"جباري" فضحها.. لماذا تمنع السعودية عودة الحكومة الشرعية إلى اليمن؟

آدم يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

من الواضح أن المملكة العربية السعودية وعبر التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن تسعى للإبقاء على حكومة عبد ربه منصور هادي لديها بالرياض وترفض عودتها لليمن وتحتجز أعضاء الحكومة كرهائن، في محاولة لاستكمال مشروع تقاسم النفوذ بينها وبين الإمارات.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، تستكمل السعودية مشروع تثبيت وجودها العسكري ونفوذها في المناطق التي يفترض أنها تابعة للحكومة الشرعية، وفي المناطق الحيوية من البلاد.

مؤخرا، شن السياسي اليمني عبد العزيز جباري هجوما مزدوجا على النظام السعودي وعلى أعضاء من الحكومة الشرعية اليمنية المقيمين في الرياض.

في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2020، قال نائب رئيس مجلس النواب ومستشار رئيس الجمهورية عبد العزيز جباري: إن السعودية سخرت أعضاء من الحكومة الشرعية للتطبيل والتهليل لها  وللسفير السعودي في اليمن محمد بن سعيد آل جابر.

جباري، أضاف أثناء لقائه بأبناء الجالية اليمنية في ولاية ميشتغن الأميركية: أن "وزراء الحكومة الشرعية، أولئك الذين يقومون بالتطبيل ليسوا سياسيين وإنما مطبلين صنعوا ليؤدوا هذا الدور، هؤلاء أدخلوهم من أجل القيام بهذا الدور، وأن السياسي الذي يخدم بلده لا يمكن أن يقوم بهذا الدور، مستحيل أن يكون وزيرا يمنيا يتغزل في ولي عهد السعودية ويقول عنه: فارس في مشيته".

واسترسل جباري في حديثه قائلا: "مستحيل.. بل من العيب والمخجل أن يقوم السفير السعودي بكتابة تغريدة على تويتر، ووزير يمني يخرج يقول لله درك يا بو عبد العزيز، أحسنت يا بو عبد العزيز. متسائلا: هل هذا سياسي؟".

تلميع وتطبيل

كان أمين العاصمة صنعاء ووزير الدولة في الحكومة الشرعية عبد الغني جميل قد نشر في أغسطس/آب 2020، صورة للسفير السعودي في اليمن محمد آل جابر وكتب تغريدة يمتدح فيها السفير بطريقة أثارت غضب كثير من اليمنيين قال فيها: "إذا أردت أن تعرف المفلسين فما عليك إلا أن تقول شكرا سعادة السفير الرجل، وأضاف: اتقهوى يهنا في قلبك هنيئا لشعب تنتمي إليه".

أما وزير الإعلام في الحكومة الشرعية معمر الإرياني فنشر في وقت سابق صورة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان وكتب عليها معلقا: فارس في مشيته.. فارس في نظرته.. فارس وهو في الأصل فارس". 

وفي وقت سابق، نشر وزير حقوق الإنسان في الحكومة الشرعية محمد عسكر صورة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان وعلق عليها قائلا: "سيظل هذا الأمير الشاب هدفا لكثير من حملات التشويه الممولة، طالما تصدى لمشاريع التفتيت بالمنطقة، وحاصر نفوذ إيران وأذنابها في الدول العربية وواجه الإرهاب وداعميه بصورة غير مسبوقة، إلا أنني واثق بروح التحدي التي لديه بأنه سيعبر بنا لبر الأمان".

ورغم مضي فترة على بعض التغريدات إلا أن اليمنيين ما زالوا يتذكرونها في معرض حديث تطبيل الشرعية للنظام السعودي، وانشغالهم بالتلميع عن السعي لحل الأزمة في اليمن.

الشرعية رهينة

في 23 سبتمبر/أيلول 2020، شن جباري من مقر إقامته المؤقت في الولايات المتحدة هجوما حادا على التحالف السعودي الإماراتي مؤكدا عدم قبول اليمنيين أي إملاءات أو تبعية لأحد.

جباري طالب السعودية والإمارات بأن تتعاملا مع الشعب والمسؤولين اليمنيين باحترام، قائلا: "الشرعية اليمنية أصبحت رهينة في يد السعودية والإمارات"، وطالب التحالف بتسليم مؤسسات الدولة ومغادرة المشهد اليمني قائلا: "سلموا لنا مؤسساتنا وغادروا بلادنا مع الشكر".

وأوضح جباري لبرنامج بلا حدود على قناة الجزيرة أن السعودية لا تسمح للرئيس هادي والحكومة الشرعية ومجلس النواب وكثير من المسؤولين بالعودة إلى اليمن.

مضيفا أن السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر هو المتحكم الحقيقي في المشهد اليمني، وذلك بإصداره القرارات و"الفرمانات" وتعامله مع اليمنيين كأتباع، مطالبا السعودية والإمارات باحترام الشعب اليمني والحكومة الشرعية، ومؤكدا عدم قبول اليمنيين لأي تبعية أو إملاءات من أحد.

وحذر جباري من استمرار التحالف السعودي الإماراتي في اليمن وقال: إن استمرار وجوده محفوف بالمخاطر، معللا ذلك بمخالفة التحالف للأهداف التي جاء من أجلها والمتمثلة في إنهاء الانقلاب الحوثي، وعودة الشرعية والوقوف وجه المشروع الإيراني في اليمن، وهي أهداف لم يتحقق منها شيء، حد قوله.

