لاجئ سوري لـ"الاستقلال": هكذا أجبرت جونسون على تغيير القانون 

لندن - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

حسان عقاد، مدرس لغة إنجليزية كان يعيش في مستوى ميسور الحال في سوريا، ومع نسمات الربيع العربي في 2011، قرر أن يكون أحد المشاركين في الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد.

وبعد سنوات من الاعتقال والتعذيب في سجون الأسد، قرر عقاد الهجرة إلى بريطانيا ليصبح صانع أفلام حائزة على جوائز دولية بعد توثيقه رحلة بحثه عن الأمان واللجوء في بريطانيا.

ومع بداية انتشار فيروس كورونا، فاجأ عقاد الرأي العام في بريطانيا بتطوعه للعمل كعامل نظافة في المستشفى الحكومي بالمنطقة التي يعيش فيها، ثم يصبح أحد أبرز النشطاء المدافعين عن حقوق اللاجئين في المملكة المتحدة.

"الاستقلال" حاورت اللاجئ السوري حسان عقاد حول قصة لجوئه، وكيف تحول إلى رمز نضالي في بريطانيا، وما هي طموحاته السياسية في البلاد؟

نقطة التحول

  • كيف بدأت قصة حسان عقاد وما هي نقطة التحول في حياتك؟

بداية القصة في سوريا عندما قامت الثورة، أنا كنت أعمل مدرسا للغة الإنجليزية وكنت أقوم ببعض أعمال التصوير لصالح شركات إنتاج، كان راتبي يكفيني ويزيد وكنت أعيش في مستوى ميسور الحال.

نزول الشباب إلى الشوارع والمطالبة بالتغيير جعلتني أترك كل شيء وأشارك في الثورة، تم اعتقالي وتعذيبي في مبنى المخابرات السورية وخرجت خائفا مما جرى لي ولكنه أبدا لا يقارن بما عانى منه ولا زال يعاني منه الشعب السوري.

قررت الخروج من بلدي وترك وطني عندما شاهدت البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية فعرفت أنه لم يعد لي مكان هنا فقررت البحث عن الأمان في رحلة طويلة مررت فيها بمحطات مختلفة ودول متعددة حتى استطعت أخيرا الوصول إلى بريطانيا.

  • لماذا قمت بتوثيق رحلة اللجوء والبحث عن الأمان في بريطانيا؟

في الحقيقة أنا كانت لدي الرغبة أن يعرف المجتمع البريطاني حقيقة الرحلة وما نواجهه من مخاطر حقيقية، كان هدفي أن أشرح لعامة الناس في بريطانيا وأوروبا أن مشاهد الغرق (في البحر أثناء رحلات الهجرة غير النظامية) التي شاهدوها وأصوات الاستغاثة وصراخ الأطفال والنساء ما هي إلا الخيار الوحيد لهؤلاء هروبا من الأهوال والموت المحقق في بلدانهم.

نحن لم نختر بإرادتنا أن نواجه الموت والغرق والمعاملة السيئة في أوروبا وإنما كان هذا هو المسار الوحيد المتبقي لنا للنجاة من الموت في بلادنا المنكوبة.

  • ما هي قصتك مع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي وهل تم خداعك؟

هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي قررت عرض المشاهد التي قمت بتصويرها في سلسلة وثائقية، لكن المشكلة الحقيقية أنهم تعاملوا معي كمساهم في هذا المشروع وليس كشريك وهذه مشكلة الصحافة والإعلام هنا في بريطانيا.

كل الفرص التي جائتني في السنوات الماضية كانت تتمحور حول فكرة أنني مساهم بسيط وهم أصحاب المشروع، لكني في الحقيقة أرفض تماما هذه النظرة لنا، فأنا شريك وصاحب قيمة مضافة وعليهم أن يتقبلوا ذلك.

عامل نظافة

  • صانع الأفلام الوثائقية الحائز على جائزة البافتا، لماذا تحول لعامل نظافة في مستشفيات بريطانيا؟

أصبحت أشعر بالانتماء لهذا البلد الجديد الذي وجدت فيه الأمان وبداية الاستقرار وشعرت بالخوف على بريطانيا في الأسابيع الأولى لجائحة كورونا.

