حسن زيد.. قيادي حوثي حرض على اغتيال "صالح" وشرب من الكأس نفسه

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

صباح 27 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أقدم مسلحون مجهولون على اغتيال وزير الشباب والرياضة في حكومة الحوثي القيادي حسن زيد، أثناء عبوره نفق تقاطع شارع حدة وسط العاصمة صنعاء.

وزارة الداخلية اليمنية الخاضعة لسلطات جماعة الحوثي بصنعاء، أكدت خبر الاغتيال، فيما لم يتم التعرف أو الإفصاح عن هوية الجناة، إلا أن شهود عيان أفادوا أن مسلحَين ملثمين كانا يستقلان دراجة نارية اعترضا سيارة ابنته سلمى التي كانت تقودها، وأمطرا حسن زيد بوابل من الرصاص، ما تسبب بمقتله، وإصابة ابنته بجروح.

حسب متابعين، فإنه من المرجح أن تكون تصفية حسن زيد نتيجة لصراع الأجنحة داخل جماعة الحوثي، التي تشهد خلافات لا يتم الإعلان عنها في العادة، فيما تتولى شخصيات مهمة داخل جهاز الأمن الوقائي الذي أنشأه الحوثيون خلال السنوات الأخيرة حل تلك الخلافات داخل القيادات الحوثية.

لا يوجد حتى الآن بيان رسمي يكشف المسؤول عن حادثة الاغتيال، إلا أن اغتيال شخصية بهذه الأهمية داخل صفوف جماعة الحوثي، بقدر ما يشير إلى صراع محتمل داخل الأجنحة التابعة للجماعة، يشير في ذات الوقت، بشكل مرجح، إلى إمكانية اختراق الجماعة، وهو الأمر الذي يعرضها للخطر، ويجعلها عرضة لأي حوادث اغتيال أخرى.

حادثة مكررة

اغتيال زيد، ليست الحادثة الأولى التي سقطت خلالها شخصيات حوثية أو مقربة من الجماعة، ففي 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، تم اغتيال البرلماني عبد الكريم جدبان الذي كان مقربا من الحوثيين، وعضوا لمؤتمر الحوار الوطني عن مكون الحوثيين وأحد مؤسسي "حزب الحق" الذي يرأسه حسن زيد.

وفي 21 يناير/كانون الثاني 2014 تم استهداف الدكتور أحمد شرف الدين أستاذ القانون في جامعة صنعاء، وعضو مؤتمر الحوار الوطني عن جماعة الحوثي، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، تم اغتيال الشخصية الأكاديمية الموالية لجماعة الحوثي الدكتور محمد عبد الملك المتوكل في شارع الزراعة وسط صنعاء.

وفي 8 مارس/آذار 2015 تم اغتيال عبد الكريم الخيواني عضو مؤتمر الحوار الوطني عن جماعة الحوثي، في شارع هائل وسط العاصمة صنعاء، فيما لم يتم الكشف عن الجناة بالرغم من أن الجماعة تسيطر على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في صنعاء.

مثير للجدل

مع اندلاع ثورة الشباب التي طالبت الرئيس السابق علي عبد الله صالح بترك المنصب في فبراير/شباط 2011، برز اسم حسن زيد كأحد أبرز المعارضين لصالح، والمقربين من جماعة الحوثي، ومن أكثر الأشخاص المثيرة للجدل.

في فبراير/شباط 2013، وعقب التوصل لتسوية بموجب المبادرة الخليجية التي سلم فيها صالح السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي، أصدر الرئيس هادي قرارا رئاسيا بتعيين حسن زيد مستشارا ثقافيا وتربويا في مجلس الوزراء.

كان حسن زيد أول المبشرين بتدهور الوضع السياسي قبيل انقلاب جماعة الحوثي على الدولة في سبتمبر/أيلول 2014، حيث قال كلمته الشهيرة: (الذي معه بيت في القرية يرممه) بالإشارة إلى أن الوضع في صنعاء سيشهد مواجهات ستضطر الناس على إثرها للنزوح إلى القرى والأرياف، وهي الكلمة التي تداولها الناس على نحو واسع.

وقتها دعا زيد إلى إغلاق المدارس بشكل كامل لمدة عام، وإرسال الطلاب لجبهات القتال، كما حرض على تصفية الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهو صاحب فكرة وضع الصحفيين والمعارضين للحوثي ضمن الأهداف العسكرية لطائرات التحالف.

في عام 2014 تم تعيينه وزيرا للدولة في حكومة خالد محفوظ بحاح، ما دفعه للاستقالة في 2015، إثر انقلاب جماعة الحوثي على الحكومة الشرعية، ثم عين لاحقا وزيرا للشباب والرياضة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 واستمر في منصبه حتى اغتياله.

ومنذ انقلاب جماعة الحوثي وحتى اليوم، كان حسن زيد حديث الناشطين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، لما تثيره منشوراته من جدل.

منظر الجماعة

كان حسن زيد يعد من أبرز الشخصيات الحوثية، حيث تولى مراكز حزبية وسياسية استطاع من خلالها التنظير للجماعة وخدمتها، قبل أن تنفذ انقلابها على مؤسسات الدولة في اليمن.

