يحشد مليشياته مجددا.. كيف يخطط حفتر لإفشال الحوار الليبي؟

زياد المزغني | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

وزير الدفاع في حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا صلاح الدين النمروش، وجه مؤخرا دعوة إلى قوات الجيش لرفع درجة الأهبة والاستعداد تحسبا لهجوم محتمل من قبل مليشيات اللواء الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر.

وفي بيان نشرته صفحة وزارة الدفاع يوم 16 أكتوبر /تشرين الأول 2020، أكد النمروش أن الحديث عن تحركات لحفتر باتجاه الغرب مبني على معلومات استخباراتية دقيقة، رغم بيان أحمد المسماري المتحدث باسم مليشيات حفتر، الذي ينفي فيه تحشيد القوات للتقدم غربا.

هذه التخوفات تأتي في وقت تشهد فيه المشاورات السياسية تقدما ملحوظا بعد اتفاق الفرقاء الليبيين على حل الإشكالات العالقة في تقاسم المناصب السيادية والاستعداد لبدء جولة مفاوضات جديدة للتوصل إلى حل نهائي يوقف الصراع المستمر منذ 2011.

متابعون للشأن الليبي يرون أن حفتر لا يزال يحتفظ بالخيار العسكري خاصة مع خسارته لدوره المحوري في المعادلة الليبية والتقارير الدولية التي تتحدث عن إخراجه من أي اتفاق نهائي لتقاسم السلطة في ليبيا.

تحركات مشبوهة

رغم نفي المتحدث الرسمي باسم مليشيا حفتر أحمد المسماري، فإن الأنباء القادمة من الشرق الليبي تؤكد وجود تحركات مشبوهة لمليشيا حفتر، حيث تحدثت مواقع إخبارية محلية عن التحشيد العسكري على تخوم منطقة الجفرة وسرت.

وأكدت وسائل إعلام محلية أن التحشيدات العسكرية التي تجريها قيادة حفتر منذ فترة قوامها مقاتلون مرتزقة من حركات التمرد الإفريقية، بالتنسيق مع مرتزقة فاجنر الروسية.

لكن ذات المصادر أكدت مجددا أن مليشيات تابعة لحفتر أبرزها الكتيبة 128، نقلت تعزيزات عسكرية ومقاتلين، في منطقة الجفرة، قدمت من معسكرات شرق ليبيا، أبرزها معسكر السرية 519 بمدينة أجدابيا، وسط تحركات مشبوهة داخل مناطق الجفرة الثلاث (سوكنة وهون وودان).

كما نددت قبلية البراغثة بالمحاولات الهادفة للزج بأبناء بنغازي في "مغامرات فاشلة جديدة تتمثل في التجهيز لمعاودة كرة الهجوم على العاصمة طرابلس وتدميرها".

وأكد أبناء القبيلة في مدينة بنغازي وضواحيها عبر بيان لهم، دعمهم الحوار السياسي، شريطة ألا يتصدره من تورطوا في دعم الحروب وتأجيجها بين الليبيين.

واستنكر أبناء قبيلة البراغثة تفرد أشخاص معينين بتمثيل برقة وبنغازي في جولات الحوار التي ترعاها الأمم المتحدة، مشددين على ضرورة استبعاد جميع من شجع على عسكرة الدولة وساهم في إطالة المراحل الانتقالية التي أوصلت ليبيا إلى حافة الانهيار والإفلاس.

ويرى متابعون أن بيان القبيلة مؤشر واضح يؤكد وجود حراك ونية من جانب حفتر وحلفائه، لتقويض المساعي الحالية للتوافق على سلطة موحدة تمهد لطرق سياسية لإنهاء الأزمة في البلاد.

من جهته، كشف وزير الدفاع الليبي في حوار مع قناة فبراير عن تحرك أرتال لمليشيا ومرتزقة أجانب في منطقة الجنوب وأنه من المحتمل أن تتسرب إلى منطقة الحمادة (جنوب بلدة الشويرف/ 400 كلم جنوب طرابلس) ثم إلى غريان.

وأشار إلى تحرك أرتال من قاعدة براك الشاطئ الجوية (700 كلم جنوب طرابلس) نحو الحقول النفطية. كما تحدث عن تسلل مرتزقة موالين لحفتر إلى بني وليد وترهونة تحت غطاء الهجرة غير النظامية، في ظل وجود أسلحة مخبأة في المنطقتين.

ومعروف أن مليشيا حفتر، التي كانت متمركزة في قاعدة الوطية الجوية فرت بكامل عتادها الثقيل إلى مدينتي الزنتان والرجبان (170 كلم جنوب غرب طرابلس).

