صحيفة إيطالية: "سيناريو مخيف" ينتظر جورجيا في نزاع أرمينيا وأذربيجان

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة ''إيل كافي جيوبوليتيكو'' الإيطالية تقريرا، تطرقت فيه إلى المخاوف الجورجية المحتملة، من تداعيات النزاع بين أرمينيا وأذربيجان بشأن إقليم قره باغ، على توازناتها الداخلية وأمنها الإقليمي، في ظل تحركات غريمتها روسيا في المنطقة.

وقالت الصحيفة: إن تجدد الأعمال العدائية بين أرمينيا وأذربيجان للسيطرة على منطقة ناغورني قره باغ، والمقاطعات السبع المجاورة لها، يمثل تهديدا لاستقرار منطقة القوقاز، الأمر الذي من شأنه أن يقوض التوازن الهش باستمرار وبالتالي يهدد أمن جورجيا أيضا.

حياد صعب

وأشارت ''إيل كافي جيوبوليتيكو'' إلى أنه منذ تصاعد النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، أطلق كبار السياسيين الجورجيين نداء مشتركا لوقف إطلاق النار، مؤكدين على ضرورة السعي إلى حل سلمي للصراع.

من جانبها، اقترحت الحكومة الجورجية نفسها على الفور كوسيط بين الطرفين، وعرضت عاصمتها تبليسي مكانا لعقد اجتماعات محتملة، لكن إلى حد اللحظة لم تتلق هذه الدعوة  أي رد من باكو ويريفان.

وكانت الخطوة الرئيسية لإعادة التأكيد على هذا الحياد هي فرض حظر عبور على جميع الأسلحة الموجهة نحو ستيباناكيرت، على أمل عدم الإضرار بالعلاقات الودية التي جمعت جورجيا دائما بالدولتين العدوتين بهذه الطريقة. 

وبالنظر إلى وضعية جورجيا، أكدت الصحيفة أن للدولة القوقازية مصلحة كبيرة في الوقوف إلى جانب أذربيجان، وذلك بسبب اعتمادها الشديد على إمدادات الغاز الأذرية ووجود منطقتين وحدويتين على الأراضي الجورجية هي أبخازيا و أوسيتيا الجنوبية بحكم الأمر الواقع خارج سيطرة تبليسي.

لكن، بحسب الصحيفة، بأنه لا يشاطر العديد من الجورجيين هذا الموقف وهناك تصور عام بأن الصراع في ناغورني قره باغ  مختلف كثيرا عن الصراع في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، واللتين محل مطالبات من طرف موسكو.

وتابعت: فضلا عن أن جورجيا لا تشعر بأنها في وضع مشابه تماما لوضع أذربيجان، وقد حاولت دائما منذ استقلالها تفضيل سلوك متساو ومحايد فيما يتعلق بنزاع ناغورني قره باغ.

سيناريو مخيف

الصحيفة أشارت إلى أن موقف جورجيا المحايد ينبع أيضا من الوجود الهائل للأقليات الأرمنية والأذرية داخل حدودها، والتي تمثل أكثر من 10 بالمئة من السكان. وعلى الرغم من أن العرقين عاشا دائما معا بسلام، إلا أن هناك خطرا كبيرا من أن الأحداث المحيطة يمكن أن تؤثر هذه المرة على التوازن بين المجموعتين العرقيتين. 

كما سيؤدي الانحياز الصريح إلى أحد البلدين إلى اشتداد التوترات بين العرقين وقد يؤدي أيضا إلى زعزعة الاستقرار الداخلي، وتهيئة المجال لمطالبات إقليمية جديدة. بيد أنه منذ عودة الصراع، غزت وسائل التواصل الاجتماعي حملة إخبارية مزيفة تهدف إلى إظهار دعم تبليسي لباكو، بحسب الصحيفة.

