"لا تسمع الأذان".. هكذا أبهرت دبي كاتبا عبريا خلال زيارة بعد التطبيع

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "معاريف" العبرية، مقالا للمحلل السياسي للشؤون العربية، جاكي حوجي، تحدث بانبهار شديد عن مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي زارها مؤخرا بعد إعلان التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب برعاية أميركية في أغسطس/ آب 2020.   

وقال المحلل الإسرائيلي: "زرت دبي هذا الأسبوع لأول مرة، كل ما أخبروكم عنها صحيح وأكثر من ذلك إنها مدينة رائعة وقوية، وهي مكونة من طبقات لا نهاية لها، مدينة عربية مهمة".

وأضاف: "لا يوجد فيها كراهية لإسرائيل، ومن المشكوك فيه ما إذا كانت هذه الصفات، أو كراهية الأجانب، أو العداء أو المشاعر السلبية تجاه مجموعة معينة، متأصلة في نفوس أمراء الأرض، قال لي أحد كبار الشخصيات في مجتمع الأعمال: لن تجد العنصرية معنا".

القضية الفلسطينية

ورأى حوجي في مقاله أنه على الرغم من أنهم يرحبون بنا، إلا أن هناك إسرائيليين سيفوتون ذلك فهم يشترون أو يأخذون أي شيء وهم يسالون باللغة العربية وهي لغة الدولة، ولكن اللغة الإنجليزية هي المهيمنة، والقوى العاملة (85 بالمئة على الأقل من السكان هم عمال مهاجرون)، والهندسة المعمارية (ستذكرك لاس فيغاس وسنغافورة وإيلات مجتمعة). وطبعا طعامهم يتم استيراد معظمه.

ووصف المحلل الجامعات عندهم أنها "تعمل بها فروع نيويورك وهارفارد والسوربون في أبوظبي، وعلى الرغم من أن لديهم ثقافتهم وتاريخهم وآثارهم، فقد أنشؤوا فروعا للمتاحف الغربية، من الفرنسيين أخذوا متحف اللوفر، ومن الأميركيين متحف غوغنهايم سخر منهم كثيرون، وخاصة العرب، بعدما قاموا ببناء المفاعل النووي في أبوظبي، أو إرسال صاروخ إلى الفضاء، كان العلماء في كلتا الحالتين أجانب، وكان التمويل محليا فقط لكن براءة الاختراع هذه في حد ذاتها المسماة "الإمارات العربية المتحدة" هي نموذج رائع.

وتابع المحلل بوصفه المبهر للإمارات: أنها "توليفة رائعة من اليد الحديدية، تحترم المواطن والغريب، رأس المال المتراكم في قوتهم الخاصة وزراعة التميز، كل عوامل الفتنة التي ينغمس فيها العالم العربي بضجر يتم دفعها جانبا مثل كاسحة ثلج، سخرت الإمارات من هذا الشعار، بالنسبة لهم لا يوجد صوت أعلى من صوت التنمية، وجههم إلى عوالم الإنجاز، ليس لكسب المال، إنها حساسة وأنيقة ولا تحتوي على ثراء حديث، المال بالنسبة لهم وسيلة، إنهم يواجهون ذروة الإنجاز العالمي من أجل التأسيس واتخاذ مكانة رائدة وبالتالي تحقيق الاستقرار لأنفسهم، ليس من قبيل المصادفة أنهم أرادوا (إف 35) لأنفسهم، وبعد ست سنوات حققوا ذلك أيضا".

وأردف: "لهذا السبب، من الواضح لماذا دفعت الإمارات القضية الفلسطينية جانبا، عندما تقفز مثل صاروخ، من الصعب التعرف على من يغرق أو يسحبك إلى هناك، ليس الفلسطينيون فقط، حسب تصورهم، أي شيء يزعجك يتم إخراجه جانبا، حتى القيم التي تبدو مقدسة، الإسلام على سبيل المثال، لا تشجيع للتقوى الدينية ولا لوجود الدين في الشارع العام، بشكل غير معلن فصلوا الدين عن الدولة وسنعود قريبا إلى الإسلام لكن أولا سنتطرق إلى التركيبة السكانية".