عندما بدأ فيروس كورونا في الانتشار في بريطانيا تابعت بعض الأرقام المفزعة التي تحدثت عن وفاة أكثر من 70 فردا من أعضاء الفريق الطبي العاملين في مستشفيات وزارة الصحة البريطانية نتيجة تلوث الأسطح وانتشار الفيروس داخل المستشفيات.

على الفور اتخذت قراري، لا يمكنني أبدا العيش هنا دون تقديم المساعدة الحقيقية لهذا المجتمع الذي أعيش فيه، قمت بالبحث عن فرص للعمل كمتطوع في مستشفيات وزارة الصحة وبالفعل وجدت فرصة للعمل كعامل نظافة في المستشفى القابع في الحي الذي أعيش فيه.

تم قبولي كعامل للنظافة هناك ولم يكن أحد يعلم شيئا حتى قمت بنشر صورتي بالزي الرسمي من داخل جناح كورونا داخل المستشفى، وهنا تحولت الصورة إلى قضية رأي عام وانتشرت بشكل مفاجئ في كل صفحات الجرائد والقنوات البريطانية.

الدعاية السوداء

  • ما الذي حدث بعد ذلك؟

باختصار شديد يمكنني القول: إنني أصبحت اللاجئ الذي يساعد بريطانيا وليس اللاجئ الذي يعيش على مساعدات بريطانيا، وتلك نظرة خاطئة يعاني منها المواطن البريطاني عند التفكير في اللاجئين.

الدعاية السوداء ضد اللاجئين جعلت الجميع يصدق أن اللاجئ ما هو إلا إنسان فقير جاء ليحارب البريطاني في لقمة عيشه، ويأخذ وظيفته ويعيش على مساعدات الدولة ، فعندما نشرت صورتي كانت الرسالة للجميع، ها هو لاجئ جاء هاربا من جحيم بلاده ليحميكم من فيروس كورونا.

هذه كانت الرسالة التي أردت إيصالها من تلك الصورة، فأنا هنا لأكون جزءا هاما من المجتمع البريطاني لا أن أعيش على الهامش وينظر لي الجميع أني عبء ثقيل على المجتمع.

  • كيف غيرت مواقفك الأخيرة من نظرة المجتمع البريطاني للاجئين؟

بالتأكيد ساهمت بشكل كبير في تغيير الصورة النمطية التي تم بناؤها عبر سنوات، بدأ الكثيرون يعرفون قصتي وقصص آخرين، بدأت بعض الأصوات العاقلة تتحدث عن ضرورة تغيير طريقة التعامل مع اللاجئين في بريطانيا.

بدأ طرح السؤال الأهم كيف يستفيد المجتمع البريطاني من وجود اللاجئين القادمين من ثقافات وبلدان مختلفة، أعتقد أن هذا أحدث تغييرا كبيرا، وهذا ما أعمل مع آخرين على انتشاره بشكل أكبر.

بوريس جونسون

  • ما هي تفاصيل مواجهتك للحكومة البريطانية وإجبارك بوريس جونسون على تغيير قانون يتعلق بالعاملين في وزارة الصحة من اللاجئين؟

بالتأكيد لم أفعل ذلك وحدي، لكن يمكنك القول: إنني كنت من ألقى بحجر في المياه الراكدة، القصة باختصار أني كنت ذاهبا إلى عملي بشكل معتاد فوجدت مجموعة من زملائي في المستشفى يجلسون وهم في حالة نفسية سيئة وبعضهم يبكي بشدة.

سألتهم ما الذي حدث، فأخبروني بأن قرارا صدر من رئاسة الوزراء يقضي باستثناء قطاعات واسعة من العاملين في وزارة الصحة من بعض الرسوم السنوية ما عدا تلك الفئة التي جاءت من خلفيات المهاجرين واللاجئين.

شعرت بغضب شديد وإحساس بالظلم فكيف يفعل بوريس جونسون ذلك ولماذا يتعامل بهذه الطريقة مع أناس يدفعون حياتهم لحماية المجتمع البريطاني من جائحة كورونا.

