ريشي سوناك.. المنافس الجديد لبوريس جونسون بين المحافظين البريطانيين

قسم الترجمة | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "إيل بوست" الإيطالية تقريرا سلط الضوء على ازدياد شعبية وزير الاقتصاد البريطاني، ريشي سوناك، بين الناخبين وداخل حزب المحافظين وارتفاع حظوظه السياسية لخلافة رئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون في رئاسة الحكومة البريطانية المقبلة. 

وقالت الصحيفة: إنه "حتى أشهر قليلة مضت، لم يكن وزير الخزانة معروفا عمليا، لكنه اليوم السياسي المحافظ الأكثر شعبية في حزبه ويحظى بإعجاب العديد لأنه يختلف عن بوريس جونسون. كما يعتبره الكثير الزعيم المستقبلي لحزب المحافظين وسياسي معاصر مختلف تماما عن جونسون".

هندي الأصل

وُلد سوناك في ساوثهامبتون وهو هندي الأصل ويبلغ من العمر 40 عاما، حيث درس في جامعة أكسفورد، ثم في جامعة ستانفورد، و بعد التخرج بعدة سنوات، عمل في المجال المصرفي كمحلل في  مؤسسة "غولدمان ساكس"  ثم في العديد من صناديق التحوط.

وبعد أن أثرته هذه الوظائف، تحسنت ظروفه الاقتصادية بشكل أكبر في عام 2009 بعد زواجه من أكشاتا مورثي، مالكة شركة أزياء، وتدير صندوقا استثماريا وهي ابنة سادس أغنى رجل في الهند.

وفي عام 2015، ترشح سوناك لأول مرة وانتُخب عضوا في البرلمان عن دائرة انتخابية في شمال إنجلترا. ومنذ أن كان صبيا  التحق بعضوية حزب المحافظين ويعتبر مؤهلا ولامعا للغاية.

وفي فبراير/شباط  2020، اختاره بوريس جونسون وزيرا جديدا للخزانة على أمل استبدال الوزير آنذاك ساجد جاويد بشخص طيّع أكثر. وعموما، كان سوناك سياسيا شابا وعديم الخبرة، إضافة إلى كونه غير معروف مثل العديد من وزراء الحكومة الآخرين، ويبدو أن اختياره كان أساسا للبقاء في ظل جونسون. 

وبعد تعيينه، كتبت صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن سوناك نحت حتى تلك اللحظة، مسيرة "دون أثر"، في كل من السياسة والمالية، وأن لا أحد يعرف حقا أي وزير سيكون.

كفاءة عالية

ولفتت الصحيفة الإيطالية إلى أن لا أحد كان يتخيل أن تبدأ فترة تقلده منصب الوزير بتلك الطريقة، بتفشي وباء "كوفيد 19" واندلاع أزمة اقتصادية لم يسبق لها مثيل. لكن منذ أشهر الإغلاق الشامل فصاعدا، تمكن سوناك من العمل بكفاءة عالية، حيث صادق على إجراءات استثنائية وأدار الوضع بنجاح.

وبينما تعرضت حكومته لانتقادات بسبب تعاملها الفوضوي للغاية مع الوباء، بعد أن قلل جونسون نفسه من مخاطر فيروس كورونا قبل أن يصاب به، تم الإشادة بسوناك في الخارج للطريقة التي تعامل بها مع المساعدات الاقتصادية للعمال والأنشطة التجارية بتمكنه من ضمان وصولها إلى جميع من يحتاجها تقريبا وفي وقت قصير.

وبينت الصحيفة أن ما سهل عمل سوناك على الأرجح هي حقيقة أن وزارته تعتبر تاريخيا واحدة من أكثر الوزارات كفاءة في الحكومة، لكن الجميع أشاد بسوناك أيضا لقدرته على إدارة وضع معقد للغاية واستنباط بعض الأفكار.

وفي هذا الصدد، تضمنت إحدى المبادرات التي قدمتها وزارته لمساعدة قطاع المطاعم على تحقيق الانتعاشة، خصومات بنسبة 50 في المئة من فواتير المطاعم التي يختار الناس ارتيادها (والتي سددتها الحكومة لاحقا). وأطلق على المشروع اسم "تناول الطعام بالخارج للمساعدة"، وفي وقت لاحق تم تغيير اسمه إلى "أطباق ريشي".

وكتبت كل من مجلة "الإيكونوميست" وصحيفة ''التايمز''، اللتان غطتا شعبية سوناك غير المتوقعة في الأسابيع الأخيرة، أن الأمور قد تتغير قريبا حيث تواجه وزارته الديون الكبيرة التي ولّدتها الإجراءات الاقتصادية الاستثنائية.

وفي هذا الإطار، قالت مجلة الإيكونوميست: إنه "من السهل أن تكون مشهورا عندما تمنح الناس المال، لكن لأمر أكثر تعقيدا عندما تضطر إلى اقتطاعه". كما تم مؤخرا استبدال خطة مساعدة دخل العمال التي تم تقديمها أثناء الإغلاق الشامل، ببرنامج أقل سخاء ومن المحتمل أن يضطر سوناك إلى رفع الضرائب في المستقبل.

وبدوره، قال السياسي المحافظ البارز أندرو ميتشيل عنه: "لقد أظهر الكثير من الكفاءة"، لكنه أكد أن "الاختبار الحقيقي لوزير الاقتصاد هو تغطية نفقاته".

نقيض جونسون

ونقلت صحيفة "إيل بوست'' عن الصحف البريطانية، قولها: إن شعبية سوناك لم تزد فقط بين الناخبين، ولكن أيضا داخل حزب المحافظين، حيث تحظى كفاءته وطريقته في القيام بالأمور بتقدير كبير. 

وتابعت بأن سوناك نقيض جونسون في الشكل والجوهر، الأول سياسي معروف بأساليبه المتمادية، وبكونه فوضويا للغاية وقليل الاهتمام بتفاصيل وتقنيات السياسة. في المقابل، يبدو سوناك شخصا ودودا ولطيفا وهادئا للغاية، فضلا عن كونه سياسيا منظما، يدرس بدقة القضايا التي يتعامل معها ويمكنه التحدث عنها بدقة كبيرة.

ونوهت الصحيفة الإيطالية إلى أن وزير الخزانة البريطاني يحظى بإعجاب العديد من السياسيين المحافظين لمعارضته بعض خطط جونسون في إدارة الوباء. ففي الأسابيع الأخيرة، على سبيل المثال، عارض إمكانية إغلاق شامل جديد، وقد قدر آخرون براغماتيته في إدارة مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي كان أحد مؤيديها. 

وأوردت صحيفة "تايمز" أن سوناك من بين الوزراء الذين يضغطون على جونسون لإيجاد حل وسط مع الاتحاد الأوروبي للحد من الأضرار التي لحقت بالاقتصاد. وبينما يسعى جونسون، حتى داخل الحزب، إلى أن يكون شخصية مستقطبة، قدم سوناك نفسه على أنه موحد.

وخلصت الصحيفة الإيطالية إلى أن لا أحد في الحزب يفكر في الوقت الحالي في تغيير القيادة، خاصة وأن جونسون فاز مؤخرا في الانتخابات ولا يزال يحظى بدعم العديد من النواب. من جهته، حاول سوناك نفسه، في بعض المناسبات، تجنب الحديث عن مستقبله السياسي، مادحا جونسون علنا.

واختتمت "إيل بوست" تقريرها، بالقول: إن جونسون لا يبدو سعيدا بشعبية وزيره الذي "من المستحيل إقالته" في خضم أزمة اقتصادية وبعد أشهر قليلة من تعيينه.