برعاية ترامب.. أرقام قياسية لتوسع المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين

12

طباعة

مشاركة

يصطدم خراب قرية أم الخير البدوية جنوب مدينة الخليل الفلسطينية، مع سلسلة من منازل مستوطنة كرمل ذات القرميد الأحمر والتي لا يفصلها عنها سوى سياج من الأسلاك الشائكة. 

في هذه القرية، اشترى رعاة فلسطينيون أراضيهم في عام 1948، قادمين من صحراء النقب بعد طردهم من قبل الدولة العبرية الوليدة. وفي وقت لاحق، أسس المستوطنون اليهود الموشاف (المزرعة التعاونية) عام 1980 على أرض صودرت من البدو.  

وتجدر الإشارة إلى أنه في قرية أم الخير يعيش حوالي مائة فلسطيني، لا يستطيعون بالكاد حتى بناء حظيرة في ظل خطر الهدم المحدق بهم على يد القوات الإسرائيلية. في المقابل، توسعت مستوطنة كرمل مثل واحة في "صحراء يهودا" ليصل عدد سكانها إلى 450 نسمة.  

في ظل هذا الوضع، عبّر رئيس البلدية، بلال أباليب، البالغ من العمر 36 عاما، عن أسفه خلال الزيارة التي أداها نهاية أكتوبر/تشرين الأول ممثلو اثني عشر دولة في الاتحاد الأوروبي، في زيارة غير مألوفة بالتزامن مع اقتراب عمليات هدم جديدة للممتلكات الفلسطينية. 

وقال المسؤول: "أعلن الجيش الإسرائيلي هذه المنطقة عسكرية لإطلاق النار وتركنا بلا مرعى للماشية".

أرقام قياسية

وأوردت صحيفة البايس الإسبانية أنه قبل انتهاء السنة بشهرين، حطم عام 2020 بالفعل الأرقام القياسية لتوسع المستوطنات الإسرائيلية خلال عقد تقريبا. 

وخلال هذه السنة، أعطت السلطات الإسرائيلية العسكرية التي تدير احتلال الضفة الغربية الضوء الأخضر لبناء والترويج لحوالي 12159 منزلا جديدا للمستوطنين إلى غاية هذا الوقت من هذا العام. 

ونوهت الصحيفة بأن عدد المستوطنات لهذه السنة تجاوز الرقم القياسي المسجل سنة 2012، والذي وصل إلى حدود 11159 منزلا، عندما بدأت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية غير الحكومية في مراقبة توسع المستعمرات وحصرها.

وأشارت إلى أنه مقارنة بحوالي 2613 منزلا جديدا في 2016، العام الأخير لإدارة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، تسبب وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في زيادة عدد المنازل الإسرائيلية في الأراضي المحتلة في عام 2017 إلى حوالي ثلاثة أضعاف.

وبينت الصحيفة أنه مع اقتراب انتهاء ولاية الجمهوريين، استعادت إسرائيل وتيرة زيادة المستوطنات عبر الترويج لما يقارب خمسة آلاف منزل في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2019. 

وجاء في بيان صادر عن منظمة "السلام الآن" أن "هذا القرار يمثل رقما قياسيا خلال حقبة ترامب، حيث ازداد نشاط البناء في المستوطنات بشكل جذري".

وفي واقع الأمر، مارست الحكومة الأميركية ضغوطا أقل منذ عام 2017 للحد من التوسع الاستيطاني، بينما دعم السياسيون الإسرائيليون المستوطنات، وفق ذات البيان.

وأضافت الصحيفة أن السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، وهو يهودي أرثوذكسي ومحامي عقارات لشركات ترامب، كان معروفا أيضا بدعمه غير المشروط للمستوطنين قبل توليه منصبه.

وبالتعاون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نسّق فريدمان أواخر أكتوبر/تشرين الأول، في مستوطنة أرييل تمديد التمويل الأميركي للأنشطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي رفضتها واشنطن منذ عقود.

