القمم العربية.. ملتزمون بجميع القيود والسلاسل

أيمن خالد | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لا يمكن الظهور بأكثر من بروتوكولات الاستقبال وإلقاء الكلمات التي تردد العبارات المتشابهة، القليل جدا بل لا يكاد أحد ينتظر شيئا من القمم العربية؛ بقدر الخوف والارتياب من مخرجاتها التي تصب في مصلحة مشاريع واتفاقيات تؤدي بنتائجها الطبيعية لكل ما يعادي ويقف في طريق طموحات شعوب هذه الأمة التي تخضع لحكم الاستبداد والخوف والفساد.

- قمة العزم والتضامن.. يستغرب المتابع للشأن العربي عموما، إطلاق هذا العنوان، فيما تبدو صورة الجالسين من زعمائها وقد جمعهم سقف المؤتمر، فيما قلوبهم شتى تفرقهم أجنداتهم ولاءاتهم، كل يرمي بجريمة الإرهاب في ساحة خصمه.

- لا جديد في ملف القضية الفلسطينية التي تعود الزعماء العرب إدراجها كملف أول في كل اجتماعاتهم. إذ لا يزال جنود الاحتلال الصهيوني يمارسون قمعهم للفلسطينيين في القدس الشريف دون قدرة لردعهم، إلّا من المواقف الشعبية الجديرة بالاحترام. فيما يبقى الموقف الرسمي العربي الغائب الأكبر في هذه المواجهة التي لم تحضى ولو بتصريح استنكار من النظام العربي الذي يصفه البعض بالمتهالك. وكذلك الموقف في غزة التي تواجه وحدها وباللحم الحي ظلم وجور آلة الحرب الصهيونية، فيما حديث الزعماء مازال يجتر كلام حل الدولتين والمبادرة الخليجية.

- كلام متكرر حول ملف سوريا الغائبة عن الحضور بقرار الجامعة العربية، والبحث عن الحل السياسي المفقود بعد أن أصبح الدم والهدم والتهجير عنوان الحالة السورية، ذلك المشهد الذي يرى الكثير من المراقبين السياسيين، أنه النتيجة الطبيعية لجملة متناقضات في أداء النظام العربي المشبوه في حرف مسار الثورة السورية وحراكها الشعبي وتسليح العصابات وفرق الموت لإجهاض أي نموذج لتحرر الشعوب والحصول على استحقاقاتها الديمقراطية .

- حظيت كلمات الزعماء العرب والضيوف والمراقبين الدوليين بإرشادات ملفتة للانتباه بالانتصارات والازدهار في العراق مع تناسي وتغييب معاناة العراقيين في المدن المدمرة والأهالي المهجرين وحالات الفقر والحرمان؛ ذلك ما يراه البعض تجنيا على العراقيين المظلومين الذين ينتظرون لحظة إطّلاع العالم وشعوب المنطقة على أحوالهم المزرية.

الإشادة العربية على مستوى الزعماء تجاه النمو والازدهار العراقي!! يأتي وكأنه رسالة تأييد وشكر وعرفان لدور إيران الذي أوصل العراق إلى حالة الازدهار المزعوم التي يراها الزعماء العرب، ذلك نتيجة طبيعية كون إيران اللاعب الأساسي في الحالة العراقية بعد الاحتلال سياسيا وميدانيا.

وهذا اعتراف عربي يسقط كذبة النظام العربي المزعوم طرح إيران كمتدخل في المنطقة العربية وينفي ادعاء الخلاف معها عربيا ودوليا.

بدا الزعماء العرب متمسكين بمواصلة الحرب على الإرهاب حتى آخر مواطن عربي، دون البحث عن أسبابه التي تشير الكثير من الدراسات أن الإرهاب هو المنتج الطبيعي لأنظمة الاستبداد والفساد والتبعية في المنطقة العربية.

ملفات المنطقة تكاد تتشابه مع بعضها البعض، وحالات الرفض والتندر الشعبي لاجتماعات القمم فرضتها عقود من الفشل السياسي التي جعلت المواطن العربي يرى في القمة العربية الحدث الأكثر اشمئزازا، كون صالاتها ومقرات اجتماعاتها تذكره بأحلامه التي سحقتها تلك الزعامات باجتماعاتها واختلافاتها.

حالة من الإحباط يعانيها المواطن العربي عندما يرى الوعود الزائفة التي تصل إلى مرحلة الكذب والتضليل من الجماعة السياسية في قمتها التي "تجاوزت مرحلة التستر الذي يحجب الحقيقة" كما تصفه الفيلسوفة الألمانية، حنة آرندت، ليصل حجم الكذب إلى القضاء المبرم على الواقع وإتلافه، وصولا إلى مرحلة المكر بالتاريخ.

ومن ملخص شديد لوصف مؤتمر القمة العربية الذي أغفل كعادته ملفات الحريات والديمقراطية، وتجاوز ملفات حقوق الإنسان العربي التي تم اغتيالها من قبل الدول العظمى ومن قبل الأنظمة العربية نفسها وأجهزتها الأمنية والاستخباراتية.

ذلك الأمر الذي لا يخرج عن وصف مؤتمر القمة العربية عن دائرة كونه رسالة تطمين لأمريكا والغرب وإسرائيل بأننا ملتزمون بجميع القيود والسلاسل المطلوبة والمفروضة.