البديل المحلي في ظل جائحة كورونا.. هل يحل أزمة السياحة بالمغرب؟

12

طباعة

مشاركة

شهد المغرب منحى تصاعديا في إصابات ووفيات جائحة فيروس كورونا خلال الأسابيع الماضية، ما دفع الحكومة إلى فرض سلسلة من القيود منها إغلاق الشواطئ والمحلات في وقت مبكر، ما أدى إلى شلل كامل لقطاع السياحة تسبب في تفاقم معاناة العاملين والعاملات في القطاع.

التوقعات تشير إلى أن المغرب عموما يعاني من ركود اقتصادي بمعدل 5.2 بالمئة هو الأشد منذ 24 عاما، بسبب فيروس كورونا وآثار الجفاف على الموسم الزراعي.

الرباط أعلنت عن خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي بما يقارب 12 مليار دولار، شملت مجال السياحة، الذي يعتبر إحدى المحركات الأساسية للاقتصاد المغربي، لكن ما حجم الضرر الذي لحق بالقطاع؟ وما سُبل الحكومة لتجاوز الأزمة؟.

خسائر ثقيلة

استقبل المغرب 13 مليون سائح بنهاية عام 2019، بزيادة 5.2 بالمائة، مقارنة بنهاية عام 2018.

وأشارت بيانات صادرة عن مرصد السياحة، إلى أن قطاع السياحة، حقق عائدات بقيمة 78.6 مليار درهم (8.11 مليارات دولار) في عام 2019، مقابل 73.04 مليار درهم (7.54 مليارات دولار) في العام 2018، بارتفاع 7.7 بالمائة.

لكن هذه الأرقام عرفت تراجعا كبيرا بسبب جائحة كورونا، وأفادت مديرية الدراسات والتوقعات المالية بأن خسائر القطاع السياحي الناجمة عن أزمة كوفيد 19 بلغت 18.3 مليار درهم (دولار= 9.24 دراهم مغربية) في السبعة أشهر الأولى من 2020، ما يمثل تراجعا للعائدات بنسبة 44.1 في المائة.

وأوضحت المديرية، في مذكرة حول إحصاءات لشهر سبتمبر/ أيلول 2020، أنه بالنسبة لشهر يوليو/ تموز 2020، تراجعت العائدات بنسبة 90.1 في المائة، مضيفة أن الأفواج السياحية وليالي المبيت المسجلة في الفنادق تراجعت، نهاية يونيو/ حزيران 2020، بـ 63.5 و59.1 في المائة على التوالي.

تخفيف الأزمة

بهدف التخفيف من الانعكاسات السلبية لأزمة كوفيد – 19 على القطاع السياحي وضمان إنعاشه، وقعت الوزارة في أغسطس/ آب 2020، على عقد برنامج للفترة 2020-2022، يتضمن 21 تدبيرا.

كما أعلنت الحكومة، في 5 سبتمبر/ أيلول 2020، صرف تعويضات مالية للعاملين في القطاع السياحي الذي تضرر بسبب جائحة كورونا.

القرار جاء عقب توقيع اتفاقية ثلاثية الأطراف بين ممثلي الحكومة والكونفدرالية الوطنية للسياحة (نقابة مهنية) والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (حكومي يُعنى بتأمين العمال).

وقال بيان للصندوق: إن "الاتفاقية تهدف إلى تقديم الدعم للموظفين والمرشدين السياحيين العاملين بالقطاع، في إطار مواكبة المقاولات السياحية التي توجد في وضعية صعبة جراء الحالة الوبائية الراهنة".

وأضاف البيان: "تقرر إحداث بوابة إلكترونية جديدة سيتم إطلاقها، لتمكين المقاولات (الشركات) من التصريح عن العاملين والمتدربين لديها، للاستفادة من تعويض جزافي شهري ممول من الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا (حكومي) وقدره 2000 درهم (217 دولارا) ابتداء من يوليو/تموز، وحتى ديسمبر/كانون الأول 2020.

وتابع: أن "الاستفادة من هذا التعويض تبقى مشروطة بانخفاض رقم معاملات الشركة على الأقل بنسبة 25% (مقارنة بنفس المدة من العام الماضي)، وبأن تحافظ هذه الشركات على 80% على الأقل من عمالها".

حلول طارئة

وكغيرها من الدول تلقت المملكة ضربة في قطاع السياحة الذي يعد من ركائز الاقتصاد المغربي، حيث تشكل السياحة حوالي 7% من الناتج المحلي للمغرب، ويعمل فيها أكثر من نصف مليون شخص، وتعتبر مصدرا مهما للعملة الصعبة.

وزيرة السياحة نادية العلوي قالت أمام البرلمان في يونيو/حزيران 2020: إن عدد السياح الوافدين إلى البلاد انخفض بنسبة 45% خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2020 مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.