وذكرت الصحيفة أن ذلك قد تسبب في توترات بين الحكومة وسكان جافاخيتي، ومعظمهم من الأرمن، وأضيف إليها غضب الأرمن من رفض السلطات إرسال شاحنات محملة بالطعام وإطارات المركبات إلى ستيباناكيرت. وتشك تبليسي في أن هذه الحملة الإخبارية المنحازة من تنظيم روسيا، استعدادا لأي تحركات مستقبلية في المنطقة.

وأوضحت الصحيفة أن دخول روسيا في الصراع إلى جانب أرمينيا من شأنه أن يحول المنطقة إلى مسرح آخر للمواجهة بين روسيا وتركيا، لكن لا يبدو أن موسكو تخطط لمثل  هذا السيناريو. لكن على المدى الطويل، لا تستطيع روسيا التخلي عن حليفها الأرميني، على الرغم من أن العلاقات بين الدولتين  لم تعد مثالية كما كانت من قبل منذ انتخاب نيكول باشينيان رئيسا للوزراء. 

وترى ''إيل كافي جيوبوليتيكو'' أن السيناريو المخيف أكثر لتبليسي هو زيادة الوجود العسكري الروسي في المنطقة بشكل كبير. علاوة على ذلك، تقع القاعدة العسكرية الرئيسية لموسكو في القوقاز في أوسيتيا الجنوبية ولن تهتم روسيا في نقل أسلحتها باحترام حظر العبور الذي تفرضه تبليسي، وبالتالي تحدي إرادة الحكومة الجورجية.

أخيرا، أكدت الصحيفة أن هناك خوفا ملموسا آخر يتمثل في الاحتمال غير البعيد أن موسكو قد تستخدم نزاع قره باغ لمزيد زعزعة استقرار الأراضي الجورجية، ودعم المطالب الانفصالية لأرمن جافاخيتي، وبالتالي تقويض السيادة الإقليمية لجورجيا أيضا في الجنوب.

استمرار المواجهات

وفي 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، قالت وزارة الدفاع الأذرية: إن قوات أرمينيا شنت هجوما استهدفت قواتها ومناطق سكنية على جبهات عدة في خوجاوند وفضولي وقبادلي في إقليم قره باغ.

وأشارت في بيان، إلى أنها تصدت للهجمات الأرمينية، وكبدتها خسائر، مشيرة إلى أن القوات الأذرية ما زالت تسيطر على زمام الأمور.

على صعيد متصل، وقع من يسمى رئيس قره باغ، أرايك أورتونيان، مرسوما بإقالة مسؤول قواته جلال أورتورتيان بعد إصابته قبل أيام في قصف أذري على أحد المواقع العسكرية الأرمينية. وعين أورتونيان بمرسوم آخر ميكايل أرزومانيان مسؤولا جديدا لجيشه.

وقبل ذلك، لوّح الرئيس الأذري، إلهام علييف، بإمكانية تدخل المقاتلات التركية في الحرب الجارية بقره باغ، وسط اتهامات متبادلة بخرق هدنة، هي الثالثة من نوعها، ودعوات أممية للالتزام بها.

 وخلال خطاب للشعب الأذري، قال علييف، في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2020: إن مقاتلات "إف16" التركية قدمت إلى أذربيجان سابقا لإجراء مناورات مشتركة، وأنه في حال تعرض البلاد لهجوم خارجي "فإنها ستظهر نفسها".

وأوضح علييف أن "الأشقاء الأتراك أبقوا على الطائرات المقاتلة في أذربيجان تعبيرا عن تضامنهم". وأضاف: "إن من يريدون وقف إطلاق النار يرسلون أسلحة إلى أرمينيا، وإن لدي قائمة بأسماء تلك البلدان".

وتابع: "أقول لداعمي أرمينيا إن أردتم إنقاذها فقولوا لها أن تنسحب من أراضينا، وهي بكلمة منكم ستنسحب"، مؤكدا أن بلاده قبلت وقف إطلاق النار من أجل تبادل الأسرى والقتلى، لكن أرمينيا انتهكت الاتفاق بعد بضع دقائق، بحسبه.