تحدي مشاركة الصور على مواقع التواصل.. ما أهدافه الخفية ومن وراءه؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بين الفينة والأخرى تطالعنا مواقع التواصل الاجتماعي بحملات وهاشتاجات تحد عالمية لعرض الصور، فإذا برواد مواقع التواصل الاجتماعي يتسابقون  لطرح صورهم على حساباتهم الإلكترونية.

مؤخرا انتشر هاشتاج عالمي على موقعي فيس بوك وتويتر بعنوان #childhood_photo_challenge أو تحدي صور الطفولة، فانهال رواد مواقع التواصل الاجتماعي على طرح صورتين لهم، واحدة وهم أطفال وأخرى وهم كبار.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2109 انتشر هاشتاج صورتك قبل 10 سنوات، وكالعادة تسابق رواد مواقع التواصل لوضع صورهم الحديثة وصورهم قبل 10 سنوات في منشورات وتغريدات مذيلة بهاشتاج الحملة العالمية.

هناك شكوك بأن جهة معينة تطلق هذه الحملة لأسباب أمنية، من أجل تطوير تقنية التعرف على الصور، وتتبع تطور الملامح، والاستفادة من تلك التغيرات لتطوير تقنية الذكاء الاصطناعي، ليكون بإمكانه التعرف على ملامح مطلوبين حتى بعد سنوات من تغير ملامحهم.

وفرت تلك الصور كنزا ثمينا لمطوري تلك التقنيات، وما سهل هذه المهمة هو تنظيمها تحت هاشتاج، فما على مستخدم تلك البيانات إلا الضغط على الصور ثم التعامل مع ملايين الصور والتعرف على تغير الملامح منذ الطفولة مرورا بعشر سنوات ماضية ثم الصور الحديثة حتى الآن.


الذكاء الاصطناعي

حسب موقع ثالس الفرنسي المتخصص بتطوير أنظمة الدفاع والأمن والحماية، فإن فيس بوك يقوم على تطوير برنامج للتعرف على ملامح الوجه، ومطابقة الصور التي تنتمي لنفس الشخص، وقد نجحت التقنيات التي يطورها بمعدل دقة 97.25%، وذلك عند إجراء اختبار المطابقة عبر برامج الذكاء الاصطناعي.

في حين حققت شركة جوجل دقة أعلى بلغت 99.63% وذلك باستخدام شبكة اصطناعية وخوارزمية جديدة، وقامت بدمج تقنية التعرف على الصور واستخدامها لفرز الصور ووضع علامة عليها بشكل تلقائي، بناء على الأشخاص الذين تم التعرف عليهم.

يضيف الموقع أن تقنيات فيس بوك تستفيد من تلك الصور التي ترسم خرائط لتعبيرات الوجه مثل الاشمئزاز أو الفرح أو الغضب أو المفاجأة أو الحزن، وقد ساعدت خوارزميات الشبكة الاصطناعية على تحسين الدقة بنسبة بلغت 20 ضعف ما كانت عليه، خلال الأربع السنوات الأخيرة.

تقنيات التعرف على الوجه تعتمد على الملامح وأبعادها في الوجه، تباعد العينين، جسر الأنف، وقياسات الشفاه والأذنين والذقن، وغيرها، وأسفرت تلك التقنيات عن حلول متقدمة نتاج التراكمات والخبرات الطويلة في القياسات الحيوية في بيئات ديناميكية غير مستقرة، قادرة على التعرف على الوجوه في ثوان معدودة.

سباق العمالقة

تتسابق المواقع العملاقة في تطوير هذه التقنيات، من بينها فيس بوك وآبل وآي بي إم وأمازون ومايكروسوفت وجوجل، وتنشر هذه الشركات اكتشافاتها في نظرية الذكاء الاصطناعي، وتحليل الملامح والتعرف على الوجوه في وقت قياسي.

وتضم فيسبوك أكثر من 160 شركة تقنية، بلغت نفقاتها نهاية 2019 نحو 168 مليار دولار، لتطوير هذه التقنيات، التي تهدف من خلالها إلى ربط كل الأشخاص والسيطرة على كل مجريات الحياة لمدة 100 سنة قادمة.

تحاول فيس بوك تعزيز مكانتها وإحكام سيطرتها، ففي 2013 طلب مؤسس فيس بوك مارك زوكربرج من مسؤولي الشركة وضع خطة لضمان سيطرة شركته على شبكات التواصل لمدة 20 سنة قادمة.