سكانها أجانب

وأشار المحلل إلى أن هذا ليس اكتشافا كبيرا أن معظم سكانهم من الأجانب، بعد كل شيء، هذه هي الطريقة التي تدار بها الإمارات الخليجية منذ عقود، لكن الأول هو أن تعرفه، والآخر تراه بأم عينيك، السيادة أقلية بهذا البلد، يمكنك قضاء بضعة أيام هناك دون مقابلة أحد الإماراتيين لإجراء محادثة، نحن مع مخاوفنا الوطنية التي نتحدث عنها وبعضها نقوم بقمعه لم نكن لنسمح لأنفسنا بأن نكون أقلية في بلدنا، في ذهن صاف، بدت لنا نهاية الصهيونية دبي.

وزاد قائلا: "بالحديث عن المخاوف الوطنية من القمع، يجب على المهتمين أن يتذكروا اسم، مريم محمد المهيري، وزيرة الأمن الغذائي، وهي المعادل المطور لوزارة الزراعة لدينا، تبلغ من العمر 41 عاما، مهندسة ميكانيكية، وتتحدث الألمانية والفرنسية والإنجليزية، وهي واحدة من عدة وزراء مسؤولين عن الابتكار والتكنولوجيا، ويتمثل دورهم بالكامل في تعزيز أسس وجود الأميرات والسير بأمان إلى المستقبل".

وقارن الكاتب بين الإسرائيليين والإماراتيين قائلا: نحن الإسرائيليون نحتاج إلى الأمن العسكري وكذلك الأمن الداخلي. من ناحية أخرى، يحتاجون أيضا إلى الأمن الغذائي، البلد الذي يشتري معظم طعامه من الآخرين لا يعتبره أمرا مفروغا منه.

وأوضح أن المهيري عيّنها الحاكم محمد بن زايد لتوسيع مصادر إنتاج الغذاء للسكان، في هذه المرحلة يقابلوننا، ليس فقط لتعليمهم إنتاج المحاصيل من الأرض، ولكن أيضا لتحقيق أقصى استفادة من الأرض، ومن التكنولوجيا الزراعية وسوق المواد الغذائية.

وأردف المحلل: "في الوقت الذي شعرنا فيه بالفزع من فكرة أنه لن يكون هناك أرز وبيض هنا في عيد الفصح، كان القلق يسيطر على الإمارات عدة مرات، حيث كانوا يجلبون المنتجات الأساسية لإطعام السكان، هذا ليس همهم الوحيد حتى عقد مضى، كانت لديهم جيوب من النشاط السياسي غير المرغوب فيه".

وتابع: "من المعتاد أن تنسب ذلك إلى جماعة الإخوان المسلمين، لكنها ليست دائما نفس الحركة المصرية السنية التي كانت أولهم جميعا، غالبا ما يكون هذا هو اللقب الشائع لمن يحاولون تطبيق الإسلام على الدولة، وإعطاء الشريعة مكانا مركزيا في الحياة اليومية"، زاعما أنهم "ليسوا لطفاء، هؤلاء الرجال أينما يمكنهم الاستفادة من الديمقراطية للارتقاء على ظهرها إلى مواقع السلطة، فإنهم سيفعلون ذلك، سيستخدمون القوة أينما كانوا، وحتى ما قبل عقد من الزمان، لا يزال من الممكن رؤيتهم في الفضاء العام الإماراتي، لكن النظام طردهم أيضا".

لا تسمع الأذان

وأضاف الكاتب: أن "طهران على مسافة قريبة، يمكن من سواحل دبي بدون تلسكوب رؤية الأراضي الإيرانية، تخشى الإمارات ليس فقط عملية عسكرية عدوانية تنطلق من طهران، بل تخشى بشكل خاص ما يُعرف في المصطلحات السياسية العربية باسم التشيع، من التبشير الشيعي، هناك جالية إيرانية كبيرة في أراضيهم، يبلغ عددها عشرات الآلاف، لكنهم أيضا، مثل بقية الأمة، منشغلون في كسب العيش، بل إن بعضهم معارضون في المنفى".

وأشار المحلل إلى أنه "لا إيران ولا الإخوان المسلمون في الإمارات، بل يوجد حاليا صوت واحد فقط في الإمارات العربية المتحدة، هو صوت الحكومة. سيتم القضاء على المعارضة الداخلية أو الخارجية أو القضاء عليها، لكن الخوف موجود دائما، وكذلك القلق من فقدان الدخل، ليس لديهم نفس القدر من النفط مثل السعوديين، لذا بدلا من الغرق في الفقر وإساءة معاملة المواطن مثل الآخرين، قرروا إعادة اختراع أنفسهم من جديد".

