4 ملفات ساخنة تنتظر بايدن في سوريا.. سيناريوهات متوقعة للتعامل معها

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تنتظر الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، الكثير من الملفات المتداخلة في الشأن السوري، والتي لم تحسم في عهد غريمه الجمهوري دونالد ترامب.

من أبرز هذه الملفات: القوات الأميركية، التنظيمات الكردية، الوجود الإيراني ومصير نظام بشار الأسد في ظل العقوبات المفروضة في إطار "قانون قيصر".

لم يكن بايدن بعيدا عن الملف السوري كونه كان نائبا للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، منذ اندلاع الثورة الشعبية ضد نظام بشار الأسد عام 2011، لكنه لم يكن متحمسا في حينها للإطاحة برئيس النظام بالقوة العسكرية عن طريق دعم المعارضة السورية.

الوجود الأميركي

رغم أن إدارة الديمقراطيين تميل إلى سحب القوات الأميركية من الخارج، إلا أن التوقعات تشير إلى أن الرئيس بايدن، قد يبقي قوات بلاده موجودة في سوريا ويوسع من أهدافها، ولا يجعلها تقتصر فقط على حماية حقول النفط.

وفي هذه النقطة نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية تقريرا في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، تحدثت فيه عن التغيرات المحتملة في الوجود العسكري الأميركي في سوريا مع مجيء بايدن لإدارة البيت الأبيض.

ونقلت عن الخبير العسكري يوري لامين، قوله: "يمكن توقع العديد من الهدايا من ترامب للإدارة المقبلة. لكن، من غير المرجح أن يتخذ البيت الأبيض إجراءات جذرية في الاتجاه السوري، الآن. فأقرب الحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة، مثل السعودية، يعارضون الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من سوريا".

من جهته، شكك الباحث الزائر في معهد "الشرق الأوسط" بواشنطن، وخبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، أنطون مارداسوف، في أن يتخذ فريق بايدن قرارا بسحب الخبراء العسكريين من سوريا.

وقال مارداسوف للصحيفة الروسية: "اتخاذ مثل هذا القرار، يعني قطع سلسلة الدعم الاقتصادي بأكملها، عن القبائل المحلية والأكراد من بيع النفط. فالحافز المالي، لا يسمح للأكراد فقط، إنما وللقبائل أيضا بالحفاظ على موقف مستقل، ودفع رواتب الفصائل وعدم التحول إلى جانب الأسد".

وأردف: "يتمتع الجيش الأميركي بمستوى كاف من الحرية للعمل في هذه المنطقة. وقد تتخذ واشنطن بعض القرارات فيما يتعلق بالتنازل عن نقاط معينة في الشمال الشرقي أو في مثلث سوريا- الأردن- العراق، لكنني أعتقد بأن العسكريين سيحاولون تخفيف تأثيرها".

وقبل ذلك، كشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في 22 سبتمبر/ أيلول 2020 أكدت فيه أن المرشح للرئاسة الأميركية جو بايدن، يعارض الانسحاب الأميركي من شمال شرق سوريا، لكي لا يحصل تنظيم الدولة على فرصة للحياة مجددا.

وقالت الصحيفة: إن بايدن، لم يكن من المؤيدين الرئيسيين في إدارة الرئيس باراك أوباما بتزويد فصائل المعارضة السورية بالأسلحة سابقا، كونها تحتوي على من وصفهم بـ"الجهاديين".

وذكرت أن بايدن لا يدعم سحب كامل الجنود الأميركيين من سوريا، ويدعم الإبقاء على مجموعات صغيرة من قوات بلاده في شرق سوريا في المستقبل المنظور، لافتة إلى أنه سبق وصرح في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أن "الاحتفاظ ببضع المئات من الجنود الأميركيين في سوريا لحماية الأكراد أمر منطقي".

التنظيمات الكردية

تصريحات بايدن السابقة بخصوص حماية الأكراد في سوريا، سبقتها أخرى متلفزة خلال حملته الانتخابية هاجم فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذا الملف تحديدا، بالقول: "آخر شيء سأفعله لأردوغان، هو التنازل له في ما يتعلق بالأكراد".

وفي هذا الإطار، وصف تقرير نشره موقع "ولاتي نيوز" الكردي في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، ترامب، بأنه "أسوأ رئيس أميركي تعاطى مع القضايا الكردية، وظهر ذلك في موقفه من استقلال كردستان العراق، وسماحه لأردوغان بالهجوم على عفرين، ولاحقا رأس العين وتل أبيض، واستمرار التهديد لبقية المناطق".

