"قسد" مستعدة للحوار.. ما فرص التفاهم مع أنقرة والمعارضة السورية؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أبدى "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد) الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، استعداده للحوار مع تركيا والمعارضة السورية، منتقدا في الوقت ذاته فشل روسيا في رعاية حواراته مع النظام.

وتفرض "قسد" سيطرتها بدعم من القوات الأميركية على مساحات واسعة في مناطق شمال وشرق سوريا، والتي تعتبر منطقة غنية بالثروات كونها تضم حقول النفط، فيما ترفض المعارضة بقاء هذه القوات وتحكمها في المدن ذات الغالبية العربية.

فشل روسي

تعد هذه المرة الأولى التي يعلن فيها "مسد" بشكل صريح استعداده للحوار مع "الائتلاف الوطني السوري" المعارض الذي طالما وجه إلى "قسد" اتهامات بارتكاب جرائم تهجير بحق عرب وتركمان في منطقة شرقي نهر الفرات بعد سيطرته عليها وإنهاء وجود "تنظيم الدولة" فيها.

ووجهت رئيسة الهيئة التنفيذية لـ"مسد" إلهام أحمد، انتقادات لروسيا بالفشل في لعب دور الضامن للمفاوضات مع النظام، بسبب تعنت الأخير، مؤكدة أن حكومة النظام السوري "نسفت كافة المحاولات لإيجاد حل سياسي لمنطقة شمال شرقي سوريا".

وخلال تصريحات صحفية في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، اتهمت أحمد، النظام السوري بافتعال الفوضى في ريف دير الزور، مؤكدة وجود دلائل لدى "قسد" تثبت هذه الادعاءات.

وقالت إلهام أحمد: "نحن مستعدون للحوار مع تركيا والمعارضة إذا كان الحوار لمصلحة السوريين، وإذا كان ينهي التدخل التركي في المدن، وليست لنا شروط خاصة بنا، لكن الائتلاف لم يبادر ولم يقبل بمبدأ الحوار حتى الآن".

واشترطت إلهام أحمد، ورياض درار الرئيس المشترك لـ"مسد"، خلال تصريحات صحفية بخصوص رغبتهم بإجراء حوار مع "الائتلاف السوري المعارض" بضرورة أن يستقل بقراره عن تركيا.

وتأتي هذه التطورات، بعدما كانت قد جرت عدة جولات تفاوض بين النظام السوري و"مسد" في دمشق وقاعدة حميميم باللاذقية تحت إشراف موسكو، إلا أنها لم تصل إلى نتائج جديدة.

وفي سبتمبر/ أيلول 2019، عقد قائد القوات الروسية العاملة في سوريا ألكسندر تشايكو اجتماعا مع مظلوم عبدي قائد "قوات سوريا الديمقراطية"، في بلدة عامودا التابعة لمدينة الحسكة والواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، تمهيدا لتنفيذ اتفاقية وقعت بين "قسد" وقوات النظام السوري برعاية روسية.

وتحدث عبدي في حينها عن الاتفاق وآلية نشر الشرطة الروسية في كل من بلدتي عامودا وتل تمر بالحسكة، وعين عيسى بالرقة، وكتب على حسابه بتويتر أن هدف الاتفاق "أمن واستقرار المنطقة".

وخلال تصريحات صحفية، في 5 سبتمبر/ أيلول 2019، اعتبر بدران جيا كورد، كبير مستشاري "مسد"، أن توقيع اتفاقية بين "قسد" والروس خطوة متقدمة من بنود الاتفاقية العسكرية المبرمة مع القيادة العامة للجيش السوري، بالقول: "الاتفاقية مع النظام كانت برعاية روسية".

وأكد أن انتشار الشرطة العسكرية في المنطقة، لمراقبة تنفيذ بنود الاتفاق بين الجانبين، وأن القوات الأميركية العاملة في هذه البلدات الثلاث تركت مواقعها للجيش الروسي.

تفاهمات مستحيلة

وعلى ضوء التصريحات التي أدلت بها إلهام أحمد، رأى المحلل السوري أحمد كمال في حديث لـ"الاستقلال" أن إمكانية تفاهم "قسد" مع المعارضة السورية، "معدومة تماما"، لأن مشروعها يتناقض تماما مع المعارضة.

وأوضح أن المعارضة السورية تحمل أهداف الثورة، وهي إقامة دولة حرة مدنية، أما "قسد" فمشروعها عنصري توسعي وأجنبي عن المشروع السوري، لأنها ذراع مليشيات حزب العمال الكردستاني "بي كاكا"، الذي ليس له علاقة بسوريا.

أما بالنسبة لتركيا، فرأى كمال أن الأمر نفسه ينطبق عليها، فكيف لها أن تتفاهم مع منظمة "بي كاكا"، كونهم يقتلون المدنيين بزرع القنابل في تركيا، لذلك الأمر مستحيل مطلقا، مشيرا إلى أن جميع الذرائع التي تسوقها "قسد" بخصوص عدم انتمائها لـ"بي كاكا"، تزيلها الصور التي تضعها لعبد الله أوجلان في مناطق سيطرتها بسوريا.

