صحيفة إسبانية: السيسي يلجأ للتعتيم والقمع لإخماد المظاهرات المتصاعدة

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

دفعت ظروف العمل المتردية والوضع الاقتصادي السيئ، فضلا عن هدم المنازل "غير القانونية" على يد السلطات، المصريين إلى البدء في التظاهر مجددا منذ 20 سبتمبر/أيلول 2020. 

وقالت صحيفة البايس الإسبانية: إن قوات الأمن المصرية اعتقلت ما لا يقل عن 500 شخص في الأيام الماضية في محاولة لنزع فتيل الاحتجاجات "المعزولة والصغيرة بيد من حديد".

وظهرت هذه المظاهرات في مختلف أنحاء البلاد احتجاجا على الوضع الاقتصادي والسياسي. وجاءت هذه الأحداث في إطار أحدث حملة اعتقالات كبيرة نفذها نظام عبد الفتاح السيسي. 

وأشارت الصحيفة إلى أنه بخلاف احتجاجات السنة الماضية، لم تظهر المظاهرات (الحالية) في مراكز المدن الكبيرة، بل تمركزت في الأحياء المحيطة بها وفي المناطق الريفية. ونتيجة لذلك، حالت المشاركة المحدودة في المظاهرات عن تحديد نطاقها. 

مظاهرات متفرقة

في الأثناء، تمكنت الصحفية بسمة مصطفى، من تأكيد وجود "مظاهرات محدودة" في السويس والإسكندرية ودمياط والمنيا والجيزة. 

وأكد أحد سكان حي البساتين جنوب القاهرة، أن هذا الحي كان أيضا مسرحا لاحتجاجات قوبلت بانتشار قوي للشرطة واعتقالات متعددة.

وأوضحت صحيفة البايس أن العديد من العوامل حفزت الاحتجاجات ضد السيسي، والتي اختلفت من مكان إلى آخر. 

كما تزامنت دعوات المقاول المصري محمد علي للخروج إلى الشارع، على غرار السنة الماضية وفي نفس التاريخ، مع حملة عدوانية شنتها السلطات ضد البناء غير القانوني للمساكن، وهي ممارسة منتشرة في جميع أنحاء البلاد.

نتيجة لذلك، هدمت السلطات المصرية عشرات المنازل في الأشهر الأخيرة واعتقلت أكثر من مائتي مصري، بحسب بيان صادر عن وزارة الداخلية. 

في الأثناء، أثار هذا القرار احتجاجات محلية انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، كما كانت هناك احتجاجات من قبل العمال على ظروف عملهم السيئة.

منذ منتصف سبتمبر/أيلول، وثقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات اعتقال 510 أشخاص، من بينهم ما لا يقل عن 87 فردا في عداد المفقودين. 

وقد وقعت معظم الاعتقالات خلال يومي 20 و21 من الشهر واستهدفت بشكل رئيسي الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما من محافظات الجيزة والقاهرة والمنيا. 

في هذا السياق، تتوقع المفوضية استمرار زيادة عدد المعتقلين. ويقول مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات، محمد لطفي: "تستمر الاحتجاجات في مناطق مختلفة من البلاد، لذلك سيكون هناك المزيد من الاعتقالات وسيتم إبلاغنا عن المزيد منها بمرور الوقت". 

وأضافت الصحيفة أن نيابة أمن الدولة العليا، التي تعتبر من أذرع النظام القمعية الرئيسية، تعاملت مع المعتقلين بشكل ممنهج وأدرجت أسماءهم في قضية مفتوحة سببها معارضة هدم المنازل؛ وهو ما يمثل ممارسة غريبة، بحسب ما أقر به محمد حلو، محامي حقوق الإنسان. 

وتشمل التهم الموجهة إليهم أيضا الانتماء إلى جماعة إرهابية وتمويلها ونشر أخبار كاذبة؛ وهي اتهامات متكررة ضد المعارضة.

معتقلون قُصَّر

ومن بين المعتقلين أيضا يوجد عشرات القُصَّر، أحدهم بالكاد يبلغ من العمر 11 عاما، بحسب منظمة بلادي-جزيرة الإنسانية.

