قضايا سياسية عالقة في ليبيا تنذر بنسف التهدئة.. تعرف عليها

12

طباعة

مشاركة

تحدثت مجلة إيطالية عن تأثير بعض المسائل العالقة والخلافات بين الأطراف الليبية على مسار الاستقرار والنجاحات المحققة حتى الآن، المتمثلة أخيرا بإعادة فتح منطقة الهلال النفطي والإعلان عن الوقف الدائم لإطلاق النار. 

وقالت مجلة "فورميكي" في تقرير كتبه الخبير المتخصص في الشأن الليبي "دانييلي روفينيتي": إن الخلافات حول ملتقى الحوار السياسي في تونس وبداية الاستعدادات الصعبة لمؤتمر جربة بشأن الترتيبات المؤسسية المستقبلية والتي أعقبت النجاحات التي تحققت في الأشهر الأخيرة، من شأنها أن تعرقل عملية تحقيق الاستقرار.

النجاحات الأخيرة

نوه روفينيتي بأن أولى النتائج المهمة التي جرى تحقيقها تتعلق بالاتفاق على إعادة إنتاج النفط وتصديره وتشكيل لجنة مشتركة لإدارة العائدات بفضل المفاوضات التي أجراها أحمد معيتيق (نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني) وخليفة حفتر (اللواء المنقلب على الشرعية) بمباركة روسيا، تركيا، والولايات المتحدة.  

كسر هذا الاتفاق بطريقة ما الحاجز الذي توقفت فيه جميع جهود الحوار الليبي الداخلي. وتعزز مؤخرا باتفاق بين وفدي اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 بجنيف بشأن وقف إطلاق النار الدائم بعد 18 شهرا من المعارك. 

ولفت الخبير الإيطالي إلى أن هذا النجاح حظي بموافقة الجميع باستثناء تركيا، التي شهدت نشاطا جديدا للولايات المتحدة دفع دون دعم أي طرف داخلي، من أجل استئناف نشط للحوار بين الليبيين وتقليص تدريجي للتدخل الخارجي.

من جهتها، أرادت روسيا في مواجهة نشاط الدور الأميركي الجديد، الحصول على توضيحات من رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني ويليامز نفسها، التي التقت في موسكو بوزير الخارجية سيرجي لافروف، لتقديم تطمينات بشأن استئناف جنيف 5 + 5، وأيضا ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس ولقاءات جربة يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي هذا الصدد، أكد روفينيتي على أهمية موعد جربة الذي سيحدد الترتيبات المؤسسية الجديدة، مجلس رئاسي جديد من ثلاثة أعضاء (رئيس ونائبان) ورئيس وزراء مستقل عن المجلس على رأس السلطة التنفيذية. 

لكن هذا الإجراء يتطلب تعديلا في اتفاقيات الصخيرات، وبالتالي يجب تنفيذه بقرار من مجلس الأمن، يكون لروسيا بموجبه حق النقض. 

وكانت رئيسة بعثة الأمم المتحدة كسبت دعم موسكو المطمئن حول التدخل الخارجي المحتمل (تركيا والولايات المتحدة) والداخلي (خاصة فيما يتعلق بتجربة الإخوان المسلمين التي لا يحبذها الكرملين كثيرا)، وفق المجلة. 

ويشرح روفينيتي بأن الأتراك أقل الأطراف الراضية بهذا الاتفاق لا سيما وأنه يهدد الاستثمارات العسكرية التي قاموا بها في ليبيا، كما أنه ينص على انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية النظامية على حد سواء.

وسيترتب على ذلك تعليق الأنشطة التدريبية للوحدات الليبية من قبل تركيا على النحو المنصوص عليه في الاتفاقات بين أنقرة وطرابلس، بحسب المجلة.

بهذه الطريقة، يقول الكاتب: "سيكون الرئيس رجب طيب أردوغان  مطالبا بسحب قواته ومعداته، مما يحبط الجهود التي بذلت في العام 2019 لإقامة مركز عسكري دائم في طرابلس، ولهذا السبب قللت أنقرة من شأن الاتفاق واعتبرت أنه ليس على أعلى مستوى". 

الأضواء والظلال

وبحسب الخبير الإيطالي، عزز نجاح جنيف عودة الجنرال حفتر إلى الميدان، بفضل الاتفاق على عودة إنتاج النفط الخام، بعد أن تم تهميشه فعليا مع انتهاء الصراع.

