صحيفة عبرية: التطبيع مع السودان نقلة نوعية حقيقية لإسرائيل

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إن العديد من الإسرائيليين ما زالوا يربطون الخرطوم بـ"اللاءات الثلاثة": "لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بها، لا مفاوضات معها" التي صاغتها قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في العاصمة السودانية بعد فترة وجيزة من انتهاء حرب الأيام الستة في عام 1967.

لكن يبدو أن هذه القاعدة تغيرت فأصبحت "نعم لشطب السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، ونعم لحزمة مساعدات بقيمة مليار دولار، ونعم للتطبيع مع إسرائيل"، وفق تقرير للصحيفة نشر قبل ساعات من إعلان التطبيع.

ومساء 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، اتفق السودان وإسرائيل، على تطبيع العلاقات بالتزامن مع الإعلان عن توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرسوما برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية لـ"الإرهاب".

وتوسطت الولايات المتحدة في الاتفاق بين الطرفين، ليصبح السودان خامس بلد عربي يقيم علاقات مع الاحتلال، وثالث بلد عربي يلتحق بقطاع التطبيع معها في غضون شهرين.

وفي وقت سابق من شهر أكتوبر/تشرين الأول، وافقت الحكومة الانتقالية بالخرطوم على دفع 335 مليون دولار كتعويضات لضحايا تفجيرات 1998 لسفارتين أميركيتين في إفريقيا (لم يرتكب السودان الهجمات التي أودت بحياة أكثر من 4000 شخص، لكنه منح حق اللجوء للإرهابيين). 

وبالإضافة إلى حزمة مساعدات مالية ضخمة للبلد المتعثر - يقال إن الولايات المتحدة عرضت 800 مليون دولار كمساعدات واستثمارات، رغم أن السودان طلب حوالي 3-4 مليارات دولار.

ومما يذكر أن ست فرق عسكرية سودانية حاربت ضد إسرائيل عام 1948، لذلك فإن صفقة التطبيع لن تكون مجرد إنجاز رئيسي آخر في السياسة الخارجية لترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ولا مجرد خطوة مشجعة أخرى على طريق "تل أبيب" نحو الاندماج الكامل في المنطقة، بل ستكون بمثابة نقلة نوعية في سياسات الشرق الأوسط.

بين السودان والخليج

وتشير الصحيفة، في تقرير لها، إلى أن أهمية هذه الصفقة، تكمن في أن السودان، على عكس أصدقاء إسرائيل الجدد في الخليج، لديه تاريخ من الصراع العسكري مع "تل أبيب".

وعلى عكس الإمارات العربية المتحدة والبحرين، لم يكن هناك تعاون سري بين تل أبيب والخرطوم في مختلف المجالات، بما في ذلك الأمن والتجارة.

ومن المؤكد أن إعلان 13 أغسطس/آب المفاجئ عن موافقة الإمارات على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل كان تاريخيا، وفق الصحيفة، حيث خرج التحالف السري بين تل أبيب وأبوظبي للعلن.

وقد مهد هذا الإعلان، الطريق لدول الخليج السنية الأخرى لتحذو حذوها، حيث وقعت البحرين بالفعل اتفاقية تطبيع، في خطوة رحبت بها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، اللتان قد تكونان أيضا في طابور التطبيع قريبا.

ومن ناحية أخرى، كان السودان عدوا لدودا للجيش الإسرائيلي منذ تأسيس الدولة اليهودية، حيث انضمت ست سرايا عسكرية سودانية إلى المصريين في محاربة "تل أبيب" خلال "حرب الاستقلال" عام 1948، وفق الصحيفة.

واستمر العداء لمدة سبعة عقود. وحتى عام 2016، كان السودان حليفا قويا لإيران، حيث ساعد الجمهورية الإسلامية في تهريب الصواريخ وغيرها من الأسلحة إلى الفصائل الفلسطينية في غزة. ودفع ذلك "تل أبيب" إلى تكرار قصف المنشآت العسكرية في الخرطوم، وفقا لتقارير أجنبية.

ويختلف نظام السودان اختلافا كبيرا عن نظام الإمارات والبحرين حيث إن هذا البلد الإفريقي في طريقه إلى تأسيس ديمقراطية حقيقية، بينما سيستمر حكم الدولتين الخليجيتين من قبل مستبدين في المستقبل المنظور، وفق التقرير.

وفي هذا السياق قالت إيريت باك، رئيسة قسم الدراسات الإفريقية في جامعة تل أبيب: إن الوضع الجيوسياسي للخرطوم قد يكون مثيرا للاهتمام للغاية لإسرائيل.

وأضافت: "لدينا الآن علاقات دبلوماسية مع معظم الدول الإفريقية، لكن اتفاقية التطبيع مع الخرطوم ستكون لها أهمية وفائدة كبيرة، حيث تعد السودان وهي واحدة من أكبر الدول في إفريقيا، جسرا بين القارة جنوبا وشمال الصحراء ، وبين العرب والأفارقة في إفريقيا".

وتابعت:" التطبيع مع السودان مهم لجلب المزيد من الدعم الدبلوماسي لإسرائيل في المحافل الدولية".

أرقام وفوارق

وتبلغ مساحة السودان 1،861،484 كيلومترا مربعا (718،722 ميلا مربعا) ، وهو أكبر 22 مرة من الإمارات العربية المتحدة والبحرين معا.

ويبلغ عدد سكان السودان 45 مليون نسمة، معظمهم من السودانيين العرب. وفي المقابل، يبلغ عدد سكان الإمارات العربية المتحدة 10 ملايين نسمة فقط، منهم 12 ٪ فقط من الإماراتيين، فيما يبلغ عدد سكان البحرين 1.5 مليون.

ولكن الأكبر لا يعني بالضرورة الأفضل خاصة من الناحية الاقتصادية، حيث تُعرف الإمارات التي يبلغ فيها نصيب الفرد من (68,600 دولار) والبحرين (49,000 دولار) كمراكز مالية دولية رئيسية فيما يشهد اقتصاد السودان (4,300 دولار) حالة انهيار بعد عقود من الحروب والصراعات الداخلية.

وفيما تضم البحرين والامارات جالية يهودية صغيرة ولكنها متكاملة بشكل جيد حيث تدعمها الحكومة الإسرائيلية، يبدو أن الإماراتيين متحمسون حقا للعلاقات مع إسرائيل، فيما رحب البحرينيون إلى حد كبير باتفاق حكومتهم مع تل أبيب أيضا، على الرغم من بعض الاحتجاجات من قبل المواطنين الشيعة. 

ومع السودان، يبدو الوضع أكثر تعقيدا، على الرغم من التأسيس الأخير لمجموعة من الجماعات الموالية لإسرائيل التي تنادي بالتطبيع، لا تزال الكراهية تجاه دولة إسرائيل منتشرة على نطاق واسع في هذا البلد العربي.

ووفقا لباك الباحث الإفريقي، فإن اتفاق السلام مع إسرائيل سيكون "مثيرا للجدل بين العديد من التيارات السياسية وداخل المجتمع، وقد يخلق عداء في السودان".

وكانت هيئة العلماء والدعاة الإسلامية التابعة للحكومة، قد قضت في سبتمبر/أيلول بأن الشريعة الإسلامية تحظر العلاقات مع إسرائيل (وهو موقف يتناقض مع موقف أحد رجال الدين البارزين).

ولا يوجد كنيس يهودي في السودان، ولم تبق سوى عائلة يهودية واحدة فقط مما كان ذات يوم مجتمعا يهوديا مزدهرا في هذا البلد الإفريقي.