طرق غير تقليدية لحماية الأطفال من عزلة كورونا.. تعرف عليها

12

طباعة

مشاركة

يواجه الأطفال اضطرابات أكثر من الكبار، بسبب التغيرات التي تدخل على نمط حياتهم، بالإضافة إلى معاناتهم من القلق والخوف، والشعور بالمخاوف التي يعاني منها الأكبر سنا، مثل الخوف من الموت أو وفاة أقاربهم. 

ومع إغلاق المدارس كجزء من التدابير الضرورية للحد من تفشي فيروس كورونا، فقد الأطفال الإحساس بالتحفيز الذي توفره لهم تلك البيئة، وقلت فرص لقائهم بأصدقائهم وحصولهم على الدعم الاجتماعي الضروري. 

وأدى الوجود لفترات طويلة في المنزل إلى تعريض بعض الأطفال لخطر متزايد على صحتهم النفسية أو جعلهم شهودا على العنف الأسري إذا لم يكن المنزل مكانا آمنا.

وعلى الرغم من إدراكهم للتغيير الذي حصل وأسبابه، فقد يجد الأطفال الصغار صعوبة في فهم ما حدث، ما يجعلهم يعبرون عن الغضب. 

تتضمن الحلول البسيطة التي يمكن أن تعالج هذا الأمر منحهم مزيدا من الحب والاهتمام الذي يحتاجون إليه للتغلب على مخاوفهم، والصدق معهم، وشرح ما يحدث بطريقة يمكنهم فهمها، حتى لو كانوا صغارا. 

الأطفال شديدو الإدراك، لذا يحتاج الآباء أيضا إلى الدعم في إدارة الضغوطات الخاصة بهم حتى يكونوا قدوة لأطفالهم. قد يكون من المفيد مساعدة الأطفال على إيجاد طرق للتعبير عن أنفسهم من خلال الأنشطة الإبداعية، وتوفير برنامج يومي روتيني، خاصة إذا كانوا لا يذهبون إلى المدرسة.

وتؤكد منظمة الصحة العالمية على ضرورة الاهتمام بالصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي للأطفال.

الأشد تأثرا

عدم الذهاب إلى المدرسة خلال انتشار الوباء أثر بشكل خاص على الأطفال في فترة ما قبل المراهقة وخلالها.

ففي هذه الفترة العمرية، من الشائع جدا أن يعزل الأطفال أنفسهم بسهولة نسبيا، حيث يفضلون البقاء في الغرفة وقضاء ساعات متصلين بالإنترنت دون إكمال مهامهم الأكاديمية، وهذا الأمر يمثل خطرا آخر.

يرى المتخصصون في التربية أن الروتين مهم جدا للأطفال الصغار. وغالبا ما تؤدي الكوارث والعزلة القسرية وغيرها من المواقف المؤلمة إلى كسر روتينهم المعتاد. 

وبالتالي يمكن أن يساعد إنشاء إجراءات روتينية جديدة أو الاستمرار على الروتين المعتاد على الشعور بالأمان. 

يمكن أن تعد قائمة بالأنشطة المنزلية للأطفال الذين يشعرون بالملل؛ فالإنترنت يزخر بالعديد من "البودكاست" المناسب للأطفال، والجولات في المتاحف، ومقاطع الفيديو التعليمية، ويُنصح أيضا بقضاء وقت ممتع معهم.

لا شك أن الفجوة الرقمية موجودة. والتعليم عن بعد خيار إذا كان لا يمكن تقديم الدروس في المدارس، والبديل الآخر هو التعليم الافتراضي.

مع ذلك، يجب أن نتذكر أنه ليس لدى جميع العائلات الموارد نفسها، فهناك ملايين الأطفال حول العالم ليس لديهم إنترنت، ولا جهاز حاسوب في المنزل لإنجاز الأعمال المدرسية.

لكن، يساعد الحفاظ على أوقات الوجبات والنوم المنتظم، وتحديد وقت يومي للعب الألعاب معا أو القراءة لهم، على شعورهم بالأمان وأن شيئا لم يتغير.

