خدمة جديدة.. كيف تقودك خرائط جوجل لأي مكان في العالم ثم ترشد عنك؟

واشنطن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

عبر خرائطها، تفكر شركة جوجل في عرض خدمة جديدة على عدد من الدول، وتتمثل في توفير الشركة معلومات عن الأماكن التي تعرف انتشارا أكبر لفيروس كورونا.

الشركة أكدت أنها ستحصل على البيانات من مصادر موثوقة ممثلة في منظمات الصحة العامة في كل دولة، بجانب منظمة الصحة العالمية.

جوجل قالت إنها ستعرض الخريطة للمستخدم مع ترميز لوني لمساعدة الأشخاص على التمييز بسهولة بين كثافة الحالات الجديدة في منطقة معينة، مع وجود ملصقات تشير إلى ما إذا كانت الحالات تتجه للأعلى أو للأسفل.

البعض قد يشعر بمزيد من الأمان الذي توفره التكنولوجيا عند سماع هذه الأخبار، لكن الحقيقة أن هامش الخصوصية سيختفي مع هذا الكم الهائل من المعلومات الخاصة التي تجمعها شبكة الإنترنت.

ضرب الخصوصية

يوفر هذا النوع من الخدمات تتبعا رقميا بواسطة GPS على الهواتف، حتى عند إيقاف تشغيل الإنترنت، ويتتبع نظام تحديد المواقع العالمي كل شخص يستخدم خرائط جوجل أو خرائط آبل، ويوفر جهاز الملاحة على الهاتف لجوجل أو آبل بيانات دقيقة للغاية عن الأماكن التي يتردد عليها الشخص. 

يعرف جوجل عناوين مستخدميه وحتى العناوين التي يزورونها، وجميع مراكز التسوق والمطاعم والمقاهي المفضلة لديهم، وحتى الطريق الذي يسلكونه للتنقل إلى المكتب كل يوم. 

موقع مجلة "آناليتيكس" حذر أيضا من إساءة استخدام ميزة واتساب لمشاركة الموقع المباشر، وتحدثت المجلة عن ضغط الشركات على الموظفين لإعطاء موقعهم بالضبط، وفي العائلة يمكن إجبار الشريك على الاحتفاظ بالموقع في جميع الأوقات من أجل تتبع حركته خلال اليوم. 

كثيرون في العالم أدركوا أن تضييق هامش الخصوصية يعد خسارة كبيرة، ويجعل أخلاقيات الوجود الرقمي وإساءة استخدامه موضع تساؤلات ملحة، وهو ما خلصت إليه المجلة مؤكدة أنه "تم استخدام راحة العثور على مكان معين بسهولة وبشكل مستقل لسرقة حريتنا".

في عام 2016، وافق برلمان الاتحاد الأوروبي على اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) وطبقها في عام 2018. وقد تم اتخاذ هذه الخطوة لإنشاء إطار عمل يحمي حقوق مواطنيها. 

وتشكل المجلس الأوروبي لحماية البيانات (EDPB) -مقره بروكسيل- ليكون سلطة لحماية البيانات المتعلقة بالدول. ووصل الأمر في الهند إلى تدارس تأسيس هيئة لحماية البيانات الشخصية.

مجلة "وايرد" البريطانية المتخصصة في التقنيات، كشفت أن وضع التصفح المتخفي ليس الحل لحماية الخصوصية  كما يعتقد الكثيرون.

ويعمل وضع التصفح المتخفي على إيقاف حفظ المعلومات في حسابك على جوجل فقط. إذا كان شخص ما يتطفل على سجلك، فلن يتمكن من رؤية مكانك. لكن ذلك لا يمنع جوجل من تتبع تحركاتك وكذلك مزود الإنترنت الخاص بك.

وضع التصفح المتخفي في الخرائط لا يؤثر على كيفية استخدام أو حفظ التحركات بواسطة موفري الإنترنت والتطبيقات الأخرى والبحث الصوتي وخدمات جوجل الأخرى، وفق ما تشير إليه الشركة.

بالنسبة لخدمة الخرائط، فإن هذه البيانات مهمة، إذ إن معلومات المكان الذي كنت فيه، والمكان الذي ترغب في الذهاب إليه، وكيف تنتقل من مكان إلى آخر، هي معلومات حساسة للغاية، تمكن شركات الإعلانات من تكوين صورة دقيقة عنك.

 

إعدادات التشغيل

هناك عدد من الطرق التي يمكن لجوجل من خلالها الحصول على موقعك، لكن إذا كنت تستخدم هاتف أندرويد، فهناك إعدادات في نظام التشغيل يمكن لكل من التطبيقات التي تستخدمها وقف تحديد موقعك.

تأكد أولا من تحديث جهازك إلى أندرويد 10 ثم انتقل إلى قائمة الإعدادات وابحث عن "الموقع". عندما تكون في هذه القائمة، يمكنك رؤية التطبيقات التي سمحت لها باستخدام موقعك. سيتم تقسيم هذا إلى: مسموح به طوال الوقت، ومسموح به أثناء الاستخدام، ورفض.

يوصي موقع "وايرد" بطرح سؤال هل يحتاج أي تطبيق حقا إلى موقعك طوال الوقت؟ قبل أن يجيب "على الأغلب لا".

