لماذا اعتبر الإعلام الروسي فوز بايدن ''أسوأ سيناريو لموسكو"؟

12

طباعة

مشاركة

رصدت مجلة إيطالية، تغطية وسائل الإعلام الروسية لفوز الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث تخشى من تداعيات هذا الحدث على موسكو.

وقالت مجلة ''فورميكي'': إنه مع إعلان جو بايدن رئيسا جديدا، "خيم الظلام" على وسائل الإعلام الحكومية الروسية، كما كتبت "جوليا ديفيس" في صحيفة "ذا ديلي بيست".  

وتعد ديفيس أحد أهم الخبراء  في العالم في مجال الدعاية والسردية التي ينوي الكرملين الترويج لها كأصل إستراتيجي رئيسي. 

وتؤكد المجلة الإيطالية أن رصد ردود الأفعال يعتبر أمرا مثيرا للاهتمام، لأن وسائل الإعلام جزء لا يتجزأ من الإستراتيجية الروسية، وغالبا ما يتم تنفيذها من خلال حرب المعلومات. 

نهاية اللين

وتابعت: أنه "لطالما صور الصحفيون الروس بايدن على أنه أسوأ سيناريو لروسيا بسبب اتخاذه موقفا قاسيا وصارما وحاسما ضد الرئيس فلاديمير بوتين، على النقيض من موقف (الرئيس المنتهية ولايته) دونالد ترامب من الرئيس الروسي".

وتصف موقف ترامب من بوتين بأنه "كان لينا إلى حد ما في السنوات الأربع التي قضاها على رأس البيت الأبيض".

وأوردت أن "إيفجيني بوبوف"، مقدم البرامج التلفزيونية الموالي للكرملين، تساءل بحزن أثناء بث البرنامج الإعلامي الحكومي الروسي "60 دقيقة"، عما سيحدث للعالم بعد وصول بايدن للحكم. 

وحدد الضيوف في الأستوديو سلسلة العواقب بشكل قاتم، والتي يمكن أن تتعلق بمواجهة تتحرك على العديد من الخطط والملفات.  

لكن لماذا يتم تصوير بايدن على التلفزيون الروسي على أنه عدو؟ تجيب المجلة الإيطالية على هذا السؤال بأن هناك أوضاعا ينبغي إعادة تشكيلها، فضلا عن وجود مقاربات محتملة وأيضا لأن هناك ماضيا (بين الطرفين).

وأشارت إلى أنه لطالما كان بايدن صارما مع روسيا، فعلى سبيل المثال، كتب في عام 2017 مقالا في مجلة "فورين أفيرز"، أوضح فيه أن الحفاظ على موقف صارم (بقسوة) ضد موسكو "يخدم الدفاع عن الديمقراطية ضد أعدائها".

وهاجم في المقالة أيضا التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية السابقة، وتحدث أيضا عن تدخلات أخرى مماثلة في بلدان أخرى بما في ذلك إيطاليا، في انتخاباتها البرلمانية لعام 2018.

وفي سبتمبر/أيلول 2020، صرح بايدن خلال تجمع انتخابي كبير لشبكة "سي إن إن" أنه يعتبر روسيا "خصما". 

ويؤكد هذا التصريح بأنه لن يسلك نفس النهج الذي سلكه اثنين من أسلافه اللامعين والحداثيين مع موسكو، جورج دبليو بوش وباراك أوباما.

وقد حاول كل من الجمهوري والديمقراطي، في بداية ولايتيهما، اتباع نهج جديد تجاه روسيا يهدف إلى إعادة التواصل وبناء علاقات جديدة، وهو الأمر الذي أيده بايدن، بصفته نائب الرئيس في عهد أوباما، لكن هذا النهج انتهى بشكل مأساوي مع ضم القرم وبدء شقاق عميق بين الكرملين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. 

وخلال الحملة الانتخابية، أثار بايدن قضية روسيا مرارا وتكرارا متهما ترامب باللين المفرط مع بوتين، وكان ذلك لغاية إحداث فرق. 

كما قدم بايدن نفسه للناخبين على أنه قاس على الحكام المستبدين، بينما وصف منافسه بأنه مفتون بهذا النوع من القادة. 