يشدد أخصائيو التربية على أن الدعم من الأبوين مهم للغاية خلال فترات التوتر وأثناء الفترة التي تلي انتهاء الأزمات الحادة. 

حتى إذا لم يتعرض الأطفال الصغار للصدمة بشكل مباشر، فيمكنهم التعرف على التوتر والقلق لدى الأطفال الأكبر سنا والبالغين في المنزل.

وقد يكون الوالدان حاضرين جسديا ولكنهما غير متاحين عاطفيا لأنهما يشعران بالتوتر الشديد. لذلك، من المهم تخصيص وقت لطمأنة الأطفال الصغار وقضاء الوقت معهم.

ويوصي المتخصصون بشرح سبب التغيرات التي تحدث، حيث إنه من المرجح ألا يفهم الأطفال الصغار سبب تغير الأشياء (مثل عدم تمكنهم من الخروج أو اللعب مع أطفال آخرين) ولكن التحدث معهم سيساعدهم على الشعور بأنك تدعمهم.

ويُنصح بمساعدة الأطفال بما يتناسب مع أعمارهم، وجعل التفسيرات بسيطة. كما ينصح المتخصصون بالتواصل المستمر مع الأطفال سواء بشكل مباشر أو عبر استخدام الوسائل الإلكترونية، مع الحرص على رؤيتهم لأصدقائهم الآخرين باستخدام تقنية الفيديو.

علاج العناق

ترى  الكاتبة، فاليريا ساباتير، في تقرير نشرته مجلة "لا منتي إس مرافيوسا" الإسبانية، أن عدم إكمال الفصل الدراسي له تأثيرات على الأطفال، فهناك محتوى لن يتعلموه، ومواضيع ستظل عالقة، وكفاءات لن تستقر، وتجارب فريدة من نوعها لا يعيشها الأطفال سوى في الفصل الدراسي. 

كما أن عدم الذهاب إلى الفصل بالنسبة للعديد من الطلاب يعتبر بمثابة عطلة. وهناك جانب يحنّ إليه معظم الطلبة، وهو التنشئة الاجتماعية، إضافة إلى روتين الفصل الدراسي والأصدقاء، ومشاعر أخرى يمكن أن تعزز التطور الاجتماعي والعاطفي.

قد تصل آثار العزل الاجتماعي السلبية إلى الإصابة بالاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، لذلك يحتاج الكبار والصغار إلى الدعم النفسي ممن حولهم، حتى تنقضي هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة. 

وقد يكون طفلك حزينا بشأن تفويت حدث اجتماعي مهم، مثل حفلة عيد ميلاد. أخبره عن أسفك بهذه الخسارة، واسأل عن مشاعره، وأظهر له أنك تفهمها. اسمح له بقيادة المناقشة ولا تفترض أنك تعلم كيف يفكر ويشعر. 

ويمكنك أن تطلب من طفلك أن يكتب ما يفتقده عن أشخاص أو أماكن أو أحداث معينة. أيضا، استكشف الطرق المختلفة التي قد يتعامل بها مع هذه الأنواع من الخسائر، مثل إقامة نوع مختلف من الاحتفال بعيد ميلاد أو التخطيط لشيء ما عندما لا تكون هناك حاجة إلى التباعد الاجتماعي.

يصنف علماء النفس الاتصال الجسدي، كأحد أقوى طرق الدعم النفسي. فلحاسة اللمس تأثير إيجابي، إذ يشعر الإنسان بالأمان والاحتواء، وهو ما ينعكس على تعبيرات الوجه ونبرة الصوت، كما يحمي من الآثار النفسية الضارة للتوتر والقلق ويعزز إفراز هرمون السيروتونين، مضاد الاكتئاب الطبيعي في الجسم.

