بعد تصاعد انتهاكاته.. هل تتعاون بغداد وأربيل وأنقرة ضد "بي كا كا"؟

12

طباعة

مشاركة

تثير منظمة حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) في العراق ردود فعل متزايدة في الإدارة الإقليمية الكردية العراقية وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني.

فقد أظهرت الاتفاقية الموقعة بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان برعاية الأمم المتحدة في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2020، والتي تهدف إلى إنهاء وجود التنظيم المصنف "إرهابيا" في قضاء سنجار بالموصل، أن حزب العمال الكردستاني يمثل مصدر زعزعة للاستقرار في المنطقة بالنسبة لإدارتي بغداد وأربيل.

وبالحديث عن التوترات بين الحزبين المذكورين، قالت وكالة الأناضول التركية: "بدأت العلاقات التي كانت تختلف بين توترات وصراعات في الماضي بين الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال الكردستاني (باستثناء الاتصالات قصيرة المدى)، تتوتر مرة أخرى مع هجوم تنظيم الدولة على سنجار في أغسطس/آب 2014".

بداية الصراع

وأضافت الوكالة في مقال للكاتب التركي بكر أيدوغان: أن "المنظمة الإرهابية، التي انتشرت في المنطقة من خلال استغلال الفجوة الإدارية التي حدثت كتأثير للربيع العربي في شمال سوريا، حاولت توسيع مشروع كانتون (كردستان سوريا) من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل إلى سنجار والقرى الحدودية لحكومة إقليم كردستان".

 وقد قمعت الأكراد الذين عارضوها والذين كانوا من أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني في شمال سوريا وأبعدتهم عن المنطقة، وفق الكاتب.

يضيف أيدوغان: "على الرغم من أن البيشمركة من الحزب الديمقراطي الكردستاني جاءت إلى المنطقة عام 2014 لمنع هجوم تنظيم الدولة على كوباني (عين العرب) وعادت، فإن حزب العمال الكردستاني يحاول تنفيذ مشروع كانتون، منذ أن استقر في سنجار بحجة محاربة التنظيم".

ويزعم العمال الكردستان أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني ترك اليزيديين وحدهم في مواجهة هجوم تنظيم الدولة"، وفق الكاتب.

وأردف: "حزب العمال الكردستاني، الذي يتقاضى رواتب قواته المحلية في سنجار من قبل الحشد الشعبي الموالي لإيران في العراق، يزيد تدريجيا من ضغطه على الحزب الديمقراطي الكردستاني، لا سيما في إقليم كردستان، بفضل الدعم اللوجيستي والعسكري والحماية التي توفرها الولايات المتحدة في سوريا".

وبحسب "وثيقة الموقف السياسي" التي أعلنت عام 2013، فإن الإمتدادات السياسية لحزب العمال الكردستاني، الذي يخطط لأن يصبح لاعبا بديلا في حكومة إقليم كردستان، لم تتمكن من الوصول إلى التأييد الشعبي في العراق.

وهذا الأمر دفع الحزب إلى التقارب مع إيران والحشد الشعبي الذي طور علاقاته معها في الحرب السورية، والتركيز على العمليات المناهضة للحزب الديمقراطي الكردستاني، وفقا للكاتب.

ويلفت إلى أن زيادة التنظيم لعمليات حصار الحزب الديمقراطي الكردستاني عن طريق اتهام زعيمه ورئيس حكومة إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني بأنه "ديكتاتور".

كما يتهم "العمال الكردستاني" الحزب الديمقراطي بـ"التعاون مع تنظيم الدولة"، وباحتلال قرابة 650 قرية في إقليم كردستان.

في المقابل، يعمل حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيا في تركيا، على تطوير علاقاته مع الولايات المتحدة وإيران على حد سواء واستغلال تأثيره في شمال العراق وفي سنجار، مما دفع أنقرة بدعم من إقليم كردستان لبدء عملياتها المناهضة للحزب ضمنيا ومن ثم علنيا.

ويضيف الكاتب: "بينما أعلن حزب العمال الإرهابي كانتون في المنطقة من خلال هيكله المسمى -مجلس بناء سنجار- في يناير/كانون الثاني 2015، اتهمت حكومة أربيل الحزب بتأسيس إدارات من الورق وفرضها على الشعب دون رغبة منه".

ويشرح ذلك قائلا: "فعلى الرغم من أن مركز قضاء سنجار ومحيطها قد تم استعادته من تنظيم الدولة، من قبل التحالف الدولي وقوات البيشمركة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، فإن وجود التنظيم الإرهابي في سنجار، الذي يحاول أن ينسب النصر لنفسه، مستمر".

ويواصل أن "الحزب الذي ينظم أعمالا إرهابية ضد تركيا عبر سنجار، يحاول إنشاء ممرات بين كل من سنجار وقنديل وشمال سوريا أيضا".

أثر اتفاقية سنجار

ويعتبر أيدوغان أن اتفاقية سنجار التي تم توقيعها بين أربيل وبغداد (أكتوبر/تشرين الأول 2020) برعاية من الأمم المتحدة وبدعم من الدول الغربية وتركيا جعلت وجود حزب العمال الكردستاني في العراق صعبا. 

