هددت 5 قادة في البنتاغون.. ما خطط إيران للانتقام من قتلة سليماني؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رغم انخفاض منسوب التصريحات المتشنجة بين طهران وواشنطن، التي تزامنت مع الانتخابات الرئاسية الأميركية، إلا أن تهديدات طالت 5 من قادة "البنتاجون" الذين قد يكون شاركوا في قرار وعملية اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني مطلع عام 2020.

وأفاد تقرير لمحطة "إن بي سي" الأميركية بأن التهديدات وقعت في سبتمبر/ أيلول 2020، وجرى إطلاع مسؤولي إنفاذ القانون بعمليات التهديد التي لا تزال سارية، وهي ليست على الأراضي الأميركية فحسب، بل حتى خارجها.

وذكرت المحطة في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أن الإفادات عرضت على مسؤولي "إف بي آي" و"سي آي إيه"، بعد حادثة تعرض لها مسؤول عسكري كبير بوزارة الدفاع، جرى تتبعه مساء 22 سبتمبر/أيلول 2020 من سيارة تحمل لوحات فيرجينيا، ويقودها إيراني.

تهديدات جدية

الكشف عن التهديدات التي تلقاها عسكريون أميركيون، تأتي بعد توعد أطلقه قائد الحرس الثوري الإيراني حسن سلامي في 19 سبتمبر/ أيلول 2020، بأن ثأر طهران لاغتيال الجنرال قاسم سليماني، سيطال المتورطين فيه.

وقال سلامي في تصريحات نقلها موقع "سباه نيوز" التابع لحرس الثورة الإسلامية: "سيد ترامب، ثأرنا لاستشهاد قائدنا العظيم هو مؤكد، جدي، وواقعي، لكننا شرفاء ونأخذ مسألة الثأر بإنصاف وعدالة".

وتابع: "نحن نضرب أولئك الذين كانوا بشكل مباشر أو غير مباشر متورطين في استشهاد هذا الرجل العظيم، وعليك أن تعرف أننا سنستهدف من تورط، كائنا من كان وهذه رسالة جدية".

وتعليقا عن مدى جدية التهديدات التي وصلت لقادة في "البنتاجون"، قال الصحفي والكاتب اللبناني المقيم في واشنطن، إيلي يوسف، خلال تصريحات صحفية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020: إن التهديدات الإيرانية، "تبدو جدية".

وفي هذا الصدد أشار يوسف إلى تصريحات السناتور الديمقراطي بوب مينينديز، التي تحدثت عن "معلومات استخبارية تدل على أن لحزب الله خلايا نائمة، وهو بمثابة ذراع أساسي لإيران على الأراضي الأميركية".

من جهته، رأى الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن، الكولونيل ديفيد دي روش، أن "التهديدات الإيرانية جدية للغاية، إذ يرى المتشددون في نظام طهران أن العمليات الانتقامية بعد مقتل سليماني لم تكن كافية".

وقال دي روش خلال تصريحات صحفية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020: إن قياديين في الحرس الثوري "كانوا قد هددوا بأن الانتقام قادم، وكانت هناك مؤشرات على أنهم حاولوا استهداف السفيرة الأميركية في جنوب إفريقيا".

إمكانية التنفيذ

السؤال الملح الذي أثارته التهديدات، هو هل أن إيران قادرة على تنفيذ تهديداتها، وما تأثير ذلك على الصراع الإيراني الأميركي في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من أزمات كثيرة؟.

دي روش، أجاب على ذلك بالقول: إن التقديرات تشير إلى أن قادة الحرس الثوري "سينتظرون إلى ما بعد الانتخابات الأميركية لتنفيذ عمليات اغتيال، كي لا يساعد نزاعهم مع الرئيس دونالد ترامب على إعادة انتخابه، إذ إنهم لا يريدون تجربة 4 سنين أخرى من سياسة الضغط القصوى". ولفت إلى أن "الولايات المتحدة يعيش فيها الكثير من الإيرانيين ومن الموالين لحزب الله اللبناني".

وفي السياق ذاته، رأى الخبير في شؤون الأمن الدولي، بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية مارك كاسيان، أن إيران "لديها الدافع والوسائل والسوابق للإقدام على أمر من هذا القبيل".

كاسيان، أكد خلال تصريحات صحفية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 أن "قوات إنفاذ القانون الأميركية تراقب هذا النوع من التهديدات منذ وقت طويل، كما أن الإيرانيين أظهروا قدرة على تنفيذ اغتيالات في أوروبا".

لكن الخبير في شؤون الأمن الدولي، استبعد أن ترد الولايات المتحدة الأميركية على التهديدات الإيرانية، قبل إجراء المزيد من التحقيقات والتأكد من أن هناك مؤامرة حقيقية لتنفيذ اغتيالات.

مخطط للاغتيال

لم تكن هذه التهديدات الأولى من نوعها التي تطال مسؤولين وعسكريين أميركيين منذ اغتيال سليماني، فقد نقلت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، أن إيران تدرس مخططا لاغتيال سفيرة واشنطن في جنوب إفريقيا لانا ماركس (66 عاما)، المقربة من الرئيس دونالد ترامب.