تشرح الطبيبة النفسية لوسي بيريسفورد سبب الشغف باللمس قائلة: إنه "حاسة أساسية منذ الولادة للتعبير عن الحب والاهتمام، ومن الناحية النفسية أظهرت بعض الدراسات أن التلامس يحفز إفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يعتبر هرمون السعادة، وهو ما يساعد على ارتباط الأم بالطفل، فما يتلقاه الطفل من عناق وتدليك يشعره بالاعتناء والمحبة والهدوء".

كما يساعد اللمس في الشعور بالاسترخاء والرغبة في النوم، وذلك لدوره في تهدئة الجهاز العصبي وتخفيض ضربات القلب وضغط الدم، وله أيضا قدرة كبيرة على تخفيض نسبة الكولسترول في الدم.

كما يعمل على خفض مستوى هرمون الكورتيزول، وهو الهرمون الذي يقلل من قدرة الجسم على محاربة الفيروسات والبكتيريا، بحسب المكتبة الوطنية الأميركية للطب.

وكشفت دراسة نشرت عام 2017، أن تأثير اللمس المصحوب بالتعاطف يشبه تأثير مسكنات الألم، فتلقي عناق من صديق يساعد على إفراز هرمونات الدوبامين والأوكسيتوسين التي تعزز الجهاز المناعي، وفقا لمجلة "نيتشر".

أهمية اللعب

في يونيو/ حزيران 2020، استعرض مجموعة من الباحثين في المملكة المتحدة 80 دراسة لمعرفة كيف يمكن للعزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة أن تؤثر على الصحة العقلية للأطفال الأصحاء سابقا. ووجدوا أن العزلة الاجتماعية تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب وربما القلق، وقد تستمر هذه الآثار عدة سنوات.

خلص الباحثون إلى أن الشعور بالوحدة يعرض رفاهية الأطفال للخطر بعد فترة طويلة من انتهاء فترة العزلة الاجتماعية.

قد يكون تأثير العزلة الاجتماعية مهما بشكل خاص للأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، عندما ينقطع الدعم المقدم لهم في المدرسة.

لفت المتخصصون إلى أن الأطفال الذين يعيشون في مساكن متوسطة وعالية الكثافة ولا يتمكنون من الوصول إلى مساحة اللعب في الهواء الطلق، هم عرضة بشكل خاص لتأثيرات العزلة الاجتماعية.

ففوائد اللعب المنتظم كثيرة، حيث يقول أطباء الأطفال: إنه يحسن المهارات اللغوية لديهم، ومعرفة الرياضيات المبكرة، والعلاقات مع الأقران، والتنمية الاجتماعية والبدنية، وتعلم كيفية اكتساب مهارات جديدة.

وعندما لا يستطيع الأطفال اللعب لأي سبب من الأسباب، فإن القلق والتوتر السام يمكن أن يضر بالتنمية الصحية للسلوكيات الاجتماعية.

ووجدت مراجعة حديثة لما يقرب من 200 دراسة أن "الوقت الأخضر" - في المتنزهات والمحميات الطبيعية والغابات - يبدو مرتبطا بنتائج نفسية إيجابية، بينما يبدو أن المستويات العالية من وقت الشاشة مرتبط بنتائج نفسية مضرة. 

لذا يُنصح بالبحث عن أنشطة استكشافية ممتعة في الهواء الطلق للأطفال، واصطحاب الأطفال الآخرين معهم.

في سياق آخر، تشير الأبحاث إلى أن امتلاك حيوان أليف قد يساعد في حماية الأطفال من الشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية.

وتوفر الحيوانات الأليفة الراحة للأطفال والشعور بالمسؤولية والدعم الاجتماعي الذي يمكن أن يساعدهم في الشعور بالرضا عن أنفسهم.  

من خلال تشجيع طفلك على التواصل مع الآخرين، ومشاركة مشاعره، وإيجاد هدف يومي، ستساعده على التغلب على الشعور بالوحدة. وقد يساهم العمل على هذا التحدي أيضا على نمو طفلك الشخصي وإعداده بشكل أفضل للتعامل مع العقبات المستقبلية.