مجلة إيطالية: هكذا تتسلح مصر من ألمانيا على حساب احتياجات شعبها

12

طباعة

مشاركة

على الرغم من أن مصر تمر بأوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة، ما الأسباب التي تدفع النظام الحاكم إلى استيراد الأسلحة والتركيز المكثف على تعزيز قدراته العسكرية البحرية من خلال إجراء التدريبات وإنتاج الفرقاطات؟

تجيب مجلة إيطالية أنه "كما يوضح التاريخ جيدا، وخاصة تاريخ الصناعة العسكرية، عندما يُخيم شبح عدم الاستقرار السياسي الشديد أو خاصة عندما تكون هناك حروب حقيقية جارية على نطاق إقليمي أو عالمي، تصبح إعادة التسلح أولوية أساسية للدول بغض النظر عن خصائصها القانونية والسياسية".

وأكدت مجلة ''ستارت'' مقال رأي للكاتب الإيطالي جوزيبي غاليانو، أن هذا هو حال مصر التي أعلنت، من خلال شركتها البحرية "ترسانة الإسكندرية"، أنها ستنتج بالشراكة مع شركة "تيسين كروب" الألمانية للأنظمة البحرية أول فرقاطة مصرية.

تأتي هذه الشراكة نتيجة الاتفاقية الموقعة عام 2018 بين ألمانيا ومصر لإنتاج ست فرقاطات بصفقة إجمالية بقيمة 2 مليار يورو.

ولفت غاليانو إلى أن الشراكة بين مصر وألمانيا لا ينبغي أن تثير أي مفاجأة لأنها تحققت أيضا في قطاع إنتاج النفط والغاز في منطقة دلتا النيل وخاصة أنشطة التنقيب بمنطقة دمنهور.

وقد أُعلن عن دخول هذا التعاون حيز التنفيذ يوم العاشر من شباط/فبراير 2020 من طرف وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، تحديدا الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي، والشركة الألمانية وينترشال باستثمار بقيمة 43 مليون دولار، ستُخصص 11 مليونا منها لحفر ثماني آبار.

دور إقليمي

وحاليا، بالإضافة إلى الحاجة إلى تلبية الاحتياجات الداخلية، نوه الكاتب الإيطالي بأن الهدف النهائي لمصر في سياق السياسة الخارجية الاقتصادية هو القدرة على أن تصبح قطبا إقليميا مهما للتجارة وتصدير الغاز إلى أوروبا، بفضل الدور الذي سيلعبه حقل غاز ظهر.

ويرى الكاتب أنه لا مفر من صياغة بعض الاعتبارات لأسباب هذا الاختيار. في البداية، جاءت هذه الاتفاقية نتيجة للأهمية الكبيرة التي كانت ولا تزال تتمتع بها الطبقة العسكرية في مصر.

ثانيا، تؤكد هذه الاتفاقية حقيقة ثابتة، وهي أن مصر تظل أكبر مستورد للأسلحة الألمانية بين الدول العربية. ثالثا، سيتيح تعزيز القوة البحرية إمكانية ردع الهجمات التي تشنها "سفن العدو"، أي ردع التحركات ''الإرهابية'' التي تستخدم السفن لنقل "الإرهابيين" من دولة إلى أخرى.

رابعا، يجب على مصر، من ناحية، أن تعزز أمنها في كل من البحر الأبيض المتوسط ​​والبحر الأحمر، وفق رأي الكاتب.

كما أن حالة عدم الاستقرار الحالي في ليبيا وفي سيناء وخاصة الحاجة إلى الدفاع عن مصالحها الاقتصادية الحيوية في المتوسط وبالتحديد حقل غاز ظهر، في مواجهة التحدي التركي، تتطلب تعزيزا شاملا للقدرات العسكرية البحرية والبرية.

وفي هذا الإطار، تندرج مناورات ''قادر 2020'' التي أُجريت منذ أشهر في البحر الأبيض المتوسط، يقول الكاتب.

ويوضح أن هناك هدفين لهذه المناورة الجوية البحرية، أولا تقييد واحتواء سياسة إسقاط القوة التركية في ليبيا، وثانيا حماية حقول الغاز الطبيعي في ظهر. لكن في الوقت الراهن، "تعيش مصر حالة من عدم الاستقرار السياسي الخطير الذي استغلته بالتأكيد جماعة الإخوان المسلمين'' يقول غاليانو.

على حساب الشعب

أشار الكاتب إلى أنه في 20 سبتمبر/أيلول، خرجت مظاهرات كبيرة في مصر للاحتجاج ضد سياسات النظام الذي وصفته بالفاسد لمسؤوليته بشكل مباشر في الظروف السيئة التي يعيشها الشعب المصري.

وفي 23 سبتمبر/أيلول، اتخذت هذه المظاهرات طابعا عنيفا أدى إلى صدامات مع الشرطة، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لقمع الاحتجاجات مما أدى إلى إضرام النار وتحطيم المركبات العسكرية من قبل المتظاهرين.

وأردف الكاتب الإيطالي أنه "بغض النظر عن الاستغلال المتوقع من قبل جماعة الإخوان المسلمين للأحداث، يمر الشعب المصري بأزمة اقتصادية خطيرة ويتم حرمانه من موارده الاقتصادية الأساسية لفائدة تعزيز القوة الاقتصادية والسياسية للطبقة العسكرية"، وفق تعبيره.

واعتبر أن مسألة الإخوان المسلمين تعتبر حاسمة لرئيس النظام المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي بعد أن سجن سلفه محمد مرسي واعتقل واضطهد جماعة الإخوان المسلمين في مصر، يدعم الانقلابي الليبي خليفة حفتر على وجه التحديد "للحيلولة دون وقوع ليبيا تحت تأثير الجماعة المذكورة".

 وبحسب الكاتب، يقود كل هذا إلى ثلاثة اعتبارات أخرى، الأول يتعلق بحقيقة أن السيسي يجب أن يفكر في المقام الأول في تلبية الاحتياجات الاقتصادية لشعبه بدلا من احتياجات طبقته العسكرية، "لأن الجياع قد يجدون عاجلا أم آجلا طريقة للتغيير، وربما من خلال استخدام العنف ضد النظام السياسي الذي يستغلهم ويتسبب في جوعهم".

ثانيا، من الأفضل للقاهرة ألا تلتزم فقط بالمعايير في إنتاج الأسلحة ولكن عليها الالتزام بالمعايير الغربية المتعلقة بحقوق الإنسان، لكن بالنظر إلى تاريخ مصر الحديثة وطبيعتها السلطوية المتأصلة، هناك شك في أن يحدث هذا.

ويقول: "لا يجب أن ننسى أنه بالنسبة لمصر، كما هو الحال في جميع الدول العربية، فإن قيم الثقافة الغربية هي نسبية فقط وليس لها ولا يمكن أن يكون لها بُعد عالمي"، على حد تعبير الكاتب الإيطالي.

أخيرا، يضيف غاليانو: بأنه "على الرغم من أن هذا الأمر قد لا يثير أي مفاجأة على المستوى التاريخي، فإنه من الغرابة أن تقدم ألمانيا نفسها كوسيط، مثل فرنسا، في الأزمة الليبية وفي نفس الوقت تقوم بتسليح مصر. وسيكون من الجيد أن تتجنب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إعطاء دروس أخلاقية لدول أوروبية أخرى، لأننا نرفض ذلك''.