السعودية ترمم منزل لورانس العرب.. فلماذا تزور تاريخ العثمانيين؟

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة تركية عن تنفيذ عملية ترميم "رائعة" في مدينة ينبع، الواقعة على ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية بعد جهود مضنية خلال أشهر الصيف. 

وجرى الإعلان في بداية شهر سبتمبر/أيلول 2020، عن تجديد قصر مهجور أيضا منذ عقود يتكون من ثلاثة طوابق في الجزء التاريخي من المدينة.

وبناء على المعلومات التي قدمها رئيس بلدية ينبع أحمد المحتوت، سيتم الاهتمام باللمسات الثانوية المتبقية في وقت قصير وسيتم فتح القصر لزيارة السياح المحليين والأجانب في نهاية هذا العام على أبعد تقدير.

معقل الثورة

ونشرت صحيفة "يني شفق" التركية مقالا للكاتب طه كيلينج ذكر فيه أن أخبار الترميم في ينبع هي أمر مثير للاهتمام خاصة أن السعودية لا تشتهر باهتمامها بالآثار التاريخية. 

ولفت إلى أن النقطة الرئيسية اللافتة للنظر في هذه القضية هي أن القصر الذي كان من المقرر افتتاحه كمتحف، كان يسكن فيه العميل البريطاني توماس إدوارد لورانس الذي زار المنطقة في عام 1916. 

فقد نزل لورانس ـ الذي أتى إلى شبه الجزيرة العربية لتنظيم الثورة التي عرفت في التاريخ باسم "الثورة العربية" ـ ضيفا في منزل محافظ ينبع، عبد القادر عبده لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، ثم تم تخصيص هذا القصر لاستخدامه.

واستخدم لورانس والذي كان مقربا من الأمير فيصل خاصة من بين أبناء الشريف حسين وأرشده في عملية الانتفاضة، القصر في ينبع بشكل فعال أثناء إقامته في الجزيرة العربية. وبعد نجاح "الثورة العربية" ومغادرة لورانس إلى بلاده ترك المنزل لمصيره، وفقا للكاتب.

ونوه قائلا: "وبالتأكيد فإن اهتمام الدولة السعودية المفاجئ بالآثار التاريخية ليست عشوائية خاصة وأنها مع مواجهتها لانتقادات كثيرة من جميع أنحاء العالم الإسلامي بسبب هدمها للتراث التاريخي والثقافي في السنوات السابقة في العديد من المدن من بينها مكة المكرمة والمدينة المنورة، لم تتراجع".

تصاعد العداء

ويعتبر كيلينج أنه ليس من قبيل المصادفة أيضا تصاعد "العداء التركي والعثماني" في المملكة خاصة بعد تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد في 2017. 

ويقول: "يتم تعليم التاريخ للأطفال والشباب بلغة مليئة بالعداء تجاه الدولة العثمانية، ويتم عرض مسلسلات وأفلام عن التاريخ المشترك للعرب والأتراك بأسلوب قذر يشوه الأتراك في القنوات الفضائية".

وواصل: "كما تنتشر الكتب المليئة بالافتراء والتي تركز على تشويه سمعة السلاطين العثمانيين ولا يكاد يمر يوم دون أن ينشر تقرير أو خبر ضد الأتراك أو العثمانيين في الصحف".

ناهيك عن التحديات المختلفة التي تواجه الشركات والموظفين الأتراك في المملكة العربية السعودية، بحسب الكاتب.

وتابع: "تم ترميم القصر الذي كان يسكن فيه العميل البريطاني الشهير والذي تم تسويقه للعالم باسم لورانس العرب، بسبب الدور الحاسم الذي لعبه في فصل الحجاز عن العثمانيين. وبالمناسبة فإن المنزل الذي عاش فيه لورانس في جدة أصبح متحفا أيضا".

الإيقاع بين السعوديين

وأشار كيلينج إلى أن الهوس الذي يغمر عقلية من يقوم بإدارة السعودية حاليا ضد تركيا والعثمانيين قد تعمق لدرجة أنه لم يلاحظوا أن توماس إدوارد لورانس لم يحارب فقط ضد العثمانيين بل حارب ضد السعوديين أيضا خلال الحرب العالمية الأولى.

وتابع قائلا: "دعونا نتذكر ما حدث مرة أخرى: إن عائلة الشريف حسين (الهاشميين) قاتلوا جنبا إلى جنب مع لورانس، ولم يحاربوا الأتراك فقط بل كانوا يحاربون عبد العزيز بن سعود ورجاله أيضا من أجل السيطرة على الجزيرة العربية". 

وأضاف: "وبينما كانت بريطانيا تدعم الشريف حسين بيد، كانت على الجانب الآخر مع عبد العزيز. وفي نتيجة هذه المواجهة كان الطرف السعودي هو الفائز وطرد الشريف حسين وأعوانه من الحجاز. وبهذا انتهت مغامرات لورانس في الجزيرة العربية".

وينبه الكاتب إلى أن إعادة بناء التاريخ على أسس السياسة أمر شائع في العديد من الدول، لكن ما يفعله السعوديون هو أكثر من مجرد بناء تاريخ جديد.

فبينما يتم تشويه تركيا والدولة العثمانية بغير حدود، يجري تقديس بريطانيا والإمبريالية الغربية واللتين تشكلان أكبر عامل في الفوضى والاضطراب الحالي في الشرق الأوسط. 

وإذا ما أضيفت جهود "التطبيع" مع إسرائيل، والتي أصبحت "علاقة حب" أحادية الجانب إلى كل هذا، يكتمل الجزء المفقود من الصورة المحزنة، بحسب الكاتب.

ويختم أن "ضياع دولة وإدارة سياسية تحمل على كاهلها أمانة الحرمين، يعني الانجراف إلى مغامرة خطيرة، فهي لا تلقي بنفسها إلى النار وحسب بل المنطقة بأسرها".


المصادر