بهاء الأعرجي.. لاجئ عراقي يبيع "هواتف" يتحول لزعيم طائفي يروج التطبيع

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

طالما أثارت تصريحات السياسي العراقي بهاء الأعرجي، التي تأخذ طريقها إلى الإعلام سريعا، جدلا واسعا في الأوساط السياسية والشعبية، لما يثيره من قضايا حساسة ذات أبعاد سياسية وأمنية ودينية، بجانب الكثير من شبهات الفساد التي تدور حوله.

الأعرجي الذي كان أحد قيادات الصف الأول في التيار الصدري ومقربا من زعيمه مقتدى الصدر، بات اليوم مهددا بعقاب من الأخير، بعد حديثه عن احتمالية تطبيع العراق مع إسرائيل في ظل التطورات السريعة التي تشهدها المنطقة.

عامل "موبايلات"

ولد بهاء حسين علي الأعرجي عام 1967، في منطقة الكاظمية بالعاصمة العراقية بغداد، وحصل على البكالوريوس في القانون من جامعة بغداد عام 1988 وعمل في المحاماة مدة قصيرة.

غادر العراق عام 1991 إلى جمهورية أيرلندا ليطلب اللجوء السياسي هناك ويحصل عليه ثم حصل على الجنسية الأيرلندية، وانتقل بعدها ليقيم في العاصمة البريطانية لندن عام 1998.

عمل الأعرجي في لندن أجيرا في محل لبيع الهواتف النقالة يمتلكه رجل الأعمال العراقي (حيدر البازي) ويقع تحديدا في شارع (كرومويل) اللندني، وبقي في عمله حتى سقوط نظام صدام حسين واحتلال العراق عام 2003.

وخلال سنوات اللجوء لم يمارس بهاء الأعرجي العمل السياسي المعارض أبدا رغم أن تلك المرحلة التي أعقبت إقرار قانون "تحرير العراق" عام 1998 من قبل إدارة الرئيس بيل كلينتون شهدت نشاطا سياسيا عراقيا معارضا ساخنا للغاية.

وتأكيدا على وضعه المادي، نشر الصحفي العراقي معد فياض في يوليو/ تموز 2015 صوره تجمعه بالأعرجي، قال إنها بعد تغيير نظام صدام بعام أو عامين، حيث التقيته لحوار بجريدة "الشرق الأوسط" اللندنية.

وأوضح فياض أن اللقاء جرى في شقته الصغيرة المتواضعة في منطقة أولمبيا قرب هامر سميث وسط لندن، خصصتها له البلدية باعتباره فقيرا ولا يمكنه إيجار أو شراء شقة، ولم يكن فيها أثاث كاف سوى هذه الأريكة التي جلسنا عليها سويا.

وأكد فياض عمل الأعرجي في محل لبيع الهواتف النقالة، بالقول: "الأعرجي كان يشتغل عاملا في محل للموبايلات في لندن، وأنا اشتريت منه هاتفين اثنين أحدهما ثريا".

مسعّر طائفية

ظهر الأعرجي على الساحة السياسية العراقية بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، حيث أصبح قياديا في التيار الصدري وعضوا عنهم في "الجمعية الوطنية العراقية"، كما ترأس "الكتلة الوطنية المستقلة" بين عامي 2005 و2006، إضافة إلى كونه مقررا لـ"لجنة كتابة الدستور".

ترأس اللجنة القانونية في البرلمان خلال دورته الأولى عام 2006 إلى 2010، وفي الدورة الثانية كان رئيسا للجنة النزاهة البرلمانية من عام 2010 إلى 2014، إضافة إلى أنه كان رئيسا لكتلة "الأحرار" البرلمانية التابعة للتيار الصدري.

وفي 8 سبتمبر/ أيلول 2014، أصبح نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، واستمر في منصبه لمدة عام، واستقال من منصبه  في 10 أغسطس/ آب 2015، قبل أيام من إجراء رئيس الحكومة تقليصا للكابينة الوزارية ويلغي جميع مناصب نواب رئيس الوزراء الثلاثة.

وخلال مدة دخوله العملية السياسية حصل الأعرجي على درجة الماجستير في القانون الدولي، ثم الدكتوراه من "المعهد العربي العالي للدراسات" عام 2015، رغم أن القانون العراقي يمنع الجمع بين الدراسة والعضوية في البرلمان.

وخلال تقلده العديد من المناصب البرلمانية والحكومية منذ عام 2005 وحتى عام 2015، عرف عن الأعرجي بأنه أحد أبرز السياسيين مسعري الحرب الطائفية التي حصلت في 2006 إلى 2008.

وفي إحدى المقابلات التلفزيونية عام 2010، قال الأعرجي: "المذهب الذي يأخذ الأغلبية في العراق (الشيعة) كانت عليه المؤامرة منذ يوم أبي بكر (الصحابي) وحتى حزب أحمد حسن البكر (الرئيس العراقي الراحل)".

لكن الأعرجي، برر خطابه الطائفي هذا، خلال مقابلة تلفزيونية في يوليو/ تموز 2016، بالقول: "نحن القيادات السياسية عندما جئنا إلى العراق لم تكن لدينا قاعدة شعبية، وأنا كنت قد اتخذت الخطاب الطائفي في الائتلاف العراقي الموحد (الشيعي) حتى أجذب الجمهور وأعمل لي قاعدة".