ويُعد الإعداد المسموح به أثناء الاستخدام فقط إعدادا عمليا، يمكنه السماح لتطبيق الخرائط بالوصول إلى مكان وجودك، عندما تريد استخدام ميزات الخرائط.

أما إذا كنت تستخدم جهاز آيفون، فإن تطبيق الخرائط الخاص بشركة آبل يدعي حماية خصوصية المستخدم، لكن عليك أن تنتقل إلى الإعدادات والخصوصية وخدمات الموقع وحدد خيار "أبدا" أو "اسأل في المرة القادمة" أو "أثناء استخدام التطبيق" أو "دائما" لكل تطبيق.

بعد تغيير الإعدادات على هاتفك يمكن لحسابك على جوجل تتبع موقعك، ولمنع ذلك تحتاج إلى زيارة صفحة التحكم على الموقع وإلغاء الأمر، وسيؤدي ذلك إلى إيقاف نشاط موقعك مؤقتا ومنع جوجل من حفظ المكان الذي تذهب إليه، حتى إذا كنت لا تستخدم تطبيقا معينا من جوجل.

يمكن لخرائط جوجل التنبؤ بمسارات المرور، والتوصية بالأماكن القريبة التي قد تكون مهتما بها، ومشاركة موقعك مع الأصدقاء، ولتشغيل كل هذه الميزات، تحتاج جوجل إلى جمع الكثير من البيانات منك.

خيارات أخرى

هناك خيارات أخرى، مثلا "Open Street Map" هي خدمة خرائط مفتوحة المصدر يتم تحديثها بواسطة متطوعين باستخدام صور الأقمار الصناعية ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS). 

و"Open Street Map" منظمة غير ربحية، ما يعني أنها لا تبيع أي بيانات عنك. لم يتم تصميم الخدمة لتقليل عمليات جمع البيانات، لكن سياسة الخصوصية الخاصة بها لا تذكر أي إعادة استخدام تجاري، لكنها تقول: إن البيانات قد تُستخدم بتنسيق مجهول الهوية "لأغراض البحث والأغراض الأخرى".

تقول الشركة: إنها تستخدم التشفير لمزامنة البيانات عبر الأجهزة، ولا تربط المعلومات بالجهاز الخاص بك وتستخدم أيضا عملية تسمى "التشويش" لإخفاء المعلومات الشخصية على خوادم آبل.

قال جوناثان ماير، عالم الكمبيوتر في جامعة برينستون، وكبير التقنيين السابق لمكتب إنفاذ لجنة الاتصالات الفيدرالية الأميركية، في تصريح لصحيفة "إندبندنت" البريطانية: إن "تخزين بيانات الموقع فيه انتهاك واضح للمستخدم. يجب إيقاف تشغيل جميع التطبيقات التي تحتفظ فيها بسجل الموقع". 

وفي 2018 قال متحدث باسم جوجل لوكالة أسوشيتد برس: "هناك عدد من الطرق المختلفة التي قد تستخدم بها جوجل الموقع لتحسين تجربة الناس". 

قبل أن يضيف: "نحن نقدم وصفا واضحا لهذه الأدوات، وأدوات تحكم قوية حتى يتمكن الأشخاص من تشغيلها أو إيقاف تشغيلها، وحذف تواريخها في أي وقت".

أمن البيانات

تفسير جوجل لم يقنع العديد من المشرعين، وأخبر السيناتور الأميركي مارك وارنر، من فرجينيا وكالة أسوشيتد برس أنه من "الشائع بشكل محبط أن يكون لشركات التكنولوجيا ممارسات مؤسسية تختلف بشدة عن توقعات مستخدميها".

وحث وارنر على السياسات التي من شأنها أن تمنح المستخدمين مزيدا من التحكم في بياناتهم. فيما دعا النائب فرانك بالوني من ولاية نيو جيرسي إلى "تشريع شامل لخصوصية المستهلك وأمن البيانات" في أعقاب الضجة التي أثارها تقرير وكالة أسوشيتد برس في 2018.

تقول الشركة: إنه لمنع جوجل من تخزين البيانات، يمكن للمستخدمين إيقاف تشغيل إعداد آخر لا يشير على وجه التحديد إلى معلومات الموقع. يُطلق عليه "نشاط الويب والتطبيقات"، ويخزن هذا الإعداد مجموعة متنوعة من المعلومات من تطبيقات جوجل ومواقع الويب من حسابك.

وتخضع شركات التكنولوجيا الضخمة لتدقيق متزايد بشأن احترام خصوصية المستخدمين، بعد سلسلة من فضائح الخصوصية على فيسبوك وقواعد خصوصية البيانات الجديدة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي. 

في 2017، كشف موقع أخبار "كوارتز" أن جوجل كانت تتعقب مستخدمي أندرويد من خلال جمع عناوين شركات الهواتف المحمولة القريبة حتى لو كانت جميع خدمات الموقع معطلة. 

غيرت جوجل هذه الممارسة وأصرت على أنها لم تسجل البيانات على أي حال. ويقول المتخصصون: إن إصرار الشركة على تتبع مواقع مستخدميها ينبع من سعيها لزيادة عائدات الإعلانات.