صحيفة إسبانية: الاستبداد لن يغيب عن البحرين برحيل رئيس الوزراء

12

طباعة

مشاركة

وفاة رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان آل خليفة، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، "لم تمنح الأمل بشأن التغيير الإيجابي" في هذه الدولة الخليجية، وفق صحيفة "الباييس" الإسبانية. 

وتقع البحرين بين إيران والسعودية، وتحتل المرتبة 169 (من بين 180 دولة) في تصنيفات منظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة. 

وأوضحت الصحيفة في مقال أن "الراحل خليفة بن سلمان آل خليفة، كان رئيسا للوزراء منذ عام 1970، ليصنف الحاكم غير المنتخب الذي قضى أطول فترة بالحكم في العالم".

كما يعتبر أيضا آل خليفة "أقوى رجل في البلاد، تفوق صلاحياته حتى قوة الملك نفسه، والشخص الأكثر كرها من قبل المعارضة، التي تخشاه أكثر من أي شخص آخر في البحرين"، بحسب "الباييس".

الحاكم الحقيقي

وأفادت الصحيفة بأنه "في ظل غياب صحافة مستقلة، باستثناء صحيفة الوسط التي أغلقت سنة 2017، فضلا عن التشريعات التي تعاقب بشدة أي انتقاد؛ يتوحد المجتمع الشيعي في البحرين، الذي يعاني من التمييز المنهجي، حول ذاكرة شفهية لمظالم تستند إلى قصص الاستشهاد والتضحيات".

واستدركت "لكن فيما يتعلق بهذه القصص، أصبح من الصعب التمييز بين الحقيقة والأساطير والشائعات، لكن، من المؤكد أن رئيس الوزراء البحريني الراحل يُعرف باستبداده بين المجتمع الشيعي".

واستندت الصحيفة إلى تصريح للكاتب البريطاني الخبير في الشأن البحريني، مارك أوين جونز، قال فيه: إن "خليفة بن سلمان كان شريرا، كما أن عداءه الصريح للمجتمع الشيعي كان موثقا بشكل جيد". 

وذكرت أن "هيمنة خليفة على الجهاز البيروقراطي والأجهزة الأمنية في بلاده جعلته الحاكم الحقيقي للمملكة، وفوق أخيه الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، الذي أحيل إلى المهام الاحتفالية".

وتابعت: في ظل الانتداب البريطاني، واصل المستشار الأمني ​​إيان هندرسون (1927-2013)، أداء الدور نفسه في ظل التعاون الوثيق والتواطؤ من قبل رئيس الوزراء السابق، خليفة.

وأوضحت "الباييس" أن "اسم هندرسون، المشدد في القمع الوحشي للماو ماو في كينيا والملقب بـ(جزار البحرين)، يرتبط بنظام الإرهاب والانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان المعمول به في الجزيرة".

وأضافت: أنه "رغم إحباط الانفتاح الديمقراطي في البحرين، تمكن خليفة في السبعينيات من جذب بعض السياسيين من مختلف الفصائل والعائلات الشيعية البارزة إلى حكومته".

وتابعت: "بذكاء وتصميم -باعتراف حتى الأعداء-، لعب خليفة دورا رئيسيا في تحديث البلاد وتنويعها الاقتصادي، كما تمكن آنذاك من تحويل البحرين إلى أهم مركز مالي في المنطقة". 

وأردفت: "بينما عززت الدولة اقتصادها، دعم رئيس الوزراء أصول بلاده دون ريب، وكانت ثروة البحرين، التي لا يمكن السيطرة عليها والتحقيق فيها، أرضا خصبة للجدل"

ونقلت الصحيفة الإسبانية كلاما اعتبرته "ساخرا بشكل رائع" للسفير الأميركي في البحرين، رونالد إي نيومان، والتي سربها ويكيليكس، قال فيه: "أعتقد أن الشيخ خليفة ليس له تأثير سلبي بالكامل على البلاد، ورغم أنه فاسد بالتأكيد، إلا أنه ساعد في بناء جزء كبير من البحرين الحديثة".

وأبرزت الباييس أنه "في الثمانينيات، بعد انتصار الثورة الإيرانية واندلاع الحرب العراقية الإيرانية، اتخذ خليفة موقفا معاديا بشكل علني ضد السكان الشيعة، وتبع ذلك عمليات ترحيل عشوائية لمواطنين بحرينيين إلى إيران واعتقالات جماعية". 