 وأكد جباري أنه لا توجد رغبة للتحالف لتمكين الشرعية اليمنية، وأن ما يقوم به التحالف يشير إلى وجود مخطط لاستمرار الحرب الدائرة منذ أكثر من ست سنوات.

حالة يقظة

وفي حديث للاستقلال يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني محمد الأحمدي: "تصريحات جباري تعد حالة يقظة سياسية لمسؤولي الحكومة الشرعية إزاء المخاطر الوجودية التي تهدد اليمن ووحدته واستقراره وسلامته الإقليمية، وهذه اليقظة لبعض مسؤولي الشرعية، وإن بدت بعضها متأخرة، تتسق مع حالة اليقظة الشعبية لقطاع واسع من اليمنيين الذين أدركوا غدر التحالف السعودي الإماراتي بهم".

مضيفا: "أنا أتحدث هنا عن اليمنيين الذين كانوا يؤملون خيرا بالتحالف السعودي الإماراتي لاستعادة الشرعية، وأدركوا أنهم وقعوا في الفخ، وأن التحالف السعودي الإماراتي لم يكن ولن يكون في يوم دعما للشرعية أو استعادة البلد".

يضيف الكاتب اليمني: "خسارة السعودية لحالة الالتفاف الجماهيري لليمنيين التي كانت إبان التدخل العسكري لدعم الحكومة الشرعية، هي خسارة إستراتيجية، ولم يعد على ما يبدو بمقدور السعودية بعد كل ما حصل استدراك الأمر، خصوصا أنها لا تزال ماضية في طريقها بتقويض الشرعية والإجهاز عليها".

وتابع: "بالتالي بات واضحا أن مطالب خروج التحالف السعودي والإماراتي من اليمن سيتحول إلى مطلب شعبي كبير وواسع، ليس من قبل المناهضين للتحالف السعودي الإماراتي من بداية الأمر، بل من قبل من كان يفترض أنهم حلفاء السعودية".

الأحمدي أوضح أنه لم يبق لدى السعودية سوى أفراد من المحسوبين على الشرعية اليوم، وهم الذين استخدمتهم السعودية لأداء الدور الذي أشار إليه جباري، وهو تلميع وجه السعودية وبأسلوب فيه قدر من  الرخص والابتذال والخفة السياسية والإهانة لليمن، كما هو حال المسؤولين الذين أشار إليهم جباري في تصريحاته الأخيرة".

تقاسم النفوذ

وعن سبب قيام السعودية بدفع هؤلاء لتلميع صورتها، يقول الأحمدي: "ذلك يحصل لأن السعودية لا تتعامل مع اليمن كدولة مستقلة ذات سيادة، بل تقوم إستراتجيتها على استقطاب أفراد وشخصيات تسمع وتطيع، ولا تمثل أي مستوى من الندية في التعامل مع النظام السعودي، وإنما مجرد أتباع مسلوبي الإرادة وعاجزين يؤدون مهام تلميع وجه السعودية في اليمن وتبرير، ما ترتكبه أو ما تقترفه في اليمن واليمنيين ومستقبلهم".

ومن ناحية أخرى تبقي على مسؤولي الشرعية لديها وتمنعهم من العودة حتى تمرر، من خلالهم، بعض القرارات والتعيينات، وحتى لا يتشكل على الأقل أي حضور حقيقي للشرعية في اليمن، وإنما يبقون مجرد أداة ستتخلص منهم في أقرب فرصة عندما تستكمل تطبيع وجودها في الجغرافيا اليمنية، وفق الأحمدي.

يتابع الأحمدي: "أما مطالب جباري الأخيرة بخروج القوات السعودية والإماراتية من اليمن وإنهاء وجودهم في اليمن، فهو مطلب شعبي، وهي مطالب عادلة وخاصة بعد أن اتضح للقاصي والداني سوء نوايا التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، ومشروع تقاسم النفوذ والإضرار بمستقبل اليمنيين، وفي تمزيق اليمن، وإلحاق الضرر البالغ بالسيادة اليمنية والوحدة الوطنية، وهو مطلب يتسق مع قناعة كل اليمنيين، بالطبع ماعدا الأدوات التي تعمل لصالح التحالف السعودية الإمارات".

يضيف الأحمدي: "أما بالنسبة لتلك الأدوات فهي في الحقيقية لا تتمتع بقابلية شعبية وليس لها وزن سياسي على المستوى الشعبي، وعلى العكس من ذلك، لولا الدعم والإسناد السعودي لهذه الأدوات التي تمرر مشاريع النفوذ التحالف في اليمن ما كان لها أن تستمر وأن تعمد إلى الإضرار بالحكومة الشرعية أو الإجهاز على ما تبقى في عدن وفي سقطرى".

وختم الأحمدي حديثه بالقول: "مؤخرا عزز التحالف وجوده العسكري في المهرة وأخذ في بناء المعسكرات والقواعد العسكرية والاستيلاء على المنافذ، في سياسية ممنهجة وواضحة لمحاولة التهام أجزاء من الجغرافيا اليمنية، وبسط نفوذه وسيطرته في أجزاء أخرى".