صحيفة تركية: أردوغان اتخذ خطوات "سريعة ومفاجئة" لإنقاذ الاقتصاد

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع الاستقالة المفاجئة لوزير المالية براءت البيرق، كانت تركيا في حالة من الترقب لنحو 27 ساعة، جرى خلالها طرح الكثير من السيناريوهات المختلفة.

فهناك من كان يقول بوجود إصلاحات في الحكومة ومن يتحدث عن تغيير الإدارة الاقتصادية، أو تعيين اسم تكنوقراطي في الوزارة، ومن يرى احتمالية عدم قبول استقالة البيرق، وتعيينه في منصب نائب الرئيس. 

كانت هذه تعليقات واقعية إن كنا قد سمعنا أيضا سيناريوهات غير معقولة ولا منطقية، بحسب ما تقول صحيفة "حرييت" التركية في مقال للكاتب عبد القادر سيلفي.

وأضاف سيلفي: كان للتقييمات محوران رئيسيان: فإما أن يوافق الرئيس رجب طيب أردوغان على الاستقالة ويعين وزيرا جديدا أو يرفض قبول الاستقالة. 

لكن وفي نهاية الـ 27 ساعة، قبل أردوغان استقالة البيرق، وعين مكانه صاحب الخبرة لطفي ألوان.

السيطرة على الاقتصاد

وبحسب سيلفي فقد كان براءت البيرق قد حدد أولوياته على أنها "ثلاثة ياءات" (ما يقابله الجيم باللغة العربية): "توازن جديد، والطبيعي جديد، واقتصاد جديد".

أما لطفي ألوان، الذي تولى منصبه في وزارة الخزانة والمالية، فقد رتب أولوياته بالشكل التالي: "التوظيف ثم النمو ثم اقتصاد السوق القائم على القواعد ثم إدارة الاقتصاد بطريقة يمكن التنبؤ بها".

 

وتابع: بالطبع، سيكون أسلوب الإدارة وأولويات كلا الوزيرين مختلفة. ومع ذلك، من الممكن اعتبار هذا الأمر ابتكارا سيكون ذا استمرارية، حيث إنه من المتوقع أن يكون الرئيس أردوغان أكثر انخراطا في الاقتصاد في الفترة الجديدة.

وأردف قائلا: "كان أردوغان قد أعطى الأولوية لتطوير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وتراجع الوصاية العسكرية وتنمية الديمقراطية خلال الفترة الأولى لحزب العدالة والتنمية".

في ذلك الوقت، كان حزب العدالة والتنمية الحاكم يحاول التشبث بالسياسة والسيطرة على زمامها خلال تلك السنوات. وبمعنى آخر، كان أردوغان هو كاسر الجليد الذي فتح الطريق أمام سفينة حزب العدالة والتنمية لتتمكن أخيرا من الوصول إلى موانئ آمنة والرسو فيها.

لكن أردوغان أعطى ـ في الآونة الأخيرة ـ اهتمامه للأزمات الدولية، لا سيما عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام في سوريا، والتوترات في ليبيا وشرق البحر المتوسط​​، والحرب الأذربيجانية الأرمينية، وفقا للكاتب التركي.

تغييرات قادمة

ويعتبر سيلفي أن من أهم صفات أردوغان هو أنه سياسي قوي، فهو الرئيس الذي فاز في الانتخابات التي دخلها حتى الآن وأبقى حزب العدالة والتنمية في السلطة لمدة 18 عاما. وهنا يمكننا أن نرى أن أردوغان سياسي يعرف مدى تأثير الاقتصاد في خيارات الناخبين. 

فعلى حد تعبير سليمان ديميريل، "لا يوجد قدر لا يستطيع أن يسقط حكومة أو سلطة" في إشارة إلى أن الاقتصاد يمكن أن يكون سببا لسقوط الحكومة.

