باحث تركي: أهداف "خفية ومشبوهة" للتقارب الإماراتي الإسرائيلي

12

طباعة

مشاركة

قراءة مستفيضة ومعمقة للأهداف "الخفية المشبوهة" للإمارات وإسرائيل، وأسباب التقارب بينهما، ضد المصالح الإقليمية والدولية، ودون اعتبار للشعوب، في خطوة لتغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط.

ونشرت وكالة الأناضول التركية مقالا للباحث في مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا)، عبد الله أربوغا، ذكر فيه أن العلاقات الثنائية التي أقيمت سرا بين إسرائيل والإمارات، تم الكشف عنها رسميا للرأي العام العالمي، في أيلول/سبتمبر الماضي".

وأضاف: "كما هو معلوم، فإن هذا الوضع لم يقابل برد فعل سلبي أو إيجابي غير عادي في الجغرافيا العربية، كما لم يمثل خطوة إستراتيجية لتغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط.

مصالح متبادلة

وذكر المقال أن "إدارة تل أبيب، التي حاولت القضاء على التهديد العربي لأمن إسرائيل بخطوات صبورة، نجحت في جذب ممثل عربي آخر بمحاولات متكررة كالتي تعقب كل عملية توتر إقليمي تقريبا".

فبعد مصر في عام 1979 والأردن عام 1994، أقامت إسرائيل علاقات رسمية مع الإمارات في 2020، محققة بذلك "مكسبا مهما في القضاء على مشكلة الشرعية في الشرق الأوسط، وإن كان من الصعب القول إنها تنوي الإسراع في عقد صفقة مماثلة مع دول عربية أخرى"، وفق الكاتب.

وقال أربوغا: "بالنسبة لإسرائيل، فإن نتائج الجلوس على الطاولة مع ممثل عربي بعد كل فترة يمر فيها النظام السياسي الإقليمي بالانكماش يبقى أكثر ربحية وأكثر إستراتيجية".

وأضاف: "أما بالنسبة للإمارات، فإنها تحصل على مكاسب مثل إمكانية الوصول إلى الأسلحة الأميركية كمكافأة، كما تصبح شريكا إستراتيجيا للولايات المتحدة تماما مثل مصر والأردن".

وأشار أربوغا إلى "وزارة الخارجية الأميركية أعطت إدارة أبوظبي الضوء الأخضر لمبيعات أسلحة بقيمة 23.37 مليار دولار، بما في ذلك ريبير (طائرات بدون طيار مسلحة) وأنظمة الصواريخ، بالإضافة إلى 50 طائرة مقاتلة من طراز F-35 بينما لم تتضح النتيجة التي سيخرج بها الكونجرس بعد".

وأوضح "مع ذلك، حتى إذا قبل في الكونغرس، فسيتم الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل من خلال عدم التنازل عن هذه الأنظمة في المستقبل، أو من خلال منح أنظمة أسلحة أخرى لإسرائيل".

تصورات مشتركة

اعتبر أربوغا، الخبير في الأمن الإقليمي والسياسة الخارجية التركية ودول الخليج والعلاقات الأميركية الخليجية وأمن الخليج، أنه "من الممكن وصف تصورات التهديد المشتركة بين الإمارات وإسرائيل، خاصة خلال الانتفاضات العربية، على أنها عتبة مهمة في التقارب بين الطرفين".

وأوضح أنه "تم تحديد القضاء على تهديد الإخوان المسلمين الذي ظهر في المنطقة (خاصة في مصر) كأولوية أمنية وطنية لتل أبيب وأبو ظبي".

وأشار إلى أن "الانقلاب في مصر عام 2013 كان علامة فارقة في تحقيق هذا الهدف، وكانت إسرائيل والإمارات أقوى الداعمين لهذه الخطوة".

وأكد أربوغا أنه "في الفترة التي استمرت فيها موجة الثورات العربية، أدت المحاولة (القضاء على) ضد جماعة الإخوان المسلمين إلى زعزعة الهيكل السياسي للشرق الأوسط".

