صحيفة روسية: هذه بدائل موسكو حال قاطعت أوروبا سياسيا

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة روسية عن مستقبل العلاقات الدولية لموسكو، بعد أن أثار وزير الخارجية سيرجي لافروف المعروف دوليا بقدرته على موازنة كلماته، حالة من الجدل بتصريح لافت بدا فيه أكثر حدية مما هو معهود.

وقال لافروف في 13 أكتوبر/تشرين الأول: "موسكو قد تتوقف عن التواصل مع الاتحاد الأوروبي"، في وقت يتأرجح العالم، على شفا صراعات خطيرة، خاصة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين.

وجاءت تصريحات الوزير بعد يوم من قرار الاتحاد فرض عقوبات على روسيا على خلفية قضية تسميم زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني.

وتدهورت الحالة الصحية للمعارض الروسي عندما كان في رحلة جوية في 20 أغسطس/آب 2020، ما أجبر الطائرة على الهبوط اضطراريا في مدينة أومسك الروسية.

وفي 25 أغسطس/آب، رجحت ألمانيا أن يكون المعارض الروسي "ضحية اعتداء بالسم"، بعد أن وافق الأطباء الروس، على السماح بنقل نافالني، المحامي البالغ 44 عاما والناشط ضد الفساد، من مستشفى في سيبيريا، بناء على طلب أقاربه، إلى برلين لتلقي العلاج.

مهمة صعبة

وبدوره، يقول الكاتب والمحلل الروسي "فياتشيسلاف كوستيكوف" في مقالة تحليلية نشرتها صحيفة "أرغومينتي أي فاكتي": يواجه بلدنا مهمة صعبة في أن يجد مكانه بالعالم.

وتابع: "لا تثير اجتماعات نادي فالداي الدولي (اجتماع سنوي تقيمه روسيا جرى في أكتوبر/تشرين الأول عبر الفيديوكونفرنس بسبب تفشي كورونا) ردود فعل عنيفة في غالب الأحيان، والسبب في ذلك واضح وبديهي: كل القرارات السياسية تتخذ في الكرملين وليس في النوادي".

ويضيف المحلل السياسي ومدير المركز التحليلي لدار النشر "أرغومنتي أي فاكتي" الروسية: المناقشات بأسلوب "كم هو رائع أننا نجتمع هنا اليوم" ليست ذات أهمية كبيرة لأي شخص.

وأردف: بدا تحذير لافروف من احتمال الانفصال عن أوروبا وكأنه صاعقة من السماء ستغطي أمواجها الجميع. 

موسكو، وعلى الرغم من قصة المعارض الروسي نافالني، والتي فاقمت الخلافات في علاقاتها مع بروكسل، لم توقف الحديث عن اهتمامها بالحوار خلال الأشهر الماضية.

واستشهد الكاتب باقتباس لافروف: "هؤلاء الأشخاص المسؤولون عن السياسة الخارجية في الغرب لا يفهمون الحاجة إلى محادثة تتسم بالاحترام المتبادل، ربما يتعين علينا التوقف عن التواصل معهم لفترة من الوقت". 

عندما قال "هؤلاء الأشخاص"، كان لافروف يقصد بالدرجة الأولى رئيسة الدبلوماسية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بحسب الكاتب.

يستطرد أن هناك أسبابا لمثل هذه التقييمات: "في الآونة الأخيرة، تجاهلت السيدة لاين، رأي الأعضاء البارزين في الاتحاد الأوروبي، بإعطاء الأفضلية لآراء ممثلي تلك البلدان (إستونيا وبولندا ولاتفيا وليتوانيا) التي تؤسس سياستها بالكامل على الخطاب المعادي لروسيا".

واعتبر بعض المراقبين أن كلمات لافروف عاطفية للغاية. وبعد كل شيء، وفي واقع الأمر، لم يحدث شيء جديد: لقد خفض الاتحاد الأوروبي جزءا جديدا (متواضعا جدا) من العقوبات المفروضة على موسكو، والتي لم تجلب شيئا جديدا للعلاقات بين موسكو وبروكسل. 

بالإضافة إلى كل ذلك، في أوروبا نفسها، يطرح السياسيون العقلانيون منهم السؤال على نحو متزايد: ألم يحن الوقت لتجاوز العتبة العاطفية في قضية نافالني؟ والبدء في أجندة حقيقية؟ مع التركيز على الاقتصاد والمصالح المشتركة.

في ظل غياب الحقائق الملموسة، لا يفترض الكاتب الانغماس في الأوهام حول ضلوع الكرملين في "قضية نافالني".

لكن في قصته "نافالني"، ومن خلال جهود عدد من السياسيين ووسائل الإعلام الأوروبية، اكتسبت مثل هذا النطاق المبالغ فيه والهستيري في أوروبا، كما لو أن روسيا أسقطت قنبلة ذرية على باريس وبروكسل، وفق تعبير الكاتب.

وأوضح أن ممارسة إلقاء اللوم على موسكو في كل شيء تؤدي إلى عواقب وخيمة. في اليابان، على سبيل المثال، يعتقد جزء كبير من السكان أن القنبلة الذرية أسقطت على هيروشيما وناغازاكي من قبل الروس.

