تجسس ودوريات "رضويون".. هكذا استعدت إيران لمواجهة الاحتجاجات

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع اقتراب الذكرى الأولى لاندلاع احتجاجات إيران في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، تزداد مؤشرات استعداد الإيرانيين للخروج بتظاهرات ضد النظام الحاكم أكبر وأوسع نطاقا من التي سبقتها، الأمر الذي دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات مكثفة تحسبا لذلك.   

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، سقط نحو 1500 قتيل جراء قمع السلطات الإيرانية للمظاهرات الشعبية التي اندلعت على خلفية رفع الحكومة أسعار المحروقات، حيث سرعان ما أخذت التجمعات الاحتجاجية تتسع رقعتها، ما دفع الحكومة إلى قطع شبكات الإنترنت.

تصاعد الدعوات

مطلع سبتمبر/ أيلول 2020، أعلن مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، حسين ذو الفقاري، أن عدد الدعوات العامة للاحتجاجات في إيران تضاعف 3 مرات منذ العام الماضي.

وقال ذو الفقاري في مؤتمر صحفي: "في الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي، شهدنا 519 دعوة للاحتجاج، وقد وصلت في نفس الفترة من هذا العام إلى 1702 حالة بنسبة زيادة 227 في المئة".

وأشار إلى تقارير استخباراتية وسيبرانية، واصفا الهاشتاجات الداعية للاحتجاج على وسائل التواصل الاجتماعي بأنها موجهة "من خارج البلاد". وأضاف: "بالطبع، قد تعيد عناصر داخل البلاد نشرها".

ودعا المسؤول في وزارة الخارجية إلى توخي اليقظة في هذا الموضوع، قائلا: "بالطبع يقظة الناس أكبر بكثير من يقظة بعض المسؤولين".

وفي السياق، حذر حسين بيادي، أمين عام جمعية "البناؤون الشباب" الموالية للمرشد الأعلى علي خامنئي، من تجدد الاحتجاجات الشعبية بسبب "تدهور الأوضاع المعيشية وتفشي الفساد والانسداد السياسي".

وقال بيادي خلال مقابلة صحفية في 31 أغسطس/ آب 2020 مع موقع "انتخاب" المقرب من الحكومة: "هناك احتمال لوقوع أحداث اجتماعية سياسية غير متوقعة بنهاية كانون الأول / ديسمبر 2020".

وأكد أن "الاحتجاجات متوقعة بسبب فشل السياسات الداخلية، وتجاوز مطالب الشعب لخطاب الأجنحة السياسية وعدم وجود حلول لمشاكل الناس"، مطالبا "بعدم التغاضي عن دور العصابات المهيمنة بالسلطة والثروة المتوغلة كالأخطبوط في المؤسسات الاقتصادية والسياسية المهمة".

من جهتها، حذرت صحيفة "مردم سالاري" الإيرانية خلال افتتاحيتها، في 31 أغسطس/آب 2020 من زيادة الفوارق الطبقية وخطر اندلاع انتفاضة جديدة، وكتبت أن "نتيجة هكذا مأزق تكون عادة بأساليب عنيفة".

وأشارت الصحيفة المحسوبة على التيار الإصلاحي إلى أن "حركات الاحتجاج خلال السنوات الثلاث الماضية والرد عليها بشكل غير متناسب أظهرت أن العنف له عواقب سلبية للغاية".

الرئيس حسن روحاني سبق وصرح في 11 يوليو/ تموز 2020، بأن الأنشطة إذا توقفت، فإن الناس في اليوم التالي سوف "يحتجون" بسبب الفوضى والجوع والضغوط الاقتصادية.

احتجاجات متفرقة

في المقابل، أفادت التقارير الواردة من شبكة منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة، بأن ما لا يقل عن 12 تجمعا احتجاجيا نُظمت خلال يومين لشرائح مختلفة من الشعب في طهران ومدن أخرى.

وأشارت إلى أنه في يومي 6 و7 سبتمبر/أيلول 2020، شهدت البلاد تجمعات عمال أمام مجمع "هفت تبه" أمام مكتب قائمقامية شوش، إضافة إلى تجمع موظفي شركة هما للطيران أمام وحدة النقل للشركة، وكذلك احتشدت مجموعة من طلاب جامعات طهران أمام مبنى منظمة الخصخصة.

وعلى نحو مماثل، تجمع موظفو الاتصالات الريفية لليوم الثاني على التوالي أمام مبنى مجلس الشورى للنظام، في حين خرجت مجموعة من عناصر شركة "شهر خودرو" لليوم الثاني على التوالي أمام مبنى اتحاد الكرة، إضافة إلى تجمع عدد من أهالي البولينج والبلياردو أمام مبنى وزارة الرياضة والشباب.

ولليوم الثاني، خرج عدد من عمال بلدية ماهشهر أمام مكتب قائمقامية المدينة، وتجمع سائقو الخدمات في مجمع بندر خميني للبتروكيماويات أمام الشركة، فضلا عن احتجاج مجموعة من متقاعدي صناعة النفط أمام مبنى وزارة النفط، إضافة إلى تجمع عدد من البستانيين والمزارعين في منطقة تنك سرخ في بوير أحمد في ورشة عمل السد، مطالبين بالحصول على حقوقهم.

وقبل ذلك، أعلن موقع "مجاهدي خلق" أن أنصارها داخل البلاد يواصلون نشاطاتهم ضد النظام الإيراني، ففي يومي 22 و 23 أغسطس/آب 2020، عمدوا إلى كتابة شعارات ضد النظام على جدران مختلف المدن من شمال البلاد حتى أقصى الجنوب

وأشارت إلى أن ذلك قوبل بترحيب شعبي خاصة في الوسط الشبابي، فيما أكدت أن النظام يخشى من هذه النشاطات التي تعزز روح النضال بين الشباب ولهذا السبب حشد كل طاقاته وجهده الأمني والاستخباري والبوليسي لاعتقال أعضاء معاقل الانتفاضة.

