باراك أوباما يتحدث عن "أضرار فترة ترامب" وتوقعاته لإدارة بايدن

12

طباعة

مشاركة

قال الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إن خلفه دونالد ترامب تسبب في الكثير من الضرر للولايات المتحدة والعالم خلال الأربع سنوات الماضية.

وتحدث أوباما في حوار مع صحيفة "البايس" الإسبانية حول هذه الفترة الصعبة في الولايات المتحدة الأميركية في ظل رفض ترامب لهزيمته أمام الديمقراطي المنتخب جو بايدن.

وأوضحت صحيفة البايس أن الولايات المتحدة الأميركية تمر بفترة غريبة، حيث أصبحت البروتوكولات الخاصة بالانتقال المنظم للسلطة، التي تعد من المقدسات مثل الجمهورية نفسها؛ في خطر بسبب رفض "المحتل الحالي للبيت الأبيض الاعتراف بالهزيمة".

علاوة على ذلك، المشكلة لا تكمن فقط في عدم اعتراف الخاسر بالهزيمة، ولكنه يرفض أيضا قبول انتصار منافسه؛ ما يمنحه الشرعية لمواصلة البحث عن دليل لذلك. 

وعلق أوباما قائلا: "لم أكن أتخيل ذلك قبل أربع سنوات. لكن، يحزنني الاعتراف بأن ترامب لم يحترم الشعائر الديمقراطية في بلاده، على الرغم من أنه ليس من المفاجئ بالنسبة لي أن يتصرف على هذا النحو في نهاية رئاسته".

تعنت ترامب

في هذا السياق، صرح أوباما للصحيفة أنه اتصل بترامب ليلة انتخابه لتهنئته، عندما كان هامش فوزه على هيلاري كلينتون هو نفس الهامش الذي حصل عليه جو بايدن في هذه الانتخابات. 

وواصل: "لم أؤجل المكالمة لأسابيع أو أتظاهر بأن ما حدث لم يحدث. وبعد أيام قليلة، دعوت ترامب وميلانيا إلى البيت الأبيض".

وقال: "طلبت وقتها من جميع فريقي والإدارات إعداد كتيبات حول الفترة الانتقالية، لكن يبدو أنها لم تُقرأ. وعموما، فإن هذا الانتقال السلمي للسلطة بين الأحزاب هو جزء لضمان الديمقراطية في البلاد". 

وأشار التقرير إلى أن التوتر الذي تعيشه الولايات المتحدة ليس حديثا، حيث إنه يعود إلى أربع سنوات أو أكثر. 

وقد بدأ هذا الواقع بالتبلور بالتزامن مع نتائج الانتخابات غير المتوقعة لسنة 2016، وقدوم رئيس للبيت الأبيض تتعارض أفكاره تماما مع الرئيس السابق للبلاد.  

وفي هذا الصدد، قال أوباما: "ليس هناك شك في أن ترامب تسبب في الكثير من الضرر".

وتابع: "إذا تجاهل ترامب العلم والبيانات، فإن وباء كورونا سيزداد سوءا؛ وإذا عمل على تشجيع أو إظهار قدر معين من التسامح مع السلوك العنصري، فسيحفز العنصريين على النشاط بحرية. في الآن ذاته، إذا لاقى الديكتاتوريون ترحيبا بأذرع مفتوحة، فسوف يتضاءل الالتزام بالديمقراطية". 

وواصل: "على مدى السنوات الأربع الماضية، كانت هناك أوقات شعرت فيها بالإحباط، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن فترتي الأولى بدأت في عام 2008، حيث كانت الولايات المتحدة قد بدأت تعاني من آثار الأزمة المالية العالمية بعد فترة من حرب العراق (بدأت مع سلفه بوش)، التي قسمت المجتمع الأميركي وعزلت العديد من حلفائنا".

وأردف: "لمدة ثماني سنوات، عملنا بجد لاستعادة مكانة أميركا في العالم وإعادة بناء الاقتصاد. وعندما انتهت ولايتي الثانية، كانت البلاد في وضع قوي، لكن في وقت لاحق، تبدد كل هذا التقدم دون الحاجة إلى ذلك، وهو أمر محبط للغاية". 

ونوه باراك أوباما بأن "هذه الانتخابات أظهرت أن المجتمع الأميركي منقسم بشدة، كما كانت بعض هذه الانقسامات موجودة بالفعل قبل وصول دونالد ترامب، وستظل موجودة حتى عندما يغادر".

