رغم التفاؤل بنتائج ملتقى تونس.. هذه العقبات تعترض خريطة طريق ليبيا

زياد المزغني | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أعلنت المبعوثة الأممية لليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز اختتام أشغال الملتقى الليبي للحوار السياسي في تونس والذي استمر لأكثر من 8 أيام.

قالت المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز: إن المجتمع الدولي بات على "مشارف ليبيا جديدة، بعد سنوات من الانقسام والحروب والدمار"، مضيفة: "نحن نخطو للأمام بخطوات واثقة، مستندين إلى إرادة الشعب الليبي".

ورأى مراقبون أن ما تحقق داخل الحوار الوطني الليبي في تونس يستحق الإشادة خاصة تحديد موعد لانتخابات شاملة في 14 ديسمبر/كانون الأول 2021.

هذا التفاؤل، قابله تحفظ من قبل عدد من الأطراف الليبية التي رأت أن الحوار لم يحقق أهدافه كاملة، حيث بقيت أهم الملفات المختلف عليها معلقة لجولة أخرى قد تعقد عن بعد عبر تقنية التواصل بالفيديو نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

عضو مشارك في ملتقى الحوار السياسي الليبي، قال: إن أعضاء الحوار تلقوا دعوة من البعثة الأممية لاستئناف الجلسات، يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.

وأضاف عضو اللجنة، وهو أكاديمي من ضمن شريحة المستقلين المشاركين بالملتقي، للأناضول، أن الجلسة ستستكمل مناقشة آليات الترشح للحكومة الجديدة والمجلس الرئاسي.

ولفت العضو، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أنه "من المرجح عند الانتهاء من استكمال البند الخاص بآليات الترشح، ستكون هناك جلسة مباشرة (لم يحدد موعدها) تجمع أعضاء لجنة الحوار، وذلك للتصويت على اختيار الشخصيات التي ستكون على رأس الحكومة والمجلس الرئاسي".

إجراء للانتخابات 

في ختام جلسات الحوار الليبي - الليبي الذي تأخر طويلا، أكدت وليامز أن "المشاركين أنجزوا الكثير، وتوافقوا على خريطة طريق، وأقروا موعدا للانتخابات، وخطة إصلاحية للمؤسسات".

ووفق وليامز: "تم الاتفاق أيضا على الفصل بين المجلس الرئاسي والحكومة وتحديد صلاحيات كل منهما، وهذا سيُسجل لهم، وأثبتوا أنهم مع التغيير والإصلاح وتغيير المشهد في البلاد، وهناك الآن خريطة طريق نحو الانتخابات".

حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في ليبيا أكدت أن رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج سيستقيل بعد تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، في حين بدأ التمهيد للانتخابات المرتقبة أواخر العام المقبل.

وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 صرح غالب الزقلعي الناطق باسم رئيس المجلس لقناة الجزيرة قائلا: "السراج سيسلم السلطة بعد اختيار سلطة تنفيذية جديدة عقب انتهاء ملتقى الحوار السياسي".

السراج الذي أعلن مطلع سبتمبر/أيلول 2020، أنه سيستقيل بنهاية أكتوبر/تشرين الأول 2020، في حال توافقت الأطراف الليبية على سلطة تنفيذية جديدة، تراجع عن الاستقالة إثر عدم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.

وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي قالت الأمم المتحدة خلال جولة الحوار السياسي الليبي في تونس: إنها ستنظم في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، قال المتحدث باسم المجلس الرئاسي: "السراج سيلتقي في غضون أيام رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح لمناقشة استعدادات المفوضية للانتخابات المرتقبة".

وأضاف أنه سيجري خلال اللقاء المرتقب تحديد الميزانية التي أعلن عنها السراج لهذا الأمر، موضحا أنه سيتضمن أيضا الوقوف على أهم متطلبات المفوضية للاستعداد للانتخابات.

خريطة طريق

في ملتقى الحوار بتونس نجح الـ 75 ممثلا عن مختلف مكونات الشعب الليبي ومناطقه في الاتفاق على خطوات عملية تنتهي بالوصول إلى اختيار سلطة جديدة.

ونشرت وسائل إعلام ليبية مسودة لوثيقة "البرنامج السياسي الوطني للمرحلة التمهيدية للحل الشامل"، والتي تتضمن خريطة طريق تفصيلية بشأن المرحلة الانتقالية التي تنتهي بانتخابات رئاسية وبرلمانية وفق قاعدة دستورية.

وتبدأ المرحلة التمهيدية، بحسب الوثيقة، من منح الحكومة القادمة الثقة، على أن لا تتجاوز هذه المرحلة 18 شهرا، حيث سيكون لرئيس الحكومة نائبان من منطقتين مختلفتين على غرار رئيس المجلس الرئاسي.

وبالنسبة للمسار الدستوري الذي يمثل حجر عثرة أمام الخروج من المراحل الانتقالية، فتضع الوثيقة أمام الجهات المعنية (هيئة صياغة الدستور، ومجلس النواب ومجلس الدولة) مهلة 60 يوما للاتفاق حول هذا المسار.

ولا تزال ليبيا ومنذ الإطاحة بنظام الراحل معمر القذافي، تدار وفق الإعلان الدستوري المؤقت الصادر في 3 أغسطس/ آب عام 2011، والذي نظم الحياة السياسية والدستورية في البلاد، رغم إدخال 7 تعديلات عليه جعلته يستمر طيلة 9 سنوات ويطيل بدوره أمد الفترة الانتقالية.

