تعاملهم بعنصرية.. لماذا تسعى إسرائيل لاستقدام 2000 من يهود الفلاشا؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مؤخرا صادقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع على جلب 2000 يهودي، من طائفة الفلاشا الإثيوبيين إلى إسرائيل، عقب إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وقت سابق عزمه جلب ألفي يهودي من إثيوبيا، في إطار "قانون العودة" اليهودي.

القناة السابعة العبرية قالت: إن الحكومة صادقت خلال جلستها يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2020، على اقتراح وزيرة الهجرة والاستيعاب بنينا تامونا شطا، بجلب ألفين من الفلاشا، بحلول نهاية 2020، وبداية 2021.

وقالت الوزيرة الإسرائيلية التي تنحدر من أصل إثيوبي: إنها سعيدة للغاية بهذا القرار الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع، وأضافت أن الـ2000 يهودي تم اختيارهم على معايير القرابة، وأنهم سيجلبون من يوجد آباؤهم في إسرائيل.

قانون العودة

في 5 مايو/أيار 1950 صدر تشريع إسرائيلي يعطي اليهود في كل أنحاء العالم، حق الهجرة والاستقرار في إسرائيل ونيل جنسيتها وأطلق عليه "قانون العودة"، وفي 1970 تم تعديل القانون ليشمل أصحاب الأصول اليهودية وأزواجهم.

البند السادس من القانون الإسرائيلي ينص على تجميع الشتات والمستوطنات اليهودية، حيث تقول المادة: "تعمل الدولة تجميع شتات اليهود في الخارج وتعزيز المستوطنات الإسرائيلية في أراضيها وتوفير الموارد لذلك".

وتهدف إسرائيل بتشريعها إلى تجميع الشتات اليهودي في أنحاء العالم، وذلك للقدرة على تعزيز وجود الدولة اليهودية، من خلال تعزيز المستوطنات وزيادة الاستيطان.

ومنذ عام 1975 تعمل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على جلب اليهود من إثيوبيا، عبر عمليات تهجير سرية.

واستنادا إلى دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، فإنه بنهاية 2017، بلغ عدد اليهود من أصل إثيوبي في إسرائيل 148 ألفا، بينهم 87 ألفا ولدوا في إثيوبيا، و61 ألفا في إسرائيل.

وشهدت ثمانينيات القرن الماضي سلسلة من العمليات الاستخباراتية لجلب يهود إثيوبيين من السودان من قبل عملاء جهاز الاستخبارات الخارجية في إسرائيل "الموساد"، وبتعمليات مباشرة من رئيس الوزراء حينها مناحم بيجين.

وفي العقد التالي وبالتحديد عام 1991 تم نقل عدد آخر من يهود إثيوبيا إلى إسرائيل عبر عدد من الرحلات الجوية. ونقلت وكالة الأناضول عن رئيس الطائفة اليهودية في إثيوبيا "أندو ألم ووغو"، قوله: إن قرابة 135 ألف يهودي إثيوبي يعيشون في إسرائيل، بينما ما يزال نحو 8 آلاف يعيشون في إثيوبيا وينتظرون السماح لهم بالدخول.

وبدخول 2000 يهودي إلى إسرائيل كما هو مخطط لذلك، سيتبقى نحو 6 آلاف ينتظرون السماح لهم بالدخول، وتسعى إسرائيل لجدولتهم مستقبلا، ثم إدخالهم وتوزيعهم على المستوطنات الإسرائيلية.

ويتهم يهود الفلاشا نتنياهو بالعنصرية، لأنه سمح لليهود من دول أوروبية بالهجرة إلى إسرائيل بينما أغلق الباب أمام الإثيوبيين، بحسب رئيس الطائفة.

الرئيس الإثيوبي آبي أحمد، لم يمانع في هجرة اليهود الجماعية إلى إسرائيل، وذكر مكتب نتنياهو أن الأخير اتصل بنظيره الإثيوبي وأبلغه عزمه على جلب 2000 يهودي إلى إسرائيل، فأعلن آبي أحمد موافقته.

وتسمح إسرائيل بدراسة طلبات الهجرة للفلاشا مورا بشكل شخصي منفرد حسب كل حالة، كما يقيم الآلاف منهم في معسكرات "غوندور" و"أديس أبابا" في إثيوبيا.

ديمقراطية زائفة

التشريع الإسرائيلي المسمى قانون العودة يؤكد أن إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي قامت على أساس ديني طائفي، وأنها وطن لأتباع ديانة بعينها.

وفي الوقت الذي تدعي أنها تقوم على أساس ديمقراطي، يكشف البند الأول من دستورها أنها وطن قومي لليهود من جميع أنحاء العالم، وانبثقت تلك التشريعات عن ذلك الدستور وعن تلك القوانين الطائفية.

ما يؤكد تلك العنصرية أنه وفق القانون اليهودي، لا يحق لأحد أن يتبوأ مناصب رسمية إلا إن كان يهودي الأصل، أي يهودي الأم، وكذلك لا يحق لغير اليهودي كعرب إسرائيل أن يتبوأ مناصب تقرر مصير البلاد.