وأوضحت "بوليتكو" في 14 سبتمبر/ أيلول 2020، أن مخطط طهران لاغتيال ماركس يأتي ردا على مقتل سليماني مطلع العام 2020 بضربة أميركية قرب مطار بغداد الدولي.

وأكدت الصحيفة تورط سفارة إيران في بريتوريا في جنوب إفريقيا في مؤامرة لاغتيال سفيرة الولايات المتحدة، فيما كشف مسؤولون أميركيون عن أن إيران تدير شبكات سرية واسعة النطاق في جنوب إفريقيا.

وأضاف المسؤولون: أن "الولايات المتحدة على علم بوجود تهديد قوي على السفيرة منذ الربيع الماضي، إلا أن المعلومات الاستخباراتية أصبحت مؤكدة الأسابيع الأخيرة، وماركس نفسها على علم بهذا الخطر الذي يهدد حياتها".

ورجحوا أن يشكل مخطط اغتيال السفيرة واحدا من الخيارات التي تفكر فيها طهران للرد على اغتيال سليماني، وأن صداقتها الطويلة مع ترامب قد تكون السبب للانتقام من الرئيس الأميركي الذي أصدر الأوامر بقتل سليماني، كما أن ماركس كانت صديقة شخصية للأميرة الراحلة ديانا.

لكن إيران نفت على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني حسن سلامي، هذه المعلومات، وقال خلال تصريحاته التي توعد بالثأر لسليماني: "تعتقد أننا سنستهدف سفيرة في جنوب إفريقيا (ثأرا) لدماء أخينا الشهيد، لكن الثأر سيطال المتورطين".

وفي 15 سبتمبر/ أيلول 2020، هدد ترامب، إيران برد "أقوى بألف مرة" في حال شنت أي اعتداء على بلاده، وذلك في أعقاب تقارير عن تخطيط طهران لاستهداف لانا ماركس، ردا على مقتل "سليماني".

رسائل تهديد

وعقب مقتل سليماني، تلقت عائلات جنود أميركيين بالكويت رسائل تهديد مجهولة المصدر في يناير/ كانون الثاني 2020، تطالبهم بالرحيل من الشرق الأوسط، وإلا سيواجهون الموت أو الاختطاف، حسبما نشرت وسائل إعلام أميركية.

وأوصى الجيش الأميركي عائلات الجنود، الذين أعيد نشرهم بعد اغتيال سليماني، بأخذ الاحتياطات اللازمة، حيث قالت قناة "فوكس نيوز: " إن عائلات "العسكريين المظليين" الأميركيين الذين تم نشرهم في الكويت، ، بعد تصاعد التوترات مع إيران، تلقت "رسائل تهديدية" عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي السياق ذاته، قال موقع "ميليتري تايمز" المختص في الشؤون العسكرية: إن "الفرقة 82 المحمولة جوا من فورت براج، نورث كارولاينا، وجهت تنبيها إلى عائلات العسكريين بضرورة الإبلاغ عن أي رسائل غريبة قد يتلقونها على هواتفهم، أو وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لهم".

ولفت الموقع إلى تلقي "بعض العائلات رسائل مؤيدة لإيران فيما يبدو، وتهديدات عبر إنستجرام تطالبهم بضرورة مغادرة المنطقة والعودة إلى بلادهم"، ونقل "ميليتري تايمز" عن الناطق باسم الفرقة، اللفتنانت كولونيل "مايك بيرنز"، قوله: "أبلغتنا عائلات عسكريين عن حالات تلقوا فيها بعض رسائل التهديد".

وجاء في بعض الرسائل التي نشرها الموقع: "إذا كنت تحب حياتك وترغب في رؤية عائلتك مرة أخرى، فقم بحزم أغراضك الآن واترك الشرق الأوسط.. عد إلى بلدك. أنت ورئيسك المهرج الإرهابي الذي لم يحضر سوى الإرهاب".

ورسالة أخرى كان مفادها: "أيها الحمقى أنتم تقللون من شأن قوة إيران. الهجوم الأخير على قواعدكم كان مجرد شيء قليل من قوتنا. بقتل جنرالنا أنت حفرت قبرك الخاص.. قبل أن يكون لديك المزيد من الجثث، اترك المنطقة للأبد ولا تنظر أبدا إلى الوراء".

وفي وقت سابق، حذرت وزارة الأمن الداخلي الأميركية من احتمال قيام الحكومة الإيرانية بهجمات إلكترونية، في أعقاب الضربة الجوية الأميركية التي أودت بحياة الجنرال الإيراني قاسم سليماني.

وفي يناير/ كانون الثاني 2020، حذر السناتور الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي بوب مينينديز، من وجود خلايا نائمة لأذرع إيران في الولايات المتحدة الأميركية.

وعقب اغتيال سليماني، في 3 يناير/ كانون الثاني 2020، توعد القائد الجديد لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني، الولايات المتحدة، بأن تنتشر جثث جنودها في كافة دول الشرق الأوسط.

وتتهم الولايات المتحدة سليماني بأنه كان يرعى أذرع إيران في العراق ولبنان ودول أخرى، ومساعدتها على قتل أميركيين واستهداف مصالح واشنطن وحلفائها بالمنطقة.