تحرج جيرانها.. لوبوان: عزم قطر إجراء "انتخابات الشورى" حدث محوري

12

طباعة

مشاركة

وصفت صحيفة لوبوان الفرنسية، اعتزام قطر إجراء أول انتخابات لمجلس الشورى، بأنها "خطوة محدودة ومحسوبة داخل نظام ملكي شديد المحافظة".

وتجري قطر أول انتخابات لمجلس الشورى في أكتوبر/تشرين الأول 2021، "بموجب دستور استفتي عليه عام 2003، وصدر في 2004".

وأكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني أن بلاده "تقوم -عبر الانتخابات- بخطوة مهمة في تعزيز تقاليد الشورى القطرية، وتطوير عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين". 

تقول لوبوان: إن هذه الانتخابات عبارة عن "ثورة صغيرة"، فلأول مرة تستعد قطر لمنح حق التصويت لمواطنيها في انتخابات وطنية.

وجاء إعلان الأمير خلال خطاب في افتتاح دور الانعقاد العادي الـ49 لمجلس الشورى، والذي تقول لوبوان: إنه "مجلس استشاري تأسس عام 1972 ويعتبر حتى الآن برلمانا صوريا".

وتشير لوبوان لما قاله مسؤول قطري طلب عدم الكشف عن هويته بأن "هذه لحظة محورية في تاريخ بلادنا".

وترى أن توسيع جمهور الناخبين لتمثيل المجتمع القطري، والذي يتطور باستمرار، لن يؤدي إلا إلى إضافة قيمة ومساءلة للمسؤولين المنتخبين.

ففي دولة يسكنها 2.8 مليون نسمة، بما في ذلك 300 ألف قطري فقط، تعتبر إمارة الغاز الغنية للغاية ذات ملكية مطلقة وراثية، كما تقول لوبوان، حيث يترأس أمير عائلة آل ثاني الحاكمة كلا من الدولة والحكومة. 

وتقول الصحيفة في وصفها للنظام الحاكم في قطر: إنه "من خلال عقيدة الإسلام الوهابية، لا تسمح البلاد بالتعددية الحزبية"، وفق تعبيرها.

في المقابل، قال أمير قطر في الخطاب الأخير: "لدينا نظامنا الراسخ المتجذر في بنية مجتمعنا والمتداخل معها. ليس تعددية حزبية، بل نظام إمارة مستند إلى تقاليد راسخة من الحكم العادل والرشيد المرتبط بالشعب والمبايعة وعلاقات الولاء".

وأضاف: "ليست الانتخابات معيار الهوية الوطنية فقد تبلورت عبر الزمان وتظهر في أبهى صورها في تضامن مجتمعنا وتماسكه، وقيمه الأخلاقية السمحة، وحبه لوطنه، كما ظهرت في تحدي الحصار". 

لا احتجاج سياسي 

وتوضح لوبوان أنه "مع ثالث أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم، تضمن قطر لسكانها إعادة توزيع سخية لريع الطاقة، مما يجعل سكانها من ضمن الأغنى في العالم، حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي 116 ألف دولار للفرد الواحد". 

تشرح فتيحة دازي هاني، المتخصصة بشؤون دول الخليج في معهد البحوث الإستراتيجية في المدرسة العسكرية (إرسيم)، أن "قطر هي أغنى نظام ملكي في المنطقة، والقليل نسبيا من القطريين يتمتعون بأعلى مستويات المعيشة في العالم ولا يجادلون في سلطة الأمير". 

وتذكر لوبوان أنه حتى الآن، كان المواطنون القطريون قادرين فقط على التصويت في الانتخابات البلدية أو الاستفتاءات.

وتشير أنه "عام 2003، وافقوا إلى حد كبير على مشروع دستور يمهد الطريق لانتخاب ثلثي هذه الجمعية المكونة من 45 عضوا".

ولكن "تم تأجيل انتخاب مجلس الشورى، الذي كان مقررا في العام التالي، باستمرار، بسبب عدم قدرة النظام الملكي على تسوية العديد من الأسئلة التي ظلت دون إجابة من قبيل: إنشاء تكتلات سياسية من عدمها أو عدم الانتماء القَبَلي للمرشحين، وكذلك تقسيم الدوائر".

وتتذكر فتيحة دازي هاني، أن "هذه العملية كانت طويلة، لأنه لا يوجد تقليد للثقافة السياسية في قطر، على عكس دول الخليج الأخرى، الكويت أو البحرين". 

وبينت الصحيفة أنه على مدى السبعة عشر عاما الماضية، تم تعيين مُمثلي مجلس الشورى دائما من قبل الأمير وفقا لانتمائهم القبلي، وهو مفهوم لا يزال يحكم الروابط الاجتماعية في قطر. 