ورغم كون حقيبة الشباب والرياضة لا تتناسب مع الرجل الأكثر إثارة للجدل داخل جماعة الحوثي، بصفته سياسيا أكثر من كونه رياضيا، إلا أنه صرح في عدة لقاءات أنه لم يختر هذه الحقيبة، لكنه كلّف بها من قبل عبد الملك الحوثي، وهو الأمر الذي لا يستطيع رفضه، حد قوله.

وبجانب منصبه الوزاري، كان زيد يؤدي دوره في التنظير للجماعة في المحافل والمؤتمرات، ويطبّع لأنشطة الجماعة الطائفية في كثير من الفعاليات.

ولد زيد في يناير/كانون الثاني 1954 في مدينة صنعاء القديمة، ودرس في مدرسة ابن الأمير الصنعاني في حي الزمر بصنعاء القديمة، ثم التحق بمدرسة سيف بن ذي يزن في حي بحر رجرج بمدينة صنعاء القديمة، ثم التحق بثانوية جمال عبد الناصر في منطقة التحرير بأمانة العاصمة.

التحق زيد بكلية التربية في جامعة صنعاء عام 1974، ودرس في قسم الفلسفة والاجتماع، وتخرج منها عام 1977، وعمل بعد ذلك في السلك التربوي.

سافر عقب ذلك إلى لندن، ومكث هناك عاما دراسيا كاملا (1979ـ 1980) وحصل على دورة في الإدارة المدرسية وعلم نفس الأطفال، في معهد التربية التابع لجامعة لندن.

ومنذ عودته عمل موجها للفلسفة والمواد التربوية، (1982 ـ 1987)، وفي تلك الفترة التحق بجامعة صنعاء (1985ـ 1986) وحصل على دبلوم خاص في المناهج وطرق التدريس.

كان مسؤولا لشؤون الطلاب اليمنيين في أوروبا الشرقية، قبل تحقيق الوحدة عام 1990، وعين مستشارا ثقافيا لليمن ببرلين وبلدان أوروبا الشرقية (1987 ـ 1989)، وحصل خلال تلك الفترة على الماجستير في علوم التربية من إحدى جامعات ليفربول ببريطانيا.

وعقب إعلان الوحدة اليمنية في مايو/أيار 1990 وصدور دستور جديد يسمح بالتعددية الحزبية، عاد زيد وأسس "حزب الحق"، الذي كان فيما بعد أحد مكونات تكتل "اللقاء المشترك" المعارض لنظام علي عبد الله صالح.

ورغم انقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية، وانتهاء تكتل "اللقاء المشترك" عمليا، إلا أن زيد ظل على رأس المجلس الأعلى لأحزاب "اللقاء المشترك" الذي أصبح بعض أعضائه خاضعين لسيطرة جماعة الحوثي.

"حزب الحق"

عام 1990 أسس زيد "حزب الحق" بالإضافة إلى قيادات زيدية سياسية ودينية، كان على رأسهم بدر الدين الحوثي، مؤسس الجماعة في اليمن، ووالد زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي، بالإضافة إلى الشخصية الزيدية الشهيرة مجد الدين المؤيدي، والسياسي عبد الكريم جدبان، والناشط محمد عزان، والدكتور أحمد شرف الدين، وكذلك محمد المنصور وأحمد الشامي وحمود عباس المؤيد.

ورغم قلة عدد منتسبيه إلا أن حزب الحق شارك في الانتخابات التشريعية عام 1993، كما شارك في التوقيع على المبادرة الخليجية التي تخلى بموجبها علي عبد الله صالح عن السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي، ورأس حسن زيد الأمانة العامة للحزب مؤخرا، وحتى اغتياله.

ومنذ تأسيسه مطلع التسعينيات، عمل "حزب الحق" بالتوازي مع تنظيم "الشباب المؤمن" الذي أسسه بدر الدين الحوثي، ومثل النواة التنظيمية الأولى لجماعة الحوثي، غير أن بدر الدين الحوثي أعلن استقالته وجميع أبنائه من حزب الحق عام 1996، بسبب خلافات فكرية وسياسية مع قيادات الحزب.

كان بدر الدين الحوثي وأبناؤه يميلون للشيعة أكثر من ميولهم للزيدية، على خلاف بقية أعضاء حزب الحق، لهذا فقد مثل هذا التباين أحد أوجه الخلاف، بالإضافة إلى اعتقاد بدر الدين الحوثي بأن قيادة حزب الحق وعلى رأسهم مجد الدين المؤيدي بدؤوا يسيطرون على قيادة "الشباب المؤمن" وأنشطته.

كان حزب الحق أحد مكونات اللقاء المشترك الذي تم تأسيسه في 6 فبراير/شباط 2003، وضم على رأس التكتل المعارض حزبا "الإصلاح" و"الاشتراكي"، بالإضافة إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، والتنظيم الوحدوي الناصري، واتحاد القوى الشعبية، وحزب الحق.

ورأس زيد تكتل "اللقاء المشترك" في فترة دورية، في حين قاد لجنة الوساطة في قضية صعدة التي شهدت حربا بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي المتمردة عام 2006.

ومنذ عام 2006، برز نشاط حزب الحق كحزب معارض، ضمن اللقاء المشترك، عندما أعلن صالح نيته التنحي عن الرئاسة، ثم عدل عن قراره بالتنحي، فيما زادت أحزاب المعارضة عبر تكتل اللقاء المشترك من جهودها الحزبية في منافسة صالح.