ومهد هذا الاتفاق الأول لنجاح جنيف والحوار الليبي الداخلي، ويتضح ذلك من توجه زعماء القبائل المهيمنة على الأراضي التي يسيطر عليها حفتر، إلى مدينة مصراتة، مسقط رأس أحمد معيتيق، للتفاوض مع زعماء القبائل المحلية بشأن إطلاق سراح السجناء، واستئناف الرحلات الجوية بين طرابلس وبنغازي، وإعادة فتح الطريق الساحلي الكبير الذي يربط بين برقة والعاصمة. 

كما طغت عودة حفتر جزئيا على رئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح، الذي ظهر في الأشهر الأخيرة كنقطة مرجعية للشرق، لا سيما في محاولة الحوار مع الغرب من خلال الاتفاقيات المبرمة مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، لدرجة أن الشائعات بدأت تنتشر حول انعكاس محتمل للتوقعات التي تحدثت سابقا عن تولي صالح لمنصب رئيس في الترتيبات المؤسسية الجديدة. 

وحاليا، من المحتمل أن يشغل مرشح من الغرب هذا المنصب بينما ستشغل شخصية من الشرق منصب رئيس الوزراء، ومن غير المرجح أن تكون عقيلة صالح.  

على الجانب الآخر، يفترض روفينيتي أن "لا يكون هناك مكان في الترتيبات المستقبلية لخالد المشري، وذلك بسبب قربه من جماعة الإخوان المسلمين التي تزعج روسيا والإمارات ومصر، على الرغم من أن القاهرة أظهرت مؤخرا نهجا لينا مع طرابلس ومع الفصائل التابعة لمدينة لمصراتة".

 ولهذا السبب شكرت ويليامز بعد الإعلان عن الوقف الدائم لإطلاق النار، جميع الجهات المرجعية باستثناء خالد المشري لعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين، وفق تقدير الكاتب.

المسائل العالقة

أشار الخبير الإيطالي إلى أنه بعد القيام بخطوات إلى الأمام، ظهرت مسألة شائكة للغاية في مسار تحقيق الاستقرار تتعلق بملتقى الحوار في تونس، وتخص قائمة من 75 مشاركا في الحوار الموسع، من بينهم ما لا يقل عن عشرين مشاركا ينسبون إلى جماعة الإخوان المسلمين، كما ندد برلمان طبرق. 

 ولا تريد برقة وبعض الأطراف الأخرى في بقية البلاد، الجلوس إلى الطاولة مع من تصفهم ''بالإرهابيين''، تماما كما لا يرغب الإسلاميون بالتباحث مع حفتر الذي يعتبرونه مجرم حرب، فضلا عن أن الجنرال الانقلابي غير موجود على قائمة 75 مبعوثا. 

وبحسب روفينيتي، تعقدت الصورة أكثر بتوقيع وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني، فتحي باشاغا، "الذي يعتبر أيضا مقربا من الإخوان المسلمين"، مذكرة تفاهم مع دولة قطر بشأن التعاون في المجال الأمني ​​ومكافحة الإرهاب. 

واعتبر المتحدث باسم قوات حفتر، أحمد المسماري بأن هذا الاتفاق "ينتهك نتائج حوار جنيف للجنة 5 + 5".  

وبذلك برزت أولى الخلافات المعقدة حول الحوار السياسي في تونس، لدرجة أن العديد دعوا إلى انسحاب الأعضاء "غير المرغوب فيهم" لتجنب الانشقاقات أو حتى التهديد بالعودة إلى السلاح. 

وهو سيناريو من شأنه أن يخاطر بتقويض جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتوحيد جميع الليبيين تحت سلطة واحدة تمهيدا لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في نهاية المرحلة الانتقالية للبلاد، وفق الخبير الإيطالي.

التدابير المضادة

ولإيجاد حل، يخوض المفاوضون سباقا مع الزمن، بدءا من ستيفاني ويليامز، التي زارت تركيا مؤخرا لإجراء محادثات مع وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو حول "التطورات الحالية" في ليبيا ولإقناع أنقرة باستدامة وقف إطلاق النار بين الأطراف الليبية بوساطة الأمم المتحدة نفسها.

ومن غير المستبعد عودة ويليامز إلى روسيا وربما إلى مصر. 

في الوقت نفسه، وبناء على طلب قوي من بعض الدول الأوروبية، قرر رئيس حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، فايز السراج، البقاء في منصبه حتى تشكيل حكومة جديدة على الرغم من انتهاء مهلة نهاية أكتوبر/تشرين الأول التي حددها مسبقا.  

وفي ختام تقريره، أكد روفينيتي أن ضرورة استمرار جهود الحوار وعدم خلق شغور في السلطة، فرضت على السراج هذا الخيار السياسي الذي جاء تلبية لنداءات مجلس نواب طبرق والمجلس الأعلى للدولة وبعثة الأمم المتحدة والدول الصديقة التي اجتمعت أو تكاد حول هذا القرار.