هربوا من الجحيم إلى "مراكز الموت".. قصص مريرة لإثيوبيين بالسعودية

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي تقريرا، سلط فيه الضوء على الظروف الإنسانية لما يسمى بالطريق الشرقي للهجرة الذي ينطلق من القرن الإفريقي ويصل إلى السعودية ويسلكه سنويا عشرات الآلاف خاصة من الإثيوبيين. 

وقال الموقع: إن هذه الهجرة لا تحدث ضجة كبيرة رغم الانتهاكات الفظيعة وأهوال الرحلة، حيث يُعتبر طريقها أكثر هدوءا من طريق البحر الأبيض المتوسط. 

وفقا للمنظمة الدولية للهجرة، هاجر  منذ عام 2017، حوالي 400 ألف شخص إلى السعودية على أمل تحسين أوضاعهم الاقتصادية.

وفي العام 2019، عبر 140 ألف شخص خليج عدن أو مضيق باب المندب الفاصل بين اليمن وجيبوتي، وأغلبية واضحة منهم إثيوبيون (92٪)، في حين أن 5٪ من القصر غير المصحوبين بذويهم.

أسباب الهجرة

ذكر الموقع أن وباء كورونا أوقف التدفقات في الوقت الحالي، بسبب صرامة الإجراءات الحدودية، وفي نفس الوقت، تود المنظمة الدولية للهجرة أن تشير إلى أنه إذا انخفض عدد الوافدين بشكل كبير منذ مارس/آذار، فلا يمكن إجراء تقدير دقيق لعدد المهاجرين الذين يمكنهم أن يبلغوا اليمن. 

كما يتوقع التقرير المنشور في أغسطس/آب أن حوالي 75 ألف شخص سيقومون بنفس الرحلة خلال العام؛ لكن الأمر يعتمد على كيفية تطور الوضع في إثيوبيا، التي كانت تواجه صعوبات قبل تفشي جائحة كوفيد 19، نظرا لأن البنك الدولي يصنف الدولة الإفريقية على أنها واحدة من أفقر البلدان، حيث يبلغ متوسط ​​الأجر السنوي حوالي 665 يورو. 

وعلى الرغم من أن الاقتصاد الإثيوبي شهد في السنوات الأخيرة نموا أكبر بكثير من جيرانه، فإن الأحداث السلبية الأخيرة تخاطر بالتسبب في ركود يهدد بإلحاق الضرر بالقطاع الزراعي، الذي يشكو أساسا من صعوبات والذي يشغل حوالي 70٪ من  القوى العاملة. 

هذا فضلا عن تفاقم ظواهر في السنوات الأخيرة، مثل الجفاف وغزو الجراد للمحاصيل وسط شرق إفريقيا. وتحديدا من هذه المناطق الريفية ومن ضواحي المراكز الحضرية، ينطلق غالبية المغادرين لإثيوبيا بشكل غير نظامي.

ولفت الموقع إلى أنه دون صورة للسياق الإثيوبي، من الصعب الفهم لماذا يختار العديد من الشباب القيام برحلة يمكن أن تكون مميتة والتي، في كثير من الأحيان، تختلف تماما عما يتخيله الشباب الإثيوبي. 

وكما أوضح باحث من منظمة غير حكومية تعمل في إثيوبيا لموقع إنسايد أوفر، يعد المسار القانوني المعتاد صعبا للغاية وأكثر تكلفة. ووفقا للمؤشرات يعد جواز السفر الإثيوبي من بين الأضعف ويحتل مرتبة متدينة إلى جانب لبنان وإريتريا وليبيا. 

في المقابل، يتطلب البديل غير النظامي استثمارا أوليا صغيرا، يمكن أن يزيد اعتمادا على الوضعيات الناشئة، وبذلك نمت تجارة تهريب المهاجرين بشكل كبير خاصة منذ بداية الحرب الأهلية في اليمن.

الرحلة وصعوباتها

أكد الموقع بأنه بالنسبة للكثيرين، لا تعني الهجرة السعي إلى تحسين وضعهم الاقتصادي، ولكنها الطريق الوحيد أمامهم. 

لكن وفقا لتقارير المنظمة الدولية للهجرة، يتم اتخاذ القرار بطريقة متسرعة لا تأخذ في الاعتبار المخاطر التي قد تعترض المهاجر على طول الطريق. وفقط 30 ٪ على دراية بالحرب المستمرة في اليمن، في حين أن 50٪ يدركون المخاطر المحتملة للعبور. 

وأضاف بأنه يجب على كل من يرغب في الوصول إلى  السعودية بالضرورة عبور خليج عدن، بدءا من بوصاصو (الصومال) أو من جيبوتي. 