ووصف المحلل "دبي، أنها شركة ناشئة في صناعة السياحة، رمال الصحراء التي أصبحت نقطة جذب، براءة الاختراع ليست جديدة، تم تكييفه للقرن الحادي والعشرين، وهذه المعاهدة معروفة بين الزعيم وقبيلته منذ أيام الجاهلية، سأعتني بجميع احتياجاتكم، وسوف تمنحوني الولاء، الرد الحجازي على نموذج الدولة الغربية، من يدخل بيننا ستقطع رأسه، هذه هي الممارسة في المملكة العربية السعودية، في البحرين.

واستطرد: "هذا هو الحال في المغرب والأردن، قد يتم تقويض هذه المعاهدة عندما يضعف الحاكم ويجد صعوبة في الحفاظ عليها، من أجل عدم الوصول إلى هناك، أضاف حكام الإمارة تعزيزات لهذه الصيغة، احترام المواطن والتقدم والتعليم العالي، إنه لا يصلح لهم فقط بل يقويهم".

وتابع الكاتب: "نعود إلى الإسلام، على الرغم من أن غالبية سكان دبي من المسلمين (الإماراتيين والباكستانيين والمصريين وغيرهم)، إلا أنه سيتعين عليك بذل القليل من الجهد للعثور على مسجد، بها مساجد بعضها جميل وكبير جدا ولكن معظمها لا يوجد به مآذن وتوجد داخل المباني، على رأس برج خليفة، أطول برج في الإمارات يوجد مسجد، علمت بذلك من شرطي محلي، ولو لم يخبرني لما عرفت، لأنه لا توجد دلائل تشير إلى ذلك، من النادر رؤية رجال ملتحين يسيرون في الشوارع، لا تجد كتب السنة في الأكشاك، أو تسمع صوت المؤذن، وبصعوبة يُسمع المؤذن".

وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أن الشارع في دبي هادئ، هذه مدينة بلا ضوضاء، إنها أيضا نظيفة جدا، السائق الذي تم القبض على سيارته متسخة سيتلقى غرامة كبيرة، إذا وجدت عقب سيجارة على الرصيف، فاعلم أنه كان هناك اسم إسرائيلي، النظافة ليست فقط بصرية، هو أيضا مفاهيمي، يمكنك أن تحب الهندسة المعمارية المتنوعة أو تكرهها، لكنها لن تحتوي على خط نظيف أبدا".

ونوه إلى أنه "نحن الإسرائيليين، لدينا صورة مفادها أنهم والسعوديين قطعة واحدة، هذا صحيح إلى حد ما في الساحة السياسية، تعمل الحكومتان كثيرا معا، عندما أراد الملك سلمان تدريب ابنه محمد على حنكة الدولة، أرسله إلى أبوظبي لتعلم أسرار السياسة من محمد بن زايد، لقد تم تنسيقهما بشكل جيد في الحرب ضد المليشيات الموالية لإيران في اليمن، في محاولة للإطاحة بالأسد في سوريا، وبالطبع في إقامة علاقات مع إسرائيل".

الإمارات والسعودية

ولفت المحلل إلى أن المملكة العربية السعودية، التي لم تفعل ذلك بعد، أعطت مباركتها لشقيقتها، لكن داخلها، الإمارات لا تحب جيرانها في الغرب بشكل خاص، هناك فجوات كبيرة بينهما في القيم الاجتماعية، السعوديون وهابيون من أكثر المدارس قوة، ليس لديهم أي مودة تجاه الغرباء، بل إنهم يعاملونهم أحيانا بازدراء أو قسوة، الإمارات دولة عربية، والإسلام دينها الرسمي، ولكن ينتهي بذلك".

وزاد قائلا: "إنهم لا يتعالون على الآخرين، بل على العكس، يشعر الأجانب هناك براحة تامة مع أصولهم، حتى لو كانوا عمالا يوميّين، والإمارات في معظمها أكثر اجتهادا من جيرانها، على الرغم من أنهم مثل السعوديين يتلقون أيضا دعما من الدولة في الإسكان والصحة والتعليم".

