موقع إيطالي: تطبيع الإمارات عكر مزاج السيسي لكنه لا يستطيع "فتح فمه"

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع إيطالي عن تراجع مكانة مصر عربيا في عهد عبد الفتاح السيسي وتداعيات تهميش دورها في اتفاقات التطبيع بين إسرائيل وحلفائها ومموليها الخليجيين، الأمر الذي أدى إلى فقدانها مركزيتها في الخيارات السياسية الإقليمية. 

وقال موقع وكالة ''نينا'' الإيطالية للأنباء: إن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي ظهر في الأسابيع الأخيرة مبتسما وغير مبال للإدانات الدولية لوحشية نظامه ضد المعارضين والناشطين في مجال حقوق الإنسان، بفضل الحصانة التي تضمنها له الولايات المتحدة وأوروبا. 

وأوضح أن ذلك يعود إلى ارتياحه للأداء الاقتصادي للبلاد وفقا للبيانات التي نشرتها المؤسستين الدوليتين للتصنيف الائتماني ''فيتش'' و''جولدمان'' والتي تؤكد أن الجنيه المصري عاد إلى الاستقرار عقب بلوغه أدنى مستوياته في السنوات الأخيرة أمام الدولار. 

في حين بلغ التضخم 6.5٪ ومن المتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.4٪ بين 2021-2022، كما سيرتفع احتياطي النقد الأجنبي من 42 مليار دولار في الوقت الحالي إلى 51 مليارا بعد خمس سنوات. في المقابل، تفاقمت مشكلة البطالة من جراء الأزمة الناجمة عن تفشي جائحة كوفيد -19.

موقف السيسي

لكن التوقيع في واشنطن في منتصف سبتمبر/أيلول على اتفاقية تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين مع إسرائيل، عكر جزئيا المزاج الجيد للسيسي. 

وقد أشاد رئيس النظام المصري بالاتفاق في العلن مُعربا عن سعادته بـ"السلام" الذي حققته الدولتان "الشقيقتان" مع إسرائيل، لكن وراء الكواليس تسير الأمور بشكل مختلف تماما، وفق الموقع الإيطالي. 

ويشرح عريب الرنتاوي المحلل الأردني في صحيفة الدستور للوكالة الإيطالية أن "مصر تحاول التأقلم مع وضعية غير مرغوب فيها، وهذا الاتفاق من شأنه التأثير على مكانة البلاد في المشهد الإقليمي، دون احتساب التداعيات الاقتصادية للمسألة''.  

ويشير المحلل إلى أن القاهرة ''احتلت  مكانة بارزة في إستراتيجيات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لأكثر من 40 عاما لأنها كانت أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل. لهذا السبب،  حصلت على عشرات المليارات من الدولارات في شكل تمويل أميركي". 

ويضيف: أن "الأمر نفسه ينطبق على عمّان، ثاني دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل قبل 26 عاما. ويمكن أن تتبع دول أخرى في المنطقة المسار نفسه قريبا، وهذا يقلل حتما من ثقل مصر، وكذلك وزن الأردن. 

وستصبح هاتان الدولتان أكثر هامشية في علاقاتها مع الولايات المتحدة وكذلك مع إسرائيل، كما سيكون لهذا الوضع الجديد تداعيات كبيرة على البلدين.

وبحسب الموقع، فإن افتراض الانسحاب التدريجي للارتباط المالي للولايات المتحدة والذي كان لمدة 40 عاما أساسيا للقوات المسلحة المصرية، بالنظر إلى الوضع الداخلي والأحداث الإقليمية، لا يعد أمرا مبالغا فيه. 

ومنذ فترة، ارتفعت أصوات داخل الكونغرس الأميركي تدعو إلى إنهاء هذه المساعدة الاقتصادية. ومن المتوقع أن عدد هذه الدعوات سيزداد لأن اتفاقيات التطبيع ستجردها من أهميتها. 

كما تخشى القاهرة أيضا من خطوة الإمارات، التي باتت الآن في راحة البيت الأبيض، في الضغط على السودان لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في أسرع وقت ممكن.

ويتابع الموقع الإيطالي بأن هذه المناورات تلقي بظلالها على المناورات المصرية المتزامنة لتعزيز الاتفاق مع الخرطوم ضد الخطر المشترك المتمثل في بناء إثيوبيا لسد النهضة على النيل.

مخاوف جدية

في هذا الصدد، أوضح الرنتاوي أن "من دواعي القلق بالنسبة لمصر مذكرة التفاهم التي وقعتها الشركة الإسرائيلية المالكة لميناء إيلات مع شركة المواصلات البحرية والخدمات اللوجستية، موانئ دبي العالمية في دبي، وتنص على إمكانية نقل البضائع من الإمارات عبر إيلات ومنها إلى ميناءي حيفا وأسدود، وهو مسار يمكن أن يسلكه النفط أيضا".

وبنقله من الخليج إلى إيلات، سيواصل النفط الخام رحلته في خط أنابيب نفط صممته إسرائيل وإيران في الستينيات إلى الموانئ الإسرائيلية على البحر المتوسط، وهذا من شأنه تخطي عبور ناقلات النفط المكلف عبر قناة السويس، أحد أهم مصادر العملة بالنسبة للميزانية المصرية.

وأكد الموقع الإيطالي أن السيسي يدرك ذلك ولكن لا يستطيع أن "يفتح فمه" لأن الإمارات، على غرار السعودية، حليف سخي لمصر، دعمتها باستثمارات وتمويل بمليارات الدولارات بعد الانقلاب العسكري في عام 2013. 

وقد مولت أبوظبي الكثير من مشاريع القاهرة الجديدة في شمال سيناء، كما تتشارك الدولتان الدعم العسكري والسياسي للجنرال خليفة حفتر في ليبيا.  

فضلا عن أن مصر ليست مجبرة فقط على الإشادة باتفاق التطبيع الذي يهدد اقتصادها ومكانتها في المنطقة لكن عليها العمل أيضا على التعتيم على النقد الموجه له.

بدورها، تلتزم أبواق النظام الإعلامية من جهة بتمجيد "السلام" الجديد بين العرب والإسرائيليين، ومن جهة أخرى تستهدف الحلقة الأضعف وهم الفلسطينيون لتنديدهم بالخيانة العربية. 

ومما يذكر هنا أن الصحفي المعروف أسامة سرايا الذي وصف المتظاهرين المناهضين لحسني مبارك في ميدان التحرير في ثورة 2011 بأنهم "مثيرو الشغب" ثم اعتبرهم "أبطالا"، بذل الكثير من الجهد في الهجوم على الرفض الفلسطيني الذي عبرت عنه السلطة برئاسة محمود عباس وحركة المقاومة الإسلامية حماس. 

واحتج غاضبا بالقول: "لقد أذهلنا السلوك الفلسطيني. الفلسطينيون يقفون ضد المصالح العربية، ولصالح المحور الإيراني التركي، يحاولون إحياء ما مات وانتهت صلاحيته". 

في غضون ذلك، تنتهي صلاحية الدور المصري، بعد أن كانت القاهرة في زعامة العالم العربي في وقت سابق، وأصبحت اليوم مقطورة للممالك العربية التي تُطعمها، على حد تعبير الموقع الإيطالي.