"هضم حقوقنا وقمع أصواتنا".. لماذا يعادي الكاظمي حملة الشهادات العليا؟

بغداد - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

استنكر ناشطون على تويتر، اعتداء القوات العراقية، بالعصي الكهربائية والهراوات، على حملة الشهادات العليا والمهندسين المتظاهرين وسط العاصمة بغداد، للمطالبة بتعيينهم وضمان حقوقهم، مما أسفر عن سقوط مصابين.

وحمل ناشطون عبر مشاركتهم في وسم #الكاظمي_يامر_بقمع_الكفاءات، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مسؤولية ما حدث، وذكروه بتصريحاته التي أكد فيها أن حق التظاهر السلمي مكفول دستوريا للجميع، وأن دور القوات الأمنية حماية التظاهرات.

ونددوا بتنصل الحكومة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، من تعهداتها بتلبية مطالب المتظاهرين من حملة الشهادات العليا وتخصيص درجات وظيفية لهم وتشريع وتفعيل قوانين تضمن حقوقهم في القطاع الخاص، وتعهدوا بمواصلة حراكهم حتى تتم الإطاحة بحكومة الكاظمي.

ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها أصحاب الشهادات العليا للاعتداء، منذ تولي الكاظمي رئاسة الوزراء في 7 مايو/أيار 2020‏، إذ سبق أن قامت قوة تابعة إلى قيادة عمليات بغداد، بالاعتداء عليهم أثناء اعتصامهم أمام مبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

ودعت حينها لجنة التعليم العالي والبحث العلمي النيابية، الكاظمي لفتح تحقيق عاجل حول الاعتداءات، وتعهدت بالعمل على تضمين الموازنة الاتحادية، التخصيصات المالية الكافية لتعيين أكبر عدد من حملة الشهادات العليا وفي مختلف الوزارات، إلا أن ما يبدو أن كلا الأمرين لم يتحقق.

وسبق أن أعلن وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي عادل الركابي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن العراق به أكثر من 10 آلاف عاطل عن العمل يحملون شهادات عليا، معترفا بأن حكومته تواجه أعدادا كبيرة للعاطلين عن العمل؛ بسبب سياسة التوظيف غير الممنهجة.

انتهاكات الأمن

ليس أصحاب الشهادات العليا فقط هم من يتعرضون لانتهاكات من قبل الحكومة العراقية، فهي تتخذ القمع منهجا وتتنكر لوعودها بحماية المتظاهرين وعدم استخدام القوة ضدهم، وقد فضت الشهر الماضي اعتصامات في عدة مدن بالقوة وأسفرت عن قتل وإصابة واعتقال العشرات. 

وبحسب المرصد الأورومتوسطي (حقوقي، مقره جنيف)، فإن المنظومة الأمنية لدى الحكومة العراقية غير منضبطة، وعمليات القمع لم تتوقف، وتصاعدت حدتها مع عودة التجمعات إلى ساحات الاحتجاج.

وذكرت أن القوات الأمنية العراقية لا زالت لم تحسن سلوكها في التعامل مع التظاهرات الشعبية، وما زالت تلجأ إلى العنف المفرط لفض المظاهرات وإجهاض أي حراك شعبي دون الالتفات إلى حجم الانتهاكات المروعة التي ترافق عمليات قمع وتفريق الاحتجاجات.

وتداول ناشطون صورا لحملة الشهادات العليا المصابين والدماء تسيل على وجوههم وملقون على الأرض، مشيرين إلى وقوع عشرات الإصابات في صفوفهم بعد تعرضهم للضرب والقمع بأمر من الكاظمي.

وشنوا هجوما حادا على الكاظمي، مؤكدين أن عمليات القمع الممنهج التي يتعرض لها العراقيون أماطت اللثام عن وجهه الحقيقي.

وعقب الإعلامي زيد عبد الوهاب الأعظمي، على مقطع فيديو يظهر فيه أحد أفراد الأمن وهو يعتدي على متظاهر يقوم بتصويره بالعصا، قائلا: "كمية الحقد الموجودة في هذه الثواني لو وزعت على أهل العراق لكفتهم".

ونشر حساب باسم "د. أنوار الطائي" صورة لأحد المتظاهرين والدماء تسيل على وجهه، معقبا بالقول: "هكذا يعامل علماء العراق".

وسألت سارة المحمدي، مواطنة حاصلة على ماجستير في طرق التدريس، رئيس الوزراء، قائلة: "هل هذا هو وعدك لنا بالتعيين يا كاظمي !!!،  هل ضرب الكفاءات من قبل القوات الحكومية بأمر منك، هو التغيير الذي كنت تنادي به والإصلاح الذي ترغب بتحقيقه والحق الذي ترده لأصحابه؟".

