أمير الكويت صباح الأحمد.. رحلة دبلوماسية مشرفة شابتها انتقادات عديدة

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أعلن الديوان الأميري في الكويت، 29 سبتمبر/أيلول، عن وفاة أمير البلاد الشيخ صباح الجابر الأحمد الصباح، عن عمر يناهز 91 عاما.

وورد في البيان: "ببالغ الحزن والأسى ننعى إلى الشعب الكويتي والأمتين العربية والإسلامية وشعوب العالم الصديقة وفاة المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الذي انتقل إلى جوار ربه".

ومنذ 23 يوليو/تموز، كان الشيخ الصباح الملقب بأمير الإنسانية يتلقى العلاج في مستشفى مايو كلينك في ولاية "مينيوستا" الأميركية.

وكانت الكويت قد أعلنت في 18 يوليو/تموز، نقل بعض صلاحيات أمير البلاد لولي عهده نواف الأحمد الجابر الصباح (83 عاما)، وذلك عقب تراجع الحالة الصحية للصباح، ودخوله المستشفى.

الحاكم الخامس عشر

ولد الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح في مدينة الجهراء شمال غرب الكويت العاصمة، في 16 يونيو/حزيران عام 1929، وهو الابن الرابع من الأبناء الذكور لأمير الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الصباح من والدته السيدة منيرة العيار، ويعد الأخ غير الشقيق لأمير الكويت الراحل الشيخ جابر.

يعد الشيخ الصباح الحاكم الخامس عشر للبلاد، والخامس منذ استقلال الكويت عن المملكة المتحدة في 19 يونيو/حزيران 1961.

وقد تولى الحكم في 29 يناير/كانون الثاني 2006، خلفا للأمير سعد العبد الله السالم الصباح، الذي تم عزله من قبل البرلمان الكويتي، وذلك بعد 9 أيام من توليه الحكم، نظرا لظروفه الصحية التي رأى البرلمان أنها لن تمكنه من أداء مهامه في إدارة البلد.

 تولى عددا من المناصب، من بينها وزير الخارجية منذ عام 1962 وحتى عام 1991، وشغل أيضا العديد من المناصب، فكان نائبا أولا لرئيس مجلس الوزراء، بين عامي 1992 و2003.

كما شغل بعض المناصب الوزارية، على رأسها وزارة الإعلام، ووزارة الإرشاد والأنباء، بالتزامن مع مناصب في رئاسة الوزراء، وتولى منصب رئيس مجلس الأمة الكويتي بين عامي 2003 و2006، ثم أصبح في 13 يوليو/تموز 2003 رئيسا لمجلس الوزراء، قبل أن يتم تنصيبه أميرا للكويت.

دور دبلوماسي

كان  الأمير الصباح جزءا من المشهد العام للسياسة الكويتية، وقد لعب دورا دبلوماسيا كبيرا في أعقاب غزو العراق للكويت 1990، وبصفته وزيرا للخارجية حينها، فقد أدت جهوده دورا مهما في حشد الرأي العام الدولي، لمساندة الشرعية في البلاد، وطرد القوات العراقية.

ومنذ توليه الحكم في 2006، شهدت فترته صداما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بسبب استجوابات مجلس الأمة (البرلمان) المتكررة لأعضاء الحكومة، فقام بحل المجلس عدة مرات.

وفي سنة 2012 أصدر مرسوما تشريعيا مثيرا للجدل عدل بموجبه نظام الدوائر الانتخابية ونظام التصويت فيما عرف بـ"مرسوم الصوت الواحد" الذي رفضته المعارضة وطعنت فيه أمام المحكمة الدستورية.

فساد العائلة

شهدت الكويت حالة من الفساد في الفترة التي تولى فيها الأمير صباح الجابر الصباح الحكم في البلاد.

وكانت تسريبات قد انتشرت في أغسطس/آب 2020، كشفت عن تورط مسؤولين في الدولة وأفراد من الأسرة الحاكمة بقضايا فساد، منها القضية المعروفة بالصندوق الماليزي، والذي يتهم فيها الشيخ صباح جابر المبارك الصباح، نجل رئيس الوزرء السابق.

وعلى إثر قضايا الفساد تلك، جرى توقيف مدير عام جهاز أمن الدولة طلال الصقر و7 ضباط آخرين، عن العمل حتى اكتمال التحقيقات، بالإضافة إلى مدير إدارة غسيل الأموال، في حين تلاحق وزير الداخلية الكويتي أنس الصالح اتهامات بالتربح من المنصب وإساءة استغلال السلطة.

كما تم في مطلع 2016، اتهام 24 شخصا، بالتزوير والإهمال الجسيم والاستيلاء على المال العام وغسل الأموال، بينهم مسؤولون في وزارتي الداخلية والمالية، فيما عرف بقضية "ضيافة الداخلية"، وقد صدرت بحق بعضهم أحكام بالسجن تراوحت بين عامين وثلاثين عاما، بالإضافة إلى العزل من الوظائف العامة.

