"الدرون" الأمريكية.. قاتل محلق بسماء اليمن يحصد أرواح المدنيين

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

حقق ثلاثة يمنيين انتصارا في قضية بالمحكمة الإدارية العليا في مدينة مونستر الألمانية، قتل اثنان من ذويهم عام 2012 في محافظة حضرموت  بطائرة أمريكية مسيرة، يتم التحكم فيها من قاعدة رامشتاين الأمريكية بولاية راينلان الألمانية.

وذلك بعدما أقرت المحكمة في 19 من مارس/آذار الجاري، أن استخدام الولايات لطائرات مسيّرة من قاعدتها في ألمانيا خالف بشكل جزئي حق يمنيين في الحياة قتلوا في غارات تلك الطائرات،  ودعت إلى وجوب التأكد من احترام الولايات المتحدة للقوانين الدولية، فيما يمكن اعتباره بمثابة انتصار قضائي جزئي، بحسب مراقبين.

وكان اليمنيون قد نقلوا دعواهم إلى ألمانيا في مسعى لدفع برلين كي تمنع واشنطن من استخدام هذه القاعدة لشن مثل هذه الغارات، ورأوا أن ألمانيا تتحمل جزءا من المسؤولية، لكن المحكمة الإدارية في مدينة كولونيا، رفضت الدعوى من قبل؛ حيث رأت في حكمها الصادر عام 2015 أن الحكومة الألمانية غير ملزمة بمنع الولايات المتحدة من استخدام قاعدتها في رامشتاين في شن غارات بطائرات مسيرة على اليمن، غير أنها عادت في 2019 وأقرت بأن ذلك خالف بشكل جزئي القانون الدولي.

حصيلة الضحايا

نشرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، تقريرا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تحدثت فيه عن "الخسائر الخفية" لحصيلة القتلى المدنيين في اليمن جراء الطائرات الأمريكية بدون طيار، وقالت: لقد كان لتلك الحرب تكلفتها الباهظة من خلال القتلى المدنيين الذين أصابتهم الطائرة الأمريكية المسيرة التي تشن حربا على تنظيم القاعدة منذ 16 عاما، أي منذ استهداف برجي التجارة العالمي في مانهاتن.

وأضافت: إنه بالرغم من عدم كشف البنتاغون لعدد القتلى، إلا أنها أجرت عملية تدقيق واستقصاء لضربات طائرات الدرون الأمريكية وقد وجدت أن لا يقل عن 30 مدنيا ليس لهم أي انتماء لتنظيم القاعدة قد قتلوا في عام 2018 فقط، مؤكدة أن عدد القتلى يصل للمئات، وقد أحصى مكتب الصحافة الاستقصائية، بحسب الوكالة، مقتل 1020 مسلحا ومدنيا في 154 ضربة خلال ثماني سنوات، وهي  فترة الرئيس أوباما، بين 2009 و 2016، في مقابل  مقتل 205 مسلحا ومدنيا 176 ضربها نفذتها الطائرات الامريكية في فترة الرئيس ترامب ، أي  في العامين 2017 و2018.  

وأشارت الوكالة إلى أن "تعداد المدنيين من بين هذه الأعداد أمر معقد بسبب صعوبة تحديد من ينتمي إلى تنظيم القاعدة في بلد توجد به مليشيات متعددة، بسبب انضمام  تنظيم القاعدة إلى المعركة ضد الحوثيين، ودمج العديد من مقاتليه في ميليشيات مسلّحة وممولة من الائتلاف المدعوم من الولايات المتحدة".

استهداف المدنيين

 وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد قالت في تقرير لها إن تغيير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قواعد استهداف المشتبه في أنهم إرهابيون، يزيد من خطر استهداف مدنيين بهجمات طائرات بدون طيار، و على إدارة ترامب نشر سياستها الجديدة فورا بشأن عمليات القتل المستهدِف خارج ساحات القتال التقليدية، وتعزيز حماية المدنيين.

وقالت الباحثة في مكافحة الإرهاب في "هيومن رايتس ووتش"، ليتا تايلر: إن "التغييرات التي قيل إن ترامب أدخلها على استهداف المشتبه في أنهم إرهابيون ستقتل المزيد من المدنيين مع تضاؤل الرقابة وزيادة السرية. على الولايات المتحدة زيادة الحماية للمدنيين خارج ساحات القتال وليس إزالتها".