ومن تلك الشعارات التي كتبت ضد النظام الإيراني: "الموت لخامنئي، الطريق الوحيد هو العصيان وتحقيق الحرية، ليعلم خامنئي أنه سيسقط قريبا، الملالي على وشك الرحيل".

دوريات "رضويون"

وعلى ضوء هذه التطورات، بدأت السلطات الأمنية اتخاذ إجراءات مكثفة في مدن مختلفة، ففي بيان للحرس الثوري بمحافظة خوزستان (جنوب غرب)، في 15 سبتمبر/ أيلول 2020، أعلن فيه عن استعداده لتفعيل دوريات "رضويون" الأمنية في جميع أنحاء مدن المحافظة.

ويأتي ذلك بعد أقل من يوم على الإعلان عن إنشاء "فرق اقتحام" خاصة من قوات الباسيج لـ"أمن الأحياء" في العاصمة طهران.

ويأتي تفعيل هذه الدوريات الأمنية في طهران وخوزستان بعد أسبوعين من إعلان نائب وزير الداخلية للشؤون الأمنية، حسين ذو الفقاري، أن عدد الدعوات العامة للاحتجاجات في إيران تضاعف 3 مرات مقارنة بالعام الماضي.

وجاء في إعلان الحرس الثوري بمحافظة خوزستان، أن سبب إطلاق وتفعيل دوريات "رضويون" الأمنية هو "مطالب شعبية بتعزيز الأمن في مختلف مناطق مدينة الأهواز" ومدن أخرى في خوزستان.

وأضاف البيان أن دوريات "رضويون" الأمنية سيتم تفعيلها إذا وافق عليها مجلس أمن المحافظة، لكنه شدد على أن هذا الإجراء جاء "بناء على طلب المواطنين في الفضاء السيبراني، والطلبات الحضورية والكتابية، لتحسين الأمن العام عقب عمليات السطو، وحالات انعدام الأمن الأخيرة في مدينة الأهواز".

وقبل يوم من إعلان الحرس الثوري في خوزستان نيته إطلاق دوريات "رضويون" الأمنية، أعلن محمد يزدي، قائد الحرس الثوري في العاصمة طهران، عن إنشاء قواعد لـ "أمن الأحياء" باستخدام قوات الباسيج.

هذه الخطة التي تم الحديث عن إطلاقها في جميع أنحاء البلاد عام 2017، ومن المتوقع الآن أن يتم تنفيذها في جميع أنحاء البلاد، وليس فقط في طهران.

وفي 14 سبتمبر/أيلول 2020، قال قائد الحرس الثوري بالعاصمة لوكالة أنباء "بُرنا": إنه تم تشكيل "فرق اقتحام" في مناطق متفرقة من طهران للتعامل مع ما سمّاه "الرعاع المُخلين بالأمن العام" بالإضافة إلى "جرائم مثل السرقة والنهب".

وأضاف محمد يزدي أن فرق اقتحام الأحياء التابعة للحرس الثوري ستبدأ العمل بالاعتماد على قواعد الباسيج في كل حي، وضمن إطار خطة "أمن الأحياء".

تجسس واختراق

وفي 18 سبتمبر/ أيلول 2020، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها، أساليب النظام الإيراني في التجسس على المعارضين وملاحقة الأقليات الدينية في البلاد وحتى على المواطنين العاديين.

ونقلت عن تقريرين صدرا من شركة "تشيك بونت" لتكنولوجيا الأمن السيبراني، ومجموعة "ميان" (منظمة لحقوق الإنسان تركز على الأمن الرقمي في الشرق الأوسط)، أن القراصنة الإيرانيين موظفون حكوميون أو تابعون للحكومة.

ووفق المعطيات، يدير هؤلاء الموظفون عملية واسعة للتجسس على الإنترنت، وبات بإمكانهم التفوق على أنظمة الرسائل المشفرة مثل تطبيق تيليجرام الذي تستعمله المعارضة الإيرانية بشكل كبير.

وقالت الصحيفة: إن القراصنة نجحوا في اختراق هواتف محمولة وأجهزة كمبيوتر آمنة تنتمي إلى الأهداف، متغلبين على العقبات التي أوجدتها التطبيقات المشفرة مثل تيليجرام، والوصول إلى المعلومات في تطبيق واتساب، وكلاهما من أدوات الرسائل الشائعة في إيران.

ويبقى الهدف الرئيسي من عمل القراصنة هو سرقة المعلومات عن جماعات المعارضة الإيرانية في أوروبا والولايات المتحدة والتجسس على الإيرانيين الذين غالبا ما يستخدمون تطبيقات الهاتف المحمول للتخطيط للاحتجاجات، بحسب الصحيفة.

وأشارت إلى أن من بين أبرز ضحايا الهجمات منظمة "مجاهدي خلق"، و"إيرانا" (وكالة أنباء إيرانية لحقوق الإنسان). وقال تقرير "ميان": إن محاميي حقوق الإنسان والصحفيين العاملين في إذاعة "صوت أميركا" قد استُهدفوا أيضا.

ويشير تقرير "تشيك بوينت" إلى أن المتسللين يتبعون مجموعة متنوعة من تقنيات التسلل، بما في ذلك التصيد الاحتيالي، وإرسال ما يبدو أنه وثائق وتطبيقات مغرية إلى أهداف مختارة بعناية.