"السؤال هو متى وليس هل".. صحيفة إسرائيلية ترصد علامات التطبيع السعودي

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة عبرية إن المملكة العربية السعودية، تدفع نحو نشر قيم التسامح مع اليهود داخل المجتمع السعودي، لتهيئته في مرحلة قادمة لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب.

وأوضح تقرير لصحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" أن المملكة تضغط من أجل نوع آخر من التطبيع، وهو التعايش مع اليهود من خلال سحب الكتب المدرسية المليئة بالكراهية وتبني خطاب ديني متسامح.

يأتي ذلك بعد أن أكدت السعودية أنها لن تتبع حليفتيها البحرين والإمارات في إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون حل للقضية الفلسطينية، حتى في الوقت الذي تقوم فيه بتنمية علاقات سرية مع الدولة اليهودية.

ويشير التقرير إلى أن قيام السعودية، بإبرام صفقة مماثلة سيكون الجائزة الدبلوماسية الكبرى لإسرائيل، لكن المملكة قلقة من أن مواطنيها - المتعاطفين مع القضية الفلسطينية - قد لا يكونون مستعدين لهذه الخطوة.

مع ذلك، تدفع السعودية لتغيير التصورات العامة من خلال التواصل المحفوف بالمخاطر مع اليهود الذين لطالما تم تشويههم من قبل المؤسسة الدينية ووسائل الإعلام في المملكة، مما يضع الأساس للاعتراف بإسرائيل في نهاية المطاف.

ويقول مسؤولون: إن الكتب المدرسية التي اشتهرت في السابق بتشويه سمعة اليهود وغيرهم من غير المسلمين باسم "الخنازير" و"القردة"، تخضع للمراجعة كجزء من حملة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمكافحة "التطرف" في التعليم.

وقالت المحللة السعودية نجاح العتيبي: "قررت الحكومة السعودية أيضا حظر إهانة اليهود والمسيحيين في المساجد". 

وأضافت: "الخطاب المعادي لليهود كان شائعا في صلاة الجمعة لدى الأئمة في المساجد التي تخاطب المسلمين في جميع أنحاء العالم".

وفي تحول مذهل، أثار إمام وخطيب المسجد الحرام عبد الرحمن السديس عاصفة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في سبتمبر/أيلول 2020 عندما تحدث عن العلاقات الودية للنبي محمد مع اليهود ودعوته إلى التسامح الديني، خاصة لأن آراءه في الماضي كانت "معادية للسامية بشدة"، وفق الصحيفة.

ونال محمد العيسى، وهو رجل دين سعودي يرأس رابطة العالم الإسلامي، إشادة كبيرة في إسرائيل في يناير/كانون الثاني 2020 بعد أن سافر إلى بولندا لحضور احتفالات بمناسبة مرور 75 عاما على تحرير معسكر نازي في أوشفيتز.

"متى" وليس "هل"؟ 

وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت المملكة عن عزمها عرض فيلم عن المحرقة، لأول مرة في مهرجان سينمائي، قبل أن يتم إلغاؤه بسبب جائحة فيروس كورونا.

وقال مارك شناير، وهو حاخام أميركي له علاقات وثيقة مع حكام الخليج: عندما يتعلق الأمر بإقامة السعودية وإسرائيل علاقات، فإن السؤال يتعلق بـ"متى" وليس "هل" يمكن أن يحصل التطبيع.

وأضاف: "جزء من العملية التي تمر بها دول الخليج التي ما زالت على طريق التطبيع هو أولا دفع ودعم العلاقات بين المسلمين واليهود ثم الانتقال بجرأة أكبر إلى مناقشة تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج".

وأثارت صحيفة عرب نيوز، الصحيفة اليومية الرئيسية باللغة الإنجليزية في المملكة، عاصفة من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي في منتصف سبتمبر/أيلول عندما غيرت لفترة وجيزة لافتة وسائل التواصل الاجتماعي على تويتر وفيسبوك بتحية باللغة العبرية بمناسبة رأس السنة اليهودية الجديدة.

ونشرت الصحيفة مؤخرا سلسلة طويلة عن يهود لبنان، وتخطط لقسم مماثل عن الجالية اليهودية القديمة التي عاشت فيما يعرف اليوم بالمملكة العربية السعودية.

وقال رئيس تحرير الصحيفة فيصل عباس لوكالة فرانس برس: إن التغطية "لم تكن مرتبطة بإسرائيل" لكنها تهدف إلى التواصل مع "اليهود العرب في جميع أنحاء العالم".

من الصعب حدوثه

وتمثل هذه التغطية الإعلامية، تحولا في خطاب وسائل الإعلام الخاضعة للرقابة المشددة من الدولة، حيث وصفت وسائل الإعلام السعودية الدولة اليهودية في السابق بـ"العدو الصهيوني"، لكنها أشادت الآن إلى حد كبير بالصفقات الأخيرة التي أبرمت بين كل من الإمارات والبحرين مع إسرائيل.

وأثار بث مسلسلين دراميين على قناة MBC، التي تسيطر عليها الحكومة السعودية خلال شهر رمضان من هذا العام تكهنات حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وفي مشهد مثير للجدل في أحد حلقات مسلسل "مخرج 7"، أيدت إحدى الشخصيات التعامل مع إسرائيل وهاجمت الفلسطينيين ووصفتهم بـ"العدو الحقيقي" للسعودية بسبب إهانة المملكة "ليلا نهارا" على الرغم من تلقيهم الدعم السعودي طيلة عقود.

ويقول مراقبون: إن هذه التحركات تشير إلى أن المملكة لا تعارض التطبيع مع الدولة اليهودية بعد أن دعمت الفلسطينيين بحزم سياسيا وماليا لعقود.

وقال جورجيو كافيرو، الرئيس التنفيذي لشركة جولف ستيت أناليتيكس: إن إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع الحكومات العربية غير المنتخبة "ليس مثل صنع إسرائيل للسلام مع الشعوب العربية".

وتشير بيانات استطلاع نادر للرأي العام السعودي نشره في أغسطس/آب 2020 معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إلى أن العديد من المواطنين السعوديين لا يؤيدون صفقة التطبيع مع إسرائيل.

وعلى الرغم من التواصل الإعلامي السعودي مع الإسرائيليين واليهود، وافق "تسعة بالمائة فقط من السعوديين" على أنه يجب السماح للأشخاص الذين يؤيدون الاتصالات التجارية أو الرياضية مع الإسرائيليين بالقيام بذلك، وفقا لما ذكره ديفيد بولوك من المعهد الأميركي.

وفي هذا السياق تساءل بدر وهو شاب سعودي من العاصمة السعودية الرياض ”أي سلام؟ السلام بعد كل ما فعلته (إسرائيل) من قتل وحرب؟. من الصعب أن يحدث هذا بيننا (السعوديين والإسرائيليين)، لن أؤيده".