وأقر الكنيست (البرلمان) اليهودي في يوليو/تموز 2018، بغالبية 62%، قانونا يقضي بحصر حق تقرير مصير البلاد باليهود فقط، وهو الأمر الذي لقي انتقادا من قبل عرب إسرائيل.

درجة ثانية

علاوة على العنصرية والتمييز الذي تضمنها الدستور الإسرائيلي، فإن الممارسات الإسرائيلية تجاه يهود الفلاشا هي الأخرى مليئة بالعنصرية وباعثة على الكراهية.

حسب "بي بي سي" البريطانية، فإن اليهود الإثيوبيين واجهوا صعوبة في الاندماج داخل المجتمع الإسرائيلي لأسباب أبرزها التمييز ضدهم من قبل المجتمع والدوائر الرسمية للدولة.

وكانت تظاهرات واحتجاجات ليهود إثيوبيين قد اندلعت في أنحاء عدة من إسرائيل، عقب مقتل شاب يهودي إثيوبي على يد شرطي خارج الخدمة.

ونددت تلك المظاهرات بمقتل الشاب، وقالت: إن تلك الحادثة حصلت نتيجة التمييز الذي يواجهه يهود الفلاشا من قبل المجتمع الإسرائيلي والدوائر الحكومية الذين تعتبرهم مواطنين من الدرجة الثانية.

ونقلت صحيفة القدس العربي اللندنية عن الكاتبة المصرية نجاح عبد الله سليمان أن اليهود الفلاشا "مواطنون من الدرجة الثانية، وأن الإسرائيلين لا يزالون ينظرون إلى المهاجرين الإثيوبيين نظرة فوقية لدواع شتى، منها لون البشرة".

وأضافت سليمان، رغم أن إسرائيل تقدم نفسها على أنها تلتزم بقيم الديمقراطية والتعددية والمساواة، إلا أن اليهود الإثيوبيين يتهمون الإسرائيليين البيض بممارسة 'التمييز العنصري النظامي الممنهج ضدهم، وحرمانهم من حقوقهم الشرعية،  

وفي مقاله بصحيفة "الرأي" الأردنية تحت عنوان "انتفاضة الإثيوبيين تكشف زيف الديمقراطية الإسرائيلية"، يقول الكاتب عودة عودة: إن تظاهرات الفلاشا تكشف أن الإسرائيليين "سائرون نحو التفكك الكامل للديمقراطية الإسرائيلية".

مضيفا: "إسرائيل تقتل أبناءها من اليهود الإثيوبيين لأنهم من ذوي البشرة السوداء لا أكثر، تماما كقتلهم للفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وبدون أي سبب سوى أنهم عرب".

وفي صحيفة العرب اللندنية، كتب السياسي الفلسطيني والسفير السابق عدلي صادق قائلا: "الإسرائيليون ينظرون إلى "يهود الحبشة على أنهم محض زنوج ورعاع يستحقون قطع نسلهم".

مضيفا أن هذه الأحداث كشفت أكثر فأكثر عن وجه إسرائيل العنصري، وسمعت تصريحات شخصيات ذات مسؤوليات سياسية مركزية، تصف الإثيوبيين بــ"الزنوج" و"الرعاع" والمختلفين عن الإسرائيليين في كل شيء.

يهود الفلاشا

وتعود جذور معظم يهود الفلاشا إلى طائفة "بيتا إسرائيل"، وهي طائفة ضاربة في القدم تعود لنحو 2000 عام، وتتمركز في جغرافية مملكة أكسوم القديمة  التي كانت تمتد على أراضي إثيوبيا حاليا وأجزاء من اليمن.

وتوجد أدلة أثرية وتاريخية على الوجود اليهودي في إثيوبيا تصل إلى القرن الرابع الميلادي.

ورغم وجود المسيحية كديانة قديمة في إثيوبيا، إلا أن معظم اليهود اعتنقوا المسيحية في القرن التاسع عشر بالتزامن مع الغزو الإيطالي لإثيوبيا منذ 1936 وحتى 1941، حيث انتشر المنصرون في تلك الفترة لخلق حاضنة اجتماعية تتقبل القيم الأوروبية.

ويشكل المسيحيون نحو 60% من إجمالي سكان الدولة الذي يتجاوز 110 ملايين نسمة، في حين يشكل المسلمون نحو 35% على الأقل، وإزاء عدد السكان الهائل فإن اليهود لا يشكلون رقما كبيرا، بجانب ديانات أخرى.

ولا يختلف الإثيوبيون بجميع دياناتهم في نمط الحياة، لكنهم يختلفون، بطبيعة الحال، في طريقة العبادة، إلا أن لليهود الإثيوبيين تقاليد خاصة، تميزهم عن بقية مكونات المجتمع الإثيوبي، فالعائلات اليهودية تعيش في قرى خاصة، وتتجنب الاختلاط، ولا تتزاوج إلا فيما بينها للحفاظ على العرق اليهودي.

ويتحدث الجميع اللغة الوطنية الأمهرية، بما في ذلك اليهود، وهو الأمر الذي ضاعف من صعوبة اندماجهم في المجتمع الإسرائيلي.