قطر والإمارات تتصارعان على "الشبح".. القرار بيد إسرائيل أم أميركا؟

أحمد علي حسن | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

التنافس بين قطر والإمارات يتصاعد ليصل صداه إلى خارج منطقة الخليج العربي، في محاولة لاقتناء طائرات إف - 35 الأميركية والمعروفة إعلامياً باسم "الشبح".

قطر ومن قبلها الإمارات، تقدمتا رسميا بطلبين منفصلين للحصول على المنظومة التي لا تمتلكها أية دول في منطقة الشرق الأوسط، باستثناء إسرائيل التي تتطلع إلى احتكارها.

في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020، كشفت وكالة "رويترز" أن قطر قدمت طلبا رسميا للولايات المتحدة لشراء طائرات مقاتلة من طراز إف -35 في صفقة قد توتر العلاقات الأميركية مع السعودية وإسرائيل.

قبلها بنحو أسبوعين، ذكرت وكالة "بلومبرج" الأميركية أن أبوظبي تقدمت بطلب رسمي إلى واشنطن لإبرام صفقة تحصل بموجبها الإمارات على الطائرات المصنفة ضمن الأغلى في العالم.

ورغم أن العلاقات الأميركية مع قطر والإمارات كل على حدة، تعيش في أفضل مراحلها، فإن البيت الأبيض لم يصدر أي تعليق بشأن إمكانية الموافقة على الطلبين أو رفضهما.

ويبدو أن القول الفصل بمنح الضوء الأخضر لواشنطن، في يد إسرائيل التي تزعم أن حصول دولة ما على الطائرات المتطورة يهدد ما يسمى أمنها القومي.

الموقف الواضح في ظل السيناريوهات المطروحة هو رفض إسرائيل المطلق لمثل تلك الصفقات، إذ سارعت لإعلان اعتراضها على الطلب القطري ومن قبله الإماراتي رغم أنها أبرمت اتفاق تطبيع مع أبوظبي.

الطائرة الأعجوبة

الخبير العسكري، العميد ركن صبحي ناظم توفيق، الذي يطلق على الطائرة اسم "الأعجوبة"، يرى في حديثه لـ "الاستقلال" أن قطر تسعى للحصول عليها نظرا لكونها نموذجية.

ويؤكد أنه -في حال حصلت عليها- "سيكون لها سطوة في المنطقة، كون الطائرة "أسرع من الصوت، وغير ممكن ملاحظتها أو رؤيتها، وكذلك لا ترصدها الرادارات".

ويزيد توفيق في سرد مزاياها: "تقلع وتهبط عموديا بمسافات قصيرة جدا تقدر بعشرات الأمتار، ومزودة بأنواع من الأسلحة المتطورة، إضافة لمعدات الكشف والمراقبة ليلا ونهارا وفي جميع الأحوال الجوية".

ماذا سيضيف ذلك لقطر عندما تمتلكها؟ سألنا الخبير العسكري فأجاب باختصار: "ستكون سيدة الجو على الأقل في منطقتها (الخليج العربي) وأجوائها المحيطة".

ويقول توفيق: "لو لم تمتلك الإمارات هذه الطائرة فلا ضمان للخصام (الأزمة الخليجية) الموجود بين الطرفين رغم امتلاكها للقوة الجوية الممتازة، فهي مجهزة بالطائرات مثل طائرات إف - 16 وغيرها".

ويرى أنه "لو امتلكتها قطر ستأخذ السطوة في ذلك، وستتفوق على الإمارات في هذا المجال"، لأن الطائرات التي تملكها أبوظبي لن تكون بكفاءة إف - 35 القادرة على اختراق الأجواء بعيدا عن الرادارات؟".

ومنذ 5 يونيو/حزيران 2017، تتواصل أزمة سياسية بعد حصار قطر من قبل الإمارات والسعودية والبحرين من جهة أخرى، بزعم "دعم الدوحة لـلإرهاب"، وهو ما تنفيه الأخيرة قطعا وتقول إنها محاولة للسيطرة على قرارها السيادي.

فرضية بعيدة

الخبير العسكري يؤكد أنه إذا وافقت واشنطن على تزويد الدوحة بها، فإن تل أبيب ستعارض الأمر خاصة في هذه المنطقة، على عكس دول أخرى غير موجودة في الشرق الأوسط.

ويستدرك: "لكن موقفها (إسرائيل) سيكون معارضا بالنسبة للدول العربية والإسلامية، انطلاقا من خوفها من مسألة سوء العلاقات بينها وبين قطر على سبيل المثال مستقبلا".

ويضيف توفيق: "في تلك الحالة يمكن للطائرة أن تصل إلى إسرائيل من دون أي تزود بالوقود جوا، وتستطيع استهداف مناطق في إسرائيل والعودة سالمة من دون أن تكشف".

وتحظى علاقات الولايات المتحدة وقطر في المجال العسكري بتميز، حيث يتمركز نحو 13 ألف جندي أميركي، أغلبهم من سلاح الجو، في قاعدة "العديد" على بعد 30 كلم جنوب غرب العاصمة الدوحة.