لم يكن الأعرجي وحده هو مسعر الطائفية، وإنما شقيقه المعمم الشيعي حازم الأعرجي الذي يعتبر أحد أبرز المقربين من مقتدى الصدر، فكان يخطب الجمعة في بغداد عام 2006، ويحرض علنا على قتل أهل السنة، بحجة التخلص من الوهابية والبعثيين.

كسب غير مشروع

في 5 مارس/ آذار 2016 قال مكتب الصدر في النجف: "نود إعلام المواطنين الكرام أن المدعو بهاء حسين الأعرجي نائب رئيس الوزراء المستقيل محجوز في لجنة محاربة الفساد لمدة 3 أشهر".

وحول اعتقاله في مقر إقامة الصدر بالنجف، قال الأعرجي: "لجنة مكافحة الفساد التابعة للتيار الصدري التي تولت التحقيق معه بشأن التهم والشكاوى الموجهة له كان من المفترض أن تصدر بيانا توضح فيه سلامة موقفي من تلك الادعاءات عقب تأكدها من عدم وجود أي نوع من تلك الملفات".

يأتي ذلك بعد أن أعلنت هيئة النزاهة في 18 فبراير/ شباط 2016، عن إحالة كل من بهاء الأعرجي وصالح المطلك وفاروق الأعرجي ونعيم عبعوب إلى القضاء، بتهم "الكسب غير المشروع" و"الاستغلال الوظيفي".

وقالت الهيئة في حينها: إن "المرحلة الأولى من ملف تضخم أموال المسؤولين انتهت"، مؤكدة "إحالة بهاء الأعرجي، وصالح المطلك، وفاروق الأعرجي، ونعيم عبعوب إلى القضاء".

ومنذ استقالة الأعرجي، جرى كشف الكثير من ملفات الفساد بحقه خاصة وأنه كان يعتبر النائب الأكثر شهرة في التيار الصدري آنذاك، حيث كشفت وثائق مسربة قيل إنها من لجنة النزاهة عن "استیلائه" على ممتلكات تعود إلى مواطنين وأخرى تعود للدولة.

وتكشف الوثائق حجم أملاك وعقارات بهاء الأعرجي، بعدما تبين "الكذب" في الكشف عن ذمته المالیة وفندت ادعاءه بشراء العقارات قبل سقوط النظام السابق وتبين أن جميع العقارات جرى تملكها بعد عام 2005.

وتظهر الوثائق أن جزءا من العقارات مسجلة باسم زوجة الأعرجي، إضافة إلى شراء بعض العقارات عن طريق "إجبار" أصحابها أو بخس ثمنها. كما تظهر الوثائق أن شقیقه حازم الأعرجي استولى هو الآخر على ممتلكات مواطنين في بغداد بسلطة شقيقه وسطوة التیار الصدري.

تصريحات مثيرة

بعد خروجه عن التيار الصدري، وإعلان نفسه كسياسي مستقل، دأب بهاء الأعرجي على الخروج في وسائل الإعلام أو إطلاق تغريدات دائما ما تثير الجدل الواسع في الأوساط الشعبية والسياسية.

وكشف الأعرجي عبر مقابلة تلفزيونية في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 عن تحكم نجل السيستاني بالعملية السياسية، بالقول: إن "رؤساء الوزراء السابقين من إبراهيم الجعفري وحتى حيدر العبادي، أتت بهم المرجعية وتحديدا محمد رضا (نجل السيستاني)، والبرلمان كان يصوت فقط".

وكان الأعرجي أول شخصية سياسية تعلن أن الهجوم الذي استهدف "معسكر صقر" في منتصف أغسطس/ آب 2019، إسرائيلي، وقال عبر تويتر: "من خلال طبيعة النيران لحريق مخازن العتاد في معسكر الصقر، يظهر أن طبيعة الأسلحة التي أُحرقت غير عادية ولا تستعملها القوات العراقية ولا حتى الحشد الشعبي، لذا نعتقد أنها عبارة عن أمانة لدينا من دولة جارة وقد استهدفت هذه الأمانة من دولة استعمارية ظالمة بناء على وشاية عراقية خائنة".

وأكد بعد ذلك، خلال مقابلة تلفزيونية في 22 أغسطس/آب 2019 أن "الحكومة بُلغت بأن مواقع الحشد الشعبي ستتعرض لقصف إسرائيلي، وذلك قبل 3 أشهر عندما زار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بغداد والتقى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أبلغ شخصية عراقية عليا بالأمر".

وفي 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، فجر الأعرجي جدلا واسعا حين قال عبر مقابلة تلفزيونية: "العراق مهيأ للتطبيع مع إسرائيل، هذا القرار قد يصدر من النجف وليس بغداد"، في إشارة إلى أن المراجع الدينية الشيعية موافقة على التطبيع.

وأثار تصريح الأعرجي هذا حفيظة التيار الصدري، حيث اتهم حساب "صالح محمد العراقي" على "تويتر"، المقرب من الصدر والمعروف بأنه وزير الصدر، الأعرجي بأنه "عدو النجف"، موجها تهديدا صريحا لنائب رئيس الوزراء العراقي السابق مفاده "إن لم يتأدب أدبناه".