​​​​​​​تهاجم الإخوان وتستضيف حزبهم.. هكذا تعامل السعودية الإصلاح اليمني

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

المملكة العربية السعودية التي حذرت مؤخرا من جماعة الإخوان، ومن قبل صنفتهم "جماعة إرهابية"، هي ذاتها التي تستضيفهم على أرضها منذ نحو 5 سنوات.

الآلاف من أعضاء حزب الإصلاح اليمني، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين يقيمون في الرياض منذ العملية العسكرية التي شنتها السعودية باليمن في 26 مارس/آذار 2015.

بيان "المنحرفة"

بعد نحو 6 سنوات من تصنيفها كجماعة إرهابية، أصدرت ما يسمى هيئة كبار العلماء في السعودية بيانا أكدت فيه أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية منحرفة ولا تمثل الإسلام.

وحذرت الهيئة في البيان الذي أصدرته في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، من أي تعاطف معهم، وأصدرت تعميما لجميع خطباء المساجد في السعودية بالتحذير في خطبتهم من الإخوان والتأكيد على أنها جماعة منحرفة قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، وإثارة الفتن في الدول، وزعزعة التعايش في الوطن الواحد".

وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، دعا وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي عبد اللطيف آل الشيخ، إلى تخصيص خطبة الجمعة ، بالمملكة حول بيان هيئة كبار العلماء.

بدورهم، حذر خطباء المملكة من جماعة الإخوان وفق التعليمات المعممة من السلطات وقاموا بترديدها على منابر المملكة، حيث وصفوا الإخوان بأسوأ الصفات، وحملوهم مسؤولية ما يحصل في العالم من كوارث.

السلطات السعودية ما زالت تعمم من خلال وسائل الإعلام والمؤسسة الدينية الرسمية أن حزب الإصلاح فرع لتنظيم الإخوان في اليمن، وهو ما يتضح من خطب الأئمة الجمعة الماضية.

أحد خطباء المملكة هاجم حزب الإصلاح، محملا إياه مسؤولية ما يحدث في اليمن من خراب ودمار، قائلا: "أي ربيع، عباد الله، ترونه الآن في اليمن، تلك البلاد التي كانت مقصدا لمن أراد أن يروح عن نفسه، ببساطة أهلها وجمال طبيعتها"

مضيفا: "ها هي الآن لا يجرؤ أحد على أن يدخل إليها، أو أن يذهب إليها، لما فيها، والله، من الدماء والاغتيالات والسفك والقتل والاغتصابات وغيرها مما أحدثته جماعة الإخوان وغيرهم من الجماعات الخبيثة الحزبية الضالة التي تدعي الإصلاح، وقد لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب".

في حين اتهم خطيب آخر الإصلاح بأنهم سلموا اليمن للحوثيين، وقال: "ولكم أيها الأحبة عبرة واضحة كوضوح الشمس في منتصف النهار، حينما خرج هؤلاء الإخوان المسلمون، فيما يسمونهم في اليمن بالإصلاحيين، ماذا فعلوا؟".

وأجاب قائلا: "بدؤوا يطبلون ويقولون: ارحل يا علي.. ارحل يا علي، وبعد أن سيطروا سلموها (اليمن) لأذناب إيران وللمجوس، فهل هؤلاء مسلمون؟، لا والله .. هؤلاء مفلسون، هم وغيرهم من الجماعات التي في الدول الأخرى".

تناقض وارتباك

حالة تناقض تعيشها الرياض مع إخوان اليمن، تقابلها حالة ارتباك من قبل حزب الإصلاح، الذي لم يصدر عنه أي بيان حتى الآن تجاه الحملة التي تشنها المملكة عليه، مكتفيا بالقول: "لا علاقة للحزب بتنظيم الإخوان الدولي".

كثيرون من أعضاء الإصلاح يطالبون قادة الحزب باتخاذ خطوة يحدد فيها موقفه من تلك الهجمة التي تستهدفه وتغذي حالة الكراهية ضده وتحرض عليه في السعودية.

الغريب أن السعودية ما زالت تستخدم حزب الإصلاح الذي يوجد على أرضها ويعتبر المكون الأهم للشرعية، كورقة لشرعنة تدخلها في اليمن، ومظلة لتحقيق أهدافها وأجندتها، لذلك يرجح كثيرون أن أي بوادر للاستغناء عن حزب الإصلاح ستشير إلى تسوية سياسية قادمة تتجاوز حزب الإصلاح وتتجاوز الشرعية أيضا.

