صحيفة إسبانية: لماذا تسعى أميركا وإسرائيل لاستبدال دحلان بعباس؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

بالتزامن مع تقدم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في العمر، تتمتع إسرائيل بدعم الولايات المتحدة المطلق لترتيب خلافة أكثر ملاءمة لمصالحها. 

أما الرجل الذي يلبي الشروط المثالية لإسرائيل فهو محمد دحلان؛ وهو سياسي مثير للجدل للغاية ويفتقر إلى أي مبادئ. 

ونشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية منتصف سبتمبر/أيلول تصريحات للسفير الأميركي ديفيد فريدمان، أشار فيها إلى مستقبل السلطة الفلسطينية. وفي غضون وقت وجيز، أثارت هذه التصريحات سلسلة من ردود الفعل الغاضبة. 

وقالت صحيفة بوبليكو الإسبانية: إن هذه الصحيفة الإسرائيلية متحالفة بشكل وثيق مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمستوطنين اليهود، كما تنشر تصريحات السفير فريدمان نفسه بشكل منتظم على صفحاتها. 

علاوة على ذلك، يظهر مديرها، بوعز بيسموت، كل يوم جمعة في أخبار القناة 12 للدفاع عن سياسات نتنياهو المتطرفة. 

من ناحية أخرى، قدم مالك الصحيفة الإسرائيلية، قطب المقامرة اليهودي الأميركي شيلدون أديلسون، حوالي 50 مليون دولار في سبتمبر/أيلول من أجل دعم حملة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب. 

وقد جاءت هذه الحركة بعد 24 ساعة فقط من توقيع تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والبحرين، في البيت الأبيض في ذات الشهر.

إمكانية تعيينه

وأشارت الصحيفة إلى أن مراسل "إسرائيل هيوم" وجه لفريدمان تساؤلا جاء فيه العبارات التالية: "نظرا لأن محمد دحلان يقيم في الإمارات، هل ترى إمكانية تعيينه قائدا فلسطينيا أمرا قابلا للتحقيق؟".

ومن جهته، رد عليه سفير دونالد ترامب في "تل أبيب": "هذا ما نفكر فيه، رغم أننا لا نريد قيادة فلسطينية".

وتجدر الإشارة إلى أن كلمات فريدمان أثارت ضجة وغضبا بين الفلسطينيين. وبعد تسع ساعات، نشرت الصحيفة الإسرائيلية نسخة مصححة قليلا ولكنها مختلفة تماما عن التصريحات الأولى. 

وجاء في النسخة الجديدة: "نحن لا نفكر في ذلك، ولا نريد أن نشكل قيادة فلسطينية". ولم تقدم الصحيفة أي تفسير لهذا التغيير الجذري في تصريحات السفير الأميركي.

في اليوم نفسه، ردت الرئاسة الفلسطينية بأن "شعبنا هو من يختار قيادته". وبعدها بيوم، قال دحلان، القيادي المفصول من حركة "فتح" نفس الشيء بالضبط عبر صفحته على فيسبوك.

 لكن رغم كل ذلك، من الواضح أن كلا من الإسرائيليين والأميركيين يستعدون لاستبدال محمود عباس، الذي لم يتمكن من خدمة مصالح إسرائيل بشكل أفضل على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تعبير الصحيفة الإسبانية.

وأوردت الصحيفة أن "خنوع" عباس، الذي شارف على سن 85، يبدو غير كاف بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة. 

لهذا السبب، ليس من المستغرب أنهم فكروا في دحلان للتحضير لخلافة الرئيس الفلسطيني. 

وتجدر الإشارة إلى أن دحلان سياسي طموح ودون أي وازع يتحكم فيه؛ مما جعل الرئيس الراحل ياسر عرفات بالفعل لا يثق فيه ولو قليلا. وبشكل عام، تميزت أفعاله في جميع الأوقات بالخنوع والطاعة التي يبديها لإسرائيل. 

وأشارت الصحيفة إلى أن دحلان، الذي سيبلغ 59 عاما هذا الشهر، يملك الشروط المناسبة لإرضاء سياسات نتنياهو الجامحة تجاه الفلسطينيين والشرق الأوسط بشكل عام.