أشار عليه المسشارون بإنشاء مركز أبحاث متطور للذكاء الاصطناعي، وبالفعل عملوا على إنشاء Facebook AI Research الذي يشار إليها اختصارا بـ (FAIR) التي علمت على تطوير أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ويعتمد تطور تلك التقنية على معياري الدقة والسرعة، فكلما كانت التقنية دقيقة في تعرفها على ملامح الوجه وتطوراته وكانت سريعة في تحديد هوية الهدف كانت أكثر رصانة وجودة. 

مديرية العلوم والتكنولوجيا للأمن الداخلي في الولايات المتحدة الأميركية، والمعروفة باسم Biometric Technology Rally نشرت أحدث نتائج اختباراتها التي أجرتها في مارس/آذار 2018، وأظهرت نتائج ممتازة لأفضل برنامج للتعرف على الوجوه.

أولوية الأمن

تتعدد أغراض التعرف على الوجه من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي، من بينها الأمن ومكافحة الإرهاب والطب والتسويق، غير أن الغرض الأمني يتربع على رأس تلك الأغراض، حيث تسعى الأجهزة الأمنية للاستفادة من تلك التقنيات 

في الصين على سبيل المثال تقوم السلطات الأمنية في بكين باستخدام النظارات الشمسية الذكية المزودة بنظام التعرف على الوجه، وعلاوة على ذلك قامت باستخدام نحو 626 مليون كاميرا مراقبة في 2020، وتطمح إلى أن تصبح الدولة الرائعة عالميا بمجال الذكاء الاصطناعي بحلول 2030.

كاميرات التعرف على الوجه قادت للقبض على عدد من المطلوبين في أنحاء العالم، ففي جنوب ويلز تعرفت الشرطة بفضل كاميرات التعرف على الوجه على "الرجل ذي القبعة" المسؤول عن هجمات بروكسل، وذلك في نهائي دوري أبطال أوروبا UEFA عام 2017.

وإلى جانب الكاميرات الذكية الثابتة المتخصصة بالتعرف على الملامح، تستخدم الأجهزة الأمنية طائرة بدون طيار تحمل عدسة ذكية للتعرف على الوجه، وذلك في الأماكن التي لا تغطيها الكاميرات الثابتة.

ووفقا لعدد مجلة Keesing Journal of Documents and Identity الصادر في يونيو/حزيران 2018، يمكن لبعض أنظمة الطائرات بدون طيار أن تحمل عدسة قادرة على التعرف على المشتبه به من مسافة 800 متر، ومن ارتفاع 100 متر، مع إمكانية توصيل طائرات الدرون بكابل طاقة إلى الأرض.

تحايل وتمويه

وفي مقابل تطوير تقنيات التعرف على الوجه، تعمل شركات صغيرة على ابتكار طرق للتمويه والتحايل على تلك التقنيات، ففي روسيا ابتكر Grigory Bakunov حلا للهروب من كاميرات التعرف على الوجه وتقنيات الذكاء الاصطناعي، فطور خوارزمية تنشئ مكياجا خاصا لخداع برامج التعرف، غير أنه عدل عن رأيه في طرحه للسوق، بعد أن أدرك أن المجرمين سيكونون أكثر المستفيدين منه.

وفي ألمانيا ابتكر الفنان آدم هارفي جهازا يعرف باسم CV Dazzle يوضع على الملابس ويعمل على تمويه ملامح الوجه وخداع تقنيات التعرف على الوجه.

وفي أواخر عام 2017، استخدمت شركة فيتنامية بنجاح قناعا لاختراق وظيفة التعرف على الوجه لجهاز iPhone X من Apple.

فيس بوك ذاتها التي تطور تقنيات للتعرف على الوجه والذكاء الاصطناعي لخداع نظام التعرف على الوجوه، تطور تقنيات أخرى للتحايل على تقنيات التعرف على الوجه، بالتزامن مع دعوى قضائية رفعت على فيس بوك بتهمة انتهاك الخصوصية عبر برنامج التعرف على الوجوه.

ووفقا لموقع "فنتشور بيت"، طور قسم أبحاث الذكاء الاصطناعي في شركة فيس بوك نظاما متطورا "لإزالة الهوية" (de-identification) يعمل على الفيديو، بما في ذلك الفيديو المباشر، وذلك عبر تغيير ملامح الوجه الرئيسية لموضوع الفيديو في الوقت الفعلي باستخدام تقنية تعلُّم الآلة، مما يؤدي إلى خداع نظام التعرف على الوجوه.

إلا أن فيس بوك، وفقا للموقع، لا تنوي الاستفادة من هذه التقنية في أي من منتجاتها التجارية، لكن ذلك قد يؤثر على البحث في الأدوات المستقبلية التي يتم تطويرها لحماية خصوصية الأفراد ومنع استخدام شبيه شخص ما في فيديو التزييف العميق (deepfake)، بحسب ما ينقله الموقع عن قسم الأبحاث.