وتابع: "كانت نتيجة هذا (تحجيم جماعة الإخوان المسلمين) بالنسبة للجهات الفاعلة التي تهدف إلى العودة إلى الوضع الإقليمي الراهن، أن حصلوا على نتائج إيجابية للغاية".

وأضاف: "أما القضية الأخرى التي تعتبرها إسرائيل والإمارات تهديدا أمنيا مشتركا، فهي العملية التي أدت إلى اتفاق نووي مع إيران في عهد باراك أوباما".

واعتبر الباحث التركي أن "سلسلة عدم الثقة التي حدثت في علاقات البلدين مع الولايات المتحدة خلال فترة أوباما تسببت في العديد من الأزمات، وهي أحد العوامل المهمة التي تقرب إدارتي أبوظبي وتل أبيب من بعضهما البعض".

من ناحية أخرى، قام خيار السياسة الخارجية للولايات المتحدة، الذي قطع الخيوط مع إيران مرة أخرى في فترة حكم ترامب والذي حاول محاصرة إدارة طهران بإلغاء الاتفاق النووي، بتهدئة هذه الدول"

وتابع: "هكذا، برزت تركيا كتهديد جديد على هذه الدول بعد أن تم التخلص من الإخوان في الشرق الأوسط في وقت حوصرت فيه إيران"، بحسب الكاتب التركي.

وقال أربوغا: إن "مخاوف إسرائيل والإمارات بشأن تهديد تركيا للوضع الإقليمي الراهن، بلغت الذروة منذ 2016 مع نهج تركيا الجديد في السياسة الخارجية والأمن والذي يشرك عناصر القوة الصلبة على نطاق إقليمي وبدأ هذان اللاعبان السياسيان ينظران إليه على أنه مشكلة أمنية خطيرة".

وأردف: "إسرائيل والإمارات اعتبرتا جماعة الإخوان المسلمين وإيران وتركيا على التوالي يمثلون تهديدا عليهما منذ عام 2010، ودخلتا في تقارب جديد نتيجة للمخاوف الأمنية المشتركة".

وأضاف: "مع توقيع الاتفاقية بين تل أبيب وأبوظبي، يبدو أن قنوات التفاعل الدبلوماسية والتجارية قد تم تفعيلها بسرعة، حيث تم بالفعل تسجيل العديد من التطورات، والتي تعتبر الأولى من نوعها في العلاقات الثنائية".

واستدرك أربوغا قائلا: "مع ذلك، فإن القضية الأهم في هذه المسألة تدور حول اتجاه التقارب الإستراتيجي بين إسرائيل والإمارات فيما يتعلق بالشرق الأوسط والسياسة العالمية على المدى القريب والمتوسط".

تحولات المحور

الباحث التركي أربوغا أوضح أن "تفضيلات السياسة الخارجية للولايات المتحدة -القوة العظمى في النظام الدولي، بعد الحرب الباردة (1991)- أثرت بشكل مباشر على الحسابات الإستراتيجية لجميع الأطراف الفاعلة".

وأوضح أن "المظلة الأمنية الأميركية كانت بمثابة درع ثمين للغاية لأبوظبي وتل أبيب، فيما كان وجود القوة العسكرية الأميركية في المنطقة يعتبر ضمانة أمنية قيمة للغاية".

واستطرد: "مع ذلك، بدأت الولايات المتحدة في إعطاء الأولوية لتقليل وجودها العسكري في مناطق الصراع (خاصة في أفغانستان والعراق) من خلال تجنب التكاليف الأمنية الدولية قدر الإمكان في عهد أوباما".

وأدى سحب واشنطن لقواتها العسكرية من منطقة الشرق الأوسط وتغيير أولوية التهديد الإستراتيجي إلى "حدوث فراغ قوة في المنطقة"، وفق الكاتب.

وأكد أن "اختيار أميركا لهذا القرار (سحب القوات) شكل مصدر قلق للاعبين الذين كانوا يعتمدون عليها بشكل كبير من أجل الأمن".

وأبرز أنه "في مثل هذا الهيكل الإقليمي حيث لا توجد قوة الولايات المتحدة العسكرية الرادعة، أصبحت إسرائيل والإمارات أكثر تعاونا فيما بينهما بفضل ميزاتهما التكميلية".