وأوردت صحيفة "نيويورك تايمز" في وقت سابق، أن ترامب وافق على قواعد جديدة تلغي كثيرا من توجيهات السياسة الرئاسية بشأن عمليات القتل المستهدِف، التي أصدرها الرئيس باراك أوباما عام 2013.

وذكرت، أن ترامب خفض مستوى التأكد من مدنية الأهداف، وعدم قتل أو إصابة مدنيين في الحادثة، ومع أن أوباما وضع شرط "شبه اليقين" بعدم قتل أو إصابة أي مدنيين في العملية. تؤكد الأبحاث الميدانية التي أجرتها "رايتس ووتش" خلال إدارة أوباما، وجدت أنه لا يبدو أن الولايات المتحدة تتبع دوما هذا الشرط على أي حال. بحسب التقرير.

استهداف عروس  

منذ إعلان الولايات المتحدة الأَمريكية عن محاربتها للإرهاب بحجة حماية أمنها القومي الأَمريكي إثر هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001،  كانت أولى ضربات الطائرات بدون طيار الأَمريكية باليمن عام 2002 في صحراء مأرب.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة أنها سوف تستهدف إرهابين ومطلوبين، كانت ضرباتها لا تفرق بين إرهابيين ومدنيين، وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد كتبت تقريرا بعنوان (من عرس إلى مأتم)، كشفت فيه عن استهداف موكب عرس بغارة أمريكية بطائرة بدون طيار أسفرت عن مقتل 12 مدنيا وإصابة 15 آخرين، إصابة 6 منهم جسيمة.

 وكانت السلطات اليمنية قد وصفت جميع القتلى في الهجوم بأنهم "إرهابيون"، بينما لم تقر الحكومة الأمريكية مطلقا بشكل رسمي بأي دور لها في الهجوم، لكنها قالت بصفة غير رسمية للإعلام، إن القتلى كانوا متطرفين، وأن العملية استهدفت عضوا بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية هو "أشد المطلوبين"، وقد أصيب وهرب.

لكن  شهودا وأقارب للقتلى والمصابين قابلتهم "رايتس ووتش" في اليمن أكدوا، أن القافلة كانت عبارة عن موكب عرس. وقالوا إن جميع من شاركوا في الموكب كانوا من المدنيين، بما في ذلك جميع القتلى والمصابين، وأنه قد لحقت بالعروس إصابة سطحية في الوجه.

الإمارات تشارك

وكانت القوات الخاصة الإماراتية قد شاركت في عملية إنزال جوي لقوات من المارينز الأمريكية في قرية يكلا بمحافظة البيضاء، في يناير/كانون الثاني 2017 ، والتي أسفرت عن مقتل القيادي في القاعدة عبدالرؤوف الذهب واثنين آخرين، إضافة إلى مقتل 40 شخصا معظمهم من النساء والأطفال.

وقال مسؤول أمريكي حينها لـ"سي إن إن"، إن قوات خاصة إماراتية شاركت في الهجوم الذي نفذته قوة من المهام الخاصة (المارينز)، على قرية يكلا بمحافظة البيضاء (وسط اليمن)، وأن العملية نفذتها القوات الأمريكية ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

الانضمام للقاعدة

من جهته، قال الكاتب الباحث اليمني مراد يحيى، في حديث لـ"الاستقلال"، إنه "بحسب تقارير دولية عديدة، فإن المدنيين هم أكثر الناس عرضة للغارات الأمريكية بدون طيار، وهذا هو أهم الأسباب الذي يدفع أقارب الضحايا للانضمام للقاعدة، ليس رغبة في القاعدة، بل عداء لسياسية الولايات المتحدة واستهدافها للأبرياء، بمعنى أن الولايات المتحدة هي التي تجند الآخرين ليكونوا ضمن جماعات متطرفة، بعد استهداف أقارب لهم".

وكان فيلم وثائقي لـ"بي بي سي"، قد كشف أن "تجنيد مقاتلين جدد للانضمام لتنظيم القاعدة في هذه المنطقة لا يعتمد بالضرورة على الرغبة في المشاركة في الجهاد، بل يعتمد في كثير من الأحيان على عوامل وصراعات محلية، فالانضمام للقاعدة يحدث في كثير من الأحيان في إطار الصراع من أجل البقاء". وأضاف أن "هناك مقتل عدد كبير من المدنيين اليمنيين، ووجود تناقضات في سياسات الولايات المتحدة في اليمن، تُخالف أهدافها الاستراتيجية المعلنة هناك".