كان هذا الفساد المالي والإداري مثالا لحالات الفساد التي تمارس في عدد من الدوائر الحكومية، والتي لم تكشف عنها التسريبات، أو لم يتم التوصل فيها لدليل يثبت حالات الفساد.

قمع واعتقال

لم تكشف الحادثة الأخيرة فقط عن وجود فساد داخل مؤسسات الدولة، فقد انطلقت مظاهرات واحتجاجات شعبية، طالت مقر مجلس الأمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، مطالبة بإصلاحات عميقة، غير أنها قوبلت بالقمع والاعتقال. 

وكان اللافت فرض عقوبات بالسجن لفترات طويلة، كما هو الحال مع النائب السابق والعضو في كتلة العمل الشعبي مسلم البراك، الذي أصدر القضاء عليه حكما بالسجن لمدة 7 سنوات، كما صدر حكم بالسجن 5 سنوات على الدبلوماسي والنائب السباق مبارك الوعلان، وكذلك النائب السابق سالم النملان، وآخرين.

وعلى إثر تلك الأحكام القاسية، طالب برلمانيون وحقوقيون بإصدار قانون عفو عام عن جميع الذين شاركوا في الاحتجاجات ضد الفساد، خصوصا أن جميع الناشطين الذين تم اعتقالهم أثناء الاحتجاجات أو حكم عليها غيابيا كانوا يحتجون ضد الفساد ويطالبون بإصلاحات على عدة مستويات.

وكانت منظمة العفو الدولية قد نددت في ديسمبر/كانون الأول 2015 بسياسة القبضة الحديدية وتجريم المعارضة السلمية في الكويت.

وذكرت المنظمة وقتها أن الكويت تواجه خطر الانزلاق إلى مزيد من القمع وسط حملة متصاعدة ضد المنتقدين، "وبدلا لها من ردة الفعل الدفاعية ينبغي عليها تقبل نقد المعارضين واحتسابها فرصة للحوار".

وأضافت المنظمة: أن "حرية التعبير ضرورية لتحقيق حقوق الناس. كما أن سحب الجنسيات مناف للمعاهدات الدولية التي وقعتها الكويت، فمنذ سنوات كانت معروفة في المنطقة باحترام حقوق الإنسان لذلك نحن الآن نشعر بالقلق إزاء تدهور حالة حقوق الإنسان".

وقد وصلت الإجراءت القمعية إلى مستوى سحب الجنسية من مواطنين كويتيين، من بينهم الشيخ نبيل العوضي والبرلماني السابق عبد الله البرغش وسعد العجمي وأحمد الجبر.

ووقتها، وصفت المعارضة الكويتية قرار سحب الجنسية بأنه جاء بدوافع سياسية ويستهدف أقطابا في تيارات سياسية ودينية كويتية. 

مواقف مشرفة

منذ اندلاع أزمة الخليج بين قطر ودول الحصار (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر) في يونيو/حزيران 2017، تؤدي الكويت دور الوسيط، لكنها لم تتمكن حتى الآن من تحقيق اختراق يعيد الأوضاع لما كانت عليه.

ومع فشل جهود الوساطة إلا أن رئيس الوزراء الكويتي صباح الصباح، صرح في يونيو/حزيران 2020 أن آمال حل الأزمة الخليجية باتت أكبر مما هي عليه.

وأضاف رئيس الوزراء في الاجتماع الذي عقده مع رؤساء تحرير عدد من الصحف، أن الشيخ صباح الأحمد الصباح، مستمر في جهوده لرأب الصدع، وإيجاد الأرضية للبناء عليها لعودة اللحمة الخليجية وأن تكون الكويت دائما هي من تجمع الأطراف المختلفة على أسس تحقق كل الطمأنينة لأي اتفاق مقبل".

في سياق منفصل، كان رفض التطبيع مع إسرائيل من أبرز المواقف التي تبنتها الكويت وشددت عليها.

فبعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب توقعه بأن تكون الكويت الدولة التالية التي تعلن التطبيع مع إسرائيل، بعد الإمارات والبحرين، أكدت الدولة الخليجية موقفها الرافض للتطبيع.

ونقلت صحيفة القبس عن مصادر حكومية رفيعة أن رفض التطبيع من قبل الكويت موقف ثابت لم يتغير وأنه لا يوجد لديها نية للتطبيع، مضيفة: أنها "آخر من سيطبع مع الكيان الصهيوني".

وأضافت المصادر أن الكويت تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه كاملة والتوصل إلى حل عادل قائم على مرجعيات السلام وفي مقدمتها قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية تأكيد مجلس الوزراء "وقوف الكويت إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعم خياراته، وتأييدها للجهود الرامية للتوصل إلى حل عادل وشامل للصراع وفق مبادرة السلام العربية".