وتابع: "فبينما سهلت إسرائيل على إدارة أبوظبي في الأمور الاستخباراتية والعسكرية، بدأت الإمارات في تحمل عبء تل أبيب في الحروب بالوكالة، فضلا عن دعمها باستخدام علاقاتها التجارية والدبلوماسية والإستراتيجية في المنطقة".

التعاون مع الصين

لفت أربوغا إلى أنه "يجب النظر بعناية في العلاقات بين إسرائيل والصين، ويمكن القول إن الإمارات تعمل كمانعة صواعق عن إسرائيل في هذه المرحلة".

وأوضح: "بالنظر إلى كل من السياسات العدوانية والمتوافقة للغاية لإسرائيل والصين والإمارات على النقاط الإستراتيجية لطرق التجارة البحرية، وحصة تل أبيب وأبوظبي من استثمارات الصين الضخمة مقارنة بالجهات الفاعلة الأخرى في الشرق الأوسط، تظهر الصورة أمامنا بشكل أوضح.

ويرى الكاتب أن "منع الاستثمارات الصينية من التحول إلى إيران هو أحد الأهداف الرئيسية لإسرائيل".

وأضاف: "يمكننا القول إن إسرائيل اتخذت بالفعل خطوات جادة للاستعداد للتغييرات المنهجية التي قد تحدث في النظام الدولي واستفادت من الإمارات للمساعدة في هذه الخطوات".

وتابع: "بالإضافة إلى الموانئ التي تملكها شركة (موانئ دبي العالمية)، فإن جهود إدارة أبوظبي للسيطرة على مضايق مهمة من خلال إنشاء قواعد عسكرية في اليمن والقرن الإفريقي، هي انعكاس للأهداف المشتركة المذكورة أعلاه".

وأكد أربوغا أن "هذا التنسيق في مجال الاقتصاد ليس من الممكن يصبح عسكريا بشكل علني بعد، رغم أن موقف الولايات المتحدة حاسم في هذا الأمر، إلا أنه يجب ملاحظة أن نهج إدارة بكين الذي يتجنب المبادرات والأساليب العسكرية التي تحمل مخاطر جيوسياسية هو نهج فعال".

واستدرك قائلا: "مع ذلك، يجب متابعة التعاون المتزايد مؤخرا بين إسرائيل والإمارات مع الصين في المجال الأمني ​​والعسكري".

وشدد على أنه "من المهم أن تتصرف بكين بمزيد من المرونة في بيع أنظمة الأسلحة وأن يكون لديها موقف أكثر انفتاحا تجاه التكنولوجيا العسكرية مقارنة بواشنطن".

وأوضح أربوغا ذلك قائلا: "كمثال صغير على ما ذكرناه، هو إرسال الإمارات لأنظمة الأسلحة الصينية إلى المناطق التي تدور فيها حروب بالوكالة، خاصة في ليبيا".

وأكد أن "أبعاد التفاعل بين إسرائيل والصين حول الذكاء الاصطناعي والأمن الإلكتروني (السيبراني) والجيل القادم من التكنولوجيا العسكرية ملفتة جدا للانتباه".

الدور الأميركي

شدد أربوغا على أن "مسألة كيفية تعامل أميركا مع قضايا الأمن الدولي في ظل حكم الرئيس الجديد بايدن، مهمة".

وتوقع الكاتب التركي أنه "سيتم تبني سياسات أكثر تنافسية ضد الصين ونهج لا يعمل على الخيارات العسكرية في عهد بايدن".

واستدرك قائلا: "حتى إذا ما تم تحقيق هذا الهدف في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فمن الممكن أن نجد أنفسنا في مواجهة صورة مختلفة تماما إذا اشتدت المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في منطقة الشرق الأوسط".

ويختتم الكاتب مقاله بالقول: "لو كان اتجاه محور إسرائيل والإمارات متمركزا بلا منازع في المحيط الأطلسي، فمن الضروري التأكيد في الوقت الحالي على أن التحركات الإستراتيجية التي تتجه نحو آسيا بخطوات صغيرة، هي تحركات صبورة ومخطط لها بعناية أيضا".