حسب متابعين، فإن الحملة ضد حزب الإصلاح في الوقت الحالي أتت بعد إعلان فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، في انتخابات الرئاسة الأميركية، والذي كان قد أعلن سابقا بأنه سيعمل على إيقاف الحرب في اليمن، في أول فترات رئاسته.

بايدن وعد أيضا بالعمل على منع تصدير السلاح للسعودية، ما دفع الأخيرة لمحاولة إيجاد تسوية مع جماعة الحوثي، وهو ما يرفضه حزب الإصلاح الذي يبدي موقفا متشددا تجاه أي تقارب مع الجماعة على حساب اليمن ووحدته واستقراره.

مؤشرات تقارب

مؤشرات التقارب بين الرياض وجماعة الحوثي ظهرت مؤخرا، حيث بدا أن السعودية تسهل سيطرة الجماعة على المناطق التي لجأ إليها الكثيرون من أعضاء حزب الإصلاح وانضووا تحت لواء الشرعية في الدفاع عن المناطق المتبقية.

سهلت السعودية سيطرة جماعة الحوثي على مدينة الجوف وتعمل حاليا على تسهيل سيطرتهم على معسكر ماس شمال غرب مدينة مأرب، والذي يعد آخر القلاع التي تدافع عن مأرب.

تسهيل الرياض لسقوط هذا المعسكر الذي يشهد محيطه معارك عنيفة في الوقت الحالي، يتمثل بانسحاب وحدات من القوات السعودية التي كانت ترابط هناك، بالتزامن مع انسحابات للجيش الوطني من مواقعه في نهم بعد أن نفدت ذخيرته وتم قطع الدعم عنه من قبل القوات السعودية التي كانت وعدته في وقت سابق بدعمه لكسب المعركة والتوجه صوب صنعاء.

صمود قوات الشرعية وعمادها من كوادر حزب الإصلاح المقاتلة في مدينة مأرب المكتظة بالسكان، بعث رسالة للسعودية بأن مأرب ليست للمساومة، فيما تضع الرياض مأرب كورقة لإجبار الشرعية على الموافقة على مقترحاتها وأجندتها، ملوحة عبر أطراف محسوبة على التحالف بمنح الحوثي فرصة السيطرة عليها.

ومنذ وقت مضى، كانت الإمارات تلوح بتسهيل سيطرة الحوثيين على مأرب، إن استمرت الشرعية في السيطرة على شبوة، وهي الإستراتيجية التي يبدو أن السعودية تريد فرضها مستقبلا (شبوة مقابل مأرب)، في إطار التسوية التي تمنح المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا نفوذا بالمحافظة النفطية.

ترتيبات قادمة

مؤشرات عديدة ترجح أن السعودية تسعى لاستبعاد حزب الإصلاح من أي ترتيبات سياسية قادمة، بما فيها التشكيلات الحكومية المزمع اتخاذها، في مقابل التوصل مع جماعة الحوثي إلى تسوية تنهي الحرب وتحول دون تمكين حزب الإصلاح.

الأمر الآخر الذي يفسر توقيت هذه الحملة هو أن تهديدات جو بايدن بمحاسبة السعودية على الانتهاكات الإنسانية، قد أحدثت مخاوف في أن يصب ذلك لصالح الإخوان الذين تعتقل الرياض العشرات من المحسوبين على تنظيمهم.

ظهر ذلك في تغريدة الكاتب السعودي فهد ديباجي الذي قال: "تجريم جماعة الإخوان ووضعها ضمن قوائم الإرهاب، يضع أميركا (بايدن) على المحك بأنه ليس من مصلحتها إعادة دعم أجندة الإخوان بمنطقة الشرق الأوسط لكي تُبقي على مصالحها في هذه المنطقة الحيوية ، وحتى لا تخسر حلفاءها".

المؤكد أن تصنيف السعودية لحزب الإصلاح كمنظمة إرهابية يقدم خدمة مجانية لجماعة الحوثي، وفي نظر الكثيرين هي ليست مجانية بالنسبة للسعودية، في ظل الحديث أنها حملة ممنهجة ومقصودة في إطار تسوية قادمة تبرمها السعودية مع جماعة الحوثي، لإنهاء الحرب في اليمن.