كما أن مليشيا اللواء التاسع ترهونة (غربا) هربت هي الأخرى بكامل عتادها إلى المنطقة الشرقية، وكذلك الأمر بالنسبة لمليشيا الحبوطات بمنطقة ورشفانة (45 كلم جنوب طرابلس) ومليشيا عادل دعاب في غريان، والتي تتحين جميعها الفرصة للعودة مجددا لاستعادة مواقعها التي اندحرت منها.

رهان فاشل

هذه الحشود والمليشيات التي لا تزال توالي حفتر، يرى متابعون أنها ورقة ضغط قوية لحفتر إما في المفاوضات الجارية حاليا في أكثر من مكان، وإما بالمراهنة عليها عسكريا.

يأتي هذا الحشد في انتظار نفاد كل الخيارات الأخرى والتأكد من عدم جدوى الحوار والمفاوضات وفشلها، ليقوم بالدفع بهؤلاء المقاتلين لزعزعة الاستقرار في المنطقة الغربية، والتوغل من جديد باتجاه العاصمة، وبذلك يحقق حفتر طموحه في تنصيب نفسه حاكما أوحد على كامل التراب الليبي.

المحلل السياسي الليبي عصام الزبير استغرب من "وجود مفاوضات ومسارات تسوية سياسية، وفي نفس الوقت استمرار التحشيد العسكري والتحريض الإعلامي الذي قد يشعل الجبهات مجددا، كما لا تزال عدد من الحقول النفطية تحت سيطرة مرتزقة الجنجويد والفاغنر، والدول الراعية للحوار والأمم المتحدة لم تتجه لوقف ذلك".

وأضاف الزبير في حديثه مع "الاستقلال": "ليس غريبا على حفتر أن يتهور ويذهب إلى الحرب من جديد وهو الآن لا يوجد أي شيء يمنعه بل توجد دول تؤثر عليه ولها مصالح في استمرار الصراع المسلح في ليبيا وفي مقدمتها الإمارات العربية المتحدة".

وتابع الخبير السياسي: "أعتقد أن المفاوضات الجديدة هي فقط من أجل ربح الوقت لا من أجل السلام، ومعسكر حفتر يستفيد الآن من وقف إطلاق النار بإعادة تعبئة قوته وترميمها بعد هزائمه السابقة".

قلب الطاولة

لا زال الليبيون يذكرون كيف وأد حفتر مساعي عقد الملتقى الليبي الجامع في مدينة غدامس الذي كان مبرمجا نهاية أبريل/نيسان 2019، إلا أن اللواء المتقاعد خاض مغامرته غير المحسوبة والمدعومة من مصر والإمارات في محاولة السيطرة على العاصمة طرابلس.

وخلال هذه الأسابيع تعددت جبهات الحوار الليبية في المغرب وسويسرا وألمانيا، وكشفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن ملتقى الحوار السياسي سيبدأ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر المقبل في تونس، عقب أسابيع من مشاورات بين الأطراف المحلية والدولية.

وأوضحت أن الملتقى "يهدف إلى تحقيق رؤية موحدة حول إطار وترتيبات الحكم التي ستفضي إلى إجراء انتخابات وطنية في أقصر إطار زمني ممكن، من أجل استعادة سيادة ليبيا والشرعية الديمقراطية للمؤسسات الليبية".

وأكدت أنه استجابة لتوصية غالبية الليبيين، يمتنع المدعوون للمشاركة في ملتقى الحوار السياسي عن "تولي أي مناصب سياسية أو سيادية في أي ترتيب جديد للسلطة التنفيذية".

ولا يزال عدد كبير من الطيف السياسي الليبي يرفض إشراك حفتر في أي حل مستقبلي للأزمة الليبية، وهو ما أكده رئيس الهيئة العليا للتجمع الوطني الليبي لثوار 17 فبراير خالد محمد الصغير، يوم 13 أكتوبر /تشرين الثاني 2020.

الصغير قال: "هناك أربعة أمور عندما يسمعها في الاجتماعات والمشاورات واللقاءات ترتاح النفوس وتهدأ المشاعر، وهي خروج مجرم الحرب خليفة حفتر من المشهد ومحاكمته، ورجوع النازحين من كل مكان".

وتابع الصغير، في تدوينة على حسابه بفيسبوك: "باقي هذه الأمور، هي معرفة مصير المفقودين، ومحاسبة كل من أجرم في حق الشعب الليبي بتدمير أو قتل أو إغلاق نفط أو إهدار ثروة".