدى بالإضافة لإطلاق يد السيسي (ديكتاتوريته) إلى تعميق العلاقات مع السعودية بعد القتل الوحشي عام 2018، لكاتب عمود في "واشنطن بوست" (جمال خاشقجي)".

فضيحة الاعتقالات

موقع "فورين بوليسي"، جدّد تذكيره بأن "بايدن وعد بقمع منتهكي الحقوق العالمية -حين غرد في يوليو/تموز الماضي-، بأنه لن يكون هناك المزيد من الشيكات على بياض لـ(الديكتاتور المفضل لترامب)- ويبدو أن مصر مستعدة لوضع هذا التعهد على المحك".

ومنذ اعتقال الناشطين في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، توالت الإدانات القوية والدعوات لإطلاق سراحهم من بعض الأعضاء البارزين في الكونجرس الأميركي، بمن فيهم السيناتور إليزابيث وارين وبيرني ساندرز.

ووصف ساندرز الاعتقالات بأنها "فضيحة"، مضيفا: "يجب على الإدارة القادمة (بايدن) أن توضح لمصر وجميع البلدان أن الولايات المتحدة ستدعم الديمقراطية مرة أخرى، وليس الديكتاتورية".

ونبّه الموقع إلى أن "وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومسؤولين كبارا في الإدارة الأميركية التزموا الصمت بشأن الاعتقالات في مصر".

ولفت إلى أن "مصر بدأت مثل دول أخرى بالمنطقة، في إعادة ضبط علاقتها بواشنطن والإدارة الأميركية الجديدة التي من غير المرجح أن تكون متسامحة مع سياسات الذراع القوية".

وكشف الموقع الأميركي أنه "بعد أيام قليلة من فوز بايدن، استأجرت مصر شركة الضغط الأميركية Brownstein Hyatt Farber Schreck مقابل 65 ألف دولار شهريا، مما يشير إلى أن القاهرة قلقة من أن الحصانة من العقاب على وشك الانتهاء".

علاقات متذبذبة

وفي هذا السياق، نقل "فورين بوليسي" تصريحات لـ"مايكل وحيد حنا" من مؤسسة "The Century"، قال فيها: إن "العلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة ومصر هي في نواح كثيرة من بقايا حقبة ماضية".

وأوضح أن "هذه العلاقة ولدت خلال الحرب الباردة وخفت حدتها خلال عقود من التدخل السوفيتي في الشرق الأوسط، قبل أن تتوطد العلاقة أكثر وتمنح واشنطن موقعا كبيرا مع دولة إقليمية محورية".

وذكر الموقع أنه "بعد اتفاقيات كامب ديفيد (1978) ومعاهدة السلام مع إسرائيل (1979)، تدفقت مليارات الدولارات من التمويل العسكري الأميركي على مصر وجعلت القاهرة واحدة من أكبر الحلفاء الإقليميين لأميركا".

وتابع: "لكن العلاقة بدأت في التذبذب خلال الربيع العربي، وفي أوائل عام 2011، عندما بدأت مصر حملة شرسة ضد المدنيين المتظاهرين، دعا الرئيس آنذاك باراك أوباما بلطف إلى التغيير السياسي في مصر، أدت الاضطرابات الداخلية والحكم الاستبدادي المتزايد في مصر إلى وضع ضغط عام على العلاقات الأميركية المصرية".

واعتبر حنا في تصريحه للموقع أن "مصر الآن دولة مسببة للصداع".

هل ينجح بايدن!

"فورين بوليسي" يرى أن "المشكلة تكمن في أنه ورغم أن لهجة بايدن ستكون بالتأكيد مختلفة عن نبرة ترامب، فليس من الواضح ما إذا كان لدى واشنطن أدوات ذات قدرة على دفع التغيير الحقيقي في مصر".

وقال: إن "بايدن سيبدأ عهدته الرئاسية مع مجموعة من القضايا الداخلية الشائكة -بما في ذلك جهود ترامب لإلغاء نتائج الانتخابات وجائحة كورونا- وهي تحديات ستبقي الكثير من ملفات السياسة الخارجية، بما في ذلك الوضع في مصر وعلاقة القاهرة وواشنطن، بعيدة عن الأولوية القصوى". 

واعتبر الموقع أنه "حتى لو أراد بايدن سحب (الشيكات على بياض) من السيسي، فليس من الواضح كيف سيفعل ذلك، ذلك أنه عندما أطاح السيسي بمرسي، وبدأ حملته القمعية ضد المعارضين السياسيين، جمد أوباما بعض المساعدات الأميركية للبلاد، لكن بدا أن تأثير هذه الإجراءات ضئيل".

وفي هذا السياق، أكد حنا في تصريحات لـ"فورين بوليسي" أن "هذه الإجراءات لم تثن السيسي، مما جعل الولايات المتحدة تعيد المساعدات بعد عامين".

وأوضح أنه "حتى في المناسبات النادرة التي مارس فيها مسؤولو إدارة ترامب ضغوطا على القاهرة، بدا أن ذلك لم يكن فعالا".

وفي يناير/كانون الثاني 2020، توفي مصطفى قاسم، وهو تاجر قطع غيار سيارات مصري أميركي يبلغ من العمر 54 عاما، في سجن مصري بعد 6  سنوات في الاعتقال؛ بسبب حرمانه من الرعاية الطبية. 

ولفت حنا إلى أن "قضية قاسم أثارها نائب الرئيس مايك بنس وبومبيو والعديد من أعضاء الكونجرس، ولكن حتى هذا الضغط رفيع المستوى لم يكن رادعا لبلد تمتعت بعقود من الإفلات النسبي من العقاب على انتهاكاتها لحقوق الإنسان".

واختتم الباحث الأكاديمي حنا تصريحاته بالقول: إن "الضغط الدبلوماسي لا يجدي نفعا وقد حان الوقت للولايات المتحدة لإعادة تقييم علاقتها مع مصر، لم يعد السؤال هو كيف يمكننا تحقيق نتائج سياسية أفضل.. السؤال هو إلى أي مدى نريد أن نكون متواطئين في القمع السياسي المصري؟".