واعتبرت أن "هذه الموجة القمعية كانت قرارا شخصيا من رئيس الوزراء الذي تصرف ضد رأي مستشاره الأمني، إيان هندرسون، وفقا للشهادات التي جمعها مارك أوين جونز في كتابه القمع السياسي في البحرين (الصادر عام 2020)".

وذكرت الصحيفة أن "الباحث البريطاني جونز يؤكد أنه على عكس رواية الحكومة، فإن الثورة الإيرانية لم تتسبب في حدوث أي انتفاضة أو حشد مسلح، من قبل السكان الشيعة في البحرين، من شأنه أن يبرر رد فعل الحكومة العنيف".

قمع الاحتجاجات

أشارت "الباييس" إلى أنه في "مواجهة المظاهرات الحاشدة (عام 2011)؛ لعب رئيس الوزراء حينها ورقة الشرطي السيئ، واتهم المحتجين بأنهم إرهابيون إيرانيون وما إلى غير ذلك".

وأضافت: "بالمقابل كان ولي العهد، سلمان بن حمد آل خليفة، الشرطي الطيب الذي حاول التفاوض على صفقة مع أحزاب المعارضة، بل وذهب إلى حد تقديم التعازي لأول المتظاهرين الذين قُتلوا.. ويبدو أن الملك، بصفته متفرجا متميزا، كان يشاهد لعبة الشطرنج من بعيد".

وقالت الصحيفة: إنه "خلال تلك الاحتجاجات، قادت الدبابات السعودية، بدعم من الشرطة والجيش والعصابات شبه العسكرية وبتشجيع من رئيس الوزراء، الثورة المضادة".

وأوضحت أنه "تبعا لذلك، تحول مستشفى السلمانية (بالعاصمة المنامة) إلى هدف عسكري، وفي هذه العملية، ألقي القبض على أكثر من 40 طبيبا وموظفا طبيا وتعذيبهم وسجنهم، واتهم بعضهم بالانتماء إلى جماعات إرهابية". 

شكوك المعارضة

وتساءلت "الباييس" عما يمكن أن يحدث في البحرين بعد تعيين ولي العهد الجديد، سلمان "الشرطي الجيد" لعام 2011، رئيسا للوزراء بعد إعلان وفاة خليفة بساعات.

وأكدت أن "المعارضة حذرة ومتوجسة بشأن التطور السياسي للجزيرة، حيث تشير المعارضة مريم الخواجة، في محادثة هاتفية من منفاها في الدنمارك، أنه على عكس خليفة، الذي كان يؤمن بـ(اليد الحديدية) كسلاح سياسي، فإن ولي العهد أكثر براغماتية ويؤيد إعطاء بعض الفتات، لكن دون حرية". 

وتحذر المعارضة قائلة: إن "سلمان يسوق لنفسه صورة الفتى الجميل لدى الديمقراطيات الغربية؛ باعتباره الشاب الذي نشأ في الغرب، ويبدو أنه أكثر انفتاحا وتسامحا، مثلما قالوا في السابق عن (رئيس النظام السوري) بشار الأسد"، وفق "الباييس"

من جهته، يشكك الكاتب البريطاني جونز في "أن يكون للتعيين الجديد تأثيرات كبيرة على السياسة الداخلية للبلاد، التي تعتبر جارتها السعودية قائدها الكبير، حيث تعتمد المنامة على الرياض اقتصاديا وسياسيا وعسكريا". 

ونقلت "الباييس" عن ناشطة بحرينية أخرى، رفضت الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، أن "الأسوأ لم يأت بعد في البحرين".

وعلى نفس المنوال، تشير خواجة إلى "احتمال مرعب، والمتمثل في أن يمنح التغيير الجديد للكراسي دورا أكثر بروزا إلى أصغر الأمراء، ناصر بن حمد آل خليفة، الرياضي، ورئيس اللجنة الأولمبية البحرينية".

وأوردت الصحيفة في ختام مقالها أن "ناصر آل خليفة قال في الأيام التي أعقبت سحق أعمال الشغب عام 2011 على التلفزيون الحكومي تلك العبارة التي تلخص الوضع السياسي في البحرين: دع الجدار يسقط على رؤوس أولئك الذين طالبوا بإسقاط النظام.. البحرين جزيرة ولا يوجد لكم مفر منها".