نقاش افتراضي محتدم.. هل لإيران الحق في المطالبة بإقليم "قره باغ"؟

12

طباعة

مشاركة

تحدثت وكالة أنباء إيرانية عن النزاع القائم على إقليم قره باغ في الوقت الحالي بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان، تناول فيه تاريخ تلك المنطقة وحدودها قديما ومن أحق بملكيتها.

وصلت الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا إلى النزاعات على قرية كلستان والتي كانت مكان توقيع معاهدة كلستان بين إيران وروسيا سابقا، وفق وكالة أنباء "إيران واير".

أثناء توقيع هذه المعاهدة في 25 أكتوبر/تشرين الأول 1813، انفصلت بعض الأجزاء عن إيران وانضمت إلى روسيا. 

وبعودة الحرب إلى قرية كلستان في الوقت الراهن، طرحت العديد من النقاشات على شبكة الإنترنت بشأن إمكانية استعادة أذربيجان الإقليم الحدودي، وهل لا تستطيع إيران أن تطالب بحق ملكيتها في قره باغ التي انفصلت عنها بموجب معاهدة كلستان والضغط عليها من قبل روسيا؟ 

وجرى احتلال الإقليم مجددا من قبل القوات الأرمينية لسنوات، وأعلنت في أجزاء منها عن استقلالها ذاتيا ولكن لا يعترف بها أي من طرفي النزاع بصورة رسمية.

تقييم الأمر

وأكد الكاتب فرامرز داور على رأي منظمة الأمم المتحدة التي أرجعت تبعيتها لجمهورية أذربيجان، ووجوب تركها من قبل المحتلين وإعادتها إليها.

وتسعى باكو من خلال التوتر الأخير إلى إعادة قرية كران بوي أو كلستان سابقا وإخراج الاحتلال الأرمني من قره باغ، تلك القرية التي كانت مكان توقيع معاهدة كلستان بين إيران وروسيا.

وتحتل أرمينيا، منذ عام 1992، نحو 20 % من الأراضي الأذربيجانية، التي تضم إقليم "قره باغ" (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي "آغدام" و"فضولي". 

واندلعت اشتباكات على خط الجبهة بين البلدين، نهاية سبتمبر/أيلول إثر إطلاق الجيش الأرميني النار بكثافة على مواقع سكنية في قرى أذربيجانية، ما أوقع خسائر بين المدنيين، وألحق دمارا كبيرا بالبنية التحتية المدنية، بحسب وزارة الدفاع الأذربيجانية.

وردا على "العدوان الأرميني"، نشرت وزارة الدفاع الأذربيجانية، مشاهد توثق تدمير قواتها مستودع ذخائر للجيش الأرميني.

وتابع الكاتب: خلال معاهدة كلستان التي تم التوقيع عليها بعد الحرب التي نشبت بين طهران وموسكو، انفصلت بعض الأجزاء من منطقة القوقاز عن إيران وتم ضمها إلى القيصرية الروسية مثل منطقة قره باغ التي تتنازع عليها اليوم أذربيجان وأرمينيا.

في أواخر حكم اتحاد الجمهوريات السوفيتية، وُضعت قره باغ تحت حكم باكو، وعند انهيار الاتحاد السوفيتي أعلنت أرمينيا وأذربيجان الاستقلال، حيث كان الإقليم تحت حكم الأخيرة على الرغم من هجمات القوات الأرمينية ومحاولتها احتلالها.

أسئلة وأجوبة

يطرح هذا السؤال خلال هذه الأيام عبر شبكات التواصل الاجتماعي: الآن وبعد قرار أذربيجان في استعادة سيطرتها على قره باغ، أليست إيران أحق منها في المطالبة بملكية الأراضي التي انفصلت عنها، وراغبة في استعادة الإقليم الذي انضم إلى روسيا تحت الضغط العسكري بسبب معاهدة كلستان؟ 