وبحسب كمال، فإن "كلام إلهام أحمد تعودنا عليه، وهو مبني على الكذب ولا يمت إلى الحقيقة بصلة، لأن الحقيقة في واد وما يقولونه في واد آخر، ولو كان كلامها حقيقيا لكان بالفعل في مصلحة الشعب السوري، بعربه وكرده وتركمانه".

وأشار إلى أن "الروس لديهم أدوات لضرب هؤلاء، ففي الوقت الذي تظن فيه  إلهام أحمد أن أميركا سوف تحميها من الروس والنظام والأتراك والشعب السوري، لكنهم يعلمون أنهم لا يستطيعون معاداة النظام وروسيا، لأنهم شركاء في كل ما يرتكبونه".

وفي السياق ذاته، قال الصحفي الكردي شيرزان علو: إن التصريحات الصادرة عن "قسد"، حول استعدادها التفاوض مع المعارضة السورية وتركيا، تأتي متناغمة مع التوجه الأميركي الجديد، الهادف إلى دمج "قسد" بالمعارضة السورية، ليشكلا معا ثقلا كافيا في المفاوضات السياسية الهادفة إلى تسوية الملف السوري، بشكل نهائي.

لكن الصحفي الكردي أشار خلال تصريحاته الصحفية في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 إلى تيار داخل "قسد" رافض للقطيعة مع موسكو ودمشق، وهو تيار تابع بشكل مباشر إلى حزب "العمال الكردستاني"، ويتلقى الأوامر من جبال قنديل، شمال العراق.

شروط للتفاوض

وبخصوص الحديث عن ضغوط أميركية على "قسد" لإجراء تفاهمات مع تركيا والمعارضة السورية، قال المحلل السوري أحمد كمال: إنه من غير المعروف حتى الآن ما إذا كانت الولايات المتحدة تمارس الضغط على "قسد" للدخول في مفاوضات مع أنقرة والمعارضة.

ورجح كمال أن ترفض أنقرة والمعارضة السورية إجراء مفاوضات مع "قسد" أو على الأقل تضع شروطا لانسحاب هذه المليشيات الكردية من المناطق العربية الخالصة في سوريا، مثل: الرقة والطبقة والشدادي وتل رفعت ودير الزور وغيرها الكثير.

وأردف المحلل السوري، قائلا: "إذا جرى انسحاب مليشيات قسد التابعة لحزب العمال الكردستاني، ففي هذه الحالة فقط يكون الكلام الذي أدلت به إلهام أحمد حقيقيا، أما غير ذلك فهو كلام جميل، سمعناه سابقا ولم ينفذ منه شيء، وأظن أن تصريحاتها جاءت لأمر ما بين الروس الأميركيين ليس أكثر".

من جانبه، قال الصحفي الكردي شيرزان علو: "التوتر بدأ يتزايد بين روسيا وقسد، منذ توقيع الأخيرة على اتفاق نفطي مع شركات أميركية، لتطوير حقول النفط شرق الفرات".

وأضاف: "الولايات المتحدة ضغطت مؤخرا على قسد، لمنع تحقيق تقارب بين الأخيرة وروسيا، والنظام السوري بطبيعة الحال، والتركيز بدلا عن ذلك على إنجاح المفاوضات الكردية - الكردية، ومن ثم الانتقال إلى حوار كردي- عربي، لتشكيل إطار من أهالي منطقة شرق الفرات، يكون قادرا على التفاوض مع الأطراف السورية".

تصريحات إلهام أحمد، لم تجد صداها لدى "الائتلاف الوطني السوري" وفق قول عضو الهيئة السياسية بالائتلاف عبد المجيد بركات: "هذه ليست المرة الأولى التي تلمح فيها قسد لرغبتها بالحوار مع الائتلاف، حتى اللحظة لم يصل إلينا شيء رسمي من قبلها".

وقال بركات خلال حديث صحفي في أكتوبر/ تشرين الأول 2020: إن هناك "رغبة أوروبية وأميركية بفتح باب حوار مع قسد، لكننا نضع شروطا وطنية لهذا الحوار، أولها فك الارتباط مع حزب العمال الكردستاني من هذه القوات، وتفاوضها من دون شروط، والتشاركية في إدارة المنطقة، إضافة إلى معالجة ملفات حقوقية لها علاقة بانتهاكات مورست ضد عرب وتركمان وأكراد من قبل قسد".

ورأى بركات أنه "من الصعوبة فتح حوار مع أي جهة لها مشروع عابر للحدود، وجذورها السياسية ليست سورية"، مضيفا: "إذا صح ما نُسب إلى قياديين في قسد حول اشتراطهم فك ارتباط الائتلاف بالجانب التركي، فهذا أمر يدلّ على أن هذه القوات تعيش أزمة سياسية، لأنه من الواضح أن ساحة صراعها إقليمية لا تعني المعارضة السورية، والأجدى أن تتحدث هذه القوات عن فكّ ارتباطها بالنظام وحزب العمال".