وأضاف التقرير: "مقابل ذلك، يبدو بايدن أبعد من التفاهم مع أنقرة، والسماح للفصائل المسلحة التابعة لها بأخذ دور أكبر، خاصة أنه لم يكن موافقا على تسليح الفصائل المسلحة، وإسقاط الأسد"، لافتا إلى أن "بايدن مشجع لإنهاء الحرب في سوريا، وقد يعقد صفقات مع الأسد وطهران وحتى روسيا أيضا".

وفي موازاة ذلك، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا السابق، جيمس جيفري، خلال تصريحات صحفية في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020: إن "بلاده تعتبر حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، ونريد أن نرى خروج وحداتهم من سوريا، إذ يُعد وجودهم شمال شرق سوريا السبب الرئيس في توتر العلاقات مع تركيا".

وفي السياق ذاته، قال روبرت فورد السفير الأميركي السابق لدى سوريا والباحث في "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن: إن بايدن وفريقه يعتقدون أن "الأميركيين يجب أن يوفروا الحماية للسوريين الأكراد".

وأضاف فورد خلال مقال نشرته صحفية "الشرق الأوسط" في 28 أكتوبر/ تشرين الثاني 2020: أنه حتى ترامب نفسه الذي لا يأبه لأمر "حزب الاتحاد الديمقراطي السوري" الكردي، يعكف على بناء دولة صغيرة داخل الحسكة تحت مظلة الوجود العسكري الأميركي، لكنه لا يرغب في توفير أموال لها واتخذ قرارا بوقف المساعدات الاقتصادية الأميركية.

وتوقع الدبلوماسي السابق أن تحمي إدارة بايدن الدولة الصغيرة الناشئة، ومن المحتمل أن توفر لها برنامج مساعدات اقتصادية صغيرا. ويمكن أن نتوقع اضطلاع وزارة الخارجية حينذاك بدور أكثر نشاطا في التعاون مع الإدارة المستقلة، خاصة من خلال الضغط على الأمم المتحدة لمنح "الاتحاد الديمقراطي السوري" وإدارتها دورا في المفاوضات الجارية حول وضع دستور جديد لسوريا في جنيف.

وفي الوقت، توقع فورد أن "تعارض كل من دمشق وأنقرة وطهران وموسكو جميعا مثل هذه المبادرة الأميركية، لكن الفريق المعاون لبايدن لن يقدم أي حوافز لتغيير هذا الرفض".

وفي 30 أغسطس/ آب 2020، قال توني بلينكن مستشار بايدن للسياسة الخارجية، في حديث لشبكة "سي بي إس": إن بايدن، سيحتفظ بوجود عسكري أميركي شمال شرق سوريا، كوسيلة ضغط ضد النظام السوري، إضافة لتقديم المشورة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، ولتأمين حقول النفط.

مليشيات إيران

وليس ببعيد عن الملفات السابقة، فإن الوجود الإيراني في سوريا يعتبر أحد أبرز التحديات التي تواجه الرئيس الأميركي الجديد، إذ يقول الدكتور رضوان زيادة المدير التنفيذي لـ"المركز السوري للدراسات السياسية والإستراتيجية" في واشنطن: إن "كلا من ترامب وبايدن يرفضان الوجود الإيراني في سوريا".

وأضاف زيادة خلال تصريحات صحفية في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020: "يجب أن تكون هناك سياسة خاصة بسوريا للخروج من حالة الفوضى والدولة الفاشلة، وأن تكون الأولوية لتطوير إستراتيجية خاصة بسوريا تجبر النظام على القبول بالانتقال السياسي وإخراج المليشيات الإيرانية، ولا يجب أن تكون سوريا ضحية السياسة الأميركية في إيران".

وأكد أن "إدارة أوباما أخطأت في الاتفاق مع إيران ونسيان الأثر التدميري الذي من الممكن أن تتركه في سوريا واليمن وغيرها، وعلى إدارة بايدن تصحيح هذه الأخطاء. وحتى إن كان بايدن يريد الاتفاق مع إيران فإن هدفه منعها من المضي في برنامجها النووي دون إطلاق يدها في سوريا ودول أخرى لأن إدارة بايدن لديها فرصة لجعل سوريا أولوية في الاتفاق مع إيران".

ورأى زيادة "ضرورة فصل الأزمة السورية عن إيران، والتشدد معها أو عدمه يتعلق بإيران وحدها، وأن النظام السوري موجود بإيران أو بدونها، حيث لم يكن لدى إدارة ترامب أي إستراتيجية تجاه سوريا، وإدارة بايدن لديها أولويات أخرى مثل الدفع باتجاه وضع سوريا كأولوية".

