"أورسام": الحصار على قطر فتح لها أبوابا مع تركيا وإيران

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع مركز "أورسام" التركي لدراسات الشرق الأوسط مقالا لباحث الدكتوراه المتخصص في الدراسات الخليجية والعلاقات الدولية، غوكهان آرلي عن البعد التجاري للشراكة التركية-القطرية.

وعاد الباحث إلى شهر يونيو/ حزيران من عام 2017، معتبرا أن الخليج العربي شهد في هذا التاريخ أحد أعقد أزماته منذ عقود، إذ أنشأت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومعهما مصر والبحرين حصارا حول قطر من البر والبحر والجو متذرعين بأنها تموّل الإرهاب وتدعمه، كما قطعوا كل علاقاتهم الدبلوماسية والتجارية معها.

حجم العلاقة

وتابع آرلي، "رأينا قطر مصرة على رفض مطالب دول الحصار لفكه، وفي الوقت نفسه كانت علاقتها مع تركيا تزداد قوة". مشيرا إلى أن، الزيارات الكثيرة المتبادلة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ساهمت في إبقاء العلاقات وثيقة، كما ساهم التواصل الدبلوماسي في إبقاءها وثيقة على المستوى الاقتصادي أيضا.

ورأى باحث مركز الدراسات، أن العلاقات السياسية والاقتصادية التي تمت بالموازاة مع اللقاءات الإستراتيجية كانت أحد أهم دلائل أن قطر بعد الحصار ليست وحيدة. وأضاف، "ففي الأشهر اللاحقة لبدء الحصار، استأنفت قطر سياستها في توسيع علاقاتها التجارية. ويشهد على ذلك تصريح أمير قطر، الذي قال إن بلده "رغم آثار الحصار السلبية قد زادت صادراتها بنسبة 18% وساهم هذا أيضا في تقليل مصاريف الواردات إلى 20%".

واعتبر المتخصص في العلاقات الدولية، أن "استثمارات قطر في تركيا، التي تتجاوز قيمتها 20 مليار دولار، والعلاقات التجارية التي نشطت تشكل نصرا دبلوماسيا للطرفين".

وذكر المقال، أنه في فترة أغسطس/ آب 2018 وبعد الأزمة المالية التي جاءت كبعد اقتصادي لحالة العلاقات الأمريكية التركية، تعهدت قطر بالاستثمار في تركيا بمبلغ قدره 15 مليار دولار. وكخطوة أولى لهذا التعهد؛ وقعت في يوم 17 أغسطس/ آب 2018 اتفاقية SWAP بقيمة 3 مليار دولار بين البنك المركزي التركي والقطري، والهدف الأساسي منها كان القيام بعقود تجارية بين الدولتين بالاعتماد على العملات المحلية وتسهيل التجارة بينهما، وإلى جانب هذا فإن أهم أهداف الاتفاقية كانت الإسهام في توفير الاستقرار المالي.

ومضى الباحث يقول، إنه إلى جانب الاتفاقيات التي أبرمت بعد الأزمة، إذا نظرنا نظرة أوسع زمانيا ندرك الحجم الحقيقي للصداقة التركية-القطرية.

وفي هذا السياق، ذكر أن صادرات تركيا إلى قطر زادت بنسبة 62%  لتصل قيمتها إلى 19 مليون دولار. وبالنظر إلى بيانات وجداول عام 2017 نرى أنها كانت 630 مليون دولار. يفهم من هذه الأرقام أن صادرات تركيا إلى قطر في العام الأخير زادت إلى الضعف. وينتظر أن تزداد العلاقات التجارية التركية-القطرية في التطور وأن تصل صادرات تركيا إلى قطر إلى مستوى 1.5 مليار دولار. كما يتوقع ازدياد حجم التجارة بين البلدين من 1.3 مليار دولار إلى 2 مليار دولار.

شراكة عسكرية

أشار الباحث إلى أن اللقاءات بين البلدين لم تقتصر على الزيارات الرسمية، بل تعدتها إلى لقاءات على مستوى عال في المؤتمرات الإقتصادية. ولفت إلى مشاركة تركيا في منتدى الدوحة الذي أقيم في العاصمة القطرية الدوحة، ممثلة بوزير الخارجية مولود جاويش أوغلو ووزير الخزانة والمالية برات ألبيراك وهو تمثيل على مستوى عال، بحسب المقال.

واعتبر المتخصص في الدراسات الخليجية، أن هذه التطورات زادت الثقة المتبادلة كما زادت اللقاءات على مستوى عال بشكل ملحوظ، مشيرا إلى أن تركيا وقطر يقومان بشراكة عسكرية إلى جانب الشراكة التجارية. ففي عام 2017 وقّعت عقود أمن وحماية بين الشركات التركية والقطرية بقيمة إجمالية 4 مليار دولار.