وتذكر أنه إذا كانت لديهم القدرة على استجواب وزراء الحكومة القطرية، فإن أعضاء المجلس الخمسة والأربعين يتمتعون في الواقع بسلطة رمزية فقط.

وتؤكد الباحثة فتيحة هاني أن "مجلس الشورى ليس له سلطة تشريعية ولا استشارية حتى". وتضيف: أن "الأمير قد وسع بالفعل صلاحياته حتى يتمكن من اقتراح قوانين وإعلان الميزانية ومحاسبة الوزراء".

ويُعد مجلس الشورى أحيانا مقارنة "بالصدفة الجوفاء" مثالا رائعا على ما تصفه لوبوان بـ "المفارقة القطرية".

فقطر، دولة نشطة للغاية على الساحة الدولية في دفاعها عن التطلعات السياسية للشعوب العربية منذ ربيع 2011، وفي دعمها للحركات النابعة من الإسلام السياسي، وهي في الواقع "ليست ديمقراطية للغاية حتى داخل حدودها"، وفق تعبير الصحيفة.

 كما يُشار إلى ما وصفته الصحيفة بالمفارقة فيما يتعلق بقناة الجزيرة، التي وإن أعطت صوتا للعديد من المعارضين السياسيين الذين ينتقدون الأنظمة العربية في المنطقة، فإنها تمتنع عن أي تعليق على السياسة الداخلية القطرية.

المنافسة الإقليمية

تقول لوبوان: إن هذا النشاط الشامل، من الشرق الأوسط إلى المغرب العربي، قد أثار غضب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. 

وفرض أنصار عودة النظام الأمني ​وهما الرياض وأبوظبي، في يونيو/حزيران 2017، حصارا ثلاثيا بريا وبحريا وجويا على الدوحة، متهمينها بدعم جماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة يعتبرونها "إرهابية".

ورغم رفض إمارة قطر التي وصفتها الصحيفة بالمتمردة الانصياع لمطالب جيرانها الخليجيين، فقد وافقت مع ذلك على وضع حد لسياستها الخارجية الصاخبة في الوقت الذي توجهت للانفتاح داخل البلاد.

يشير أندرياس كريغ، الأستاذ في كينجز كوليدج لندن، إلى أن "الحصار منح قطر الفرصة لتمييز نفسها بشكل أوضح عن جيرانها الاستبداديين، لا سيما وأن الأزمة أبرزت الحس السياسي للسكان".

إذ يريد القطريون أن يظهروا أنهم يأخذون قضايا التحرير على محمل الجد وأنهم يعتزمون لعب دور إقليمي في هذا الصدد.

ويشير كريغ إلى أن "المملكة العربية السعودية لديها أيضا مجلس شورى، يتم تعيين جميع أعضائه من قبل الملك"، حيث يتم تنظيم الانتخابات البلدية فقط بالاقتراع العام.

أما الإمارات العربية المتحدة، فلديها مجلس وطني اتحادي غير منتخب بالاقتراع العام. ومنذ حصار عام 2017، أنشأت قطر لجنة خاصة للإسراع بإصلاح مجلس الشورى.

يضيف كريغ في نفس السياق: أن "هذا الإصلاح هو أول خطوة مهمة نحو إرساء الديمقراطية في البلاد".

 هذا ما يحكم عليه المتخصص، الذي درَّس منذ فترة طويلة في قطر، والذي يقول: إن الوقت الحالي ليس مناسبا للتوجه نحو ملكية دستورية. 

وفي بداية شهر سبتمبر/أيلول، أصبحت قطر أيضا أول دولة خليجية تخفف من "الكفالة"، وهو نظام الوصاية على العمال المهاجرين (90٪ من سكانها) الذي يطلب منهم الحصول على موافقة صاحب العمل من أجل القدرة على تغيير العمل أو مغادرة البلاد.

وهذه إصلاحات طالبت بها منظمات غير حكومية معنية بحقوق الإنسان منذ فترة طويلة للسلطة المنظمة لكأس العالم لكرة القدم في قطر عام 2022 .

وتزعم الصحيفة على لسان منظمات حقوق الإنسان أن مشاريع كأس العالم 2022 قد مات فيها بالفعل عدة آلاف من الأشخاص.

كما تقول لوبوان: إن تخفيف نظام الكفالة يعتبر ازدراء لخصومها الخليجيين الذين سارعوا إلى الرد، حيث أعلنت السعودية بدورها إلغاء هذه الممارسة المثيرة للجدل.