الدستور أولا

وفي سياق متصل، دعا مسؤولون ليبيون منتخبون من 3 مؤسسات، يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إلى اعتماد الدستور قبل تنظيم الانتخابات، دون أن يعارضوا إجراء الاقتراع نهاية 2021 بما يتوافق مع ما أعلنته الأمم المتحدة.

وجاء في بيان يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لنواب من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة والهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، "نشدد على أن أي حوار لم تكن إحدى نتائجه الاستفتاء على مشروع الدستور مباشرة ويؤدي للولوج إلى مراحل انتقالية أخرى، لن يصل بنا إلى ما تنتظره الأغلبية الساحقة من الليبيين".

من جهته، قال عضو لجنة صياغة مشروع الدستور عبد المنعم الشريف خلال المؤتمر الصحفي: "نهيب بالجميع عدم المساس بمشروع الدستور المنجز والاستفتاء هو الفيصل".

وأضاف: أن "مشروع الدستور الليبي أصبح ملكا للشعب الليبي وهو الوحيد الذي يحدد موقفه منه عبر الاستفتاء العام".

وهذا ما يطرح جدلية جديدة حول الدستور وماهي إمكانية إقراره باستفتاء شعبي وهل سيكون هناك إمكانية لاحقة لتعديله أو الوصول الى صيغة دستورية جديدة. 

وفي 27 يوليو/تموز 2017، صادقت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في مقرها بمدينة البيضاء الليبية (شرقا) بحضور 44 عضوا من أصل 58 عضوا على مسودة الدستور، حيث وافق 43 عضوا مع رفض عضو واحد وتكونت المسودة من 12 بابا و197 مادة.

وفي أيلول/ سبتمبر 2020، طالبت الحكومة الليبية، الأمم المتحدة بمساعدة شعبها في الاستفتاء على الدستور، "طبقا للآليات الديمقراطية المتعارف عليها دوليا".

جاء ذلك في رسالة وجهها رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبية خالد المشري، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بشأن المسار الدستوري في ليبيا.

وقال المشري في رسالته: "رغم إنجاز مشروع الدستور منذ ما يجاوز السنتين، إلا أنه ما زال معطلا في مرحلته الأخيرة المتبقية، وهي عملية الاستفتاء، رغم صدور القانون المنظم لها".

ويتكون مشروع الدستور من 12 بابا يندرج تحتها 197 مادة، حيث يعتبر الباب الثالث الذي يتحدث عن نظام الحكم والمادة رقم (99) التي تتحدث عن شروط الترشح للرئاسة، إضافة إلى الباب التاسع الذي يتحدث عن الثروات الطبيعية أهم ما يلتفت إليه المواطنون والساسة.

والجديد في نظام الحكم هو إنشاء 3 مجالس، هي مجلس الشورى الذي يتكون من غرفتين، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ويتولى مجلس الشورى سلطة سن القوانين، وإقرار السياسة العامة والموازنة العامة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.

وحسب الدستور الجديد، فستكون هناك انتخابات تشريعية، بالإضافة إلى انتخابات رئاسية هي الأولى في ليبيا منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي. 

ملف السلاح

وحسب مراقبين، سواء أقيم الاستفتاء في ليبيا على الدستور الجديد قبل الانتخابات البرلمانية المقررة أو بعده، يبقى ملف السلاح المنتشر في البلاد من أهم العوائق التي تعترض أي تنفيذ للاتفاقات المبرمة.

وترتبط مسارات الحل الليبي بعضها بالبعض الآخر، فقد تضمن الاتفاق العسكري، الموقع في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، ضرورة توحيد إدارتي جهاز حرس المنشآت النفطية، وكذلك إكمال الاتفاق الذي أنجزته اللجنة العسكرية المشتركة ومن بينها السعي لتوحيد جهاز حرس المنشآت النفطية لضمان استمرار إنتاج وتصدير النفط.

وحسب الوثيقة، التي تم الاتفاق عليها في تونس، فإن المجلس الرئاسي الجديد، سيتولى مهام القائد الأعلى للجيش الليبي، وتعيين أو إقالة شاغلي مناصب رئيس جهاز المخابرات العامة، ورئيس وأعضاء المفوضية الوطنية العليا للمصالحة. 

الباحث في العلوم السياسية الليبي معتصم وهيبة يرى أن هذه المهمة "تعتبر الأصعب والأكثر تعقيدا في أي اتفاق ليبي من أجل إنهاء المرحلة الانتقالية، حيث بالفعل تتشكل مؤسسات عسكرية موازية للمؤسسات الشرعية".

مضيفا في حديثه مع "الاستقلال": "أبرز هذه الإشكاليات تتمثل في وضع المؤسسة العسكرية التي شكلها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والتي نصب نفسه قائدا عليها، ومازاد هذا الوضع تعقيدا هو انتشار مليشيات من المرتزقة الجنجويد والفاغنر الروسيين والذين يسيطرون على مواقع حساسة وإستراتيجية".

وتابع وهيبة: "في الوقت نفسه، لا يمكن تجاوز رحلة الحرب بهذه السرعة، فبعض الأسماء المقترحة لقيادة المرحلة الانتقالية الجديدة قد لا تجد قبولا من قبل الليبيين في طرابلس، وكذلك من قبل القوات التي دافعت عن العاصمة طرابلس، حيث إنهم يحملون مسؤولية كل ما وقع لحفتر وللقيادة السياسية الداعمة له وفي مقدمتها البرلمان المنعقد في طبرق ورئيسه عقيلة صالح الذي يعد من أبرز الأسماء المرشحة لترأس المجلس الرئاسي".