"الجيش الأيرلندي الجديد" وحزب الله اللبناني.. علاقات تقلق بريطانيا

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع ''إنسايد أوفر'' الإيطالي تقريرا تطرق فيه إلى المعلومات التي كشفت عنها المخابرات البريطانية حول وجود روابط بين مجموعة الجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد وحزب الله اللبناني تتمثل خاصة في الدعم المالي والتدريب العسكري. 

قال الموقع: إن هناك خيطا يربط بين الطرفين، "وإذا بدا في الوقت الحالي رقيقا، فإن السلطات البريطانية لا تستبعد أن التحقيقات الجارية قد تكشف عمقا أكبر بكثير". 

وفي تحقيق أطلق عليه اسم "عملية أرباسيا"، كشف جهاز الشرطة في أيرلندا الشمالية أنه بالتعاون مع المخابرات الحربية البريطانية - القسم الخامس، وبمشاركة دائرة شرطة العاصمة وشرطة أسكتلندا، اعتقل في أغسطس/آب 2020 عشرة أشخاص، بينهم ثمانية تعلقت بهم 34 تهمة مرتبطة بالإرهاب تشمل التخطيط لهجمات ومحاولة الاستيلاء على أسلحة ومتفجرات. 

في الوقت نفسه، جرت سلسلة من عمليات البحث والتفتيش في بلفاست ونيوري وديري ودونجانون (في أيرلندا)، استهدفت القوات الأمنية فيها أيضا مكاتب حزب ساوراد الذي يعتبر الذراع السياسي للجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد.

وتابع الموقع أن السلطات البريطانية كشفت عن هوية المعتقلين، الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و62 عاما، وهم كيفن باري مورفي (زعيم  المنظمة الأيرلندية في شرق تيرون) وداميان ماكلولين، ماندي دافي، وديفيد وشارون جوردان، شيا رينولدز، غاري هايدن، جو بار، بادي مكدايد وعصام حجاوي بصلات. 

وقُبض على هذا الأخير، وهو مواطن أسكتلندي من أصل فلسطيني يبلغ من العمر 62 عاما ويعيش في إدنبرة، في مطار هيثرو بلندن في 22 أغسطس/آب بينما كان على وشك مغادرة البلاد. 

ويُعرف بصلات، الذي تنحدر عائلته من الضفة الغربية، بنشاطه التضامني مع حقوق الفلسطينيين ومتهم بالمشاركة في اجتماع سري مع بعض أعضاء الجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد، تمت مراقبته من قبل القسم الخامس للمخابرات الحربية. 

دور حجاوي

وفقا لما أورده التحقيق، كان بصلات على اتصال مع المنظمة الأيرلندية منذ سنوات، وانتهى به المطاف في مرمى المحققين، وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، كان قد شارك أيضا باجتماع في نيوري نظمه حزب ساوراد الجمهوري "المتطرف" الذي وصفه محللون مختلفون بأنه "الجناح السياسي للجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد".

بهذه المناسبة، شدد الدكتور الفلسطيني على وجود تشابه بين القضيتين الفلسطينية والأيرلندية قائلا: "أيها الرفاق، اطمئنوا أننا في الجانب الصحيح من التاريخ، سواء في فلسطين أو أيرلندا، سيسود النضال الذي استمر قرابة قرن من الزمن من أجل الحرية وتقرير المصير والكرامة والعدالة الاجتماعية، وستلحق بالقوى الإمبريالية والاستعمارية الهزيمة عاجلا أم آجلا، إنها مسألة وقت فقط".

ولفت الموقع الإيطالي إلى أن الحساب الشخصي على موقع فيسبوك، باسم "عصام حجاوي"، من شأنه أن يكشف عن مواقف أقرب بكثير إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، منها إلى الجماعات الإسلامية.

بالإضافة إلى ذلك، نشر موقع "صامدون - شبكة تضامن الأسرى الفلسطينيين"، التابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أيلول/سبتمبر آخر المستجدات بشأن وضع المعتقلين في عملية "أرباسيا" وخاصة أخبار تتعلق بالإضراب المستمر عن الطعام للدكتور بصلات. 

ومن جهته، صرح الطبيب الفلسطيني بأنه استُدرج إلى فخ من قبل المخابرات الحربية البريطانية، موضحا أنه بعد أن قدم طلبا لإصدار جواز سفر ابنته، من أجل السفر برفقة العائلة بأكملها إلى دبي، تلقى اتصالا من مكتب الجوازات يبلغه بإمكانية سحب جواز السفر في بلفاست. 