فهو عبارة عن شريان، وإذا حدث انسداد فيه يوما، فسوف ينتشر إلى الجسم كله، ليبدأ هذا الجسد في التعثر في أدنى حركة، ويصبح ضعيفا و"رجلا مريضا" (تعبير استخدمه إمبراطور روسيا السابق نيكولاي الأول ليصف الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر).

بالإضافة إلى ذلك، ولأن للاقتصاد دورا كبيرا في فوز حزب العدالة والتنمية بنسبة 50٪ في الانتخابات، يقال إن أردوغان سيوفر المزيد من الوقت للاقتصاد في الفترة الجديدة. 

وذكر الكاتب أن أردوغان يكرس جزءا كبيرا من وقته للاقتصاد خاصة في الآونة الأخيرة.

ويتابع: "وهكذا سيدير لطفي ألوان الاقتصاد في الفترة الجديدة، فيما سيكون ناجي أغبال مسؤولا عن استقرار الأسعار بصفته محافظ البنك المركزي".

وقد أفصح ناجي أغبال، الذي تم تعيينه رئيسا للبنك المركزي قبل أيام عن رسائل تمنح ثقة للأسواق في بداية وظيفته.

وقال أغبال: "وفقا لذلك، سيتم استخدام جميع أدوات السياسة بشكل حاسم، كما سيتم تعزيز الاتصال في إطار مبادئ الشفافية والمساءلة والقدرة على التنبؤ في السياسة النقدية".

هذا البيان، الذي أدلى به قبل افتتاح الأسواق، لقي ترحيبا كبيرا. وهكذا قام ناجي أغبال بتثبيت الزر الأول من القميص بشكل صحيح في بداية عمله، يقول الكاتب. 

أولويات المرحلة

وأما لطفي ألوان الذي تولى مهمة وزارة المالية، هو اسم معروف بلطفه السياسي واجتهاده، لكن لا تدعو لطفه يخدعكم، لأن أهم ما يميزه هو تصميمه وعزمه خاصة فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية، يقول الكاتب.

وأوضح أن ألوان "حقق أعمالا ناجحة في كل من وزارة النقل وفي منصب نائب رئيس الوزراء المسؤول عن التنمية، لكنه لم يقم بالعرض والدعاية".

وتابع: "رحبت الأسواق بتعيين لطفي ألوان الذي عمل سابقا في هيئة تخطيط الدولة (DPT)، حيث إن سقف التوقعات عالية بشأن الرجل الذي تولى منصبه في فترة كان فيها سعر الصرف في ارتفاع".

لكنه يحظى أيضا بدعم رئيس مثل رجب طيب أردوغان خلفه ليصبح ناجحا. ويقال إن أردوغان أعطى تعليمات إلى المجموعة البرلمانية قبل شهر، وقال: "لا تقدموا لي عروض القوانين المتعلقة بالاقتصاد قبل أن يراه السيد لطفي".

ويلفت سيلفي إلى السياسة التي حدت من أن يتحدث كل على هواه في العملية التي بدأت باستقالة براءت البيرق من وزارة الخزانة والمالية واستمرت لمدة 27 ساعة، حيث تم احتواء المناقشات التي قد تبدأ بسبب التصريحات التي قد تدلي بها المصادر المختلفة في هذا الموضوع، قبل أن تبدأ.

ويضيف: "قد تتسبب البيانات التي يتم الإدلاء بها من مختلف المصادر في حدوث أزمات جديدة في بعض الأحيان، أو على الأقل يمكن أن تتحول المناقشة إلى أساسات مختلفة. لذلك، كان من المهم توفير المعلومات ونشرها من مصدر واحد".

ويختم الكاتب التركي مقاله بالقول: "بالإضافة إلى ما سبق ونظرا إلى أن البيرق كان صهر الرئيس، هناك أيضا بُعد عائلي للمسألة. لذلك، كان من المهم إدارة العملية من مصدر واحد. وهكذا علم الشعب بقبول أردوغان استقالة البيرق من الإعلان الذي نشرته مديرية الاتصال الرئاسية".