خيارات الكرملين 

ومع ذلك، يلاحظ الكاتب، أنه "على الرغم من الانفعال المتزايد، لم يكن تصريح لافروف عرضيا. يتضح هذا من حقيقة أن موقف الوزير والدبلوماسي المخضرم في اليوم التالي مباشرة كان مدعوما في الكرملين".

 هل هذا يعني أن القيادة في موسكو سئمت من سلسلة الاتهامات التي لا تنتهي من شركائهم في أوروبا؟ وأنهم مستعدون بدورهم لتشديد خطابهم؟

وهنا تبرز الأسئلة: إلى أي مدى ستتوسع المرحلة الجديدة من الحرب الكلامية؟ هل سيؤثر ذلك على المجال الاقتصادي؟ 

وأوضح الكاتب أن كلمات لافروف بأن "روسيا لا تفهم ما إذا كان من الممكن في مثل هذه الظروف إجراء بعض الأعمال على الأقل مع الاتحاد الأوروبي" مثيرة للقلق.

ويجيب: اسمحوا لي أن أتنبأ بنفسي. بعد اندلاع الاتهامات والتظلمات المتبادلة، سيسعى الطرفان (مع الحفاظ على تعبيرات الغضب لفترة من الوقت) إلى البحث عن طرق لاستئناف الحوار. من المؤكد أن كلا من موسكو وبروكسل مهتمان بهذا.

يتجلى ذلك، على وجه الخصوص، في حقيقة أن "مجموعة العقوبات" الجديدة التي أُعلن عنها في أعقاب "قضية نافالني" أشبه بكيس شاي، وفق تعبيره.

ستة أشخاص ومنظمة واحدة وقعت تحت القيود والعقوبات الأوروبية، وفق ما أعلن في 15 أكتوبر/تشرين الأول.

تضم القائمة: مدير جهاز الأمن الفدرالي ألكسندر بورتنيكوف، والنائب الأول لإدارة الرئيس الروسي سيرغي كيريينكو، ورئيس إدارة الرئيس الروسي لشؤون السياسة الداخلية أندريي يارين، والممثل المفوض في سوريا سيررغي مينيايلو، ونائبي وزير الدفاع الروسي بافل بوبوف وأليكسي كريفوروتشكو. كما تشمل العقوبات المعهد الحكومي للأبحاث العلمية والكيمياء العضوية.

 وبحسب الكاتب، تبدو العقوبات وغضب الكرملين على حد سواء، أمور رمزية للغاية وبدون أي رغبة في إثارة الكثير من المشاكل.

ويرى أن حذر بروكسل مفهوم، حيث لا يهتم الاتحاد الأوروبي على الإطلاق بدفع موسكو بعيدا عن نفسها حتى الآن لدرجة أن العودة ستستغرق الكثير من الجهود وسنوات عديدة. 

وبين أن العلاقات المتزايدة التعقيد لأوروبا مع الولايات المتحدة وتركيا والصين، والصعوبات الاقتصادية القادمة الناجمة عن تفشي COVID-19، تستدعي بدلا من ذلك تكتيكات إنقاذ العلاقات مع روسيا (وإن كانت غير ملائمة من نواح عديدة).

يضيف الكاتب: سُئل الرئيس فلاديمير بوتين هذا العام عما إذا كان من الممكن تصور اتحاد روسي صيني، وقال: "يمكنك انتظار كل شيء، لقد انطلقنا دائما من حقيقة أن علاقاتنا مع الصين وصلت إلى مرحلة من التفاعل والثقة لدرجة أننا لسنا في حاجة اتحاد رسمي".

واستدرك بوتين: "لكن من الناحية النظرية من الممكن تماما تخيل مثل هذا الشيء، لا نضع هذه المهمة على أنفسنا الآن، لكن من حيث المبدأ، لن نستبعدها. لذلك، سنرى".

وفيما يخص الولايات المتحدة، من الواضح أنه قريبا ستتضح الصورة كاملة وستظهر النوايا المخبأة. بالإضافة إلى ذلك، تقيم أوروبا حسابا لمن يمكن أن تسقط موسكو في ذراعيه إذا حُرمت من أملها في "الحب الأوروبي". 

ومن غير المرجح أن يفرح السياسيون الأوروبيون بالتقارب بين روسيا وتركيا. في خضم ذلك، يتوقع أن تبدأ موسكو في تعزيز التعاون العسكري مع الصين بشكل حاد، ردا على العقوبات.

وقال السكرتير الصحفي الرئاسي دميتري بيسكوف: "دعونا وندعو دائما إلى استئناف واستمرار حوار بناء على أساس الاحترام المتبادل". وأضاف، بما لا يخلو من السخرية: "كما تعلم، لا يمكنك رقص التانغو بمفردك".

ويعلق الكاتب: "بالنسبة إلى التانغو السياسي، يجب أن تكون انتقائيا جدا في اختيار الشركاء. خلاف ذلك، سيتم سحق الساقين".