وتستخدم واشنطن هذه القاعدة الإستراتيجية التي تمثل أكبر وجود عسكري لها بالشرق الأوسط، في حربها ضد تنظيم "داعش" بسوريا والعراق.

رفض إسرائيل

الكاتب والمتخصص بالشأن الإسرائيلي محمود مرداوي، استعجل الرد على سؤال حول الموقف الإسرائيلي، قائلا: "تل أبيب بلا شك سترفض الطلب القطري بشكل حاسم وجاد، وذلك سيكون عائقا حقيقيا".

ويقول لـ"الاستقلال": "حتى وإن كانت العلاقة القطرية تبدو توافقية مع الإدارة الأميركية في المنطقة، لكن إسرائيل لا ترى نفسها مضطرة إلى التهاون مع هذا الطرح".

ويلفت مرداوي إلى أمر مهم يتعلق بـ "اللوبيات الصهيونية" (جماعات الضغط) التي "تستطيع أن تضغط باتجاه رفض الطلب"، مؤكدا أن "هذا الأمر ليس افتراضيا إنما أصبح معلنا".

وفي هذا الإطار، يشير إلى تصريح لوزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين حول معارضة تل أبيب الأكيدة لأي صفقة بين قطر وأميركا بهذا الشأن.

وكان كوهين قد أعلن في مقابلة أجراها مع إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي "جالاتس"، نشرتها صحيفة "معاريف"، أن "إسرائيل مهتمة بالحفاظ على تفوقها النوعي عسكريا، خاصة في مواجهة دولة صديقة لإيران"، في إشارة للدوحة.

ويرى مرداوي، في هذا السياق تحديدا، أنه "بمجرد حصول قطر على طائرات الشبح الأميركية، سيصبح هناك خلل في ميزان القوى" بمنطقة الشرق الأوسط.

وخشية إسرائيل من حصول قطر على طائرات إف - 35، كما يقول مرداوي: "تنطلق من القدرات الهائلة التي تتمتع بها في الحصول على معلومات أمنية قد تصل حد رصد طائرات تقلع من مطارات الاحتلال الإسرائيلي".

ويتابع: "بالتالي وجود هذه الطائرة في الجو القطري يعني مراقبة تامة لحركة الجيش الإسرائيلي، ولربما تصل هذه المعلومات لأطراف معادية (لإسرائيل)، لأن قطر تربطها علاقة قوية مع حماس وإيران وأطراف أخرى".

خطر وجودي

ويضيف المتخصص بالشأن الإسرائيلي، أن قدراتها على المناورة والاختفاء من الرادارات كبيرة جدا، فإذا تم تعميمها في المنطقة سيشكل ذلك خطرا يقترب من الوجودي على إسرائيل.

ويوضح مرداوي ذلك بالإشارة إلى "صغر حجم دولة الاحتلال، ومحدودية قدرتها على إخفاء المواقع الإستراتيجية المحكمة، والتي تشكل نقاطا حساسة تخل بالتوازن والاستقرار في أي ظرف".

وانطلاقا من ذلك، لن تحاول إسرائيل منح واشنطن الضوء الأخضر لإبرام الصفقة الأميركية مع قطر، "لأنها غير مجبرة على ذلك"، كما يقول مرداوي.

ويستدرك: "لكن إذا كان هناك مقابل لذلك، فسيكون موازيا لتشكيل تغييرات في مواصفات تلك الطائرات وكفاءتها، بحيث تبقى أقل قدرة في التخفي من الرادارات وجمع المعلومات".

ويلفت مرداوي إلى أن ذلك يحتاج إلى ثمن سياسي، ولربما أفضل ما يمكن أن يتلقاه (رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين) نتنياهو حاليا، عملية تضاف إلى الزلزال التطبيعي".

ولا تقيم قطر علاقات رسمية مع إسرائيل، على عكس الإمارات والبحرين اللتين وقعتا اتفاق تطبيع برعاية أميركية بالبيت الأبيض في 13 أغسطس/ آب 2020.

الطائرة "الشبح"

والطائرة هذه قادرة على التحليق لمدى يصل إلى 2200 كيلومتر، وبسرعة تصل إلى نحو 1900 كيلومتر بالساعة، وتحتوي على أجهزة استشعار متطورة، وتتمتع بسرعة تصل إلى نحو ألفي كيلومتر في الساعة.

وبإمكان إف - 35 حمل أسلحة متنوعة كقنابل موجهة بالليزر، وصواريخ موجهة من طراز "جو جو"، وتستطيع التحليق لمسافات بعيدة دون الحاجة إلى التزود بالوقود.

وللطائرة قدرة على تفادي المضادات الأرضية، مثل صواريخ إس 300 وإس 400 الروسية المتطورة، كما أنها قادرة على أداء مهام قتالية حتى في الظروف الجوية الصعبة.

وتسعى العديد من الدول للحصول على المقاتلة، فيما تعد إسرائيل البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي حصل عليها حتى الآن، وتلقت خلال السنوات الأخيرة أولى الشحنات منها.