وواصل الخبير العبري: "اعتقدت للحظة أنهم هنا لا يستطيعون إخفاء علامات الإسلام، وظهرت بقوة كاملة من أحد أكثر المباني إثارة للاهتمام في المدينة، إن لم يكن في العالم كله، في منطقة المركز المالي لدبي، بالقرب من السوق التجاري الكبير بدبي، يجري الانتهاء من إنشاء متحف المستقبل، في أقل من عام كما يأملون، سيتم نصب شاشة هناك تحاكي كيف ستبدو حياتنا في الأجيال القادمة".

وبحسب قوله، فإن الصورة التي تراها هنا جميلة، لكن لا ينبغي مقارنتها بالبصر، إنها سحر هندسي قوي، وذلك بفضل شكلها وحجمها، وخاصة بسبب الإبداع الذي وجه مبتكريها. يبلغ ارتفاعه 77 مترا، ومبني من الداخل سبعة طوابق. على الرغم من أنهم اشتروا أيضا هذه العجائب (تم التوقيع على التصميم من قبل المهندس المعماري الجنوب إفريقي شون كيلا)، لكنهم منذ اللحظة التي فعلوا فيها، عرفوا كيف يعطونها المعنى بشكل سريع.

وتابع: "اعتقدت تلقائيا أنها آيات قرآنية، لكن الحقيقة عكس ذلك تماما، ليس الله، بل من اللحم والدم يخاطبنا من هناك، كلمات حاكم دبي محفورة هناك على الجانبين، أكثر من ألف علامة وخطاب تمثل مقتطفات من خاطب محمد بن راشد، وهذا ليس لأنه يريدنا، بل محمد هذا في المسيرة من أجل السلام مع إسرائيل، لم يستشيره حكام أبوظبي، وهي أهم الإمارات السبع بتأثيرها".

ترحيب بالإسرائيليين

ولفت حوجي إلى أن محمد بن راشد اتخذ القرار بكل تواضع، وعلى الأقل حتى يصل أول سائح إسرائيلي ليثير ضجة هناك، ينسجم معه جيدا ويقول له: "هذه هي دولتك الثانية، كما قال لي الشرطي بأدب بالمطار". لذلك من الصحيح أن صورته تظهر من كل جدار في دبي تقريبا، لكن محمد بن راشد قام بالفعل بدوره لتدخل عبر بوابات البانثيون، على الأقل لتصوره على عكس أبوظبي، التي تتمتع بتراث ثقافي، فإن دبي لديها موارد قليلة نسبيا، لكن لديها نفسها.

ورأى حوجي أن ابن راشد هو السبب في أنك ستجد في دبي أطول فندق في العالم، وأطول برج سكني في العالم، وأطول خطوط مترو، وأفضلها لم يكتف بهذا، بل وثق عقيدته في سلسلة كتب فكرية، دعا فيها بعناد إلى الريادة والتميز، ومن كتبه "تأملات في السعادة والإيجابية" و"ومضات من الفكر" و"الوصايا العشر للإدارة الحكومية" وطبعا "رؤيتي" و"قصتي"، بالإضافة إلى كل هذا، فهو أب لـ 24 طفلا من أربع زوجات، ولكن من يهتم بذلك كتب في إحدى مقالاته: "على الرغم من أننا لا نعيش لمئات السنين، يمكننا أن نفعل شيئا عمره قرون"، وهذه الجملة محفورة على الجدران المنحنية لمتحف المستقبل، لا عجب أنهم يعشقوننا، وسرعان ما نعشقهم أيضا.

وخلص المحلل في وصفه ومقارنته إلى القول: إن "هناك العديد من الأسلاك التي تمتد من أبوظبي إلى القدس، في الاقتصاد، في السعي وراء السلطة وكذلك في الوعي الجماعي، واحد منهم هو الهولوكوست، تعمل هاتان الدولتان باستمرار لتحصين أنفسهما، العسكرية والدبلوماسية والتكنولوجية والعلمية والغذائية، كلاهما يفعل ذلك بحكمة، مع الحفاظ على قيمة التميز والتركيز على الغرض، كلاهما قلق، لكن هناك فرق بسيط هنا، نحن الإسرائيليون نعيش في قلق بسبب الماضي، لئلا نصبح فريسة للآخرين مرة أخرى. الإمارات تعيش في قلق من المحرقة القادمة".