طموحها السبب

وفيما يتبع هذه التطورات، أشار الكاتب إلى إعلان قطر في كانون الأول 2018 الانسحاب من منظمة أوبك انسحاباً من طرف واحد، بعد أن كانت عضوا في المنظمة منذ عام 1961، وبذلك بينت أن السبب هو طموحها في زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال، بحسب المقال الذي ذكر بأن القدرة الإنتاجية السنوية لإنتاج الغاز الطبيعي المسال لقطر تبلغ 77 مليون طن سنويا.

وقال آرلي، إن هذا التطور يجب أن يقرأ قراءة صحيحة إذ تهدف قطر إلى زيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنسبة 43 بالمئة وهذا يوضح مدى حزم قطر في ملف إنتاج الغاز الطبيعي المسال. كذلك فإن تركيا تستورد الغاز الطبيعي المسال من قطر والخط التجاري بينهما يمر غالبا بإيران أكثر عن طريق العراق وسوريا.

وتابع الباحث، إلى جانب قرارها الانسحاب من منظمة أوبك، أظهرت قطر احتجاجها على منتدى الرياض بمشاركتها مشاركة صغيرة، فرسالة الدعوة التي أرسلها ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز إلى الأمير تميم، "حرصت على إظهار السعودية بمظهر قائد الدول الخليجية، ويظهر جليا أن أمير قطر لم يرد أن يشارك فيظهر موافقته على فحوى رسالة الدعوة إلى المنتدى"، بحسب المصدر ذاته.

دور عمان والكويت

ورأى الباحث أن مسعى قطر إلى زيادة الشركاء التجاريين لم يخب، إذ يمكن القول أن عمان والكويت التزمتا الحياد في أزمة الخليج فلم تأخذ الدولتان طرف السعودية والإمارات العربية المتحدة. والموقف المحايد الذي وقفته الدولتان ساهم في لعبهما دور المُصالِح بين الطرفين.

وأوضح مقال مركز الدراسات أنه إضافة إلى هذا تطورت العلاقات بين الكويت وعمان وقطر تطورا ملحوظا، وكان من أبرز مظاهره معرض "صنع في قطر" الذي أقيم في كانون الأول 2018 في عمان، إذ ذهب رجال أعمال قطريون يجاوز عددهم 240 إلى عمان للبحث عن سبل شراكات تجارية جديدة من طريق بحرية بين الدول الثلاث.

الطريق البحرية المذكورة أنشئت للسفن التي ستمر على موانئ قطر وعمان والكويت، وعلى ضوء هذه التطورات يذكر أن استثمارات قطر في عمان في ازدياد. وهذا الاتفاق غير المعلن بين قطر والكويت وعمان ساهم في إفشال مساعي دول الحصار في إخضاع قطر لمطالبهم، بحسب المقال.

لم تتمكنا من إعادتها إلى جادة الطريق!

وذكر مركز الدراسات التركي، أن يناير/ كانون الثاني من عام 2019 عرف تطور آخر أثر سلبا على أزمة الخليج؛ كان هذا التطور هو استقالة أنتوني زينني المبعوث المكلف من طرف وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون بإيجاد حل لأزمة الخليج. وزاد المقال، "كان السبب المعلن لهذه الاستقالة هو عدم رغبة الدول بحل الأزمة. هذا التطور يظهر أن أمريكا أيضا لا تريد حل أزمة الخليج، وإلى جانب هذا فإن استقالة زينني أظهرت مرة أخرى أن دول الحصار هي المخطئة".

وخلص الباحث في نهاية مقاله، إلى أن السعودية والإمارات فشلتا في مشروعهما لـ"إعادة قطر إلى جادة الطريق". بينما نجحت قطر في تخفيض أضرار الحصار إلى المستوى الأدنى عبر شركائها الإقليميين وعبر سياسة عدم إغلاق الباب في وجه أي أحد. وفي هذا السياق، زادت استيرادات قطر من تركيا إلى الضعف كا زادت قيمة حجم التجارة التركية-القطرية بقيمة بحدود  700 مليون دولار.

وتابع، باختصار نقول، إن "التطور في العلاقات التركية القطرية هو نجاح دبلوماسي تم بإرادة الدولتين ووعيهما المشترك أكثر من كونه تم بسبب الضغوط الديناميكية في المنطقة. كما يستشرف أن هذه العلاقات التي تطورت بعد حصار الرباعي العربي لقطر ستستمر في التطور".