هذه الأرقام دفعت الحكومة في 5 سبتمبر/ أيلول 2020، أن تسمح بدخول السياح الأجانب، بعد توقف منذ مارس/ آذار 2020 إثر تفشي الفيروس، مشترطا أن يكون لدى الراغب في زيارة البلاد حجز فندقي.

وقال الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، في بيان له: إنه يمكن للأجانب، الذين لا يخضعون لتدبير التأشيرة، دخول التراب المغربي، بمجرد تقديم حجز في فندق بالمملكة.

وأشار إلى القرار الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، التي تجاوبت مع طلب السماح بدخول الرعايا الأجانب، ويشكل هذا خبرا جيدا بالنسبة للقطاع السياحي، خاصة أن البلدان المعنية بهذا الإجراء هي التي تشكل أهم بلدان مصدرة للسياح نحو المملكة.

ويهم هذا التدبير بشكل خاص البلدان التي ينجز معها المغرب رحلات خاصة في الفترة الأخيرة، حيث يفترض أن يقدموا ما يثبت خلوهم من فيروس كورونا.

الأكثر تأثرا

تشير بيانات مكتب الصرف الحكومي إلى أن إيرادات السياحة تراجعت إلى نحو 2.35 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من 2020، بعدما كانت في حدود 4.15 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بانخفاض بلغت نسبته 43.3%.

وبلغت إيرادات السياحة خلال العام الماضي بأكمله، حسب بيانات مكتب الصرف، نحو 8 مليارات دولار، بعد جذب 13 مليون سائح، ما دفع العاملين في القطاع إلى المراهنة على استقطاب 14 مليون سائح خلال 2020، غير أن فيروس كورونا عصف بهذه الآمال.

وتتوقع الكونفدرالية الوطنية للسياحة أن تتراجع إيرادات السياحة بنحو 5.8 مليارات دولار خلال 2020، وأن تتقلص بقيمة 5.2 مليارات دولار في 2021، و3 مليارات دولار في 2022، ما يؤدي إلى خسارة 14 مليار دولار على مدى 3 أعوام.

وتوصلت دراسة للمندوبية السامية للتخطيط (حكومية) إلى أن قطاع الفنادق والمطاعم، كان من أكثر القطاعات تأثرا بالأزمة الناجمة عن كورونا، حيث شهد توقف 99% من الشركات، مشيرة إلى أن 28.7% من الشركات في قطاع الفنادق والمطاعم ما زالت متوقفة.

وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة توقعت، في تقرير حديث، أن يفقد قطاع السياحة خلال 2020، نحو نصف الوظائف، ما يمثل حوالي 250 ألف فرصة عمل، بسبب تأثيرات الوباء.

البديل المحلي

إستراتيجية وزارة السياحة، كانت تهدف في مرحلة ما بعد رفع قيود الحجر الصحي، إلى تنشيط السياحة الداخلية.

واستفادت الشركات السياحية، من الإجراءات التي أقرتها الحكومة للتخفيف من وطأة الأزمة، من تأجيل سداد قروضها وإرجاء دفع الضرائب، بالإضافة إلى تقديم القروض بأقل الفوائد، وتقديم تعويضات شهرية عن فترة التوقف لـ70 بالمئة من المستخدمين بالقطاع.

لكن ظهرت شكوى السياح المغاربة من ارتفاع أسعار الخدمات الفندقية، ودعا ناشطون إلى تخفيض أسعار الفنادق والخدمات لتشجيع السياحة.

وفي تدوينات على منصات التواصل الاجتماعية، انتقد مدونون ارتفاع أسعار الفنادق والخدمات بعدد من المناطق في البلاد.

شكاوى المواطنين تجاوب معها المجلس الجهوي للسياحة (حكومي)، بإعداد تقرير مفصل بشأن أسعار المبيت في الفنادق، وغيرها من الخدمات، وتبين أن بعضها معقول وفي متناول السائح المغربي، فيما احتاج البعض الآخر إلى مراجعة كفيلة بتحفيز السائح.

وسعى الفاعلون في قطاع السياحة إلى تعويض بعض من الخسائر التي تكبدوها جراء توقع تراجع توافد السياح الأجانب.

وسبق لوزارة السياحة أن أكدت على أن السياحة الداخلية تحتل المركز الثاني في مؤشر السياحة برقم يصل إلى حوالي 3.1 مليارات دولار سنويا.

وشددت قبل 5 أعوام على أنها تتطلع إلى رفع تلك المساهمة إلى ما بين 4 و5 مليارات دولار في الأعوام الخمسة المقبلة، حيث توقعت الوصول إلى 5.7 ملايين سائح محلي في 2020.