سياسة المهدي

دفعت التظاهرات العراقية والمطالبات المتكررة على مدار العام الماضي بتعيين أصحاب الشهادات العليا، ومكافحة الفساد والحد من البطالة وتوفير الخدمات الأساسية بإصلاح الوضع السياسي واحترام حقوق المواطنيين المدنيين، حكومة عادل عبد المهدي لتقديم استقالتها في ديسمبر/كانون الأول 2019.

بدورهم، ذكّر ناشطون الكاظمي بأن ثورة أصحاب الشهادات العليا كانت أحد أبرز الأسباب التي تسببت في إسقاط الحكومة العراقية السابقة، وطالبوه بأن يضع أمام عينه ما جرى لحكومة المهدي وكيف كان مصيرها، بعد أن اتبع نهج القمع والانتهاكات للمتظاهرين، متعهدين بالصمود ومواصلة حراكهم للدفاع عن حقهم في التعيين وإسقاط حكومة الكاظمي.

ورأت دكتورة التاريخ الحديث بجامعة ديالى، سلافة عابد، أن "التهميش المقصود وسياسة التهريب والقمع ولجم الأفواه في العراق باتت سنة يتخذها كل من يصل إلى السلطة".

من جانبه، قال صالح الحديدي، مواطن حاصل على ماجستير تربية بدنية وعلوم الرياضة: "يبدو أن الكاظمي نسي أن حملة الشهادات العليا كانوا الشرارة الأولى للثورة التي أطاحت بعادل عبد المهدي واليوم يتم الاعتداء على حملة الشهادات العليا بهذا الشكل مع كل الأسف".

وتعهد عضو تجمع وطن لحملة الشهادات العليا، عمر كارم، بـ"عدم الصمت على الاعتداء عليهم من قبل ثلة الكاظمي الفاسد"، متوعدا بـ"وقفات مغايرة قريبا سنطيح بالكاظمي وكل الفاسدين".

من جانبها، أكدت صفاء الزيني، حاصلة على ماجستير شريعة وعلوم إسلامية، أن قمع قوات الكاظمي لهم خلق لديهم رد فعل قاطع لأي تسامح، قائلة: "لن نتراجع الآن فالقضية أصبحت قضية كرامة وهنا خطوط حمراء لن نتجاوزها".

أسباب القمع

رأى ناشطون أن من أسباب قمع النظام العراقي لحملة الشهادات هو يقينهم بأن أصحاب الكفاءات إذا وضعوا في مواقعهم الصحيحة فلن يبقى لأفراد النظام مكان ولا وزن، مؤكدين أن ما حدث هو مؤشر على سقوط البلاد وضياعها، ويحمل رسائل قمع وتحذير لباقي الشعب.

دعاء الزبيدي، حاصلة على ماجستير في العلوم الاقتصادية، قالت: "عندما يهان أهل العلم والمعرفة ويتولى المناصب في بلدك الفاسدون والأراذل والمنافقون، وعندما يحكم الجاهل العالم، وعندما يحكم الفاسد والرذيل، الأشراف والأخيار.. يبـدأ البلد بالضياع".

فيما رأى حيدر الحسيني الحاصل على دبلوم عال بالطب الباطني والوقائي البيطري، أن قمع الكفاءات والمهندسين رسالة من الحكومة للشعب ألا يطالب بحقوقه وعلى الشعب أن يقبل بالأمر الواقع، قائلا: "هيهات يا سفلة".

فيما قالت رشا رحيم، حاصلة على ماجستير تقنيات الإنتاج النباتي: إن "الكاظمي يأمر بقمع الكفاءات لأنه يعلم جيدا أن بناء الدولة مرهون بإنصافهم، وهذا لا يروق للفاسدين أمثاله".

واعتبر حساب باسم "حورا عزاوي" أن "الاعتداءات المتكررة على حملة الشهادات العليا دليل على الاستهداف الممنهج لهذه الطاقات والاعتداء على علماء البلد".

صمت الإعلام

واستنكر ناشطون تجاهل الإعلام وصمت الحقوقيين عن ما تعرض لها حملة الشهادات، وخاطبوا المنظمات الحقوقية لمساعدتهم في إيصال أصواتهم، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن قمع المتظاهرين.

وقال حساب باسم "محمد عبد الكريم": إن "صمت الجميع دلالة على حجم الماكينة الإعلامية التي أسقطت حكومة عبد المهدي"، مشيرا إلى أن "الكاظمي وحكومته المخجلة أدخلت البلد في أزمة وقيدت نفسها مع الطبقة السياسية الفاسدة".

من جانبه، أكد مواطن يسمى "علي الشهيد" أن "قمع أصحاب الشهادات والمهندسين المطالبين بحقهم، أكبر جريمة وفعل جبان"، مخاطبا رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، لمحاسبة المسؤول عنه.

وقالت الأكاديمية السياسية ضحى مهند: إن "حملة الشهادات العليا يستغيثون بمنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة لإنقاذهم من التهميش والإقصاء والظلم والإهانة".