إعلان ترامب قرب تطبيع الكويت.. محاولة للضغط أم دعاية انتخابية؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في 19 سبتمبر/أيلول 2020، نقلت وسائل إعلام أميركية بأن الرئيس دونالد ترامب توقع أن تكون الكويت هي الدولة التالية في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

ترامب زعم أن مسؤولين كويتيين استقبلوا إعلان التطبيع من قبل الإمارات والبحرين بحماس واضح، وأن الأمير ناصر الصباح والوفد الكويتي المرافق له، أظهروا حماسا لتوقيع اتفاقية السلام، قائلا: "أعتقد أنهم سينضمون إليها سريعا".

وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال": إن الرئيس ترامب صرح عقب لقائه نجل أمير الكويت الشيخ ناصر الصباح، في 18 سبتمبر/أيلول 2020، قائلا: إن الكويت قد تصبح قريبا البلد التالي ليطبع علاقاته مع إسرائيل.

ذلك السلوك الذي بدا وكأنه يدفع الكويت دفعا للموافقة على التطبيع، كان قد سبقه محاولة للإغراء بمنح وسام الاستحقاق العسكري بدرجة القائم العام لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، لدوره في حل النزاعات وتجاوز الانقسامات في الشرق الأوسط.

وتسلم الشيخ ناصر الصباح النجل الأكبر لأمير الكويت الجائزة نيابة عن والده الأمير صباح الجابر الأحمد الصباح الذي يتلقى العلاج في مستشفى "مايو كلينك" بولاية "مينيسوتا" الأميركية.

ورغم أن الشيخ ناصر الصباح لا يمثل أي موقف رسمي لدولة الكويت، وأقيل من منصبه كنائب أول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير للدفاع العام الماضي، لكنه استلم الوسام بصفته نجل الأمير.

بيان مشترك

تصريح ترامب أثار حالة من الاستياء الواسع لدى قوى وتيارات سياسية كويتية، وعقب التصريح أصدر 11 كيانا من القوى والتيارات الكويتية بيانا مشتركا طالبت من خلاله الحكومة بتوضيح قاطع حول مزاعم ترامب تجاه موقف الكويت من التطبيع مع إسرائيل.

البيان وقعه كل من التحالف الإسلامي الوطني، وتجمع العدالة والسلام، والتيار العروبي، والحركة الليبرالية الكويتية، والمنبر الديمقراطي الكويتي، وتجمع راية الشعب، وحزب المحافظين المدني، وتجمع ولاء الوطني، والحركة الدستورية الإسلامية، والحركة الشعبية الوطنية، وتجمع الميثاق الوطني.

ودعا البيان المشترك مجلس الأمة الكويتي إلى إصدار قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني"، ومنح القانون صفة الاستعجال، للحفاظ على الكويت من الابتزاز والضغوطات.

كما حث البيان كافة القوى والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في الكويت إلى التحرك العاجل والفعال لإقرار القانون، وذلك لتوفير الحماية الشعبية للقرار الرسمي الرافض للتطبيع.

وأشار البيان المشترك إلى أن موقف الكويت الرافض للتطبيع يأتي وفاء لشهداء الكويت في الحروب العربية المختلفة ضد الكيان الصهيوني، وانطلاقا من موقف الكويت الأخلاقي والإنساني الذي يقضي بالوقوف مع المظلوم ضد الظالم القاتل مغتصب العرض والأرض.

نائب مجلس الأمة محمد الدلال تقدم بسؤال لوزير الخارجية الأمير ناصر صباح الأحمد، حول حقيقة التصريحات والمزاعم التي أطلقها ترامب بشأن وجود نوع من التفاهمات أو الرغبة لدى الكويت في التطبيع.

وقال الدلال: "خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريحات في الأيام الماضية أشار فيها إلى وجود تفاهمات مع دولة الكويت بشأن التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل، وجاءت تلك التصريحات بعد لقاء وفد كويتي مع ترامب، الذي منح أمير البلاد وساما أميركيا عالي المستوى.

وأضاف الدلال: "ونظرا لخطورة ما أدلى به الرئيس الأميركي، خاصة أنه يتعارض مع السياسة الرسمية الإيجابية للدولة والموقف البرلماني والشعبي الرافض للاحتلال أو التطبيع معه يرجى إفادتنا بالآتي: ما حقيقة التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي مؤخرا بشأن وجود أي نوع من التفاهمات أو الرغبة لدى دولة الكويت بشأن التطبيع مع الكيان الصهيوني".

مضيفا: "وهل تم التواصل مع الطرف الأميركي الرسمي لمعرفة أسباب ذكر الرئيس الأميركي ذلك؟ وهل تم بعد صدور تصريح ترامب نفي رسمي لتوجه دولة الكويت للتطبيع مع الكيان المحتل؟".