يضرب الناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي العديد من الأمثلة حيث كيف ترغب فلسطين في استعادة أراضيها المحتلة من قبل إسرائيل، أو كيف لروسيا أن تستعيد شبه جزيرة القرم التي منحتها لأوكرانيا أثناء اتحاد الجمهوريات السوفيتية منذ سنوات بالقوة العسكرية وعمل الاستفتاء، أو حتى إيران نفسها هل تستطيع أن تعيد سيطرتها وبسط نفوذها على الجزر الإماراتية الثلاث؟ هل لا يمكن أن تستعيد إيران قره باغ مرة ثانية بناء على هذا الأساس؟

ولكن، يقول الكاتب: إن قضايا أراضي فلسطين المحتلة، الجزر الثلاث، وحتى شبه جزيرة القرم قضايا مختلفة تماما عن منطقة قره باغ.

نقضت إسرائيل عهدها في البيانات الختامية لمجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة، وقامت باحتلال الأراضي الفلسطينية وبعض الأجزاء من سوريا. اعترضت الحكومة الفلسطينية وكذلك السورية على احتلال أراضيهم من قبل إسرائيل، ولن يقبلوا هذا الاحتلال طالبين استعادة أراضيهم من الاستعمار الإسرائيلي.

 وتابع الكاتب أنه تم تسليم شبه جزيرة القرم كذلك إلى أوكرانيا في عهد اتحاد الجمهوريات السوفيتية. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي كانت تدار بصورة مستقلة، ولكن تحت ظل الحكم الأوكراني، حتى في ظل عمل حكومة ليبرالية حديثة في أوكرانيا.

بدأت روسيا إرسال قواتها العسكرية إلى شبه الجزيرة، ثم جرى عمل استفتاء أو استطلاع رأي حيث كان انعقاده بالوجود المتشدد للعسكريين غامضا للغاية وغير مقبول، فانضمت هذه الجمهورية إلى الاتحاد الروسي.

أوكرانيا، الاتحاد الأوروبي، وكل المجتمعات الدولية لم يؤيدوا الغزو الروسي، ولم يعترفوا بضم شبه جزيرة القرم بصورة رسمية. لذا تم فرض العقوبات على روسيا من قبل أوروبا وأميركا.

 كما لفت إلى أن استعادة السيطرة على الجزر الثلاث من قبل إيران كذلك كان بعد خروج بريطانيا من منطقة الخليج العربي. 

نتيجة لعجز الحكومات الإيرانية عن السيطرة على هذه الجزر، تم احتلالها وتولى أمرها عرب الخليج العربي وإنجلترا التي انتدبت من قبل الشيوخ، وكانت إيران معترضة على هذا الاحتلال بشكل منظم إلى أن تمت الموافقة على منح الاستقلال للبحرين،  فاستعادت إيران سيطرتها على هذه الجزر مرة أخرى.

نتائج القضية

تابع الكاتب حديثه قائلا: كان انفصال قره باغ عن إيران وضمها إلى روسيا اضطراريا بموجب معاهدة كلستان، بعد الحرب الأولى بين طهران وموسكو عام 1813.

على الرغم من رفض اللوائح الدولية الحديثة للمعاهدات التي توقع تحت ضغط، إلا أن هذه الحقيقة المتعلقة بانفصال القوقاز وقره باغ عن إيران غير قابلة للإنكار. ومرت 207 أعوام على انفصال الإقليم بموجب معاهدة كلستان.

كذلك تغيرت الظروف والأوضاع بشكل حاسم لدرجة عدم إمكانية استعادة هذه المناطق؛ لأن إيران كانت قد سلمتها لروسيا، حيث إن هذه المناطق تحت حكم دولة ليس لديها علاقات مع إيران وروسيا طوال ثلاثة قرون مضت. 

بالإضافة إلى ذلك لم تتحدث إيران أبدا طوال 207 أعوام مضت عن استعادة هذه المناطق، وبناء على ذلك لا يعتقد وجود أحقية لها في التصرف بها مرة أخرى.

اختتم الكاتب حديثه قائلا: ومن هذا المنطلق، للمناطق المنفصلة من القوقاز عن إيران طبيعة وظروف مختلفة عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعن مناطق سوريا المحتلة، وكذلك شبه الجزيرة الأوكرانية، ملف ضمها إلى إيران مجددا مغلق.