 في الآن ذاته، لا يوجد زعيم في الساحة الفلسطينية يمكن أن يضاهيه في الخضوع لإسرائيل، تقول الصحيفة.

ومنذ طرده من الأراضي الفلسطينية، يقيم دحلان في الإمارات العربية المتحدة، كما تلاحقه العدالة الفلسطينية والتركية منذ سنوات، لكنهما لم يتمكنا من اللحاق به منذ أن أصبح أحد رعايا ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، الذي يؤدي له جميع أنواع الخدمات الغامضة.

المنقلب المطيع

في نفس السياق، يقول الأتراك: إن لديهم دليلا على أن دحلان كان يقف وراء الانقلاب الفاشل عام 2016 ضد الرئيس رجب طيب أردوغان. 

وفقا للمحققين الأتراك، كان دحلان هو من دبر ونسق الانقلاب الإماراتي الذي كان على وشك النجاح لكنه خرج عن مساره في اللحظة الأخيرة. 

وبالنظر إلى علاقات دحلان الوثيقة مع إسرائيل، من الصعب للغاية تصديق أن الإسرائيليين لم يتدخلوا لتنفيذ الانقلاب الفاشل. 

ونقلت الصحيفة أنه إلى جانب طاعة دحلان لإسرائيل، يستخدم ابن زايد السياسي الفلسطيني من أجل تنفيذ مشاريعه العديدة من أجل خلق شرق أوسط يتماشى مع طموحاته، التي تتوافق تماما مع أحلام نتنياهو. 

وبشكل متزايد، يبدو من الواضح أن إنجاز نتنياهو الأعظم يتمثل في أنه أصبح حاليا يتمتع بحرية التصرف دون الرجوع إلى واشنطن؛ خاصة عندما يكون تدخله ضروريا للغاية.  

وأشارت الصحيفة إلى أن السفير فريدمان، المتعصب الذي يساهم أيضا في الاحتلال بأموال من جيبه، ويلتقي بانتظام وبطريقة ودية مع المستوطنين اليهود الأكثر تطرفا، قال في حواره مع صحيفة إسرائيل هيوم: إن القيادة الفلسطينية الحالية "لا تخدم مصالح الشعب الفلسطيني". 

ويعد هذا التصريح صحيحا تماما، لأن عباس قبل كل شيء "يخدم مصالح إسرائيل، ولكن، ليس كل ما تريده إسرائيل"، وفق تعبير الصحيفة.

وفي هذا السياق، قال فريدمان: "لا تزال القيادة الفلسطينية متمسكة بشكاوى قديمة جدا وغير عقلانية. عليها أن تدخل القرن الحادي والعشرين، لأنها الآن في الجانب الخطأ من التاريخ". 

وقد قال السفير الأميركي هذه العبارات بسخرية وكأنه لا علاقة له بالاحتلال العسكري الإسرائيلي الوحشي، توضح الصحيفة.

وأضافت الصحيفة أنه بالنسبة لفريدمان ونتنياهو، يعتبر دحلان رجلهما المطيع. في الآن ذاته، لا يعطي كلاهما أية أهمية لحقيقة أن القيادي الفتحاوي مطلوب بتهمة القتل والفساد والتجسس، وكذلك لتدخله الحاسم في الانقلاب الفاشل ضد أردوغان.

لكن، يعتبر موقف فريدمان ونتنياهو منطقيا، لأن دحلان فعل كل ذلك، هذا إلى جانب تدخله المباشر في الحرب الليبية أو في لبنان، خدمة لمصالح إسرائيل والولايات المتحدة.

وبينت الصحيفة أنه بالنظر إلى أن دحلان شخصية مثيرة للجدل إلى حد كبير بين الفلسطينيين، فمن المحتمل تماما أن يؤدي تنصيبه القسري كرئيس، إذا حدث في نهاية المطاف، إلى مشاكل لا نهاية لها داخل المجتمع الفلسطيني، بما في ذلك احتمال نشوب صراع مسلح. 

لكن جميع هذه الاحتمالات لا تجعل فريدمان ونتنياهو يفقدان الأمل في تحقيق حلمهما، بحسب تقدير الصحيفة.