ويمكن لطريق العبور هذا أن يكون قاتلا، بسبب  القوارب المتهرئة التي يتكدسون فيها أو بسبب القوات المسلحة التي أعاقت وصول المهاجرين بوحشية في الماضي، كما وثقت ذلك هيومن رايتس ووتش. 

وبمجرد الوصول إلى اليمن، لا تتضاءل الصعوبات سواء بالنسبة لمن يقرر البقاء هناك، وهم أقلية واضحة، وبالنسبة لمن يرغب في الوصول إلى السعودية، ليجد المهاجرون أنفسهم تحت رحمة المتاجرين بهم، الذي يستغلون ضعفهم لتحقيق أقصى استفادة من كل فرد. 

يضاف إلى ذلك سوء المعاملة والعنف الذي يعانونه، الموثق من قبل المنظمة الدولية للهجرة وهيومن رايتس ووتش، وأيضا تحامل السكان عليهم واعتبارهم حاملين للفيروس مما يؤدي إلى حرمانهم من أي نوع من المساعدة، حتى الأساسية.

لهذا السبب طردت قوات الحوثي في ​​أبريل / نيسان 2020، الإثيوبيين قسرا من مخيم الغار الواقع على بعد كيلومترات قليلة من الحدود.  

ووفقا للشهادات التي جمعتها هيومن رايتس ووتش، تم طرد المهاجرين داخل المخيم وأُجبروا على النزوح إلى الحدود، وقتل الحوثيون من بقي هناك وأطلقوا النار على من حاول الفرار.  

وقالت امرأة إثيوبية تمكنت من النجاة: إن" الكثير من الناس قد غادروا المخيم بالفعل لكنني بقيت ولكن بعد ساعتين بدؤوا في إطلاق النار، رأيت شخصين يقتلان".

مراكز الموت

أردف الموقع بأن الوصول إلى السعودية لا يعني الخلاص، لأن من يوقفه الجنود السعوديون من المهاجرين، يفقد كل ما في حوزته، ويفصل الرجال عن النساء ثم يتم نقلهم إلى محافظة الداير وبعد ذلك إلى مراكز احتجاز في جدة وجازان وصفها المعتقلون بأنها مراكز موت حقيقية. 

واستنكرت منظمة هيومن رايتس ووتش الظروف السيئة للمراكز المكتظة، كما يتضح من تقرير نشره موقع ميدل إيست آي، يتحدث عن وجود 16 ألف مهاجر غير شرعي في مبنى واحد دون عدد كاف من الأسرة والبطانيات وغياب الرعاية الطبية الأساسية.

وتحدث بعض المحتجزين عن تعرضهم  للضرب المبرح لشكواهم من الوضع الذي كانوا فيه. وأكدت الصور المنشورة في التحقيق الذي أجرته صحيفة "تلغراف'' البريطانية نهاية شهر أغسطس/آب هذه الشهادات، وهو ما أكدته أيضا منظمة العفو الدولية  في أحدث تقرير نشرته حول الأمر. 

كما أفاد معدو التحقيق بالوحشية التي يتعامل بها الحراس مع المهاجرين، الذين يتعرضون للمضايقة والضرب والسخرية.

وصرح أحد الأشخاص الذين اتصلت بهم الصحيفة البريطانية: "كثير من السجناء لديهم رغبة في الانتحار أو يعانون من اضطرابات نفسية نتيجة العيش بهذه الطريقة لمدة خمسة أشهر". وتابع يسخر منا الحراس قائلين: إن "حكومتكم لا تهتم لأمركم، ماذا نفعل بكم؟".

وأشار الموقع إلى أن الحكومة الإثيوبية، والتي إن لم تكن متواطئة، فإنها لم تتحرك في الوقت الحالي للتحقيق في شكاوى وشهادات المعتقلين. 

بل على العكس من ذلك، بعد نشر تحقيق صحيفة تليغراف، تحدث "ميدل إيست آي" عن تهديد السلطات الإثيوبية بإجراءات قانونية ضد كل من سيواصل تناول ظروف مراكز الاحتجاز على وسائل التواصل الاجتماعي.  

وبالإضافة إلى التزام الصمت فيما يتعلق بالظروف السيئة لآلاف الإثيوبيين على الأراضي السعودية، حرصت الحكومة الإثيوبية أيضا على شكر النظام الملكي السعودي على "قبول المهاجرين". 

في غضون ذلك، تقترب إثيوبيا من موعد الانتخابات المؤجل إلى عام 2021 وتهدد قضية الهجرة المصحوبة بالتوترات الاجتماعية الأخيرة داخل الدولة بإحراج رئيس الوزراء آبي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2019.