من جهتها، أفادت النيابة المصرية، في بيان لها نهاية سبتمبر/أيلول بأنها أمرت بالإفراج عن 68 قاصرا شاركوا في "أعمال الشغب" في الأيام الأخيرة، في أول اعتراف علني بوقوع مظاهرات. 

لكن، من غير المعروف ما إذا كان القصّر المفرج عنهم يتوافقون مع أولئك الموثقين من قبل منظمات حقوق الإنسان، لأن مكتب المدعي العام لم يكشف عن هوياتهم.

وأضافت الصحيفة أن احتجاجات عام 2019 أسفرت عن اعتقال أكثر من 4400 شخص، وهي أكبر موجة اعتقالات منذ وصول السيسي رسميا إلى رئاسة النظام في عام 2014، وفقا لإحصائيات مجموعات حقوقية محلية مختلفة. 

وإلى حد الآن، ما يزال نحو 1400 معتقل رهن الاحتجاز. ومع ذلك، لاحظ المحامون الذين يتابعون حملة الاعتقالات لهذه السنة أنها كانت استباقية أكثر وانتقائية مع إجراء العديد من الاعتقالات في المنازل.

ونقلت الصحيفة عن محمد حلو أن "عدد المحتجين خلال السنة الماضية كان أكبر؛ حيث أن نداءات محمد علي للاحتجاج ما زالت حديثة، ولم تتصد قوات الأمن للاحتجاجات بشكل مستبق". 

ويضيف: "لقد تعلمت قوات الأمن هذه السنة من أحداث 2019 وكانوا أكثر يقظة واستعدادا ومراقبة". 

في هذا الصدد، أصدرت السلطات مرسوما بنشر قوات الشرطة بشكل مكثف في أماكن حساسة مثل ميدان التحرير ووسط القاهرة، خاصة أيام الجمعة وفي المناسبات التي يمكن أن تجمع مجموعات كبيرة، مثل مباريات كرة القدم. ورافق هذا الانتشار عمليات تفتيش للمارة وإغلاق مقاه شعبية. 

التعتيم الإعلامي

وأوضحت الصحيفة أن صعوبة تحديد نطاق الاحتجاجات ترجع إلى حد كبير إلى حملة التضليل المعقدة التي ينفذها النظام والمعارضة على وسائل التواصل الاجتماعي.  

وفي هذا الصدد، أوردت الباحثة جوي شيا، في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، أن "علامتي الهاشتاغ الرئيسيتين اللتين ترددتا بعد هذه الأحداث، كان أحدهما موال بشدة للسيسي والآخر ضده؛ وهو ما أظهر علامات واضحة على السلوك المنسق والآلي".

وفي كلتا الحالتين تم اكتشاف أن "روبوتات إنترنت" هي من تنشر علامات الهاشتاغ بطريقة آلية وواسعة النطاق لدعم أحد الاتجاهات. ويضاف إلى ذلك، الحسابات الأخرى التي تشاركها، وأشخاص بارزون من الشبكات التي تروج لها.

وأوردت جوي شيا أنه "نظرا لسجل النظام الحافل، أصبح من الواضح وبشدة أن الدولة هي الجهة التي ترعى الحملات الموالية للنظام. أما فيما يتعلق بالحملات المعارضة له، فمن الصعب تحديد مصدرها".

لكن، هناك شبكة حسابات تابعة لقنوات مثل الجزيرة ومكملين والشرق؛ وأيضا مرتبطة بكثير من المقدمين الإذاعيين الذين يعملون فيها؛ وبجماعة الإخوان المسلمين المنفيين الذين يظهرون مرارا وتكرارا والمسؤولون عن معظم المشاركات في الاحتجاجات، وفق قولها.

ونقلت المحللة شيا أنه "نظرا للافتقار الشديد لحرية التعبير داخل مصر ، فإن أي شكل من أشكال المعارضة السياسية سيكون مكانه (الوحيد) عبر الإنترنت".