وهو ما اعتبره أمرا  غير معتاد نظرا لوجود مكتب جوازات سفر في غلاسغو، أقرب بكثير إلى إدنبرة، حيث يقيم. 

وفي نفس الوقت تقريبا، تواصل شخص مع الدكتور بصلات، كشف عن نفسه لاحقا على أنه عميل سري للمخابرات الحربية، يدعوه لإلقاء خطاب في "اجتماع عام" غير محدد سيعقد في بلفاست في الأيام التي كان عليه فيها الذهاب إلى المدينة لسحب جواز سفر الابنة.

عقب ذلك، توجه بصلات إلى بلفاست مع جميع أفراد العائلة، وكان في استقبالهم العميل السري في ميناء المدينة ليرافقهم إلى شقة تم استئجارها خصيصا لهم  بالقرب من جامعة كوينز.

وبعد يومين، رافقه عميل المخابرات إلى اجتماع الجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد في تيرون، والذي كان تحت مراقبة القسم الخامس للمخابرات الحربية.

وذكر التحقيق أن الطبيب الفلسطيني سافر إلى لبنان في 2018 مع بعض أعضاء المنظمة الأيرلندية ومع كيفين باري مورفي، زعيم التنظيم بمنطقة تيرون. وتشير مصادر بريطانية إلى أن الهدف الحقيقي للرحلة كان اللقاء مع أعضاء من حزب الله، وهي حادثة مقلقة للغاية وفق الموقع الإيطالي. 

الروابط بين الجانبين

أوضح الموقع الإيطالي أن مخاوف لندن تتعلق باحتمال حصول المنظمة الأيرلندية على المواد (المتفجرة) والقدرة على تصنيع عبوات ناسفة قادرة على تدمير العربات المدرعة البريطانية في أيرلندا الشمالية، وتفترض المخابرات البريطانية أن سفر المسلحين الأيرلنديين إلى بيروت كان لهذا الغرض.

وتشير مصادر استخباراتية إلى إبرام صفقة محتملة مع حزب الله لشراء أسلحة لم تنقل إلى الميناء، بينما أضاف المحلل البريطاني بيل داف أن إيران لن تجد صعوبة كبيرة في إيصال حاوية محملة بالسلاح إلى دبلن، ربما باستخدام محطة التوقف المؤقت في كراتشي.

كما تفترض مصادر الشرطة في أيرلندا الشمالية أيضا أن الاتصالات مع حزب الله تمت "برعاية" أعضاء قدامى في الجيش الجمهوري الأيرلندي كانوا قد انضموا إلى الجيش الجديد.

وأضاف الموقع أن عنصرا آخر أثار شكوك السلطات البريطانية، هو زيارة وفد من حزب ساوراد إلى السفارة الإيرانية في دبلن في يناير/كانون الثاني 2020، بهدف تقديم العزاء رسميا لمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني في العراق ولأجل التوقيع على سجل إحياء الذكرى.

وأكدت السفارة الزيارة لكنها نفت أي لقاء مع الإطار الدبلوماسي.

واعتبر ''إنسايد أوفر'' أن اتهامات دوغ بياتيي، ضابط بالجيش البريطاني وعضو الآن في حزب ألستر الوحدوي، الموجهة إلى منظمة الجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد بتشكيل تحالف مع إيران وحزب الله والبحث عن تقنيات وأسلحة متطورة لضرب أهداف بريطانية، قاسية للغاية.

وذكر الموقع أنه في عهد ما سميت بـ"المشاكل" (الصراع الطويل في أيرلندا الشمالية بين الستينيات وأواخر التسعينيات)، تلقى الجيش الجمهوري الأيرلندي دعما -متبادلا في كثير من الحالات- من منظمات ومجموعات أخرى مثل إيتا ومنظمة التحرير الفلسطينية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقوات كولومبيا المسلحة الثورية وليبيا في زمن معمر القذافي. 

لذلك لا يستبعد أن يكون الجيش الأيرلندي الجمهوري الجديد قد قرر استخدام خطة مماثلة مع حزب الله وإيران، يدير علاقاتها من فعل الشيء نفسه في وقت سابق مع مجموعات أخرى.