وكانت قضية المعارض الروسي "أليكسي نافالني" من أحدث الحالات التي لعب فيها الرئيس الجديد هذه السردية، وفيما يتعلق بتسميم خصم بوتين الرئيسي، اتخذ ترامب دائما موقفا معتدلا، كما لو كان يتجنب الدخول في المسألة. 

سلاح العقوبات

ووفقا لبايدن، يخفي النهج الناعم لترامب تعبيرا عن افتتانه ببوتين، في حين أن الرئيس الجديد المنتخب دائما ما اتهم الحكومة الروسية علانية بالتورط في حادثة تسميم المعارض الروسي.

وقال بايدن: "مرة أخرى، استخدم الكرملين السلاح المفضل في محاولة لإسكات أي خصم سياسي. إنها علامة على وجود نظام روسي مصاب بجنون العظمة لدرجة أنه غير مستعد لتحمل النقد أو الخلاف".

وذكرت المجلة أن بايدن تحدث إلى مجلة "نيويوركر" عن محادثة جمعته ببوتين في عام 2011  خلال أحد الاجتماعات، وقال حينها للرئيس الروسي: "أنا أنظر في عينيك، ولا أعتقد أن لديك روحا" ليجيب بوتين قائلا: "إذن، نحن نفهم بعضنا البعض".

 لذلك تؤثر الأمور الشخصية في العلاقات الدولية بين القادة، ولكن إلى حد معين، وسيظل العامل الحاسم بين روسيا والولايات المتحدة هو السلوك العدواني للأولى والتدابير التي تم تبنيها  في الماضي من قبل الأخيرة، وفق المجلة الإيطالية.

وفي هذا الصدد، أوضحت" فورميكي" أن إطار العقوبات ضد موسكو يتعلق بشبه جزيرة القرم وأزمة دونباس (الحرب في شرق أوكرانيا)، والتدخل في الانتخابات الرئاسية، وهي مواقف يستمر الحديث عنها في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. 

وترى أن بايدن لا ينوي التخلي عن حل الأزمات السابقة، لا سيما مع وجود العديد من الملفات الحساسة الأخرى على المحك، من بينها السيطرة على الطاقة النووية (إحدى النقاط  التي يُسعى إلى الحوار حولها)، وملفات محددة ذات أهمية كبيرة في السيناريوهات الإقليمية مثل ليبيا، حيث زادت واشنطن منذ أشهر من حدة الخطاب ضد موسكو بعد تمركزها هناك.

وخلال سنوات إدارة ترامب، تحدث بايدن عدة مرات عن الحاجة إلى استخدام العقوبات بشكل مكثف لمعاقبة روسيا ولنقل جبهة ديمقراطية دولية يمكن أن تكون بمثابة حاجز أمام الأنظمة الاستبدادية القديمة والجديدة.  

كما أشار  مرارا وتكرارا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) ودوره في الحفاظ على ثبات تلك الجبهة، من ناحية الردع العسكري، معتبرا أن الحلف، الذي غالبا ما ينتقده ترامب، قاعدة قيمة مشتركة مع الحلفاء.

وفي الماضي، تضيف المجلة أن بايدن أعرب عن تأييده لانضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الدول الأعضاء، وهو ما أثار حفيظة موسكو، التي تعتبر الجمهوريات السوفيتية السابقة منطقة نفوذ لا يمكن المساس بها. 

ويذكر معهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي في تحليل حديث عن بايدن وروسيا، أن نائب الرئيس أوباما آنذاك قال في عام 2009، أثناء مؤتمر ميونيخ للأمن: إن في رؤيته للأمور، "لا يوجد مجال للتأثير على أي بلد". 

وفي حديثه إلى مجلة "بلومبرج"، قال "أندريه كورتونوف"، مدير مركز الأبحاث الروسي رياك: إن انتخاب بايدن سيوحد الغرب ضد روسيا، وسيكون للرئيس الأميركي الجديد رؤية حرب باردة. 

ومن الملاحظ أيضا أن الكرملين، لم يصدر بعد بيانا عاما يهنئ فيه بايدن بفوزه في الانتخابات. وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني، برر الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف سبب تريث الرئيس فلاديمير بوتين في إرسال التهنئة بوجود طعون قضائية لنتائج الانتخابات.