وعلى الرغم من أن إدارتي بغداد وأربيل، لم تتوصلا إلى اتفاق دائم حول العديد من القضايا مثل إيرادات الطاقة وتخصيص الميزانية والمناطق المتنازع عليها ومدفوعات الرواتب، فإنهما اتفقتا على اتفاقية سنجار التي تنهي وجود حزب العمال الكردستاني في المنطقة. 

ومع أن هذا الاتفاق يحظى بدعم دولي، فإن المنظمة الإرهابية تعارض هذه الاتفاقية علانية، وفق الكاتب.

وينوه بأن العديد من اليزيديين الذين غادروا منازلهم بعد هجوم تنظيم الدولة لا يستطيعون العودة إلى أوطانهم بسبب وجود "بي كا كا" في سنجار، حيث منع الحزب إعادة إعمار وبناء المنطقة. 

وفي تقدير الكاتب، فإن سياسة الحزب التوسعية ومشروع "الكانتون" في المنطقة سيفشل وأن وجوده في شمال سوريا وقنديل سيكون بلا معنى.

ويضيف: "من ناحية أخرى، يمكن أن نعتبر أن اتفاقية سنجار ستعزز العلاقات بين بغداد وأربيل وأنقرة، وقد تدفع تركيا -التي نفذت عمليات ضد بي كا كا من قبل ـ في القيام بعمليات مناهضة جديدة لحزب العمال الكردستاني في العراق". 

استهداف مباشر

ويذكر الكاتب أيدوغان أن إدارة أربيل كانت تعبر بشكل متزايد عن وجود عنصر يمثل عدم استقرار في حكومة إقليم كردستان لسنوات عديدة، فقد احتل حزب العمال الكردستاني مئات القرى وابتز الشعب لإجبارهم على الهجرة كما كان يشكل تهديدا لأهالي المنطقة من خلال أنشطته وعملياته.

كما يلفت أن "المنظمة الإرهابية استهدفت أربيل، عاصمة إقليم كردستان التي تعتبرها المنظمات والبعثات الدولية مدينة آمنة مقارنة بباقي مناطق العراق كما استهدفت الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يحكم المدينة عن طريق اغتيال الدبلوماسي التركي عثمان كوسه في يوليو/تموز 2019".

ويتابع: "أما اغتيال بي كا كا، مدير الأمن العام غازي صالح (أكتوبر/تشرين الأول 2020) في دهوك العراقية، على الحدود مع تركيا في معبر سرزيرة (أوزوملو من الجانب التركي)، فيدل على استهداف الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يشكل عقبة أمام أنشطة التنظيم الإرهابي بالمنطقة كما يظهر أن الحزب لن يمتنع عن الاشتباك".

ويرى الكاتب أن بيان جهاز أمن حكومة إقليم كردستان، الذي جاء فيه أن صالح تلقى تهديدات بالقتل و"أنه قتل على يد الإرهاب الأسود" وأن "المسؤولين عن الاغتيال سيدفعون الثمن غاليا" رفع من مستوى التوتر بين الحزبين.

كما أعلنت حكومة إقليم كردستان، نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2020، عن اعتقال ما لا يقل عن 12 مشتبها به، على صلة بحزب العمال الكردستاني كانوا يخططون لمهاجمة بعثة دبلوماسية أجنبية في أربيل واغتيال أعضائها، وهو ما أظهر، بحسب الكاتب، أن الحزب الديمقراطي يراقب أنشطة "بي كا كا" عن قرب.

وفي الآونة الأخيرة، صرح مسؤولون من حكومة إقليم كردستان أن المنظمة الإرهابية هاجمت خط أنابيب النفط من أجل منع تصدير الطاقة من قبل إدارة أربيل. 

ويعتقد أن حزب العمال الكردستاني، الذي أزعجته اتفاقية سنجار يستهدف الموارد الاقتصادية لحكومة إقليم كردستان، وفقا للكاتب.

ويستطرد قائلا: يمكننا أن نتوقع أن بي كا كا، ستتعرض لمزيد من الضغوط لتنسحب من المنطقة بما يتوافق مع اتفاقية سنجار التي تدعمها الأمم المتحدة والدول الغربية وأن الحزب الديمقراطي الكردستاني سيزيد من دعمه لتركيا في عملياتها ضد المنظمة الإرهابية في حال تصاعدت التوترات بينه وبين حزب العمال الكردستاني".

ويتابع: "كجزء من هذا التوتر، من الممكن أيضا أن يدخل قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني في اشتباكات محلية في مناطق مختلفة في شمال العراق حيث ينتشر التنظيم الإرهابي".

 ويمكن اعتبار نشر مقاطع فيديو تدريبات البيشمركة في حكومة إقليم كردستان في الإعلام، علامة أخرى على التوتر المتزايد في المنطقة في الفترة التي يتصاعد فيها التوتر مع حزب العمال الكردستاني.

ويختم الكاتب: "نظرا لأن عمليات الحزب الإرهابي المتصاعدة داخل إقليم كردستان تزعج حكومة بغداد، يمكن لإدارة أربيل أن تجعل إدراج حزب العمال الكردستاني في قائمة الإرهاب بالعراق على جدول أعمالها".