موقع إيطالي: ثلاث خطوات تمهد الطريق لعودة استقرار ليبيا

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع إيطالي عن ثلاث خطوات يمكن أن تمهد الطريق لعودة الاستقرار في ليبيا بعد موجة الاحتجاجات والاستقالات التي اجتاحت البلاد مؤخرا عقب الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار واستئناف المحادثات.

وقال موقع ''تراكاني'': إنه بينما توقفت طائرات الميغ والطائرات المسيرة مؤقتا عن التحليق في سماء الجماهيرية السابقة (الاسم الرسمي لنظام الحكم في ليبيا في عهد معمر القذافي) بعد انتهاء الهجوم العسكري للجنرال الانقلابي خليفة حفتر على طرابلس، تستمر الأوضاع على التراب الليبي في الاشتعال. 

وهذه المرة، الاحتجاجات الشعبية هي التي أشعلت النيران في شوارع المدن الليبية الرئيسية من طرابلس إلى بنغازي، من الشرق والغرب للتعبير عن الغضب والاستياء من تواصل الأزمة الاقتصادية وتفشي الفساد ونقص الكهرباء وسوء إدارة موارد البلاد. 

وتقول الأكاديمية الإيطالية والخبيرة في الشأن الليبي، ''ميكالا ميركوري'': إن الاحتجاجات أثرت أيضا على كل من حكومة الوفاق الوطني المعترف بها رسميا من قبل الأمم المتحدة وحكومة شرق ليبيا، غير المعترف بها دوليا ومقرها طبرق. وقد أعلن رئيس وزراء الأخيرة عبد الله الثني رسميا استقالته.

أما في العاصمة، أكدت ميركوري أن الأوضاع لا تسير على نحو أفضل، فقد أدى التعامل الأمني العنيف إلى حد ما مع الاحتجاجات الشعبية من قبل بعض المليشيات إلى إطلاق العنان للفوضى الداخلية داخل الفريق الحكومي. 

وكان رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، قد أوقف وزير الداخلية فتحي باشاغا عن العمل، ليعود لاحقا إلى منصبه، لكن الخلافات بين طرابلس ومصراتة، والذي يعتبر باشاغا شخصية بارزة فيها، باتت جلية الآن. ولهذا السبب أعلن السراج نيته الاستقالته بحلول أكتوبر/تشرين الأول.

ومن الواضح إذن، أن الهدنة الأخيرة لم تعلن عن بداية السلام، بل فتحت المجال أمام التجاذبات والخلافات، الأمر الذي أدى إلى تسليط الضوء على المشاكل القديمة والجديدة التي قد تهدد استقرار بلد عالق بين آمال الاستقرار وتهديدات الصراعات الجديدة. 

ثلاثة حلول

وبالنظر إلى عدم وجود حلول بسيطة للمشاكل الليبية المعقدة، من الممكن اقتراح بعض الاحتمالات لتحقيق الاستقرار في ليبيا، تشرح الأكاديمية الإيطالية.

ولتحقيق هذه الغاية، ترى ميركوري أن الخطوة الأولى هي استئناف إنتاج النفط في أسرع وقت ممكن، خاصة بعد أن تسبب حصار قوات حفتر لحقول الإنتاج منذ يناير/كانون الثاني 2020 في خسارة بقيمة 10 مليارات دولار.

 فضلا عن أن استمرار هذا الوضع تسبب في استياء السكان وما ترتب على ذلك من احتجاجات هددت الشرعية الشعبية لكلا الجانبين. 

ولكن غياب آلية لإعادة التوزيع العادل للعائدات، سيتسبب في مزيد من الخلافات بين الأطراف المحلية ومختلف الرعاة الدوليين، مما قد يؤدي إلى تأجيج صراعات جديدة.

 وفي هذا الصدد، تقترح الكاتبة الإيطالية إنشاء صندوق مشترك بين حكومة الوفاق الوطني والممثلين الجدد لشرق ليبيا (بالاشتراك مع البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط،) بهدف إدارة عائدات المحروقات من السوق الدولية (شكلت حوالي 95٪ من إجمالي الصادرات بين عامي 2014 و 2018) بأكبر قدر ممكن من الشفافية. 

علاوة على ذلك، ترى أن هذا سيخدم طرابلس وطبرق لاستعادة الإجماع الداخلي وتهدئة الاحتجاجات بتوفير خدمات كهرباء مستقرة للمواطنين، وإعادة صرف رواتب القطاع العام المجمدة، والحد من القوة المفرطة للمليشيات التي تدير الآبار بشكل تعسفي.