آخر المطبعين

عقب ذلك أكدت الكويت موقفها الرافض للتطبيع مع إسرائيل، ونقلت صحيفة القبس عن مصادر حكومية رفيعة أن رفض التطبيع من قبل الكويت موقف ثابت لم يتغير وأنه لا يوجد لديها نية للتطبيع، مضيفة: أنها "آخر من سيطبع مع الكيان الصهيوني".

وأضافت المصادر أن الكويت تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه كاملة والتوصل إلى حل عادل قائم على مرجعيات السلام وفي مقدمتها قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية تأكيد مجلس الوزراء "وقوف الكويت إلى جانب الشعب الفلسطيني، ودعم خياراته، وتأييدها للجهود الرامية للتوصل إلى حل عادل وشامل للصراع وفق مبادرة السلام العربية".

وفق مراقبين فإن ضغوطا تمارسها إدارة ترامب على الكويت للموافقة على إعلان التطبيع، وهو ما نفاه الجانب الكويتي، حيث نقلت صحيفة القبس عن مصادر رسمية رفيعة أنها لا تواجه أي ضغوط لتغيير موقفها الراسخ والرافض للتطبيع مع إسرائيل"، موضحة أن "القرار الكويتي أمر سيادي ولم يتغير".

في ذلك السياق، دعا البرلماني خليل أبل إلى الإسراع بإقرار قانون تجريم التطبيع، وقال: "حتى لا تتعرض الكويت للضغط أو الابتزاز، وحتى لا يقدم أو يتنازل من لا يملك الحق، وتعبيرا عن الموقف الأصيل للشعب الكويتي، أصبح من الضرورة إقرار الاقتراح بقانون بشأن تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني".


 

الشارع منزعج

ورغم نفي الحكومة الكويتية مزاعم ترامب قرب إعلان الكويت التطبيع مع "إسرائيل" إلا أن الشارع الكويتي لم يهدأ مطالبا بحزمة من القرارات والقوانين التي تجرم التطبيع.

ودعت 41 منظمة غير حكومية في الكويت في بيان مشترك، البرلمان إلى إقرار قانون "يجرم" التطبيع مع إسرائيل، مؤكدة أنها "ترفض كل المحاولات التي تريد جر الكويت لهذا المستنقع النتن، تماشيا مع الموقف الرسمي والشعبي الكويتي".

وقالت المنظمات، ومن أبرزها "جمعية المحامين"، و"جمعية المعلمين"، و"الجمعية الاقتصادية الكويتية": "نضم صوتنا إلى أبناء الشعب الكويتي الحر بدعوة مجلس الأمة (البرلمان) والحكومة، إلى سرعة إقرار قانون تجريم التطبيع مع دولة الاحتلال".

وأشار البيان، إلى المرسوم الأميري الصادر في 6 يونيو 1967، والمستمر إلى اليوم، والذي نص على أن "دولة الكويت في حرب دفاعية منذ صباح اليوم (تاريخ صدوره) مع العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة".


 
دعاية انتخابية

وفي حين رأى البعض أن ترامب اعتاد في أسلوبه (الشعبوي) غير اللائق إلى دفع البلدان لاتخاذ مواقف تعبر عن تطلعاته وممارسة ضغوط عليها وحشرها في الزاوية الضيقة، رأى البعض أن ترامب أطلق ذلك الإعلان من أجل الدعاية الانتخابية، وذلك قبيل الانتخابات المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وكان أكاديميون وإعلاميون كويتيون قد أكدوا أن بلدهم يرفض التطبيع بشكل وتام وأن الرئيس الأميركي يقوم بمحاولة تحقيق دعاية انتخابية جديدة على حسابهم.

النائب الكويتي عودة الرويعي غرد على تويتر قائلا: "ما ذكره الرئيس ترامب حول تطبيع الكويت مع الكيان الصهيوني يتماشى مع الدعاية الانتخابية".

في حين كتب الأكاديمي عبيد الموسمي تغريدة في حسابه على تويتر قائلا: "منح سمو الأمير وسام القائد استحقاق سابق تم تأخيره لظروف صحية ، واختيار مستشار الرئيس (كوشنر) هذا التوقيت سببه استخدام الحدث كدعاية انتخابية لترامب في موضوع التطبيع الذي لم يكن محلا للبحث".

أما الأكاديمي حمد الجاسر فغرد قائلا: "الشيخ ناصر صباح الأحمد لا يحمل حاليا أي صفة رسمية، وحضوره إلى البيت الأبيض جاء بصفة اجتماعية كونه نجل الأمير، لاستلام جائزة تكريمية لوالده ليس لها علاقة بموضوع التطبيع" مضيفا: "تصريح ترامب عن تطبيع كويتي هو ضمن حملته الانتخابية المتعثرة، ولم تبن على أي تفاوض أو التزام كويتي".