ونقلت الصحيفة أنه منذ عام 1967، استقر أكثر من 400 ألف إسرائيلي في الضفة الغربية و200 ألف آخرين في شرق القدس المحتلتين.

هدم وتشريد

أما في منطقة مسافر يطا، في التلال القاحلة في جنوب الخليل، فقد هجِّر حوالي ألف ساكن من اثنتي عشرة قرية قسرا في عام 1999، للسماح ببناء ميدان للمناورات العسكرية يمتد على أكثر من ثلاثة آلاف هكتار. 

وبعد أن علقت المحكمة الإسرائيلية العليا عمليات الإخلاء الجماعي؛ سمحت بإعادتها مؤقتا، رغم أن البدو يعيشون منذ ذلك الحين في مأزق قانوني، وسط عمليات هدم مستمرة لمبانيهم.

في الأثناء، حذر سفين كون فون بورغسدورف، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في فلسطين، خلال زيارته لمدرسة في هذه المنطقة، من أن "عمليات الهدم الإسرائيلية وتشريد السكان المعرضين للخطر قد تعني انتهاكا جسيما بموجب القانون الإنساني الدولي".

ويبقى أن نرى ما سيكون رد فعل بروكسل والدول الأوروبية إذا تم تنفيذ التهديد الذي يحيط بهذه المنطقة الفلسطينية، وفق ما تقول صحيفة البايس. 

وفي أعقاب اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، ادعت الحكومة الإسرائيلية أنها علقت مؤقتا الخطط المتعلقة بضم أراض فلسطينية إلى "السيادة الإسرائيلية".

وتعليقا على ذلك، تؤكد منظمة السلام الآن، التي أسسها الكاتب الإسرائيلي عاموس عوز، أنه "على الرغم من أن الضم بحكم القانون غير ممكن، فإنه بحكم الأمر الواقع يستمر بالتزامن مع توسيع المستوطنات".

وأضافت الصحيفة أن وجود الإسرائيليين في الضفة الغربية تضاعف منذ توقيع اتفاقيات أوسلو واستمر خلال كل عقد. 

وعلى وجه الخصوص، ارتفع عدد الإسرائيليين في الأراضي المحتلة من 110 آلاف مستوطن عام 1993 إلى 200 ألف مستوطن عام 2001 و291 ألف مستوطن عام 2008.  

وبعد عقد طويل من حكم نتنياهو، تم تجاوز الحد الأقصى البالغ 420 ألف مستوطن في العام 2019، على الرغم من أن البناء قد تم بشكل متزايد في مناطق معزولة داخل الأراضي الفلسطينية. 

خوف دائم

ونقلت الصحيفة أن نضال يونس، رئيس المجلس القروي لمنطقة مسافر يطا في الضفة الغربية، صرح لدبلوماسيين وصحفيين وعمال إغاثة قائلا: "إننا نعيش في خوف دائم من الطرد". علاوة على ذلك، يمنعهم الجيش من بناء منشآتهم أو صيانتها.

 في ظل هذا الوضع، وعد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في فلسطين، قائلا: "بدافع المسؤولية الأخلاقية، سنواصل مساعدة هذا المجتمع".

في الأثناء، يقول حجاي العاد، مدير منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية غير الحكومية: "إن إعلان المنطقة كمنطقة إطلاق نار أو مجمع عسكري هو ذريعة شائعة لطرد السكان الفلسطينيين من جزء من الضفة الغربية".

ويؤكد أن "الخطوة التالية ستتمثل في التنازل عن جزء من الأرض لمنظمات المستوطنين لبناء المستوطنات".

وأوردت الصحيفة أن منسق الأمم المتحدة للشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، أثار نهاية أكتوبر/تشرين الأول مخاوف دولية بشأن تسريع توسيع المستوطنات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. 

وحذر من أن "85 ٪ من مساكن المستوطنين هذه ستقام في أطراف الضفة الغربية، في مناطق تعرقل التواصل الجغرافي لدولة فلسطينية مستقبلية".