واستدرك: "من الواضح أن ترامب أشعل نيران الانقسام، وأعتقد أن جو بايدن سيسعى إلى إعادة توحيد البلاد من جديد". 

وبحسب رأيه، فإنه مع بايدن سيشهد العالم عودة بعض التقاليد الأميركية التي دافع عنها أوباما كرئيس.

الانقسام الأميركي

وحول حالة الانقسام والغضب التي يعيشها الشعب الأميركي أشار أوباما إلى أن "البشرية أحرزت تقدما في الألفي سنة الماضية، حيث أصبح هناك عنف أقل وتعليم أكبر ومستويات أفضل من الخدمات الصحية، لكن في نفس الوقت تستمر الحرب والقسوة".

كما أن هناك أماكن في العالم ليس للناس فيها حقوق، وينطبق الشيء نفسه على الولايات المتحدة، وهي دولة أصبحت أفضل مما كانت عليه قبل مائتي عام، ولكن تستمر العنصرية وعدم المساواة فيها. 

وواصل: "في فترة رئاستي، كنت ألتقي بالشباب وكنت دائما مندهشا من قناعتهم- التي كانت أعظم من قناعة آبائهم وأجدادهم - بأننا جميعا متساوون". 

ويتابع: "اكتشفت أنهم يؤمنون بإنسانية مشتركة، وأننا أمناء على هذا الكوكب وأنه ينبغي معالجة مشاكل مثل تغير المناخ. لكن، ما يزال هناك العديد من الناخبين الأكبر سنا الذين يقاومون هذه التغييرات".

ويضاف إلى ذلك الاستقطاب الكبير للأحزاب، وهو ما يزيد من حالة الانقسام في البلاد، وفق رأي أوباما.  

وأشارت الصحيفة إلى أن حالة الانقسام في المجتمع الأميركي، التي تحدث عنها أوباما، طالت كثيرا، وتفاقمت خلال السنوات الأخيرة إلى مستويات مقلقة. 

وبمجرد وصول ترامب إلى الحكم، كانت الأضواء جاهزة، وكانت الآلة التي تحيك حالة الانقسام مستعدة للعمل. 

وأوردت الصحيفة أن أوباما دوّن في أحد كتبه العبارات التالية: "لم أستطع أن أرى مدى مرونة هذه التكنولوجيا وكيف ستُستخدم يوما ما نفس الأدوات التي قادتني إلى البيت الأبيض ضد كل شيء كنت قد دافعت عنه". 

وعلق أوباما على ذلك في حواره مع الصحيفة قائلا: "في البداية اعتقدنا أن شبكات التواصل الاجتماعي ستجلب الأشياء الجيدة فقط، ولكن بعد ذلك بدأنا نرى جانبها المظلم". 

خلال الربيع العربي، تجمع الناس في ساحة التحرير عبر فيسبوك وتويتر للاحتجاج على قمع نظام حسني مبارك والمطالبة بمزيد من الديمقراطية، ولكن بعد سنوات قليلة فقط، بدأ تنظيم الدولة في استخدام نفس التكنولوجيا لتجنيد الإرهابيين، تقول الصحيفة. 

فجأة، أدركت أن الأداة التي يمكن للأطفال في قرية إفريقية نائية استخدامها للوصول إلى المكتبات حول العالم هي نفسها المستخدمة في ميانمار لتعزيز التطهير العرقي والقمع ضد الروهينغيا، يقول أوباما.

وواصل: "يجب أن نحقق التوازن، وأن نستفيد من الخاصيات الجيدة التي تمتلكها الشبكات الاجتماعية وأن نحد من آثارها السلبية، لكن، تعتبر هذه المهمة في الديمقراطيات الليبرالية أكثر صعوبة، لأننا ندافع عن حرية التعبير".

ويعتقد أن الإجابة تكمن في مزيج من التشريعات وممارسات الشركات التي تساعد في تقليل الضرر.  

وفي الختام، قال أوباما عن فترة رئاسته: "لم أفكر أبدا أنه لمجرد انتخابي، سأقضي على التمييز، ولن يضطر الأطفال الأميركيون من أصل إفريقي واللاتينيون بعد الآن للتغلب على عقبات أكثر من البيض لتحقيق النجاح، لكن ما آمنت به هو أن رؤية شخص مثلي يؤدي أهم وظيفة في الدولة، من شأنه أن يرسل رسالة للأطفال حول ما يمكن أن يطمحوا إليه في حياتهم".