أمسكت بهاتفي المحمول وسجلت مقطعا مصورا فيه مجموعة من الرسائل الغاضبة ووضعته بعنوان رسالة إلى بوريس جونسون وغادرت إلى منزلي لأنال قسطا من الراحة.

عندما استيقظت وجدت مئات الرسائل والاتصالات على الهاتف، ثم فوجئت بمئات الآلاف من الردود والتعليقات وإعادة التغريدة للفيديو الخاص بحسابي على تويتر،

كانت لحظة غير عادية فقد أصبح الفيديو حديث المجتمع البريطاني بشكل كبير.

  • تفاعل المجتمع البريطاني الإيجابي مع الفيديو الخاص بك كان كبيرا وتم استضافتك في برنامج بيرس مورجان أهم مقدم برامج في بريطانيا، ما الذي يعنيه لك هذا؟

بالتأكيد أشعر بفخر كبير أني أصبحت جزءا مؤثرا في مجتمع كبير مثل بريطانيا، لكنني أيضا أشعر بالمسؤولية الكبيرة التي أصبحت ملقاة على عاتقي تجاه قضايا اللاجئين والمهاجرين.

الجميع بات ينتظر ما الذي سأقوله في هذا الموقف أو ذاك وتلك كما قلت مسؤولية كبيرة أعمل بشكل جاد أن أكون على قدرها.

معسكر كالي

  • ما تفاصيل حملتك الأخيرة لدعم اللاجئين في معسكر كالي بين فرنسا وبريطانيا؟

بريطانيا ليست من الدول التي تواجه أزمة تدفق اللاجئين إلى أراضيها، وفقا للأرقام الرسمية من إدارة الهجرة فإن من بين 35 مليون لاجئ على مستوى العالم، تستوعب بريطانيا واحدا بالمائة فقط من هذه الأعداد ما يعني أن اللاجئين لا يمثلون عبئا حقيقيا على الحكومة البريطانية.

أزمة القناة الفرنسية والفارين بأنفسهم من معسكر كالي هي أزمة مستمرة منذ سنوات لكن أزعجني بشدة أن تتعالى بعض الأصوات في الأسابيع الماضية لتهاجم اللاجئين وتتهمهم بأنهم غزاة جاؤوا ليدمروا بريطانيا.

قمت بتسجيل فيديو وتم عرضه على حائط كبير في مرفأ دوفر وهو مكان له حيثية بالغة الأهمية للمواطن البريطاني وتم انتشار الفيديو بشكل كبير لدرجة أن صادق خان عمدة لندن قد قام بإعادة تغريدة مرة أخرى عبر حسابه على تويتر وكتب عليه "هذا ما يتوجب علينا أن نفهمه".

حلم سياسي

  • هل لديك حلم سياسي بدخول البرلمان البريطاني ولماذا قررت الانضمام لحزب العمال؟

بالتأكيد أصبح لدي الآن حلم ومشروع سياسي أن أكون نائبا في البرلمان البريطاني ذات يوم وسأعمل جاهدا على ذلك، الخطوة الأولى كانت بالانضمام لحزب سياسي وهو حزب العمال ومن ثم سأبدأ في الخطوات الأخرى.

لا زال لدي عامان حتى أحصل على الجنسية البريطانية وبعدها سأبدأ مباشرة في تحضير نفسي لانتخابات المحليات وبعدها ستكون الخطوة الأكبر والأهم وهي دخول البرلمان البريطاني.

  • هل هناك وصفة أو طريقة من حسان عقاد لكل لاجئ يريد الاندماج في المجتمع البريطاني؟

الموضوع باختصار شديد يتلخص في نقطتين: الأولى هي تعلم اللغة الإنجليزية وإتقانها بشكل كبير في التحدث والكتابة حتى تستطيع التعبير عن نفسك وقضاياك ومشكلات بلادك.

الثانية أن تسعى بكل قوتك أن تحكي حكايتك وتقص قصتك، فالكثيرون هنا لا يعرفون شيئا عما يجري من أهوال ومآس في بلداننا.