صحيفة إيطالية: صدام تيجراي وآبي أحمد قد يقود لحرب أهلية في إثيوبيا

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة ''إيل بوست'' الإيطالية تقريرا سلطت فيه الضوء على الأوضاع الحالية في إثيوبيا، مشيرة إلى احتمالية أن يتحول التوتر المتصاعد بين الحكومة الفيدرالية تحت قيادة، آبي أحمد، والحكومة المحلية لإقليم تيجراي إلى خطر سيناريو حرب أهلية.

وقالت الصحيفة: إن "رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أمر بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، الجيش بشن هجوم عسكري على حكومة تيجراي، أحد الأقاليم العشرة التي تشكل إثيوبيا، وفرض حالة الطوارئ على أراضي الإقليم لمدة ستة أشهر".

خطر الصدام

جاء قرار "آبي" بعد أشهر من التوتر بين الحكومة الفيدرالية لأديس أبابا والحكومة المحلية، وخاصة على إثر هجوم نفذته القوات الموالية للحكومة المحلية ضد بعض جنود الجيش الفيدرالي الذين كانوا موجودين داخل الثكنة الرئيسية في ميكيلي عاصمة إقليم تيجراي.

وأكدت الصحيفة وجود مخاوف من خطر أن يتحول الصدام بين الحكومتين إلى حرب أهلية، والتي بدورها يمكن أن تغذي السخط والتمرد في مناطق أخرى من البلاد. خصوصا بعد تعرض الإقليم المذكور يوم الخميس 5 من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إلى قصف جوي من قوات أديس أبابا لم تحدد أهدافه ولا الضرر الذي أحدثه. 

ولفتت "إيل بوست" إلى أن إثيوبيا تستقطب الكثير من الاهتمام، لا لأنها ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في القارة الإفريقية والأقوى في منطقة القرن الإفريقي فحسب، وإنما لفوز رئيس وزرائها آبي أحمد بجائزة نوبل للسلام في عام 2019 لإقامته السلام مع إريتريا المجاورة وشروعه في عملية تاريخية للإصلاح وإرساء الديمقراطية. لكن الحماس لم يدم طويلا، وعلى مدار العام الماضي، وجهت اتهامات لرئيس الوزراء الإثيوبي تدينه بالعودة  إلى استخدام الاستبداد العنيف لأسلافه.

وبحسب الصحيفة الإيطالية، فإن الأمر معقد للغاية في إثيوبيا، ولا يقتصر فقط على المزاعم بممارسات سلطوية لآبي، إذ ترتبط التوترات مع حكومة إقليم تيجراي في الغالب باستبعاد الحزب الحاكم في المنطقة، "جبهة تحرير تيجراي"، من الحكومة الفيدرالية مع وصول آبي إلى السلطة، بعد أن كانت القوة الأكثر نفوذا في جميع السياسات الإثيوبية لعقود، على الرغم من أن العرق الذي تمثله، وهو التيجرية، يشكل 6 في المئة فقط من مجموع السكان.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأقاليم الأثيوبية بدأت تتمتع بحكم ذاتي كبير بفضل دستور عام 1995، الذي كُتبت فصوله عندما كانت الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي، وهو تحالف تقوده جبهة تحرير تيجراي، تحكم البلاد.

وقد كفل الدستور أن تفرض الأقاليم استخدام اللغة المحلية ونص على إمكانية الانفصال عن طريق الاستفتاء (وهو احتمال لم يجد قط طريقا للتحقق وقيدته دائما الحكومة المركزية). كما أثارت حقيقة سيطرة قوة سياسية تمثل نسبة صغيرة من السكان على الحكومة، إلى جانب التمييز ضد المجموعات العرقية الأخرى، مثل جماعة الأورومو، سلسلة من الاحتجاجات العنيفة في عام 2015، لا سيما في مناطق أوروميا وأمهرة (حيث يعيش 53 و27 في المئة من السكان).

ضربة قاسية

في عام 2018، لمحاولة حل الأزمة، عيّن الائتلاف الحاكم آبي أحمد، رئيس الوزراء الحالي، من عرق الأورومو. كان هذا الاختيار بالنسبة للتجرينيين بمثابة ضربة قاسية، وبداية تدهور سياسي.

وخلاف ما توقعه البعض، لم يروج آبي لسياسات لصالح الأورومو، لكنه بدأ العمل لضمان الوحدة الوطنية وإنشاء هوية إثيوبية قوية،  إلا أن جهوده لم تسفر عن النتيجة المرجوة وفق الصحيفة الإيطالية.

وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن العديد من الحكومات الإقليمية في إثيوبيا، من بينها حكومة تيجراي، رأت أن استقلالها الذاتي بات مهددا واستغلت الحريات الجديدة التي كفلتها إصلاحات آبي الديمقراطية للترويج إلى حملات كراهية تركز على العرق. 

وفي بداية العام الجاري 2020، ازداد العداء تجاه "آبي" أكثر عندما أعلنت حكومته تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في أغسطس/آب 2020. وقالت الحكومة: إن القرار تأجل بسبب تفشي فيروس كورونا لكن منتقدين قالوا: إن نية آبي كانت تمديد بقائه في السلطة.

وتابعت الصحيفة الإيطالية أن سياسات الحكومة اصطدمت بمعارضة خاصة داخل جبهة تحرير تيجراي. وفي سبتمبر/ أيلول 2020، على الرغم من الحظر الذي فرضته الحكومة الفيدرالية، نظمت الحكومة الإقليمية انتخابات لتجديد المقاعد في برلمان الإقليم، حصلت على إثره الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على 152 مقعدا من أصل 152 مقعدا متاحا. 

ووفقا لرئيس إقليم تيجراي، ديبريستيون جبريمايكل، أصدر رئيس الوزراء الإثيوبي قراره بمهاجمة القوات الإقليمية عسكريا بسبب نتائج انتخابات سبتمبر/أيلول 2020.

اضطراب المنطقة

من جهتها، أعربت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي عن معارضتها لعملية السلام التي بدأها "آبي" مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الذي يُعتبر عدوا في منطقة تيجراي الحدودية مع إريتريا.

ويتابع العديد من الخبراء والمحللين الوضع الحالي بقلق بالغ، ويخشى السكان بداية صراع شامل وعنيف للغاية وربما طويل الأمد خاصة وأن الجيش الإثيوبي سيواجه مليشيات مدربة ومسلحة بشكل جيد للغاية.

كما أن المناطق الأخرى التي يرتفع فيها الاستياء من حكومة آبي أحمد، على غرار المناطق الجنوبية التي ترغب في مزيد من الحكم الذاتي، يمكن أن يطالها عدم الاستقرار وتشهد  أعمال عنف جديدة بين المجموعات العرقية المختلفة، حسبما تتوقع الصحيفة الإيطالية.

وخلصت الصحيفة إلى القول: إن ما يحدث في إثيوبيا، كثيرا ما يؤثر على الأحداث في الصومال وجنوب السودان وإريتريا بالنظر إلى كونها الدولة الأقوى والأكثر نفوذا في القرن الإفريقي. لذلك يمكن أن يؤدي الوضع في إثيوبيا إلى مزيد من الاضطراب في جميع أنحاء المنطقة.