مضيفا: "ومن الممكن حدوث ذلك بفضل جهود اللوبي السوري في أميركا، والذي استطاع الضغط لتمرير قانون قيصر (يفرض عقوبات على كل من يقدم دعما ماليا وتقنيا وماديا للنظام السوري)، وهذه خطوة مهمة لرفض إعادة تأهيل النظام ولديها خطوط مفتوحة مع إدارة بايدن".

واتساقا مع ذلك، رأى الباحث المختص في الشأن السوري محمد أنه "لا توجد بين الديمقراطيين والجمهوريين فروقات جوهرية في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا، لأنها تقوم على خطوط عريضة هي محاربة الإرهاب والحفاظ على أمن إسرائيل في إطار التوازن وإبقاء الوضع على ما هو عليه".

وحسب سرميني، فإنه "إذا عدنا إلى فترتي حكم أوباما وترامب، نجد في كليهما استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية ضد المدنيين دون أداء حقيقي من قبل الإدارتين، رغم إطلاقهما تصريحات نارية لكن لم يحدث تغيير، ولم تكن هناك عملية سياسية ولم يجر إنهاء تنظيم الدولة بشكل حقيقي".

وتابع: "وفي عهد كل من أوباما وترامب لم يكن هناك ضغط على القوى الخارجية لعمل تسوية، وهذه سياسة واضحة لتفكيك النظام السوري كحال بقية الأنظمة العربية".

ورأى أن "سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا والوجود الإيراني فيها ستستمر غالبا كما هي، لكن إدارة بايدن ذاهبة باتجاه تفاهمات كبرى مع إيران، ومن الممكن أن تشمل سوريا لكن ليس بالضرورة أن تنعكس مباشرة عليها إلا إذا قام الإيرانيون بوضعها ضمن سلة المفاوضات وهذا أمر وارد".

العقوبات والأسد

لعل عقوبات "قيصر" الأميركية واستمرارها ضد النظام السوري، تعد كذلك إحدى الملفات المطروحة للنقاش في عهد بايدن، فبرأي الدكتور رضوان زيادة "العقوبات على النظام السوري ستبقى، لأنها أمر قانوني ومرتبط بالكونجرس، لكن الجديد هو أن إدارة بايدن قد تشمل الشركات الروسية بالعقوبات، وهو ما لم تفعله إدارة ترامب".

ما يؤكد توقعات زيادة، هي تصريحات جيفري في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، والتي قال فيها: إن "واشنطن لن تغير موقفها من العقوبات على نظام بشار الأسد والوجود الإيراني في سوريا، بل ستشدد من هذه العقوبات، التي ستشمل كل من يقدم دعما ماليا، ويلعب دورا في تفعيل مؤسسات النظام العسكرية".

المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا أكد أيضا على فعالية العقوبات السابقة، بقوله: "الشركات في أوروبا وفي الشرق الأوسط، لن تتجرأ على التعامل مع نظام الأسد".

وفي 3 يونيو/ حزيران 2020، توقعت مجلة "فورين بوليسي" في تقرير لها "ألا يتغير نهج واشنطن تجاه سوريا أيا كانت نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية، لكن المقاربات المتباينة تجاه إيران يمكن أن يكون لها تأثير غير مباشر على الاقتصاد السوري ونظام الأسد".

وأضافت: "ولأن صحة الاقتصاد السوري تتوقف بشكل كبير على تلقي الحكومة دعما ماليا من إيران، فإن مستقبل البلاد، ومعه مستقبل الأسد كرئيس، يعتمد على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية".

وأشارت المجلة إلى "احتمال أن ترفع إدارة بايدن بعض العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، ما يسمح لها بتركيز مواردها مرة أخرى في الخارج. وأحد المخاطر الكامنة في مثل هذه الخطوة هو أن يتم تعزيز موقع الأسد في سوريا، مما يقوض نظام العقوبات الأميركية هناك ويعزز  نفوذ إيران في الشرق الأوسط".

وتابعت: "مما لا شك فيه أن تدفق الأموال النقدية من إيران سيعزز نظام الأسد، مما يسمح له بإعادة بناء شرعيته في الداخل من خلال تخفيف الاستياء بين السوريين الفقراء".

وخلص تقرير المجلة إلى أن "رئاسة بايدن لن تؤدي إلى تخفيف العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وبالتالي فإن إمكانات النمو في البلاد ستظل محدودة طالما أن الأسد في السلطة. لكن إذا تمكنت سوريا مرة أخرى من الاعتماد على دعم كبير من إيران، فيتوقع أن يتمسك الأسد بالسلطة إلى أجل غير مسمى".