وأخيرا، يمكن أن تكون إعادة توزيع العائدات عنصرا مفيدا لدفع الطرفين للعودة للجلوس على طاولة مفاوضات مشتركة.

وتعتقد أن الخطوة الثانية لتحقيق الاستقرار تتعلق على وجه التحديد بجهود التفاوض اللازمة لإعادة توحيد المؤسسات الليبية وبدء عملية سياسية. 

ولفتت إلى أن المقترحات المطروحة على الطاولة كثيرة، كما تشير الاستقالات المعلنة للسراج والثني، إلى تعديلات مهمة في "الفرق الحكومية" المختلفة، لكن العملية المؤدية إلى اختيار مجلس رئاسي جديد يمكن أن تكون معقدة للغاية. 

وتوضح أن أمورا كثيرة ستعتمد على التطور السياسي في شرق البلاد، حيث لم يتخل خليفة حفتر، رغم أنه يواجه مصاعب بعد فشل حملته العسكرية للسيطرة على طرابلس، تماما عن طموحاته.

 ووفقا للعديد من المحللين، يستغل عامل الوقت للتحضير لأعمال عسكرية جديدة، بالرغم من توقف بعض رعاته السياسيين (في مقدمتهم مصر) عن دعمه، باستثناء دولة الإمارات التي تواصل تقديم الدعم له. 

وبحسب ميركوري، سيكون من الضروري إجراء تغيير لبعض القيادات، ومن بين "المرشحين المؤهلين" في الغرب وزير الداخلية باشاغا، الذي يعتبر قريبا جدا من الأتراك وبالتالي هو غير مرحب به من ممثلي الشرق وأيضا نائب رئيس الوزراء أحمد معيتيق، وهو سياسي ورجل أعمال من مدينة مصراتة ومقرب من واشنطن وروما. 

ويمكن أن يحصل توافق بين الجميع حول الأخير، باستثناء تركيا، التي تمتلك في الوقت الحالي "حق النقض" في الغرب. 

وفي الشرق، نوهت الأكاديمية الإيطالية أن "الوسيط" عقيلة صالح يحظى بدعم العديد من الجهات، بما في ذلك مصر، كما أنه حظي بإشادة المجتمع الدولي بأسره لشروعه في مباحثات السلام مؤخرا مع السراج. 

وألمحت ميركوري إلى إمكانية حصول  "فرضية ثالثة غير مريحة" لا يتحدث عنها أحد ولكن يفكر فيها الكثيرون، وتتعلق بسيف الإسلام القذافي. 

وتتحدث مصادر من طرابلس أن طائرة روسية حملت في الأيام الأخيرة الابن المفضل للعقيد الليبي من الزنتان إلى موسكو لإجراء محادثات سرية. 

ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اللاعب الرئيسي مع تركيا، في المشهد الليبي الحالي، قد تخلى عن حليفه السابق حفتر للبحث عن "ضفاف" جديدة ويمكنه الاعتماد على أتباع القذافي السابقين. 

وأكدت ميركوري بأنه مهما كانت أسماء المحاورين الليبيين المستقبليين، ما يهم هو أن يظل الأمل  قائما على الرغم من أن المحاولات العديدة لتشكيل حكومة موحدة يليها إجراء انتخابات أثبتت دائما فشلها، بدءا من مؤتمر باريس في عام 2018.  

لكن هذه المرة يمكن للحل الذي اقترحه الليبيون ولم يتم إسقاطه من ''الأعلى'' أن ينجح جزئيا على الأقل. لهذا السبب، سيكون من الضروري وجود التزام مشترك بين جميع الجهات الفاعلة الداخلية والدولية. 

وربما تمثل الاجتماعات المقبلة في جنيف بشأن ليبيا (يتوقع أن تعقد في منتصف أكتوبر/تشرين الأول)، آخر اختبار للمؤسسات الدولية التي لم تتمكن من اقتراح نهج ملموس وواع ومنسق لمستقبل البلاد.

وختمت ميركوري بالقول: إن تشكيل حكومة جديدة واحتمال إجراء انتخابات جديدة، إلى جانب انتعاش الاقتصاد الليبي، يمكن أن يمهد الطريق لمستقبل مختلف للجماهيرية السابقة، لكن الآمال لا تزال معلقة بخيط.